في قلب مشهد سياسي يوصف بالتقييد، يتشكل صدع استراتيجي عميق داخل أوساط المعارضة المصرية، لا يدور حول الأيديولوجيا بقدر ما يدور حول المنهجية والتكتيك.
يتمحور هذا الانقسام حول سؤال جوهري: هل النضال من أجل التغيير يتم عبر المشاركة ضمن الحدود التي ترسمها السلطة، أم عبر مقاطعتها والتمسك بالمبادئ الدستورية الكاملة؟
في صميم هذا الجدل يبرز مصطلح “الحيّز المتاح”، وهو مفهوم أدخلته فكر تاني إلى القاموس السياسي المصري لوصف النهج الذي تبنته أحزاب العدل والمصري الديمقراطي والإصلاح والتنمية، والذي يقوم على فلسفة “فن الممكن”، والسعي لملء أي مساحة، مهما كانت ضيقة، تسمح بها السلطة للممارسة السياسية، واعتبار ذلك مكسبًا تراكميًا.
في المقابل، ترفض كُتل سياسية أخرى، أبرزها الحركة المدنية الديمقراطية، هذا المنطق، وتعتبره خضوعًا “لسقف منخفض” يكرّس واقعًا غير ديمقراطي، وتطالب بالعمل فقط ضمن “الحيّز الدستوري” الأصيل.
وقد بلغ هذا الخلاف ذروته مع بدء انتخابات مجلس الشيوخ، حين قررت أحزاب “العدل” و”المصري الديمقراطي” و”الإصلاح والتنمية” المشاركة ضمن القائمة الانتخابية التي يقودها حزب “مستقبل وطن” الموالي، في خطوة اعتبرتها الحركة المدنية إفسادًا للحياة السياسية وسببًا كافيًا للمقاطعة.
لتشريح هذا الانقسام، نظمت فكر تاني جلسة حوارية كانت بمثابة مواجهة مباشرة بين قطبي هذا الجدال. وقد جمعت الجلسة بين الدكتور زهدي الشامي أحد أبرز المدافعين عن خط المقاطعة والتمسك بالمبادئ الدستورية، والنائب أحمد قناوي الذي يمثل صوت البراجماتية السياسية ونهج “ملء الحيز المتاح”، بينما مثّل هلال عبد الحميد رئيس حزب الجبهة الديمقراطية (تحت التأسيس) عضو مجلس أمناء الحركة المدنية صوت التوازن بين الفريقين.
وما يلي هو تفاصيل هذا الحوار الذي يكشف عن أزمة المعارضة المصرية في بحثها عن طريق للمستقبل.

السلطة تحاور نفسها
بدايةً.. ما تقييمكم لعدم استجابة السلطة لمطالب القوى الديمقراطية المتعلقة بالانتخابات في الحوار الوطني؟

أحمد قناوي: كان من المفترض أن يخرج الحوار الوطني بتوافق تنتج عنه قرارات رئيسية.
فيما يخص الحياة السياسية، للأسف لم يحدث توافق بين القوى المشاركة. خرج الحوار بثلاث توصيات: إما انتخابات بالقائمة النسبية الكاملة، وهي توصية تزعمها حزبا النور والتجمع، وهو ما كان غريبًا؛ أو خليط بين النسبي والمطلق؛ أو تأييد النظام الانتخابي الحالي. وفي المحصلة، لم يحدث هذا التوافق، وبالتالي لم تلتزم السلطة بأي من هذه المسارات.
كنا نتمنى أن تكون هناك محاولات أخرى للتوافق، ولكن في النهاية، تم تمرير القانون وخرج بشكله الحالي.

زهدي الشامي: شاركنا في الحوار الوطني بفاعلية في سنته الأولى، بناءً على أسس ومطالب جوهرية كانت تبدو محل توافق مبدئي مع أجهزة الدولة المشرفة.
لكن بعد إهدار ثلاث سنوات، اتضح جليًا أن السلطة تجاهلت كل شروط الحوار الجاد وحولته إلى حوار شكلي لتمرير ما تريده بحجة التوافق. بدأت الفكرة كحوار بين السلطة والمعارضة، لكننا لم نجد إلا أن الحكومة تحاور نفسها في سيناريو هزلي، فخرج الحوار بلا نتيجة.
أحمد قناوي: الثوري والإصلاحي كل منهما يكمل الآخر طالما أن الحيز المتاح متاحًا سأسعى لملئه
حاسبني على ما فعلته في المجلس.. وصوتنا كان الأعلى ضد قانون الإيجار القديم
هلال عبد الحميد: إن مجرد دعوة الرئيس السيسي للحوار الوطني تعني، منذ البداية، وجود مشكلة سياسية في مصر. بدأ هذا الحوار بطريقة صحيحة، لكنه لم ينتهِ إلى أي نتائج إيجابية.
عندما دخلنا الحوار، تقدمنا بمشروعات قوانين كان يمكن أن تحل مشاكل انتخابات الشيوخ والنواب والمحليات، لكن من يدير الدفة في النظام يريد أن تسير الأمور بحسب هواه.

في المقابل، نحن في المعارضة نواجه مشكلة؛ فنحن نريد فرض القائمة النسبية بينما لا نملك، من الأساس، القوة لفرض أي شيء.
هذا الضعف العام في النظام السياسي، بما فيه من معارضة وموالاة وحكومة وأجهزة، هو ما أنتج هذا المشهد السياسي الفظيع الذي نعيشه. والسؤال الآن: هل سيؤدي هذا النظام الانتخابي لبرلمان جديد في غرفتيه؟ في رأيي: ربما سيؤدي لبرلمان أسوأ.
فلسفة المشاركة
ألم يستشعر المشاركون في “الحيّز المتاح” حرجًا من المشاركة في انتخابات تُقام بنظام رفضوه، وفي ظل تجاهل لمطالبهم؟
أحمد قناوي: أنتمي لـ العدل، وهو حزب يوصف دائمًا بأنه “إصلاحي”؛ وهي كلمة تُقال أحيانًا على سبيل الذم وأحيانًا على سبيل الاستحسان.
هناك النهج الجذري الثوري، وهناك النهج الإصلاحي. منهجي هو: طالما أن “الحيّز المتاح” متاح، سأسعى لملئه بالكامل، ثم نطالب بالمزيد.
عندما أستطيع تمرير أعضائي إلى البرلمان، ولو بأعداد قليلة، فأنا أضمن أن صوت الناس سيُمثّل بالداخل. فلسفتنا هي أنه أيًا كان حجم الحيّز المتاح، علينا أن نملأه. هذا هو النهج الإصلاحي.

زهدي الشامي: قرار حزبنا واضح بمقاطعة انتخابات مجلس الشيوخ.
نحن في التحالف الشعبي الاشتراكي لدينا جانب إصلاحي، فالإصلاحي والثوري وجهان لعملة واحدة.
إن النظام السياسي الذي يُغلق طريق الإصلاح هو من يفتح الطريق الثوري، وهو ما لا يريد أن يتعلمه من يغلقون طريق التطور الديمقراطي.
نحن نسلك كل السُبل، بما فيها الطريق الإصلاحي، ونشارك في الانتخابات، لكننا ضد مجلس الشيوخ من حيث المبدأ لأسباب جوهرية؛ فهو مجلس بلا صلاحيات أو اختصاصات، ونحن نعتبره “زائدة تشريعية”.
كان حزب العدل معنا في هذا الرأي عندما اعترضنا على تعديلات 2019 التي أعادت إحياء هذا المجلس.
أما القوائم المطلقة التي استحدثها النظام، فهي باطلة ومستوردة من النظم الفاشية، ولا يمكن أن تكون هناك ممارسة ديمقراطية في ظلها، فلا أحد يستطيع تشكيل قائمة منافسة غير السلطة وأجهزتها.
تلك القوائم طريق مسدود، وتعبير فاسد عن الحياة السياسية.
السؤال عن البديل المتاح
ولكن أحزاب “الحيّز المتاح” تقول إنها بذلك تتواصل مع الجماهير وتنزل للشارع، بينما أنتم في مقراتكم؟
زهدي الشامي: أنا أتفاعل مع الجماهير وأتبنى مطالبهم.
حزبنا كان الأكثر مشاركة في رفض قانون الإيجار القديم، ومن يرفضون هذا القانون هم ملايين الناس.
نحن نشارك حيث توجد مساحات دستورية حقيقية، ولكننا لا نشارك في هندسة سلطوية لا يشارك فيها أحد من الجماهير.

هلال عبد الحميد: السؤال هو: هل هناك طريق آخر يشارك فيه الناس بشكل إيجابي؟ أنا لا أتصور أن هناك طريقًا آخر.
لذا، يصبح عليّ أن أتعامل مع تلك القوانين، المرفوضة تمامًا، مثلما نتعامل مع قوانين المرور؛ فنحن مجبرون على التعامل معها لأنها أصبحت أمرًا واقعًا. لو استطعنا في المعارضة تقديم قوائم مطلقة مشتركة لمواجهة قوائم الموالاة، لمنحنا الناس حرية الاختيار.
الفريقان في المعارضة عليهما عتب، فنحن لسنا خصومًا. علينا أن نشارك في الانتخابات لأننا قد لا نستطيع تحمل نتائج عدم المشاركة.
الخط الأحمر والضرورة التكتيكية
السؤال الآن: لماذا ذهبتم كفريق يسعى إلى حيز متاح إلى الموالاة، ولم تذهبوا إلى الحركة المدنية رغم تحذيراتها؟
أحمد قناوي: أولًا، حاسبني على ما فعلته داخل المجلس طالما وصلت بشكل شرعي.
في قانون الإيجار القديم، لا يوجد صوت كان أعلى من صوت رئيس حزبي في البرلمان. الناس المتضررة من هذا القانون تعرف ما فعلناه.
ثانيًا، صحيح أننا رفضنا مجلس الشيوخ في 2019، ولكن بما أنه صار واقعًا، هل أتركه لغيري أم أشارك؟ لذا أقول: حاسبني على أدائي البرلماني.
ثالثًا، ما الفائدة من وجودي بالمجلس؟ استفدت صفة جعلتني موجودًا مع الناس.

بدأت في 2019 بثلاث محافظات، واليوم وصلت إلى 19 محافظة ولدي 3 آلاف كادر سياسي. ماذا تفعل أنت، وأين هو التواصل الجيلي لديك؟
وأخيرًا، ردًا على الأستاذ هلال: هل عُرضت عليّ المشاركة في قائمة معارضة وأنا رفضت؟ هل ظهرت نواة لقائمة من الحركة المدنية وأنا رفضتها؟ أنا مع توسيع المشاركة.
مشاركتنا مع أحزاب الموالاة هي في تحالف انتخابي ينتهي بانتهاء الانتخابات. أنا غير معني بالحركة المدنية، ولست عضوًا فيها.
سلطة استبدادية بالكامل
زهدي الشامي: رئيس حزبنا مدحت الزاهد، عُرض عليه التعيين في مجلس الشيوخ ورفضنا. في النهاية، أنت تشارك ضمن هندسة سلطوية للانتخابات.
هناك قلة يؤدون أداءً معقولًا في مجلس النواب، ولكنهم يُعاقبون بعد ذلك، لأن هذا التكوين البرلماني في مجمله ضد الشعب.
لقد سألت على صفحتي على فيسبوك: هل يعرف أحد قانونًا واحدًا صدر لصالح الشعب؟ مئات الناس أجمعوا على أنه لا يوجد.
هذه سلطة استبدادية بالكامل. هذا ليس مخرجًا إصلاحيًا. فالإصلاحي لا يقبل أن تُعيّن السلطة النواب في قائمة، بل يريد أن ينجح بمجهوده.

ألم تؤدِّ هذه الأفكار، كما يقول خصومكم السياسيون، إلى انعزالكم عن الجماهير؟
زهدي الشامي: نحن لم ننعزل عن الجماهير أو الشارع، وحزب العدل لم تكن هذه أول مرة له التي ينزل الانتخابات على قائمة السلطة، وحدث هذا من 2020 وتخارجوا من الحركة، وعادوا مرة ثانية، بمناسبة الحوار الوطني، الحركة المدنية ضد أن يكون هناك قائمة مطلقة باسم الحركة.
نرغب أن يكون هناك مرشحون للحركة، وندرس حاليًا الترشح على المقاعد الفردية في مجلس النواب، مع الأخذ في الاعتبار أن الحكومة تتلاعب أيضًا في الدوائر الفردية بالتوسيع، الذي ينفي صفتها الفردية.
الحيز المتاح وهندسة الانتخابات
البعض يعتبر مشاركة أحزاب “الحيّز المتاح” في مجلس الشيوخ جزءًا من هندسة المشهد الانتخابي؟
هلال عبد الحميد: منذ عام 2015، والانتخابات تُدار وفق هندسة مسبقة، هذا أمر واقع.
قد أقبل بالمشاركة مع السلطة مرة، لكن لماذا نكرر التحالف مع الحكومة في كل استحقاق؟ وضد من؟ هل ما يزال هناك متسع حقيقي أمام المواطن ليختار بحرية؟ بينما ـ كما نقول في الصعيد ـ “أبو قرش بيتحط على أبو قرشين”!
الأمر أصبح أكثر تعقيدًا، ويستدعي من الزملاء والأصدقاء في “الحيّز المتاح” إعادة النظر بجدية.
الراحل د. رفعت السعيد كان يتحدث عن “الأسقف المنخفضة”، أما الآن فنحن تحت “أسقف منبطحة”، بالكاد نتمكن من رفع رؤوسنا.
لن نبقى أسرى “الحيّز المتاح” إلى الأبد، ولن نشارك دائمًا ضمن قوائم موالية للسلطة. هذه المرة، أنا لست مع خيار “الحيّز المتاح”، وأرفض تمامًا التحالف مع أطراف الموالاة.
كما أرفض أن ينخرط الزملاء في هذا المسار إلى جانب أحزاب وافقت وصفّقت لقوانين أنهكت المصريين وطحنتهم اقتصاديًا واجتماعيًا.

منطق التحالفات.. تناقض أم براجماتية؟
نواب المعارضة انسحبوا من البرلمان ردًا على تمرير قانون الإيجار القديم يوم الأربعاء، ويوم الخميس حضروا المؤتمر التنسيقي للقائمة الوطنية من أجل مصر مع أحزاب الموالاة.. ما تفسيركم لهذا التناقض؟
أحمد قناوي: لي حق التعقيب في نقطتين.
الأولى، أنا في 2015 لم أتحالف مع السلطة، حرصًا على رؤية الحركة المدنية. ولكن عندما لم تعمل الحركة على تشكيل قائمة مشتركة، ورأينا أن التحالف أصبح بلا هوية، شاركنا في قائمة مطلقة مع الموالاة عام 2020 ضمن تحالف انتخابي لفتح المجال. وبعد انتهاء الانتخابات بيوم، عاد كل منا ليعمل على برنامجه ويدافع عن أفكاره.
الثانية، الفصل التشريعي في مجلس النواب يُختتم بما يمكن وصفه بـ”جرائم سياسية” أُعدت على عجل، ولكنني موجود داخل المجلس لأعلن رفضي من داخله. كان من السهل أن يُوجّه لي سؤال: لماذا لم تشكّل قائمة بنفسك؟ والرد ببساطة هو لأن قدراتي على الأرض لا تسمح لي بذلك.
في الحركة المدنية نفسها، نختلف حتى في منهجية العمل. نصف أحزابها غير مكتملة التأسيس أو غير مرخصة، فهل يُلامون على ذلك؟ لا طبعًا. لكن، هل نتوقع أن تتحالف أحزاب اليمين واليسار والناصرية والقومية هذه المرة على برنامج سياسي واحد؟ وهل قدرات الجميع على الأرض، وفقًا لهذا القانون، تسمح بتشكيل قائمة تمتد من الجيزة إلى أسوان مرورًا بالدلتا والقاهرة؟
أنا شخصيًا، وباعتبار النظر إلينا الآن كأكبر حزب معارض انتشارًا على الأرض، هل صمتنا؟ لقد عملنا على تأسيس “تحالف الطريق الديمقراطي”، ونعتبر أنفسنا عموده الفقري.
نناضل من أجل تحقيق أكبر قدر من المنافسة مع أحزاب الموالاة، ونهدف للوصول إلى 40 مقعدًا من أصل 100 في 16 محافظة.
سترون حملتنا على الأرض وفقًا لمواردنا. نحن لا نُلام على شيء نحاول بكل ما أوتينا من قوة أن نصنعه. فما لا يُدرك كله لا يُترك كله؛ هذا هو نهجنا الإصلاحي.

أحمد قناوي : هل أترك الاستحقاقات الدستورية للنظام والموالاة؟
اذا كان لا يوجد لديك بديل فأنت تزايد
أنا غير معني بالحركة المدنية ولست عضوًا فيها
شاركنا في تحالف انتخابي مع أحزاب الموالاة لفتح المجال
الفردي وحالة عدم اليقين
السؤال للدكتور زهدي الشامي: لماذا لم تشاركوا في تحالف مع الأحزاب المعارضة على المقاعد الفردية؟
زهدي الشامي: واضح أننا مختلفون، والاختلاف ليس عيبًا.
منطق حزب العدل والآخرين هو: “بما أننا لا نستطيع تشكيل قوائم مطلقة، نلجأ للتعاون في قوائم السلطة”. ولكن في المقاعد الفردية، حين تذهب للتحالف مع السلطة في جزء، فإن ذلك يصيبني بـ”عدم اليقين” في التعامل معك، فلا أعرف كيف أتعاون معك في جزء آخر.
لدينا إطاران تنسيقيان نشارك فيهما: الحركة المدنية، والجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية (حق الناس). فبأي مقياس يقول إنه الأكبر؟ الرقم المعلن لانتخابات الشيوخ 2020 يُظهر أن نسبة التصويت كانت 14% فقط. أي انتخابات في العالم تكون نسبة المشاركة فيها بهذا الحجم، ثم يقال إن هناك حراكًا في الشارع؟

هل يمكن أن نرى دعمًا من الحركة المدنية لتحالف الطريق الديمقراطي في معركة الفردي؟
هلال عبد الحميد: تقدمت بمذكرة داخل الحركة المدنية للمشاركة في المعارك الفردية، لكن لم يُؤخذ بها.
ليس من المعقول أن نكون متطابقين في كل شيء. وفي نفس الوقت، من غير المقبول أن تكون قدمك في المعارضة وقدمك الأخرى في الموالاة.
على الحركة المدنية أن تتعامل مع المقاعد الفردية وتتحالف مع مرشحي المعارضة.
وأنا أتفق مع النائب قناوي أن ما لا يُدرك كله لا يُترك كله. لن أعطي صوتي للموالاة، بل سأعطيه للمعارضة في المقاعد الفردية.

شعرة معاوية
السؤال للنائب أحمد قناوي: لماذا تتمسكون بـ”شعرة معاوية” مع الحركة المدنية ولا تعلنون بوضوح أنكم خرجتم منها؟
أحمد قناوي: أنا بالخارج، ولست عضوًا في الحركة المدنية، لقد خرجت منها.
الحركة نشأت في ظرف مهم جدًا، ولكنني اليوم أتساءل: هل من المنطقي أن يتساوى في التصويت داخل الحركة، حزب له تمثيل برلماني وشخصية عامة ليس لها إلا صوتها؟ هل يتساوى حزب مرخص بآخر غير مرخص؟ أنا لم أعد موجودًا في الحركة المدنية، ولست حريصًا على العودة إليها.
زهدي الشامي: رأيي الشخصي هو أنهم تخارجوا، أو أُخرجوا، عام 2020.
الأحزاب التي تحالفت مع السلطة لم تعد رسميًا للحركة، لكنها عادت للانتساب إليها مع انطلاق الحوار الوطني، حيث تكالب الجميع على الحركة ظنًا منهم أنه سيكون لها نصيب من “التورتة”. وتم توقيع بيان 8 مارس الذي وضع أسس الحوار، ووقّعت عليه هذه الأحزاب التي كانت خارج الحركة، وأصبحوا جزءًا من الحراك واختلط الحابل بالنابل.
أحمد قناوي (معقبًا): لم أخرج نفسي من الحركة، بل تمت المزايدة عليّ. انتظرنا الحركة أن تشكل قائمة لمجلس الشيوخ ولم تفعل، فاشتركنا في القائمة الوطنية. لم نكن نرغب في الخروج، لأن وجود تجمع للمعارضة يضمن حدًا أدنى من التنسيق.
لكن تمت المزايدة علينا مجددًا في الانتخابات الرئاسية.
الحركة المدنية، لا أعتقد أنها كانت مكسبًا سياسيًا، إلا من زاوية الرغبة في تجميع أصوات المعارضة. أنا موافق على الفكرة، ولكني ضد الفعل. أنا لا أقاطع الحركة، لكنني لست جزءًا منها، قولًا واحدًا.
زهدي الشامي: موقف حزب العدل ملتبس. هو خارج الحركة، لكنه شارك في الحوار الوطني كجزء منها، رغم أن من مبادئ الحركة عدم المشاركة مع أحزاب النظام.

ما الذي يجب فعله لتعود أحزاب المعارضة للتواصل من جديد؟
هلال عبد الحميد: السياسة تحتمل الخلافات. علينا أن نكون أكثر مرونة.
لو عُرض عليّ قرار بشطب هذه الأحزاب، سأرفض.
نحن نحتاج لبعضنا البعض. سيأتي يوم تكون فيه انتخابات نزيهة، وعلينا أن نصبر على بعضنا البعض. مشاركتهم في قوائم السلطة خطأ، ولكن.. من منا لا يخطئ؟
زهدي الشامي: عملنا أكبر تحرك في قانون الإيجار القديم، نظمنا مؤتمرًا كبيرًا في الدقي، ومؤتمرات أخرى في الإسكندرية. فيه نواب نزلوا الشارع ووقفوا مع الناس ضد القانون، زي النائب عاطف مغاوي، والنائبة سناء السعيد، وقفوا وقالوا لا للقانون.
فيه نواب تانيين رفضوا القانون جوه المجلس، لكن ما حضروش المؤتمر، وما ردوش على التليفونات، وتهربوا، رغم إنهم كانوا ضد القانون. ومع ذلك، إحنا هنذكر لهم ده، ومش هننكر موقفهم.
لكن الأساسي بالنسبة لنا واضح: كل نائب وافق على القانون ده، ووقف ضد الشعب، لازم يُسقط.
لازم يتعرف اسمه في كل مكان، ولازم الناس ما تنتخبوش تاني. ده موقف مبدئي. والمبدئي مش معناه إننا ضد الإصلاح، إحنا مع الإصلاح. بس مش الإصلاح اللي يتعمل بالطريقة الهندسية، مش الإصلاح اللي بيمرر قوانين ضد الناس، ده مش طريق لأي تغيير حقيقي في مصر.

هلال عبد الحميد: هذا النظام سيؤدي لبرلمان أسوأ
نحن مجبرون على التعامل مع القوانين المرفوضة
في القائمة المطلقة ” أبو قرش يتحط على أبو قرشين”
نحن الآن تحت الأسقف المنبطحة ولن نعيش في الحيز المتاح طوال عمرنا
المال السياسي
كيف تنظرون لمعركة الفردي في انتخابات الشيوخ في ظل هيمنة المال السياسي؟
أحمد قناوي: صعبة جدًا لأن الدوائر كبيرة، والأحزاب لم تقم ببناء أرضية قوية لها في الشارع.
التفاعل مع الناس له أدوات، والناس تركز على ظروفها الاقتصادية وارتفاع الأسعار. الظروف قاسية جدًا، والناس هم محور تحركات الجميع. من ضمن الجهود التي نحاول بها معالجة هذا، هو النزول للناس في دوائرها، فهذا هو المكسب في كل المناسبات، ومنها الانتخابات.
نحن في القاهرة سننزل بـ 8 مرشحين في مواجهة أحزاب الموالاة، وفي الإسكندرية لنا 5 مرشحين من أصل 7.
حزبنا موجود في 27 دائرة ضد نواب المال السياسي. وهناك ست سيدات نجحن في الانتخابات الفردية لمجلس النواب دون مال سياسي، نجحن ببرامجهن ومجهودهن.
أريد توجيه دعوة لكل القيادات السياسية لإيجاد بديل في الشارع لتفتيت تأثير المال الانتخابي وتحفيز الناس للمشاركة. فطالما لم أقدم بديلًا، فأنا متفرج مثل أي أحد.

تنسيق التحالف والموالاة
البعض يتحدث عن تنسيق بين تحالفكم وأحزاب الموالاة، ما ردك؟
أحمد قناوي: غير صحيح. الدليل أن “التحالف الديمقراطي” ينافس على كل المقاعد المتاحة.
الفرص متباينة، وهدفنا هو الوصول لجولة الإعادة.
أتوقع دخول الإعادة في 6 مقاعد، إذا تحفزت الناس وشاركت. لكن الخطاب السلبي المنتشر هو الذي يحفز الناس على عدم المشاركة في انتخابات الشيوخ.

زهدي الشامي: حزب التحالف الشعبي الاشتراكي ثابت على موقفه، مجلس الشيوخ زائدة تشريعية لا لزوم لها، وأقاطع انتخابات مجلس الشيوخ، وأعتقد جازمًا أن الشعب سيقاطع انتخابات الشيوخ.
هلال عبد الحميد: أنا بشكل شخصي، أرى أن أي أحد من المعارضة الصديقة، يرشح نفسه سأؤيده، ونحن حزب تحت التأسيس. وفي النهاية القرار مع الحركة المدنية، طالما نحن مستمرون في الحركة المدنية.
زهدي الشامي: لا تجوز المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ. لا توجد أي إمكانية لنجاح أي نائب في الانتخابات من دون السلطة، فثلث الشيوخ بالتعيين، والثلث بالقائمة المطلقة، والثلث الفردي عملوا فيه الأسلوب نفسه، فأصبحت المحافظة دائرة.
تخيل المرشح ينزل الانتخابات في دائرة بها 8 ملايين ناخب، هذا مستحيل عمليًا على المرشح حسمه إلا إذا أرادت ذلك الحكومة.
زهدي الشامي: السلطة حوّلت الحوار الوطني لحوار شكلي، وأحذر من أن النظام الذي يغلق طريق الإصلاح يفتح الطريق للثورة. هناك انفجار لا نريده.
المعينون في الشيوخ
ما تعليقكم على وصول نسبة التعيين في مجلس الشيوخ إلى الثلث؟
أحمد قناوي: مائة نائب بالتعيين عدد كبير. ولكن بما أن مجلس الشيوخ غير تشريعي، فلا بد من دعمه بالخبراء والتكنوقراط.
مؤسسة الرئاسة هي المنوطة بهذه المساحة وتختار من تريد. هذا أمر واقع علينا التعامل معه، وتُحترم كل وجهات النظر. أنا لا أزايد على أحد.
زهدي الشامي: هناك 11 نائبًا استقالوا من مجلس النواب ليترشحوا في الشيوخ. لماذا؟ تفسير هذا يثير السخرية، وهو أن مجلس الشيوخ مجلس حكومي مضمون.
البلد في مأزق اقتصادي واجتماعي عميق قد يؤدي إلى انفجار لا نريده، وهذا عبث يقل عن مستوى الموقف الوطني. نحن في حرب مع العدو الإسرائيلي، ومصر تحتاج لمواجهة حقيقية. إذا استمرت هذه الطريقة، فلن تفضي إلى أي مخرج.

ظواهر انتخابية
في ظل الوضع الاقتصادي، ما تعليقكم على مخاوف “شراء الكراسي” والرشاوى الانتخابية؟
هلال عبد الحميد: من حيث المبدأ، انتخابات القائمة لا تختلف عن التعيين. المال السياسي وشراء الكراسي كان موجودًا في انتخابات 2020، ومعروف من دفع وكم دفع.
الكرسي في القائمة له سعر، وفي الفردي له سعر.
لو لدينا مناخ انتخابي صحي، بمعنى أن الأجهزة ترفع يدها عن الناس، فالمال السياسي لن يكون له تأثير. لكن بما أن الأجهزة تضع يدها في الانتخابات، وتخنق الناس، فالمال السياسي سيجد طريقه للمجلس.
ماذا عن تواجد المرأة والشباب في انتخابات مجلس الشيوخ؟
أحمد قناوي: بسبب قيد السن في مجلس الشيوخ، النسبة الكبيرة من المرشحين هم من الأكبر سنًا. لكن لدينا 3 سيدات مرشحات، و4 شباب.
رؤيتنا في حزب العدل هي أن يكون ثلث المرشحين في مجلسي النواب والشيوخ من الشباب والمرأة.
هل ترون انتخابات مجلس الشيوخ تحصيل حاصل؟
زهدي الشامي: بكل تأكيد، قولًا واحدًا، وبدون أدنى شك.
أحمد قناوي: يُنظر إلى كأكبر حزب معارض، سنصل إلى 40 مقعدًا من 100 مقعد في 16 محافظة
زهدي الشامي: بأي مقياس أنت أكبر حزب ونسبة التصويت في انتخابات الشيوخ كانت 14%.
رسائل متباينة إلى شعب غائب
ما رسالتكم الأخيرة للناخبين والناخبات؟
أحمد قناوي: أرجو أنه عندما يجد المواطن فرصة، ألا يكتفي بالتصويت لأحد المرشحين، وإنما ينزل ويساعده، وينضم لحملته ولفصيله السياسي. لو عزف الناس عن المشاركة، سيستمر الوضع كما هو. إنها معركة تجميع نقاط.

زهدي الشامي: في مجلس الشيوخ نحن مقاطعون. الناخب لا يعرف أي مرشح، ولا توجد إمكانية لتأثير صوته، فهي انتخابات بلا جدوى.
أنا مقاطع، فكيف أدعوه للمشاركة؟ والمواطن سيقاطع لأنه يرى عدم جدوى هذا المجلس.
هلال عبد الحميد: أدعو كل الناس للمشاركة في الانتخابات حتى تتعود على ممارسة حقها بالتصويت. وعندما تأتي انتخابات حقيقية، ستشارك بقوة.
وفي المقاعد الفردية، أدعو الناس للمشاركة بكثافة. صوتي للمعارضة في انتخابات المقاعد الفردية.
سيأتي يوم تكون فيه الانتخابات حرة ونزيهة. مشاركة أحزاب “الحيّز المتاح” في قوائم السلطة والموالاة خطأ، وانتخابات القائمة لا تختلف عن التعيين في مجلس الشيوخ.
