ضربة ترامب النووية تعيد تشكيل قواعد اللعبة

في الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، نفذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهديداته بتدمير المنشآت النووية الإيرانية، لتعلن الولايات المتحدة رسميًا دخولها الحرب الإيرانية الإسرائيلية التي أشعلت المنطقة مؤخرًا؛ ليصبح الشرق الأوسط في لحظة مفصلية جديدة تُنذر باشتعال أكبر للنيران.

وقال ترامب عبر منشور على حسابه بمنصة "تروث سوشيال" إن بلاده شنت هجومًا "ناجح للغاية" استهدف ثلاثة مواقع نووية داخل إيران، هي: فوردو ونطنز وأصفهان. وأشار إلى أن حمولة كاملة من القنابل أُسقطت على الموقع الرئيسي في فوردو. 

في وقت لاحق، أضاف "حققنا نجاحًا كبيرًا.. إسرائيل الآن أكثر أمانًا"، مضيفًا أنه يجب على إيران الآن الموافقة على إنهاء الحرب وإلا سيتم ضربهم مرة أخرى؛ ما يطرح أسئلة حول السيناريوهات المحتملة لمستقبل إيران والأوراق التي تملكها بعدما باتت بين فكي الرحى.

تقليل إيراني من الخسائر

شاركت 6 طائرات من قاذفات القنابل الشبحية الأمريكي طراز B-2 في تنفيذ الضربات الجوية التي استهدفت منشآت البرنامج النووي الإيراني، عبر استخدام القنابل الخارقة للتحصينات من طراز GBU-57، والتي تزن قرابة الـ 14 طنًا، وتتزود برأس حربي يزن قرابة 2.5 طن. وتُعرف بقدرتها على اختراق طبقات من الخرسانة المسلحة بعمق يتجاوز 60 مترًا.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر أن نحو 30 طنًا من المتفجرات ألقتها الطائرات الأمريكية على منشأة فوردو القابعة في عمق الجبال. فيما ذكرت هيئة البث الإسرائلية نقلًا عن أحد المسؤولين، أن إسرائيل نسقت بشكل كامل مع أميركا الهجوم على إيران.

وفي خطاب لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عقب الضربة، أشاد بترامب قائلًا: "إن التاريخ سيسجل أنه تحرك لمنع أخطر نظام في العالم، قيادته اليوم أحدثت تحولاً تاريخيًا يمكن أن يساعد في قيادة الشرق الأوسط وما بعده إلى مستقبل من الرخاء والسلام".

القاذفة B-2

وأظهرت مقاطع فيديو متداولة النيران وهي تشتعل في منشأة فوردو، لكن وكالة إيرنا الإيراني قالت إن المواقع النووية التي تم قصفها لا تحتوي على مواد يمكن أن تسبب إشعاعًا. ما أكده التلفزيون الرسمي الإيراني الذي زعم أن المنشآت النووية الثلاث تم إخلاؤها في وقت سابق. كما تم نقل مخزون اليورانيوم المخصب بعيدًا عن هذه المواقع.

يشير ذلك إلى رغبة إيرانية في حفظ ماء الوجه والقول إنها نجحت في الحفاظ على مشروعها النووي. لكن مسؤول أمريكي قال لصحيفة "نيويورك تايمز" إن التقييمات الأولية للأضرار تشير إلى أن منشأة فوردو أُخرجت من الخدمة. 

وأشارت الصحيفة إلى أن أحد الأسباب التي قد دفعت الولايات المتحدة لضرب مواقع متعددة هو أن وكالاتها الاستخباراتية قدّرت أن الهجمات الإسرائيلية أخرت البرنامج النووي الإيراني بحوالي ستة أشهر فقط. كما خلصت التقييمات إلى أن هجمات إسرائيلية إضافية من غير المرجح أن تتسبب في مزيد من الضرر.

ونقلت قناة "سي بي إس" الأمريكية عن مصادر أن الولايات المتحدة تواصلت مع إيران عبر القنوات الدبلوماسية للتأكيد على أنها لا تستهدف تغيير النظام. فيما ذكرت "سي إن إن" أن المسؤولين الأميركيين نقلوا رسائل إلى الإيرانيين وقادة المنطقة بأن الدور الأميركي انتهى وأن الضربة ليست حملة عسكرية موسعة ويريدون العودة إلى المسار الدبلوماسي.

اقرأ أيضًا:ترامب يضرب النووي الإيراني.. الشرق الأوسط يسقط في "عدم اليقين"

تغير قواعد اللعبة

خلال الفترة الماضية، حاول الرد الإيراني إظهار قدرته على الوصول لأهداف داخل إسرائيل لإيصال رسائل واضحة تهدف لإعادة تشكيل قواعد الاشتباك وإظهار القوة والردع، إذ هدفت سياسيًا إلى "الضغط على الولايات المتحدة للتدخل والحد من التصعيد الإسرائيلي"، مهددةً بصراع إقليمي أوسع، بحسب جولي نورمان، الأستاذ المشارك في العلاقات الدولية بجامعة لندن العالمية.

لكن فابيان هينز الباحث في تكنولوجيا الصواريخ والمُسيّرات بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)، اعتبر أن الرد الإيراني على إسرائيل بالآونة الماضية أراد أن يُظهر سعيها للحفاظ على تموضعها كقوة إقليمية، لكنه في الوقت ذاته كشف فشل استراتيجيتها للردع "فالقدرات الباليستية متوسطة المدى التي كانت تهدف لردع الهجمات عليه، خاصة على برنامجها النووي، اضطرت لاستخدامها، مما يدل على ضعف ركائز استراتيجية الدفاع".

الصورة عن CNN

وتشير التقديرات الأمريكية والإسرائيلية إلى تدمير أكثر من 40% من منصات إطلاق الصواريخ الإيرانية. وردًا على سؤال فكّر تاني خلال ويبينار نظمه المعهد يوم 19 يونيو، عن عدد الصواريخ والقاذفات المتبقية لدى إيران، أجاب هينز: "هناك سرية كبيرة حول عدد الصواريخ الإيرانية المتاحة. بينما تحدث الإيرانيون عن آلاف الصواريخ (بما في ذلك أنظمة قصيرة المدى)، وذكر خامنئي 3000 صاروخ في عام 2022، قدّر الإسرائيليون العدد بـ 2000 صاروخ باليستي متوسط المدى. ويبقى السؤال حول العدد الفعلي المتبقي بعد التدمير المحتمل من قبل إسرائيل وتقدير مدة الحرب".

تشير تقديرات إلى أن نصف مخزون الصواريخ الإيرانية ما يزال سليمًا، عبر إخفائه في منشآت تحت الأرض. ويقارن الباحث بين هذه الحسابات المعقدة وحسابات حزب الله في حرب عام 2006 التي قامت على نظرية: إذا أردنا أن نخرج منتصرين، فعلينا إطلاق الصواريخ حتى اليوم الأخير. 

مع ذلك، يرى مارتن سامبسون المدير التنفيذي للشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن الحملة الجوية الإسرائيلية نجحت في إضعاف قدرة إيران على التصدي للعمليات الجوية في سمائها. وينظر محللون إلى انتظار الولايات المتحدة كل هذا الوقت من أجل التدخل على أنها كانت مهلة لإسرائيل لتحييد خطر المنظومة الصاروخية الإيرانية، ما يوفر تدخلًا أمريكيًا "نظيفًا" لا يستجلب حربًا إقليمية ولا استهدافًا لمصالحها.

"هناك ترابط وثيق بين السياسات الأمريكية والإسرائيلية تجاه إيران. يبدو أن هذه الحرب هي استمرار لمساعي أمريكا لإخضاع إيران وإجبارها على توقيع اتفاق نووي، يُنظر إليه كمعاهدة استسلام. يرى الإيرانيون أن الهدف الأساسي للهجوم هو إجبارهم على هذا الاتفاق، لكنهم يدركون أيضًا أنه يحمل في طياته تهديدًا بإسقاط النظام".. كما يوضح أحمد فاروق الباحث في الشأن الإيراني، لـ فكّر تاني.

أما أحمد سلطان الباحث في شؤون الأمن الإقليمي، فيعتقد أن إيران فقدت أهم أدواتها بالفعل منذ السابع من أكتوبر، فيقول: "إيران اعتمدت على شبه استراتيجية، تمزج ما بين استخدام الفصائل الوكيلة، مع قدراتها الصاروخية، مع المشروع النووي. هذا كان المشروع الإيراني الحقيقي. وبالتالي، فقدانها لجزء من هذه الأدوات أعاق قدرتها على الرد".

الباحث أحمد سلطان

ويوضح سلطان لـ فكّر تاني أن إيران تعتمد حاليًا على مشروعها الصاروخي كسلاح وحيد "أما تطوير قنبلة نووية وتجربتها، فهو خيار محفوف بالمخاطر وتنقصه المعرفة التقنية. ورغم إمكانية إجراء التجربة بدعم من الصين أو روسيا، فإنه ليس من مصلحة البلدين أن تمتلك إيران سلاحًا نوويًا".

"الصين وروسيا لا تريدان سقوط النظام الإيراني، لكنهما لن تقدما له دعمًا حاسمًا يتجاوز الدعم التقليدي، فكلاهما حليف لا شريك استراتيجي. كما أنهما لا يرغبان في أن تصبح إيران دولة نووية، ويريان أن إضعاف النظام دون سقوطه سيجبره على تقديم تنازلات أكبر لهما، مما يجعلهما المستفيد الأكبر"، كما يشير سلطان.

يعتقد أليكس فاتانكا مؤسس برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، أن إيران تعاني من "العزلة الاستراتيجية"، حيث لم يقدم أي بلد، بما في ذلك روسيا والصين، مساعدة عسكرية لها في هذا الصراع. ويعتبر أن سياسة خامنئي "النظر شرقًا" لم تحقق الأمن الملموس لإيران.

"فكرة المخرج وحفظ ماء الوجه لا يريدها ترامب، بل بالعكس، فقد قال: 'استسلام غير مشروط"، يقول سلطان. ويأمل ترامب ومستشاروه أن يدفع هذا الهجوم إلى جانب الهجمات الإسرائيلية المستمرة، إيران للتنازل والموافقة على التخلي عن تخصيب اليورانيوم، وإلا "سيتم ضربهم مرة أخرى".

اقرأ أيضًا:هل تصلح سياسة "جز العشب" الصهيو-أمريكية مع إيران؟

مخاطر الدفع الإسرائيلي لإسقاط النظام

بعد السابع من أكتوبر 2023، اعتبرت إسرائيل أن أنه بعد القضاء على حلفاء إيران في المنطقة يتوجب "قطع الرأس"، يقول الباحث أحمد فاروق: "إن العقل الإيراني حاليًا يظن أن المفاوضات النووية السابقة حصلت كغطاء لذلك. بينما يرى الخطاب الإسرائيلي ما يجري في إطار إسقاط النظام".

هذا التصور المدعوم بقوة من نتنياهو، الذي يراهن على أن الضغط الخارجي سيؤدي إلى تغيير داخلي: "تفضل إسرائيل تغيير النظام الإيراني.. ومع ذلك، هناك تباين في الآراء داخل إسرائيل، حيث يبدي مسؤولو الاستخبارات شكوكًا بينما يُظهر السياسيون تفاؤلًا وسذاجة أكبر"، تقول باربرا سلافين المتخصصة بالشأن الإيراني في مركز "ستيمسون" بواشنطن.

باربرا سلافين

وتشير باربرا في حديثها مع فكّر تاني إلى صعوبة إسقاط النظام الإيراني عبر عمليات جوية فقط بلا تدخل بري: "حتى لو نجح ذلك فإنه سيخلق فراغًا في السلطة قد تستغله أطراف أكثر تشددًا مثل الحرس الثوري. والسوابق التاريخية، مثل الحرب الإيرانية العراقية، توضح كيف تدفع التدخلات الأجنبية المواطنين إلى إعطاء الأولوية للوحدة الوطنية على المعارضة الداخلية".
وتشرح: "المعارضة مُنقسمة بشدة، والشتات الإيراني مُختل وظيفيًا. أعتقد أن أفضل فرصة للتغيير تأتي من داخل إيران والمجتمع المدني، الذي يضم مجموعة متنوعة من الجماعات والأفراد الذين يُمكنهم قيادة البلاد نحو مسار أفضل".

أما دول الخليج العربي فتنظر إلى فكرة تغيير النظام الإيراني بقلق بالغ، وتخشى أن يؤدي ذلك إلى فوضى إقليمية تهدد استقرارها. وتفضل احتواء النفوذ الإيراني عبر التحالفات الأمنية والاقتصادية، دون الانخراط المباشر في مشاريع إسقاط النظام، بحسب معهد "تشاتام هاوس".

فالسعودية والإمارات، على الرغم من قلقهما من النفوذ الإيراني، تفضلان الحذر من فوضى ما بعد النظام. وهو ما وصفته سلافين بأنهم "يُفضلون الشيطان الذي يعرفونه بدلًا من شيطان لا يعرفونه".

"في الماضي، ربما رحبت دول الخليج بالهجوم على إيران. ولكن منذ التقارب بين السعودية وإيران قبل عدة سنوات، ومع سعي معظم دول الخليج إلى التركيز على التنمية الاقتصادية والاستثمار، أصبح الاستقرار هو الأولوية الرئيسية"، بحسب ما تقول جولي نورمان، في حديثها مع فكّر تاني.

ويؤكد الباحث في الأمن الإقليمي أحمد سلطان: "دول الخليج ببساطة ترتاح لأن يتم حرمان النظام الإيراني من الوسائل التي يمكن أن يهدد بها أمنهم، ومع ذلك، فهي غير راغبة في تحول الحرب الحالية إلى حرب إقليمية".

اقرأ أيضًا:هل يمكن لإسرائيل أن تكون دولة مهيمنة؟

الخيارات الإيرانية المعقدة

تثير العوامل المتشابكة تساؤلات حول مستقبل إيران، إذ يرى البعض النظام الإيراني في وضع صعب، بينما يعتقد آخرون في قدرته على الصمود والتكيف. وقد هدد ترامب في خطاب بعد الضربة، قائلًا: "مازال هناك الكثير من الأهداف سنهاجمها بدقة إذا لم يتحقق السلام. إما أن يكون هناك سلام أو مأساة لإيران".

ويعتقد أحمد فاروق الباحث المتعاون بمركز الدراسات العربية الأوراسية، أن الأحداث الحالية تهدف إلى إضعاف النظام الإيراني وأدواته وسيطرته، وإظهاره بمظهر الضعيف، لتمهيد الطريق لإخراجه من السلطة عبر ضغط داخلي وليس خارجيًا. ويرى أن هذا يهدف لتقويض السلطة المركزية لإخراج الجماعات المعارضة والمسلحة العِرقية، لبدء حرب أهلية.

جولي نورمان

"تعد الخلافات الداخلية الشكلَ الأكثر ترجيحًا لتغيير القيادة، ولكن من غير الواضح ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى تغييرات هيكلية حقيقية، وقد يؤدي إلى تحديات غير متوقعة"، تقول جولي نورمان الباحثة كذلك بالمعهد الملكي للشؤون الدولية (RUSI).

في هذا السياق، يشير سلطان، إلى أن "تغيير النظام الإيراني، هو بالتأكيد هدف استراتيجي بالنسبة لإسرائيل. لكن دائمًا هناك فرق ما بين الرغبة والقدرة على تحقيق هذا الأمر". ويظن أن "تغيير النظام غير جدي بسبب حجم إيران وتاريخها والعاطفة القومية".

هددت إيران باستهداف المصالح الأمريكية والخليجية حال تدخل واشنطن في الصراع. ولمواجهة ذلك، نقلت الولايات المتحدة قبل يومين أصولها العسكرية الهامة من قاعدة العديد بقطر إلى السعودية والأردن واليونان.

هدفت الخطوة إلى التحوط من الرد الإيراني وإجبار طهران على استخدام صواريخ باليستية متوسطة المدى، التي يسهل رصدها والأقل عددًا في مخزونها، بدلًا من الصواريخ قصيرة المدى الأكثر تهديدًا للمواقع القريبة مثل قطر. كما نشرت أمريكا عشرات الطائرات وعززت وجودها البحري شرق المتوسط والخليج، استعدادًا لرد إيراني.

من منظور القوة الأمريكية المتغطرسة، يعتقد كيفن دونيجان القائد السابق للأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، أن إيران لم يتبق لديها الكثير من الأدوات للرد بقوة كبيرة. ويعتبر أن الانتصار بالنسبة لها هو بقاء النظام على قيد الحياة.

ويضيف -في ويبينار نظمه معهد الشرق الأوسط بواشنطن وتابعه فكّر تاني "القوات الأمريكية في المنطقة مستعدة جيداً لأي رد فعل إيراني، ولديها خطط عميقة لحماية قواتها.. إيران تستطيع أن تتسبب في أضرار، مثل تهديد إغلاق مضيقي هرمز وباب المندب، ولكن هذا يضر بمصالحها الاقتصادية أيضًا".

وتعتمد إيران بشدة على مضيق هرمز لتصدير نفطها واستيراد السلع الأساسية، حيث يمر عبره معظم تجارتها. وتذكر تقديرات أن 80% من نفط الخليج العابر للمضيق يتجه لآسيا، وخاصةً الصين، حليفتها.

ترى بابرا سلافين أنه يتعين على ترامب دعوة الإيرانيين للعودة إلى المفاوضات، ومطالبة الإسرائيليين بوقف الهجمات "كلما طال أمد الحرب، كلما أصبح من الصعب استئناف الدبلوماسية". فيما تقول "مجموعة الأزمات الدولية" إن ترامب يحتاج إلى تقديم حوافز لإيران للتراجع.

يعتقد مسؤولو المخابرات الأمريكية أن إيران قد تتجه نحو إنتاج سلاح نووي بعد الهجوم الأمريكي، أو إذا قتلت إسرائيل المرشد الأعلى آية الله خامنئي، الذي وجّه مجلس خبراء الأمة، الهيئة الدينية المسؤولة عن تعيين القائد الأعلى، لاختيار خلفه بسرعة، حال اغتياله، من بين أسماء ثلاثة قدمها.

آية الله خامنئي

يُعد النظام الإيراني في مأزق بحسب فاروق "من الصعب على خامنئي الاستسلام، ولا يبدو واردًا أن يتنحى. كما أن إعلان إيران عن اختبار قنبلة نووية، رغم أنه قد يحصنها داخليًا، سيقوض مصداقيتها الدولية بشكل أكبر. الحل غير واضح إلا إذا تدخلت القوى الكبرى لإقناع أمريكا بتوفير 'جسر ذهبي' يسمح لإيران بقبول الصفقة نووية، وإلا فإن الحل سيكون صفريًا".

في كتابه "قوة التفاوض"، اعتبر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي، أن أهم أمر في أي مفاوضات وجود "جسر ذهبي"، يمنح مخرجًا يحفظ ماء وجه الطرف الخاسر، كي يستطيع التنازل دون أن يظهر كخاسر.

لكن الحسابات الخاطئة التي تبرع فيها الولايات المتحدة -مثلما جرى في العراق وأفغانستان- ربما حوّلتها إلى جسور مُحرقة. لكن النخبة الإيرانية تشكَّل وعيها السياسي من شعور تاريخي بالاضطهاد بسبب التدخلات الأجنبية، ما يجعل سياستها الخارجية "فعلًا مقاومًا لاستعادة الكرامة، لا مجرد سعي لمصالح، وُفسّر أي تراجع تنازلاً عن الكرامة الوطنية"، بحسب الباحث الأمريكي الإيراني فالي نصر.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة