القوى الديمقراطية تحذر من "الإقصاء".. بدء إجراءات تعديل قوانين الانتخابات النيابية

وسط ترقّب سياسي واسع، أعلن المستشار حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، اليوم الأربعاء، إحالة مشروعي قانونين يتعلقان بالانتخابات النيابية، إلى الجهات المختصة لدراستهما؛ تمهيدًا لمناقشتهما في الجلسة العامة، بناءً على طلب مقدَّم من أكثر من عُشر أعضاء مجلس النواب.

وطالبت العديد من القوى الديمقراطية، في الأشهر الأخيرة، بتعديل قوانين الانتخابات، وفق توصيات مخرجات الحوار الوطني، لكن تسريبات ظهرت بالتزامن مع إعلان التعديلات تُخالف التوصيات.

وفي جلسات الحوار الوطني، التي انطلقت في مايو 2023 لمناقشة قانون الانتخابات البرلمانية، أصرّت أحزاب الموالاة على أن تُجرى الانتخابات المقبلة بنظام القائمة المطلقة على 50% من مقاعد البرلمان، و50% بالنظام الفردي، فيما تمسكت القوى الديمقراطية بإجراء الانتخابات بالقائمة النسبية، بينما ظهر مقترح ثالث بالتوافق على نظام مختلط يضم قوائم نسبية ومطلقة بجانب المقاعد الفردي.

وخرجت تسريبات من منصات الموالاة، في الساعات الأخيرة، تتحدث عن أن المقترح المقدَّم من نواب الموالاة، في أحزاب مستقبل وطن، والشعب الجمهوري، وحماة الوطن، بجانب نواب من تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، يدور حول بقاء النظام الانتخابي كما هو، حيث يجمع بين القوائم المغلقة المطلقة والفردي، بجانب عدم زيادة أعداد المقاعد في مجلسي النواب والشيوخ، كما كان متوقَّعًا.

ووفق التسريبات، ستُجرى الانتخابات بأربع دوائر لانتخابات قوائم النواب، بواقع دائرتين (102) ودائرتين (40)، وأربع دوائر لانتخابات قوائم الشيوخ، بواقع دائرتين (37) ودائرتين (13)، مع الإبقاء على المقاعد الفردية في النواب والشيوخ كما هي.

مشروع القانون يصل البرلمان

جبالي أوضح، في منشور عبر حسابه بمنصة "إكس"، أن مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون مجلس النواب، وكذلك القانون رقم 174 لسنة 2020 بشأن تقسيم الدوائر الانتخابية، تمت إحالته إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية لبدء دراستهما فورًا.

كما أشار إلى إرسال مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون مجلس الشيوخ، الصادر بالقانون رقم 141 لسنة 2020، إلى مجلس الشيوخ لإبداء الرأي، وذلك في إطار الإجراءات الدستورية اللازمة قبل عرض المشروعين على الجلسة العامة.

وأكد النائب محمد عبد العزيز عضو مجلس النواب، في تدوينة على حسابه بموقع "فيسبوك" عرض المشروعين على الجلسة العامة للمجلس في أقرب وقت.

تحذير من إغفال القائمة النسبية

يقول السياسي البارز حمدين صباحي، القيادي في الحركة المدنية الديمقراطية، لـ فكر تاني: "لم أطلع بعد على المشروع المقدَّم إلى مجلس النواب، ولكن موقفنا واضح في الحوار الوطني، عندما كانت الحركة المدنية الديمقراطية في الحوار، وتوافقنا على حلٍّ وسط بعدما كانت الحركة تريد الانتخابات بالقائمة النسبية بشكل تام، وتريدها أحزاب السلطة بالقائمة المطلقة، وهو الثلث للنسبية، وثلث ثانٍ للمطلقة، وثلث للفردي، أو ما يقترب من ذلك".

حمدين صباحي
حمدين صباحي

ويكشف صباحي أنه، طبقًا لمعلوماته، فإن هناك رغبة في إغفال القائمة النسبية في إجراءات الانتخابات المقبلة، محذرًا من ذلك التوجّه قبل مناقشة القوانين المرتقبة، فيما يؤكد أنه في حال حدوث ذلك، فهو بمثابة عدوان على الحوار الوطني ومصادرة للانتخابات القادمة، وفق وصفه.

ويعتبر القيادي البارز في الحركة المدنية الديمقراطية أن إجراء الانتخابات البرلمانية الوشيكة بدون قائمة نسبية هو ضوء أخضر لتحكُّم المال السياسي وأجهزة الدولة فيها، مؤكِّدًا أهمية التوقُّف عن ذلك وتوفير مناخ سياسي جاد وحقيقي قبل الانتخابات، وفي مقدمته الإفراج عن سجناء الرأي.

انتقادات للمقترحات

من جانبه، انتقد النائب عبد المنعم إمام رئيس حزب العدل، وعضو مجلس النواب في حديثه لـ "فكر تاني"، اجراء تعديلات طفيفة على القوانين، بما يرسخ النظام الانتخابي الحالي.

النائب عبد المنعم إمام، رئيس حزب العدل وأمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب- تصوير أحمد عادل
النائب عبد المنعم إمام، رئيس حزب العدل وأمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب- تصوير أحمد عادل

وقال لـ" فكر تاني":" لا تغيير تقريبًا تم، هي تعديلات طفيفة ترسخ لنفس القانوني الحالي، بنفس القواعد تقريبًا، ولم يكن هذا المأمول خاصة أننا طرحنا كقوى حزبية منتمية للمعارضة، أن تكون القوائم نسبية، ما يجعلنا نتحدث عن استمرار الوضع على ما هو عليه، وهذا محبط للآمال".

علاء عبد النبي نائب رئيس حزب الإصلاح والتنمية - فيس بوك
علاء عبد النبي نائب رئيس حزب الإصلاح والتنمية - فيس بوك

كما انتقد علاء عبد النبي نائب رئيس حزب الإصلاح والتنمية في حديثه لـ"فكر تاني"، عدم زيادة عدد النواب، خاصة مع الزيادة السكانية المطردة منذ برلمان 2020، مؤكدًا أن الهيئة البرلمانية للحزب ستقدم اقترحات بزيادة العدد.

كما انتقد كبر مساحة الدائرة الفردي، بشكل صعبها على مرشحي الفردي. وتحفظ عبد النبي، على إبقاء نظام الانتخابات كما هو قائمة مغلقة وفردي.

مقترح بحوار عاجل للقوي الديمقراطية

من جانبه، يقترح السياسي والحقوقي أحمد فوزي، الأمين العام السابق للحزب المصري الديمقراطي، إجراء حوار عاجل بين القوى الديمقراطية حول كيفية إدارة الانتخابات بنسبة 50% فردي، بما يعزز مشاركاتها في الانتخابات وحضورها وسط الجماهير.

السياسي والمحامي أحمد فوزي الأمين العام السابق للحزب المصري الديمقراطي- تصوير محمد الراعي
السياسي والمحامي أحمد فوزي الأمين العام السابق للحزب المصري الديمقراطي- تصوير محمد الراعي

ويؤكد فوزي أنه لا جديد في النظام الانتخابي، مشيرًا إلى أنه توقع حدوث ذلك بعد غياب الحوار الوطني وعدم الالتزام بمخرجاته، وعدم وجود اهتمام حقيقي بالانتخابات في ظل الأوضاع الإقليمية الراهنة، وفق ما ترى دوائر عدة.

الموالاة ترفض اتهامات المعارضة

وبحسب مصدر سياسي بارز في صفوف الموالاة، تحدث لـ فكر تاني، فإن الأوضاع الجيوسياسية في الإقليم شكلت مانعًا قويًا في اجراء أي تعديل في نظام الانتخابات الحالي، الذي استوعبه الجميع، ويحقق استقرارًا للناخب والوطن، وفق رأيه، مؤكدًا أن الموائمات السياسية اقتضت استقرار النظام الانتخابي حاليًا، وعدم فتح الباب لتعديله، لكن يؤكد كذلك عدم ممانعة الموالاة بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية، في اجراء حوار مفتوح مع أحزاب المعارضة على تعديل قانون الانتخابات.

رفعت ضاوي
رفعت ضاوي

من جانبه، يثمن النائب رفعت ضاوي، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المؤتمر، المنضوية تحت كتلة الموالاة، المقترحات المقدمة، واعتبرها استمرارًا للنظام القديم.

ويقول في حديثه لـ " فكر تاني":" النظام الانتخابي القديم، نظام جميل ومحترم، والناس راضية عنه، ويساهم في استقرار الوطن، وتعزيز مشاركة المواطنين، وتطوير رصيد الأحزاب في الشارع".

ورداً على انتقادات القوي الديمقراطية، للمقترحات المقدمة، يرى ضاوي أن مقترحات المعارضة تحتاج إلى دراسة، كان يجب أن تتم منذ فترة، موضحًا أن انتخابات مجلس الشيوخ على الأبواب وبالتالي يجب رفض أي تعديلات على النظام الانتخابي لعدم وجود وقت كاف.

 

تفاصيل التعديلات المطروحة

وفق بيان من مجلس النواب، حمل عنوان: "حراك تشريعي في ملف الانتخابات النيابية"، أعلن المجلس على حسابه بموقع فيسبوك قيامه بالتعديلات على قوانين الانتخابات في إطار اضطلاعه بدوره الدستوري والتشريعي، وحرصه على تطوير البنية القانونية المنظمة للعملية الانتخابية.

وقال البيان: "يُجسّد المشروعان توجهًا تشريعيًا يعكس حرص الدولة على إحكام البناء القانوني للانتخابات النيابية، استنادًا إلى أسس دستورية وموضوعية دقيقة، في مقدمتها: ضمان التمثيل العادل للسكان والمحافظات، ومراعاة التوزيع السكاني على ضوء أحدث البيانات الإحصائية، والانضباط بمعيار الانحراف المقبول عن المتوسط النيابي في حدود لا تتجاوز ±25%".

وقد جاء مشروع قانون مجلس النواب، وفق البيان الرسمي، متسقًا مع التطورات الديموغرافية والإدارية التي شهدتها البلاد، إذ تضمن إدماج المكونات الإدارية المستحدثة بعد تقسيم 2020، مثل أقسام ثالث مدينة نصر، وثان العبور، والمنيرة الغربية وغيرها، باعتبارها أحد الأسس الجوهرية في البناء القانوني للدوائر الانتخابية.

كما شهد المشروع تعديلًا طفيفًا على عدد من الدوائر الفردية، في ضوء هذه المستجدات الإدارية والسكانية، بما يُعزّز من جودة التمثيل النيابي وتكافؤه. كذلك، أعاد المشروع توزيع مقاعد القوائم المغلقة المطلقة في أربع دوائر انتخابية على مستوى الجمهورية، بواقع أربعين مقعدًا لكل من دائرتين، ومائة واثنين لكل من الأخريين، بما يُرسّخ دعائم التمثيل النيابي المتوازن.

مجلس النواب (وكالات)
مجلس النواب (وكالات)

أما مشروع قانون مجلس الشيوخ، بحسب البيان، فقد جاء معبّرًا عن ذات الرؤية الإصلاحية، حيث أُعيد توزيع مقاعد القوائم على أربع دوائر، بواقع ثلاثة عشر مقعدًا لدائرتين، وسبعة وثلاثين مقعدًا لكل من الأخريين. كما شهد المشروع تحديثًا للجداول الانتخابية بنظامَي الفردي والقائمة، في ضوء متوسط التمثيل النيابي والانحرافات المقبولة، مع استثناء المحافظات الحدودية من القاعدة الحسابية العامة، مراعاةً لخصوصيتها، واتساقًا مع ما قررته أحكام المحكمة الدستورية العليا من جواز التمييز الإيجابي في حالات مبرّرة.

وقال بيان مجلس النواب، إن مشروعي القانونين استندا إلى أحدث البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والهيئة الوطنية للانتخابات عن عام 2025، واعتمدا على معادلة حسابية محكمة لحساب متوسط عدد المواطنين الذين يمثلهم النائب، بما يضمن عدالة التمثيل وتكافؤ الفرص السياسية بين المحافظات والمواطنين، في ضوء تغيرات الخريطة السكانية واتساع الفجوات الديموغرافية.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة