ارتفعت أسعار المحروقات فارتفعت أسعار كل شيء، من المواصلات إلى السلع الغذائية ورغيف العيش، في المقابل ارتفع أنين المصريين أكثر وأكثر، ما دفع الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية “حق الناس” لتنظيم ندوة حول أثر ارتفاع أسعار الوقود على الأسعار والأجور والمعاشات، أمس الأربعاء، بمقر حزب التحالف الشعبي الاشتراكي.
قدّم الندوة حسن بربري القيادي في حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وتحدث خلالها كل من إلهام عيدروس القيادية بحزب العيش والحرية “تحت التأسيس”، والدكتور محمد حسن القيادي بالحزب الاشتراكي المصري، وإلهامي الميرغني نائب رئيس حزب التحالف الشعبي، وكمال أبو عيطة وزير القوى العاملة والهجرة الأسبق.
كانت سبعة أحزاب من الحركة المدنية الديمقراطية قد دشّنت، في أغسطس الماضي، ما أسمته “الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية”، بهدف “مواجهة سياسات الإفقار والتبعية”، وضمت أحزاب: الاشتراكي المصري – التحالف الشعبي الاشتراكي – الشيوعي المصري – العربي الديمقراطي الناصري – العيش والحرية – الكرامة – الوفاق القومي الناصري.

ربط الأجور والمعاشات بالأسعار
“زادت الأجور بنسبة 583% من عام 1981 وحتى اليوم، وكذلك زادت المعاشات بنسبة 419%. في المقابل، شهدت أسعار الكهرباء والغاز والمنتجات البترولية والسلع التموينية زيادات “رهيبة” أثقلت كاهل المواطن، حيث ارتفعت أسعار الكهرباء مثلًا بنسبة 907% للشريحة الأولى، وصولًا إلى الشريحة السابعة التي زادت بنسبة 92%”.. هكذا بدأ إلهامي الميرغني نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، حديثه عن الحد الأدنى للأجور.
وأضاف أن سلع البطاقات التموينية شهدت ارتفاعات كبيرة، حيث وصل الارتفاع في زيت الطعام إلى 355%، و462% للزيت الخليط سعة 800 جرام، و257% للسكر، و391% للفول نصف كيلو، إلى جانب باقي السلع التموينية.

وأشار إلى أنّ زيادة الحد الأدنى للأجور تشمل العاملين في القطاع العام فقط، وعددهم 4.5 مليون موظف وعامل، بينما لا تشمل العاملين في القطاع الخاص، البالغ عددهم 15 مليونًا، والذين لا يحصلون على الحد الأدنى للأجور المقر من الحكومة.
وحول البدائل الممكنة في الوقت الراهن، أكّد الميرغني لـ فكّر تاني، أن الحل الوحيد هو ربط الأجور والمعاشات بالأسعار، إلى جانب تفعيل دور الدولة في مجالي التعليم والصحة.
أثر ارتفاع الأسعار على المرأة المعيلة
أما عن تأثير ارتفاع الأسعار على المرأة المعيلة، ذات الدخل الثابت أو المنعدم، فقالت إلهام عيدروس القيادية بحزب العيش والحرية (تحت التأسيس): “إن الحكومة وضعت قوانين لحماية المرأة المعيلة لكنها لم تُنفذ حتى الآن، وحتى معاش التضامن الاجتماعي لا يتناسب مع الارتفاع الكبير في الأسعار”.

وأضافت إلهام أن المحاكم تحكم بالنفقة لصالح المرأة المعيلة، وإذا تهرب الرجل من دفعها، يتولى بنك ناصر صرف 500 جنيه فقط بدلًا عنه، بينما الحكومة التي تلقي القبض على من “هب ودب” -بحسب تعبيرها- لا تستطيع تنفيذ القانون ضد من يتهرب من الإنفاق على أبنائه.
وردًا على سؤال فكّر تاني، بشأن ما يتردد عن انخفاض تشغيل النساء في القطاع الحكومي، قالت القيادية في حزب العيش والحرية: “هذا الانخفاض كارثة، لأن القطاع الحكومي هو القطاع الأكثر صداقة للمرأة، ولا يميز بينها وبين الرجل، وإن وُجدت نسبة تمييز فهي قليلة جدًا، كما تتمتع بحقوق الأم المعيلة، وهو احترام غير موجود في القطاع الخاص”.
ارتفاع الأسعار وصحة المصريين
وعن تأثير ارتفاع الأسعار على صحة المصريين، فقال الدكتور محمد حسن خليل القيادي بالحزب الاشتراكي المصري: “ارتفاع الأسعار أدى إلى التدهور في جميع الجبهات، وخاصة في مجال الصحة العامة، لأنه يرتبط بالجوانب الكلية للاقتصاد”.
وأضاف أن تمويل الخدمات الصحية في مصر يعتمد على جهتين، الأولى هي هيئة التأمين الصحي، التي تؤمن على 60% من المصريين، أما الـ 40% غير المؤمن عليهم، فيُعالجون على نفقة الدولة، لكن هذا المسار يواجه تحديات منذ عام 2005 بسبب الأزمة الاقتصادية، حيث كانت عملية القلب المفتوح تُكلف 2500 جنيه، أما اليوم فتُكلف 100 ألف جنيه في مستشفى جامعة عين شمس، و200 ألف جنيه خارجها.
وأكد لـ فكّر تاني عن مستقبل علاج الفقراء: “بدون تصنيع مصر للأدوية لن يجد الفقراء علاجهم، فمصر تستورد المواد الخام بالدولار وتصنع الأدوية وتبيعها بأسعار عالمية، والحل الوحيد هو الدخول في الصناعة الدوائية فورًا، دون الاعتماد على الاستيراد، مما سيقلل التكلفة والسعر، خصوصًا للفقراء”.
“علينا أيضًا الاستغناء عن الأدوية التي لا فائدة منها إلا للمستثمرين، مثل الفيتامينات والمضادات الحيوية ومنشطات المخ، التي لا نستخدمها إلا في الحالات الحرجة، فهي لا تفيد سوى المستوردين، وفي الوقت ذاته، علينا رفض خفض سعر العملة لأنه أصل كل الكوارث”.
المواطن والتحديات الاقتصادية
في كلمته، تناول كمال أبو عيطة الغرض من تأسيس الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية، قائلًا: “نريد أن نتحول إلى دم ساخن في عروق شعبنا، نتجمع لنواجه، ونقدّم نموذجًا للمواطن البسيط ليستعرض هو الآخر قوته في مواجهة التحديات الاجتماعية”.
وأضاف أن أي زيادات في الأجور ستلتهمها نيران المحروقات، موضحًا أن العلاوة السنوية قد تلتهمها سلعة واحدة فقط وهي أنبوبة البوتاجاز، مشيرًا إلى أن أجور العاملين في الحكومة لا تمثل سوى 10% من نسبة التضخم، أما العاملون غير المحميين مثل العمالة غير المنتظمة، فسيتحملون الزيادة دون أي علاوة، رغم محدودية فرص العمل.
وحذّر من تصاعد نسبة العمالة غير المنتظمة، بالتوازي مع تصفية أو بيع المنشآت، والتخلي عن فكرة الإنتاج لصالح الاقتصاد الريعي.
بدائل ممكنة
وأوضح حسن بربري أن الندوة تناولت ما يشغل المواطن بعد تخفيض الدعم على الطاقة في ظل أزمة اقتصادية “رهيبة”، مؤكدًا أن الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية تطرح اليوم بدائل ممكنة للخروج من تلك الأزمة الطاحنة.

وأضاف أن الجبهة دعت إلى هذه الندوة لأنها تناقش واحدة من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام المصري، والمترتبة على خفض دعم الطاقة، وخاصة المواد البترولية، وتأثيره على أسعار السلع والخدمات الأساسية، وعلى دخل المواطن وقدرته الشرائية، في ظل أزمة اقتصادية تتعمق يومًا بعد يوم بسبب السياسات الحكومية المتماشية مع شروط صندوق النقد الدولي.