حسنًا.. لقد أعلن "وش فتة الإعلام"؛ أحمد موسى أنه سيتوقف عن تشجيع النادي الأهلي، اعتراضًا على ظهور أبو تريكة، في الإعلان الخاص بمناسبة البدء في تنفيذ مشروع ملعب الفريق.
في استقبال الخبر على شبكات التواصل، تبدَّت خفة ظل المصريين الذين دعاه غير واحد منهم، إلى التوقف عن ممارسة العمل بالإعلام كليًا، وبذلك يريح الناس من صوته المنفر، وأساطيره الفضائية.
ذرائع الإعلامي المعروف بقربه من النظام، تتمثل في أن أبو تريكة إرهابي، يداه ملوثتان بدماء المصريين، وله باع طويل في تمويل الإرهاب الذي يستهدف أمن مصر، ولم يكن لائقًا بأي حال من الأحوال أن يظهر في إعلان للنادي الذي يتمتع بأعلى جماهيرية في المحروسة.
في ذلك وفق موسى خدش لمكانة النادي الذي تأسس في أبريل سنة 1907 على يد نخبة من رموز الوطنية المصرية، ليكون نادي "أولاد البلد"، مقابل الاستعمار البريطاني.
إذا لم يظهر لاعب استثنائي له بصمة على جميع البطولات التي حصدها العملاق الأحمر، إذ كان يرتدي قميصه فمن الذي يحق له الظهور؟
ربما كان الأحرى أن يرتدي الإعلامي الجهبذ "شورت وفانلة"، فيقدم هو الإعلان، لكن للأسف ليس ذلك ممكنًا خصوصًا أنه ساقيه دقيقتان كسيقان الماعز الجبلي، وله "عرقوب" يذبح الجمل، ما سيحيل مظهره كوميديًا هزليًا، كما كلامه.

سقطة فخذ الضأن في رمضان
يدعي أحمد موسى أنه يكره أبو تريكة حبًا في مصر، وطبعًا نحن نعرف أن مسألة حب الوطن لا تقبل القسمة على اثنين عند الإعلامي الجهبذ، الذي لا يكف عن الزعيق في برنامجه الملاكي أن وطنًا بغير خبز، خيرٌ من خبز بغير وطن، ويدعو الفقراء أن جوعوا تصحوا ثم ينسى في لحظة نصائحه، فإذا به يقول، كأنه غاب عن الوعي إثر تعاطي مخدر ما، إنه لا يشعر بحلاوة رمضان، ما لم يتوسط مائدة طعامه فخذٌ مكتنز سمين من لحم الضأن، فتغدو نصائحه مدعاةً للتندر، وسببًا في التهكم عليه.
لا أحد يصدق أن تريكة إرهابي، إلا المخطوفون ذهنيًا، وبالمناسبة مصطلح "المخطوف ذهنيًا" ليس من بنات أفكار كاتب السطور، بل يرجع إلى مصدر أمني ما، كان يصف عناصر جماعة الإخوان.
وبعيدًا عن التصريحات، فإن المتعارف عليه قانونيًا أن الاتهام لا يعني ثبوت التهمة، وفي حالة أبو تريكة تحديدًا، فإن اسمه لم يرد في متن أي قضية بعينها، ولا في أي قرار إحالة، ومن ثم فهو ليس مطلوبًا للسلطات لتنفيذ أية أحكام
حتى صحيفة "الأهرام" القومية، التي ينتسب إليها موسى، تبرئ تريكة من تهمة الإرهاب، ولا تصمه بها.
في الرابع عشر من مايو عام 2015 أجرى الزميل علاء عزت حوارًا مع اللاعب المعتزل، بعد إدراجه على قوائم الإرهاب، والتحفظ على أمواله، فقال فيه حرفيًا إنه لم يذهب إلى ميدان رابعة العدوية إبَّان اعتصام الإخوان، بعد عزل الرئيس الراحل محمد مرسي.
ما لم تكن هنالك بعرة فلا بعير، ومن دون أثر فلا دليل على المسير، وهكذا فإن اتهام تريكة بالتواجد في الاعتصام يبقى كلامًا مرسلًا بغير دليل، والأقرب للمنطق أنه لو كان قد تواجد هناك، لما فوَّت قيادات الجماعة فرصة إظهاره على الشاشات، بغرض التكسب من شعبيته الجارفة.
والأرجح فوق ذلك أن تريكة الذي لا يستخفي أو يكتم أمره، كان سيبادر بنفسه إلى الإعلان عن مواقفه السياسية بغير مواربة، كما دأب أن يفعل منذ عرفناه.
هذه فرية افتراها أولو غرض، والغرض مرض والعياذ بالله.
في الحوار ذاته تحدث أبو تريكة عن اتهامه بتمويل الإرهاب، ففنَّد الأكاذيب وأماط اللثام عن الحقائق، ومن ذلك أن شركة السياحة التي كان شريكًا بها لا تضم بين ملاكها إخوانيًا، فضلًا عن نفيه اللغط الذي أثير حول التقاطه صورة فوتوغرافية مع والدة أحد المتهمين في القضية المتعارف عليها إعلاميًا بـ"أحداث كرداسة"، ليؤكد أن صاحبة الصورة إنما هي سيدة بسيطة تربطه بها علاقات الجيرة، في مسقط رأسه بمنطقة "ناهيا".
هذا ما نشرته "الأهرام" منسوبًا إلى اللاعب الفذ الذي يحظى بشعبية جارفة، تتجاوز خارطة مصر، وتتخطى الحدود بين الدول العربية.
قد يقولن قائل إن ما نُشر آنذاك جاء في سياق حق الرد، الذي تكفله قوانين الصحافة والنشر، غير أنه ليس الحقيقة، "فالإرهابي" محمد أبو تريكة يناور ويدلس ويخلط الزيت بالماء، وموقفه من تأييد جماعة الإخوان معلوم بالضرورة، إذ كان من المجاهرين بدعم الراحل محمد مرسي إبّان انتخابات عام 2012.
سيبقى أحمد موسى علامة فارقة يؤرخ بها لما آل إليه حال الإعلام الذي يراد اختزال أصواته جميعها في صوت واحد، وسيبقى ما يردده عبر برنامجه فتنقله عنه المواقع مشكوكًا في صحته، فالقاعدة دائمًا وأبدًا أنه إذا جاء أحمد موسى بنبإ فتبينوا
على هذا القياس فإن أكثر من 13 مليون مصري، منحوا أصواتهم لمرسي، في الجولة الثانية للانتخابات، سواءً لاقتناعهم به أو نكايةً في مرشح الثورة المضادة آنذاك أحمد شفيق، يعدون بدورهم إرهابيين، ولا بد من إدراجهم في قوائم الاتهام.
وبعيدًا عن التصريحات، فإن المتعارف عليه قانونيًا أن الاتهام لا يعني ثبوت التهمة، وفي حالة أبو تريكة تحديدًا، فإن اسمه لم يرد في متن أي قضية بعينها، ولا في أي قرار إحالة، ومن ثم فهو ليس مطلوبًا للسلطات لتنفيذ أية أحكام.
هذا معناه على بلاطة أن أبو تريكة ليس إرهابيًا، وليست تحوم حوله شبهات التورط في أية أعمال عدائية ضد الدولة أو الشعب المصري.
فوق ذلك كله، فإن تريكة الذي يظهر على قناة "بي إن سبورت" التابعة لشبكة الجزيرة، والذي ينشط كثيرًا على مواقع التواصل، لم يضبط مرةً يتفوه بحرف على سبيل التحريض على العنف، أو حتى معارضة السلطة المصرية الراهنة.
بل إنه حين يتحدث عن مصر يؤكد دائمًا انتماءه العاطفي والوجداني لها، ومن ذلك أنه أجاب على سؤال عن إذا ما كان واردًا أن يوافق أن يرتدي ابناه وهما لاعبان كرة أيضًا، قميص المنتخب القطري بعد تجنيسهما، قائلًا: "أولادي مش هيلعبوا دوليًا إلا بقميص منتخب مصر".
ما يقوله تريكة إذن يكمل فيسفساء الصورة، هو رجل قد يكون صاحب رأي سياسي، ليس بالضرورة الأصوب، وليس بالضرورة أن يتفق وإياه الجميع، لكنه على العموم لا يدعو إلى عنف، أو يحرض بخشونة ضد مخالفيه.
لكن أحمد موسى له رأي آخر، فأبو تريكة إرهابي ويداه ملوثتان بالدماء، هكذا "خبط لصق" من غير قرينة أو بينة.
زمن الأقوال المرسلة والاتهامات الجزافية
ما أسانيد هذا الادعاء؟ وهل ثمة أصول قانونية له؟
لا أحد يعلم بالطبع، فالمعنى في بطن أحمد موسى، إنه يقول وكفى، وفي زمن الأقوال المرسلة والاتهامات الجزافية ليس أسهل من تشويه الناس، بغير رادع قانوني أو وازع أخلاقي.
كذلك يفعل الإعلامي الجهبذ ذو الصوت الصفيحي والنظرة الشمعية، في كثير من المواقف، إذ يدلي بتصريحات خرافية، أو بالأحرى كاذبة، فلا يحاسبه أحد، ولا يؤاخذه السادة المسؤولون الذين يرصدون دبة النملة، ولا يخضع للتحقيق بتهمة نشر أخبار كاذبة.

من ذلك مثلًا أنه ادعى بُعيّد التعويم الأول للجنيه، الذي أغرق البلاد والعباد، في دوامات "العوز" وأعماق الإملاق، أن الدولار سيغدو أكثر من الليمون على الشجر، وربما سيباع بالكيلو جرام لدى الباعة الجوالين على أرصفة محطات القطار.
نعلم بالطبع ما فعله الدولار بالجنيه، فالأول قفز ثم قفز ثم قفز، والثاني انكفئ ثم انكفئ ثم انكفئ.
هذا غيض من فيض، فتتبع ما يقوله الإعلامي الجهبذ، يعد من قبيل إضاعة الوقت فيما لا يجدي ولا ينفع أحدًا.
ما يقوله أحمد موسى يصلح مادةً للتندر و"القلش" على مواقع التواصل، لا أكثر من ذلك ولا أقل، ومن عجائب الآثار في التراجم والأخبار، أن يكون هذا هو الواجهة الإعلامية الأبرز في الجمهورية الجديدة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
سيبقى أحمد موسى علامة فارقة يؤرخ بها لما آل إليه حال الإعلام الذي يراد اختزال أصواته جميعها في صوت واحد، وسيبقى ما يردده عبر برنامجه فتنقله عنه المواقع مشكوكًا في صحته، فالقاعدة دائمًا وأبدًا أنه إذا جاء أحمد موسى بنبإ فتبينوا.
بجد مقال جامع مانع وسرد حضرتك رائع تسلم ايدك وقل لمن يدعى فى العلم فلسفة حفظت شيئا وغابت عنك اشياء وهولاء مدعون