رجّح النائب محمود سامي، نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي ورئيس الهيئة البرلمانية للحزب في مجلس الشيوخ، أن حزبه سيشارك في القائمة الوطنية الموحّدة في الانتخابات المقبلة، مؤكدًا أن الأمر متروك للهيئة العليا للحزب، لكن "غالبًا ستتم الموافقة على المشاركة"، في إطار الحيّز المتاح الذي يؤمن الحزب بالعمل من خلاله سياسيًا. كما توقّع أن ينتهج حزبا الإصلاح والتنمية والعدل المسلك ذاته، في تكرار لتجربة انتخابات 2020.
وتوقّع رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي في مجلس الشيوخ في حوار لا تنقصه الصراحة مع منصة "فكر تاني" ضمن حوارات "سجال برلمان 2025"، تأثّر الانتخابات سلبًا في حال استمرار النظام الانتخابي على ما هو عليه دون تغيير، مؤكدًا أن الانتخابات فرصة ثمينة لفتح المجال العام وتعزيز اللُحمة السياسية والوطنية بين مختلف مكونات المجتمع.
وشنّ النائب هجومًا حادًا على الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، واصفًا إياه بأنه "نسخة صوتية مجنونة" من الزعيم الألماني الراحل أدولف هتلر، مؤكدًا أن تصريحاته لا تشكّل خطرًا كبيرًا على مصر أو الأردن أو السعودية، بقدر ما تمثّل تهديدًا حقيقيًا لثبات الفلسطينيين على أراضيهم، ما يستدعي دعمهم بقوة لمنع تصفية القضية الفلسطينية.

تأخير شديد
في البداية، هل هذا مناخ انتخابي يليق بعام الانتخابات المصرية التي تقترب؟

طبعًا، هناك تأخير شديد، فالاستعداد للانتخابات البرلمانية في ظل مرشحين بالآلاف كان يجب أن يتم مبكرًا، ولكن تأخر الإعلان عن النظام الانتخابي وماهيته هو ما وضع الجميع في حالة انتظار، وأدى إلى تأخر أي فعاليات انتخابية أو أي استعدادات تتعلق بالانتخابات.
حتى التوقعات على لسان المسؤولين تدور في فلك ما تتفق عليه الأحزاب، وهو ما وضعنا في حيرة: هل نحن إزاء قائمة مطلقة أم قائمة نسبية مع الفردي؟ هل الوضع على ما هو عليه أم هناك تغيير؟ هذه الحيرة تولّد خمولًا انتخابيًا واضحًا.
بالإضافة إلى ذلك، هناك الأحداث الجيوسياسية المحيطة بنا، فقد أصبح وضع غزة، بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، محط الأنظار، مما جعل البوصلة تتجه إلى الخارج، مع ترمب ونتنياهو والرد عليهما، بعيدًا عن الاهتمام بالداخل والانتخابات.
ترامب نسخة صوتية مجنونة من هتلر
هل تفسد تصريحات ترامب المناخ السياسي في مصر وآمالك في توفير مناخ مناسب لانتخابات أفضل من السابق؟
رأيي الشخصي: لن تتمكن تلك التصريحات من إفساد المناخ الانتخابي أو السياسي في مصر.
أما رأيي في ترامب، فهو أنه "النسخة الصوتية المجنونة من هتلر". ومن خلال عملي في مجال الأعمال لأكثر من 20 عامًا، رأيت شخصيات مماثلة من رجال الأعمال الذين يطرحون 100 مطلب على طاولة المفاوضات بهدف الحصول على 20 فقط.

ترامب يقول الشيء ونقيضه، وتصريحاته، في تقديري، لا تشكل خطرًا كبيرًا على مصر أو الأردن أو السعودية. فهو مجرد نسخة هتلرية صوتية مجنونة، كما أراه. وما يقلقني بعد تصريحاته ليس تأثيره المباشر، بل مدى قدرة الفلسطينيين على الثبات في أراضيهم، إذ قد تدفع الضغوط الشديدة بعضهم إلى القبول بفكرة "التهجير الطوعي"، مما قد يؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية. أما ترمب، فلن يستطيع فعل شيء.
تأخير للقوانين بلا سبب واضح
توصيات الحوار الوطني حول نظام الانتخابات مقدمة للحكومة منذ عام.. فهل هناك تعمد في تأخير القوانين الانتخابية؟

لا توجد لديّ معلومة حول سبب التأخير، لكن الواضح أن الحوار الوطني أصدر توصيات واضحة وصريحة بشأن نظم الانتخابات.
كان هناك شبه إجماع من الأحزاب المعارضة والأحزاب الوسطية على أهمية اعتماد القائمة النسبية، أو على الأقل تخصيص الثلث لهذا النظام، في مقابل إجماع أحزاب الموالاة، كما يُطلق عليها، على دعم نظام القائمة المطلقة والإبقاء على الوضع كما هو.
لذلك، كان الأمر متروكًا للإدارة السياسية لتوفيق هذه الأوضاع، لكن لا أحد يعلم متى أو ماذا سيحدث.
فتح المجال العام في مصر
في ظل الأوضاع الإقليمية.. البعض يدعو لفتح المجال العام قبل الانتخابات والبعض الآخر يطالب بالإبقاء على الوضع كما هو حفاظًا على الاستقرار.. إلى أين نتجه بحسب تقديرك؟
كحزب مصري ديمقراطي، نقول: بغض النظر عمّا يحدث، يجب أن تستمر العملية السياسية إلى الأمام، مع ضرورة توسيع مساحة الانفتاح السياسي.
ما نؤكد عليه منذ سنوات هو أن تلاحم الصف الوطني لا يتحقق إلا من خلال مجال عام مفتوح يتيح سماع جميع الآراء، أما إغلاقه فلا يؤدي إلى اصطفاف حقيقي.
أما النغمة السائدة منذ الخمسينيات، والتي ترفع شعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، فلم تثبت نجاحها.
في الأسابيع الأخيرة، رأينا جميعًا - موالاة ومعارضة - أن لدينا موقفًا موحدًا ضد التهجير. لذا، نرى أن الانتخابات تمثل فرصة حقيقية لفتح المجال العام، وتعزيز اللحمة السياسية والوطنية بين جميع مكونات المجتمع، وهذا موقفنا الذي لم يتغير.
تلاحم الصف المصري يأتي من وجود مجال عام متسع للجميع أما غلقه لا يؤدي إلى اصطفاف كامل.
تعزيز الديمقراطية ومجلس الشيوخ
نذهب إلى مجلس الشيوخ، هل وصل لنواب المجلس رسميًا أي مواعيد عن انتخاباته؟
لا توجد أي معلومة.
وأود هنا أن أذّكر الجميع بأنه كان من المفترض كأول مهام مجلس الشيوخ، تعزيز دعائم الديمقراطية، وحاولنا كثيرًا، طرح مناقشة كيفية تحقيق هذا الهدف، لكن بعد مرور 4 سنين، لم نناقش أي شيء يتعلق بالديمقراطية.
ما تقييمك إجمالًا كشاهد عيان على أداء مجلس الشيوخ في السنوات الأربع الماضية؟
دعنا نفرّق بين مكونات مجلس الشيوخ وبين تقييم أدائه.

منذ اليوم الأول لدخولي المجلس، قلت بوضوح: لدينا مكونات رائعة وتنوع في الخبرات، فطبقًا لقانونه، يجب ألا يقل سن الأعضاء عن 35 عامًا، وألا يقل مؤهلهم عن شهادة عليا، مما أسهم في حضور مختلف داخل المجلس، حيث يضم عقولًا متميزة من الموالاة والمعارضة على حد سواء.
لكن الصلاحيات المتاحة لمجلس الشيوخ لا تمنحه مساحة واسعة للحركة، إذ تقتصر أدواته على "الاقتراح برغبة" و"المناقشة العامة". وفي دور الانعقاد الحالي، قررنا التركيز على ما يسمى "الأثر التشريعي" للقوانين، عبر مناقشته قبل إحالة القوانين إلى مجلس النواب لإجراء التعديلات المطلوبة.
وأتفق مع من يرى أن المجلس يمثل طاقة، لكنه طاقة معطّلة، رغم ما يضمه من عقول نيرة وخبرات كبيرة، تشمل قيادات سابقة بالقوات المسلحة، وقضاة، وأساتذة جامعات وغيرهم. هذه الطاقات يمكن استثمارها بشكل أكثر فاعلية. وعندما أحال إلينا مجلس النواب بعض القوانين لمناقشتها، كانت تدخلاتنا في معظمها - وليس جميعها - مهمة جدًا، مثل قانون المالية العامة الموحد، وقانون العمل، وقانون التخطيط، لكن في النهاية يظل دور المجلس استشاريًا.
إن استمر الوضع على ما هو عليه، فسيظل الأثر البرلماني للمجلس غير محسوس لفترة طويلة، وهذا ما شهدته خلال السنوات الأربع التي قضيتها داخله.
الانتخابات فرصة لفتح المجال العام ولزيادة اللُحمة السياسية والوطنية لكل مكونات المجتمع.
كشف الحساب
ماذا قدمت كنائب خلال هذه السنوات الأربع لمواجهة هذا الوضع؟
لدينا ثلاثة نواب يمثلون الحزب المصري الديمقراطي في مجلس الشيوخ، وقد يكون من الصعب أن أقيم أدائي بشكل موضوعي، لكن لا بد أن أشير إلى أن تدخلاتنا كانت عديدة ومهمة.

معظم مكونات المجلس كانت تصطف إلى يمين الحكومة، مؤيدةً كل الطروحات التي تقدمها، في حين أن المعارضة القليلة، التي تقف على يسار الحكومة، هي التي أضفت نكهة مختلفة على المناقشات، من خلال طرح رأي آخر وصوت مختلف.
لا يزال من مهامنا إبداء الرأي بشأن الخطة الاقتصادية للدولة، وفي هذا الإطار، قدّمنا اعتراضاتنا على الخطة الاقتصادية الحكومية طوال السنوات الأربع الماضية، وكنا الحزب الوحيد الذي يفعل ذلك سنويًا.
لم يقتصر دورنا على الاعتراض فقط، بل سعينا لتفعيل مواد غير مستخدمة في صلاحيات مجلسي الشيوخ والنواب. على سبيل المثال، تقدمت العام الماضي بمبادرة لتقديم رأي مكتوب بعد الاعتراض على خطة التنمية الاقتصادية الحكومية، وهي مادة استخدمت لأول مرة بناءً على تحركنا. ورغم رفض التعديلات التي طالبنا بها أثناء المناقشات، إلا أنني أستطيع القول إن الدولة استفادت منها لاحقًا، حتى لو لم يُنسب الفضل إلينا كنواب حزب معارض.
لدينا اقتراحات واعتراضات وآراء قد لا يؤخذ بها فورًا، لكنها تجد طريقها إلى التطبيق لاحقًا. على سبيل المثال، وضع سقف للدين كان أحد اقتراحاتنا في قانون المالية العامة الموحد، والدعوة لاعتماد الميزانية الحكومية المجمعة قوبلت بالرفض في مجلس الشيوخ، لكنها نوقشت لاحقًا في الحوار الوطني، ثم صدر بها قانون العام الماضي تحت مسمى "الموازنة الحكومية"، وهو اقتراح قدمناه قبل ثلاث سنوات.
لدينا الكثير مما قدمناه، ويحتاج الحديث عنه إلى وقت أطول.
النغمة السائدة منذ الخمسينيات بأنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة لم تثبت أي نجاح على مدى عقود.
وقعة التيك توك
ما صحة ما نُسب إليك بشأن المطالبة بحجب تيك توك في مصر؟
هذا غير دقيق على الإطلاق. لم يكن هناك طلب برغبة أو مناقشة عامة، بل كان مجرد تعقيب على كلمة وزير الثقافة، الذي استعرض آلاف الفعاليات التي نظمتها وزارته. حينها، علّقت قائلًا: "إذا كان مليون مواطن فقط قد تفاعلوا مع هذه الفعاليات، فهناك وسائل تواصل اجتماعي تسيطر على تشكيل وعي وثقافة المصريين، لا سيما الشباب والمراهقين، ويتابعها الملايين".
أضفتُ في كلمتي أنه رغم كوني نائبًا عن حزب تقدمي، فإن متابعتي لمنصة مثل تيك توك جعلتني أرى أنها تمثل خطرًا ثقافيًا كبيرًا على جيل نستثمر فيه مئات المليارات لتنشئته بشكل إيجابي، بينما هناك وسيلة أخرى تهدم ما يتم بناؤه.

كنت صريحًا إلى أقصى حد، إذ اعترفتُ بأنني في معركة خاسرة مع ابني البالغ من العمر 17 عامًا، والذي يقضي ساعات طويلة على تيك توك، حيث يوجد محتوى جيد، لكن الغالبية منه ضار للغاية. وصفتُ المنصة بأنها "مكب نفايات" يجب فرض رقابة عليه.
لم أطالب بالمنع التام كما زعم البعض، بل دعوت إلى مخاطبة القائمين على التطبيق لوضع ضمانات وضوابط للحماية، كما هو الحال في منصات أخرى، بحيث تتوفر خيارات لحجب المشاهد الجنسية والعنيفة، في حال رغب المستخدمون بذلك، لضمان محتوى آمن خلال المراحل العمرية التي يتشكل فيها الوعي والثقافة. أما اللجوء إلى الحجب الكلي، فليس خيارًا مطروحًا إلا كملاذ أخير، مع إدراكي لحساسية الأمر، خاصة كوني نائبًا عن حزب تقدمي.
انتخابات "ميتة"
ماذا تتوقع لانتخابات مجلس الشيوخ المقبلة؟
النظام الانتخابي الحالي هو ما يجعل هذه "الانتخابات ميتة" كما يقول البعض. فهناك 100 عضو يُعيَّنون بجانب 100 آخرين يُنتخبون بنظام القائمة المغلقة المطلقة، وهو ما أعتبره بصراحة نوعًا من التعيين أيضًا، بالنظر إلى ما يحدث على أرض الواقع.
أما الثلث الأخير من المجلس، الذي يُنتخب بنظام الفردي، فيتم التنافس عليه على مستوى المحافظات، مما يجعل فرص المنافسة محدودة جدًا على مقعد واحد فقط.
هذا النظام يؤدي إلى انتخابات لا يعرف فيها الناخبون المرشحين، وربما بالكاد يتعرفون على اسم واحد أو لا يعرفون أي أسماء على الإطلاق.
خلال الحلقة النقاشية التي استضفتموني فيها في موقع "فكر تاني" مؤخرًا، طرحتُ حلًا لهذه الإشكالية، وهو ضرورة الإيمان بأن الانتخابات الحقيقية هي انتخابات الفردي. هذا الرأي قد لا يُعجب البعض، حتى داخل حزبي، لكنه يعكس الواقع الفعلي لأفضل شكل انتخابي لمصر.
نظام القائمة المطلقة لا يساعد الناخب على التعرف على المرشحين أو الشعور بالحماس للنزول والمشاركة في التصويت، لذلك ندعو إلى تبني نظام القائمة النسبية بجانب الفردي، لتحقيق انتخابات أكثر تنافسية وحيوية.
حدد القانون رقم 141 لسنة 2020، عدد أعضاء المجلس بواقع 300 عضو كالتالي: يُشكل مجلس الشيوخ من (300) عضو، وُينتخب ثلثا أعضائه بالاقتراع العام السري المباشر، ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي، على أن يخصص للمرأة ما لا يقل عن 10% من إجمالي عدد المقاعد. ويكون انتخاب مجلس الشيوخ بواقع (100) مقعد بالنظام الفردى، و(100) مقعد بنظام القوائم المغلقة المطلقة، ويحق للأحزاب والمستقلين الترشح في كل منهما.
سنة أولى ديمقراطية
هل المعارضة قادرة على خوض معركة الفردي في ظل المال السياسي ونفوذ العائلات؟
بكل صراحة، أرى أننا في المعارضة - أو لأكون أكثر دقة، في حزبي على الأقل - نعيش "سنة أولى ديمقراطية". بمعنى أننا لا نزال في مرحلة التعريف بالديمقراطية للناس، وهذا تحدٍّ كبير.
إذا سألتني: هل نحن جاهزون للمعركة الانتخابية المقبلة؟ ستكون إجابتي الواضحة: لا، ليس بعد. لكن لدينا عدد من المرشحين، قد يصل إلى 20 أو 30 مرشحًا، وهو عدد قليل مقارنة بمقاعد مجلس النواب التي تصل إلى 600 حتى الآن. ومع ذلك، هناك 10 مرشحين منهم قادرون على خوض منافسة حقيقية وتحقيق نتائج ملموسة.

ما أقوله ينطبق على معظم أحزاب المعارضة، وليس فقط حزبي. قد لا نكون مستعدين بالشكل المثالي الآن، لكن مع توسيع المجال العام، يمكن أن تزداد جاهزيتنا، وهذا ما يجعلنا نتمسك بالمشاركة كخطوة أولى ضرورية.
لا شك أن المال السياسي والنفوذ القبائلي سيلعبان دورًا في الانتخابات الحالية وربما المقبلة، لكننا نتحدث عن بناء ديمقراطية حقيقية على مدى 15 عامًا، وليس مجرد منافسة انتخابية لحظية.
نحن في مرحلة تأسيس وبناء، كما فعلنا في انتخابات 2020، وسنواصل ذلك دون يأس. وكلما زادت مساحة الحريات والمجال العام، زادت فرصتنا في تحقيق نتائج أفضل.
قد يكون التصنيف الذي أطلقتموه علينا كـ"أحزاب الحيز المتاح" دقيقًا، لكننا سنتحرك في هذا الحيز إلى أقصى ما نستطيع، على أمل توسيعه مستقبلًا.
المال السياسي والانتخابات
هل يلعب المال السياسي دورًا أكبر في هذه الانتخابات مع استمرار الأزمة الاقتصادية بمصر؟
نعم، لدينا مخاوف حقيقية من ذلك، وأتوقع أن يكون استخدام المال السياسي واسع النطاق في هذه الجولة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
ألاحظ الآن أن بعض الأحزاب تركز استعداداتها الانتخابية على تقديم المنح والعطايا، مثل تجهيز العرائس، وتُنفق ملايين الجنيهات في هذا الإطار، متنقلة بين المحافظات. وبالطبع، أنا سعيد باستفادة المواطن، لكن هذا لا يضمن اختيار المرشح الأكفأ. فقد يكون لدى البعض مال وكفاءة، أو مال دون كفاءة، لكن المشكلة تكمن في استغلال الأزمة الاقتصادية لتعزيز فرص أصحاب المال على حساب المرشحين الأكثر تأهيلًا.
مع الأسف، أصبح المال السياسي عُرفًا مقبولًا في الشارع مع كل انتخابات، وهذا تحدٍّ كبير. والنتيجة الحتمية هي أن نوابًا كثيرين لا يعبرون عن الشارع أو الناخبين، بل يصلون إلى البرلمان بفضل نفوذهم المالي.
منذ 2011، نسمع القول المتكرر: "لسنا جاهزين للديمقراطية بعد". وبعد كل هذه السنوات، يبقى السؤال: متى سنكون جاهزين إن لم نخُض التجربة ونواجه التحديات بشكل حقيقي؟

دور الهيئة الوطنية للانتخابات
في هذا الإطار، كيف ترى دور الهيئة الوطنية للانتخابات وهي المسؤولة قانونًا عن مجريات الانتخابات؟
الهيئة الوطنية للانتخابات يداها مغلولتان في ظل اتساع دوائر المحافظات، ولكن ملاحظتي الأساسية أنها تركز عملها في فترة الانتخابات، وينصب جهدها على تأكيد مرور العملية الانتخابية بسلام وفقط.

والحقيقة، أن سؤالك: "أين استعدادات الانتخابات؟" يجب أن تجيب عليه الهيئة الوطنية للانتخابات، فهي أيضًا مسؤولة عن نقطة البداية، وعليها أن تجيب عن سؤالنا حول النظام الانتخابي، وماذا نفعل؟ وأعتقد أن الهيئة الوطنية للانتخابات يجب أن تحضر في المشهد الانتخابي سريعًا.
وفي ظل إيماني بأننا لا نزال في سنة أولى ديمقراطية، فأرى أن الهيئة الوطنية للانتخابات، مثلنا، لا تزال تبني نفسها كذلك للوصول إلى الصورة المطلوبة منها دستوريًا وقانونيًا.
كلُ يُغني على ليلاه
نظام الانتخابات.. كيف ستتعاملون مع توقعات بقاء النظام الحالي؟
مع الأسف، التصريحات السياسية والإعلامية، وحتى في الشارع، لا أجد فيها إلا أن "كل واحد يغني على ليلاه"، وكأن من يصرح أولًا أو يصرح أكثر سيفوز بالنظام الذي يرغبه.
أحزاب الموالاة تشيع أن الأمر سيبقى كما هو، وأن الانتخابات ستكون بنسبة 50% قائمة مطلقة و50% فردي، بمنطق "هو كده"، بينما تراهن أحزاب المعارضة، بصوتها الخافت، على إمكانية اعتماد القائمة النسبية.
نحن تقريبًا أمام مبارزة صوتية بين عدة أطراف لإثبات أمر واقع، لكن الحقيقة، وفق ما أعرفه عن الكواليس، أن الأمر لم يُحسم بعد، ولم تتخذ الجهات المعنية قرارًا نهائيًا حتى وقت حديثي معك.
ما النظام الأفضل برأيك؟ وما رسالتك إلى متخذ القرار؟
وصلنا إلى النقطة التي قد تُغضب الطرفين.
أولًا، نحن في مرحلة سياسية انتقالية تتطلب تقوية الأحزاب السياسية، وهذا يستدعي وجود نظام القائمة النسبية. لقد سمعت من أصدقاء كُثر في أحزاب الموالاة مقولة: "من غير القائمة الوطنية، أنتم لن تنجحوا". بل تلقينا نصائح بدعم القائمة المغلقة، رغم أن المصلحة العامة تقتضي فتح المجال أمام الأحزاب لاكتساب الخبرة وتعزيز وجودها، ولن يتحقق ذلك إلا عبر القائمة النسبية.
القائمة النسبية تتيح للناخبين التعرف على أحزابنا، حتى إن لم ينجح بعضها هذه المرة، فسيكون النجاح ممكنًا في المرات القادمة.
ثانيًا، على المدى البعيد، أرى أن النظام الفردي يجب أن يكون له الغلبة في الانتخابات، وهو ما قد يُغضب بعض زملائي في المعارضة والموالاة على حد سواء.
في الأرياف، وأنا أمثل دائرة ريفية في محافظة الدقهلية، رأيت بنفسي أن المواطن لا يرى في انتخابات القائمة تمثيلًا حقيقيًا له، بينما يعتبر أن المرشح الفردي هو من يعبر عن صوته ومصالحه.
القائمة الوطنية
هل سيشارك الحزب المصري الديمقراطي في القائمة الوطنية الموحدة؟
الإجابة الدبلوماسية: "هذا الأمر متروك للهيئة العليا للحزب". لكن الإجابة الصريحة: "غالبًا سنشارك".
في انتخابات 2020، كان هناك رفض داخل الحزب للمشاركة في القائمة الوطنية الموحدة، تحت ضغط شعور مفاده: "كيف نكون معارضة وأغلبية تحت سقف واحد؟". لكن في النهاية، قبلت الهيئة العليا المشاركة، باعتبار أن هذا هو الحيز المتاح أمام الحزب للخروج من الغرف المغلقة والوصول إلى الناخبين.
هذا الدافع نفسه كان مرجحًا في المرة السابقة، وأتوقع أن يكون العامل الحاسم هذه المرة أيضًا، حال طرح المشاركة في القائمة الوطنية الموحدة على الحزب.

هل ينضم حزبا الإصلاح والتنمية والعدل إلى القائمة الوطنية؟
لا أستطيع التحدث باسمهما، لكن توقعي أن حزبي الإصلاح والتنمية والعدل سيوافقان على الانضمام إلى القائمة الوطنية الموحدة، كما فعلنا جميعًا في انتخابات 2020، وذلك في حال عرض الأمر عليهما للمشاركة.
شاركت أحزاب المصري الديمقراطي والعدل والإصلاح والتنمية في القائمة الوطنية من أجل مصر التي تم تشكيلها لخوض انتخابات مجلس النواب، في عام 2020، بجوار حزب مستقبل وطن. وضمت القائمة كذلك عدد من الأحزاب السياسية، وهم " حزب الوفد، حزب حماة الوطن، حزب مصر الحديثة، حزب الشعب الجمهوري، التجمع، إرادة جيل، حزب الحرية المصري، المؤتمر". بالإضافة لتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.
حالة شطب لا تجميد
الحركة المدنية الديمقراطية توعدتكم بالشطب، في حال مشاركة الموالاة في الانتخابات المقبلة، وفق تصريح رئيس مجلس أمناء الحركة، مدحت الزاهد.. كيف تتعاملون مع ذلك؟
نحن تقريبًا في حالة شطب، رغم أننا نطلق عليها بصيغة أكثر تهذيبًا: "حالة تجميد". منذ انتخابات الرئاسة وما حدث فيها، أصبحنا بعيدين عن الحركة المدنية الديمقراطية.
وأود من الحركة المدنية، مع استمرار اختلاف وجهات النظر، ألا يستمر تبادل الاتهامات بيننا. فهم يريدون إجراء انتخابات بمعايير مثالية 100%، أو يفضلون البقاء داخل المقرات، لكن هذا لا يناسبنا حاليًا، لأننا جربناه سابقًا ولم يحقق نتائج. السياسة هي فن الممكن، والتحرك إلى الأمام يكون في إطار الحيز المتاح.

والتحدي الذي يمكن القياس عليه وتقييمه هو: هل تنازلنا عن مواقفنا خلال السنوات الأربع الماضية من تجربتنا البرلمانية، التي ستكمل قريبًا خمس سنوات، أم أننا عبرنا عن رأينا كحزب تقدمي معارض في كل المناسبات والقضايا والمناقشات؟
هذا هو المعيار الحقيقي للنجاح أو الفشل. لقد عبّرنا عن آرائنا بوضوح، والتي تتقاطع في بعض جوانبها مع مواقف البعض ممن يفضلون البقاء داخل المقرات، خاصة فيما يتعلق بالقروض والموازنة العامة.
لن نكتفي بالجلوس داخل الغرف المغلقة، بل سنتحرك في الحيز المتاح كلما وجدناه يتوسع، ولو بشكل محدود، وسنواصل البناء حتى يتسع المجال العام لما نطمح إليه جميعًا. أما إذا شهدنا ردة شديدة إلى الخلف، فسننسحب من هذا الحيز ونعود إلى مقاعدنا داخل الغرف المغلقة والمقرات.
نتائج الحيز الدستوري
برأيك، هل تخوض الحركة المدنية معركة خاسرة بسبب تمسكها بما يسمى "الحيز الدستوري"؟
بين "الحيز المتاح" و"الحيز الدستوري" الذي تتمسك به الحركة المدنية، تكمن النتائج، وهذا ما أحاول توضيحه.

لو كانت نتائج خوضنا الانتخابات الماضية، استنادًا إلى الحيز المتاح، غير موفقة، لكنت قلت إن الحيز الدستوري هو الخيار الأفضل، لكن حتى الآن حققنا نتائج جيدة، وكنا صوت المعارضة داخل مجلسي الشيوخ والنواب.
ويمكنك أن تسأل كما سألنا عن تقييم أدائنا. لقد وجدنا ترحيبًا وتقييمات إيجابية لما قدمناه، وعبرنا عن الناس وعن أفكارنا التي نؤمن بها منذ عقود. لذلك، يبقى الحيز المتاح هو الخيار الأنسب حتى الآن.
لا أتعشم بديمقراطية سريعة.. ولكن يجب أن استيقظ كل يوم صباحًا أجد قرارًا للأمام لا للخلف.
تحالف الحركة المدنية
ما تقييمك لفرص نجاح تشكيل الحركة المدنية لتحالف انتخابي مستقل؟
لقد عانينا جميعًا، بما في ذلك الحركة المدنية، من التضييق الذي كان موجودًا في البيئة السياسية.
لكن دعنا نتحدث بصراحة: هل تمتلك الحركة المدنية كوادر جاهزة لبناء هذا التحالف؟ أعتقد أننا، وهم أيضًا، لن نتمكن من تشكيل قائمة انتخابية قوية تحسم المنافسة، بل قد ننجح في ضم بعض الكوادر القوية، لكن الباقي سيكون مجرد "حشو" لاستكمال القائمة.
وإذا سألتني: هل لديكم رغبة في الدخول معهم في هذا التحالف الانتخابي؟ سأجيبك نظريًا: نعم، ولكن عمليًا وواقعيًا، أرى أن ذلك غير قابل للتطبيق.
نسبة المعارضة من مقاعد مجلس النواب
في هذا الإطار.. ما توقعاتك لنسبة المعارضة في الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
بالنظام الانتخابي الحالي، الذي قد يفرضه الصوت العالي تحت مبرر الظروف الإقليمية وعدم التغيير، أعتقد أن النسبة لن تختلف كثيرًا عن الانتخابات الماضية.

وحتى في حال حرص المكون الانتخابي على إشراكنا في القائمة الوطنية لضمان وجود المعارضة، فقد نحقق زيادة عددية مقارنة بالمرة السابقة، خاصة إذا تمت زيادة مقاعد مجلس النواب في القانون المنتظر، لكن نسبتنا ستظل كما هي.
في تقديرك.. هل يؤثر وجود حزب الجبهة الوطنية على توزيع "الكعكة البرلمانية" في الانتخابات المقبلة؟
نحن كحزب تقدمي، ليس لدينا مشكلة مع وصول عدد الأحزاب إلى ألف حزب. من يريد تشكيل حزب فليتقدم، وفي الخارج، كما في الولايات المتحدة وبريطانيا، هناك مئات الأحزاب خلف الحزبين الرئيسيين اللذين يتبادلان السلطة.
لكن الإشكالية في تشكيل حزب الجبهة الوطنية تكمن في غموض الهدف والرسالة من وجوده. ما الإضافة الجديدة؟ وما معنى أن يعلن حزب أنه "ليس موالاة ولا معارضة"؟ وهذا ما يثير تساؤلًا متكررًا: ما الذي يسعى إليه الحزب، وما موقفه السياسي؟
أعتقد أن المهمة التي جاء من أجلها حزب الجبهة الوطنية ستتضح أكثر خلال السنوات القادمة.
ما توقعاتك لهذه المهمة؟
أعتقد أن حزب الجبهة الوطنية سيكون ظهيرًا لتهيئة المناخ للانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2030.
وقد يكون بديلًا حزبيًا يهدف إلى تغيير المشهد الحزبي واستعادة ثقة المواطنين في كيان جديد، وهذا ما أعلنه الحزب بنفسه. بل إن بعض مؤسسيه صرّحوا – وعلى ألسنتهم – بأنهم "لن يستخدموا المال السياسي ولن يوزعوا الكراتين في الانتخابات"، وهو ما يبدو أنه إسقاط على حزب معين من الأغلبية، في محاولة لإعادة رسم الصورة السياسية.
الأيام وحدها كفيلة بتحديد مهمته، لكن حتى الآن، لا يزال هدفه ورسالة وجوده غير واضحين.
إذا وجدنا ردة شديدة للخلف سنتخلى عن الحيز المتاح وسنعود إلى مقاعدنا في الغرف المغلقة والمقرات.
كيف ترى موقع "الجبهة الوطنية" من "الكعكة البرلمانية" جوار باقي أحزاب الموالاة الأقدم؟
نحن ندور في فلك التوقعات الانتخابية، لعدم وجود استعدادات حقيقية تتيح قياس النسب والتأثير المتوقع بدقة.
لكن من خلال رصدي لما يجري في الأرياف – وهي مرآة عاكسة أكثر وضوحًا من العاصمة ومراكز صنع القرار – أرى أن حزب الجبهة الوطنية ينشط ميدانيًا بشكل مكثف. فقد تمكن من استقطاب تأييدات من مرشحين بارزين في عدة محافظات، ما يؤكد سعيه للحصول على نسبة معتبرة من مقاعد البرلمان.
مهندس المرحلة المقبلة
البعض يزعم أننا قد نكون إزاء نسخة من برلمان 2010 مع الانتخابات المقبلة.. والبعض يؤكد أننا بصدد مجلس نواب لجمهورية جديدة.. ما تعليقك؟
لا يمكنني حسم رؤيتي في ظل غياب معطيات واضحة، لكن من الواضح أن هناك هندسة سياسية تُشكِّل المشهد الانتخابي المقبل، وستتحدد صورة البرلمان بناءً على رؤية المهندس المسؤول عن هذه الانتخابات.
قد يكون هذا المهندس مستندًا إلى تجربة 2010، أو ربما يتبنى رؤية مختلفة تسعى إلى توسيع المجال العام، والإفراج عن بعض سجناء الرأي، وتفعيل الحوار الوطني.
شخصيًا، أتمنى أن يكون المهندس المقبل من أنصار الانفتاح، حتى لو كان ذلك عبر تحركات متدرجة نحو الديمقراطية، دون قفزات سريعة، خاصة أن هناك تجربة إيجابية للمعارضة في السنوات الماضية يمكن البناء عليها.
عندما تتضح هوية المهندس المسؤول، يمكن عندها الإجابة بدقة عن شكل مجلس النواب المقبل.
الإصلاح السياسي
هل تأخر الإصلاح السياسي في مصر، بحسب رصدك؟
هناك لحظات تبعث على الأمل بانفتاح سياسي، وأخرى تبدو وكأننا ندور في حلقة مفرغة دون تقدم حقيقي.
على سبيل المثال، بعد انتخابات 2020، كنا جزءًا من القائمة الوطنية، وحصلنا على مساحة أوسع برلمانيًا وإعلاميًا، وعبرنا عن مواقفنا بحرية. لكن فجأة، بدا أن "الدنيا أظلمت". ثم جاء الحوار الوطني ليبعث بعض الأمل، لكنه توقف فجأة، وهكذا تمضي الحياة السياسية بين فترات من الانفتاح والانغلاق.
أنا شخصيًا لا أتوقع قفزات سريعة نحو الديمقراطية، لكن الأهم هو أن نجد كل صباح خطوة للأمام لا للخلف. ومع التصريحات المتشددة أحيانًا من الإدارة الأمريكية، ربما يكون هناك دافع لاتخاذ خطوات حقيقية في توسيع المجال العام.
لقد قدمنا كحزب تجربة متوازنة وغير راديكالية، واستمعَت الحكومة إلى آرائنا، حتى لو رفضتها علنًا، لكنها طبقت بعضها دون إشارة لنا. على سبيل المثال، في قوانين المالية العامة الموحدة، قانون التخطيط، وسقف الدين، وأيضًا في مسألة "التفويج" السياحي، حيث طالبت مرارًا بوقفه احترامًا لحرية السياح في التنقل، وقرأت مؤخرًا خبرًا بوقف "التفويج" في سانت كاترين وشرم الشيخ، وهو ما طالبنا به كثيرًا.
يجب أن تكون المرحلة المقبلة مرحلة قرارات واضحة نحو الانفتاح السياسي، دون تراجع.
لمن الكلمة الآن في مصر؟
مصر تعيش بين أصوات مرتفعة من اتجاهات مختلفة.
هناك من يرفع شعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، وآخرون ينادون بالاصطفاف والوحدة والتلاحم. أما نحن، فنؤكد كما قال رئيس حزبنا الأستاذ فريد زهران: "نحن نصطف بجوار بعضنا البعض، وليس خلف أحد"، فلا يمكن أن نقف في صفوف متراصة خلف قيادة واحدة دون نقاش أو مشاركة حقيقية.
كل التجارب تُقيَّم بالنتائج، وشعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" أثبت فشله عبر العقود الماضية. إذًا، لماذا لا يُمنح صوتنا الفرصة هذه المرة؟ لماذا لا يُفتح المجال العام للحوار والتعددية؟ قد يكون هذا المسار أكثر نجاحًا مما جُرِّب طيلة 60 أو 70 عامًا.
مجلس الشيوخ يضم خبرات متنوعة من الموالاة والمعارضة، ولكن صلاحياته قليلة وأدواته محدودة.
تماسك الجبهة الداخلية
في ظل الدعوات لتماسك الجبهة الداخلية، كيف ترى الأصوات التي تنادي بتعديل الدستور ومد فترات الرئاسة؟
رأيي الشخصي، لا داعي لتعديل الدستور، ولا أرى هذا يساهم في تماسك الجبهة الداخلية.
في الشطرنج عندما تتم إزاحة الملك ينتهي الدور، وهو ما حدث مع صدام حسين وبشار الأسد والقذافي، لأنهم تحولوا من رؤساء إلى ملوك شطرنج. رأيي أن الرئيس في أي دولة يجب أن يكون قطعة من قطع الشطرنج، تسمح باستمرار الدور بعد خروجه، وبالتالي فتداول السلطة مهم في تماسك الدولة وعدم تأثرها سلبًا.
وكل الدعوات التي تربط تماسك دولة بشخص واحد، تعرض الدولة نفسها للخطر، ويجب ألا يكون هذا مسارنا.

عودة الحوار الوطني
كيف ترى عودة الحوار الوطني للواجهة.. هل هي حقيقية أم استدعاء عند الطلب كما يزعم البعض؟
ما يحدث مع الحوار الوطني مثال نموذجي لحالة التقدم خطوة للأمام ثم التراجع خطوة للخلف.
فجأة يعود الحوار إلى الواجهة، وفجأة يتوقف، حتى بات منحصرًا في مجلس الأمناء، بل إنهم ضمّوا شخصيات جديدة إليه، وكأنه بات هو الحوار الوطني نفسه، فيما لم يُفعَّل أي شيء خارج هذا الإطار بشكل حقيقي، بل أصبح الأمر مجرد لجنة ترفع توصياتها للأعلى دون نقاش موسع.
الصورة الحالية للحوار، بعد توسيع مجلس الأمناء، توحي بأنه لا داعي لمشاركة أوسع، وأنه سيتم الاكتفاء بهذا الإطار حتى إشعار آخر. ولهذا، أطالب بالعودة إلى الشكل الأولي للحوار كما بدأ، رغم مشكلاته الكبيرة، لأنه كان مساحة حقيقية للنقاش والتفاعل.
حتى الآن، لا يمكنني الحكم على النوايا، وسأنتظر ما سيحدث على أرض الواقع.
في الشطرنج عندما تتم إزاحة الملك ينتهي الدور، وهو ما حدث مع صدام حسين وبشار الأسد والقذافي، لأنهم تحولوا من رؤساء إلى ملوك شطرنج.
رسالة للناخبين
في الختام.. ما رسالتك للناخب المصري الذي ينوي المشاركة بالتصويت في الانتخابات المقبلة؟
أتمنى أن يكون الإقبال على التصويت هذه المرة أكبر، ولكن بدون اعتماد القائمة النسبية بجانب الفردي، ستبدو الانتخابات "ميتة".
آمل أن يسود صوت العقل، وأن يتم تخصيص مساحة للقائمة النسبية في النظام الانتخابي، مع ضرورة التصدي للمال السياسي ومنع أي محاولات للتزوير، حتى نشجع المواطن على النزول والمشاركة بجدية.
أما إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فسيظل النزول إلى الانتخابات مرهونًا بالضغوط أو بالرشاوى الانتخابية في صورة "كراتين"، وهنا لا ألوم المواطن الذي يقبل بذلك في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، وإنما المسؤولية تقع على السلطة التي ينبغي أن تمنع هذه الممارسات من الأساس.