رسالة جنيف.. مناقشات مستمرة بعد "المراجعة" حول حرية التعبير

أقامت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، اليوم الخميس، فعالية حقوقية في جنيف لمناقشة حرية التعبير والحريات الدينية، وذلك على هامش الدورة الرابعة من المراجعة الدورية الشاملة لملف حقوق الإنسان في مصر بالأمم المتحدة.

وشهدت جلسة المراجعة، التي عُقدت أول أمس، انتقادات وتوصيات دولية، شملت الدعوة إلى تعديل التشريعات، وتعزيز الحريات العامة، والإفراج عن السجناء السياسيين.

ومن المقرر أن تتبنى مجموعة عمل الاستعراض الدوري الشامل التوصيات المقدمة إلى مصر، غدًا الجمعة، فيما قد تعلن القاهرة موقفها من تلك التوصيات خلال الجلسة المقبلة.

اقرأ أيضًا: رسالة جنيف.. ملف مصر الحقوقي في "ميزان الانتقادات" ووفد الحكومة "يعد الإنجازات"

"تحسن ملحوظ"

استعرض المحامي عصام شيحة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، تاريخ منظمته منذ تأسيسها عام 1985، مشيرًا إلى عضويتها في عدة منظمات إقليمية ودولية. وأوضح أن هناك تحسنًا ملحوظًا في مجال حقوق الإنسان في مصر، لكنه لم يرقَ بعد إلى مستوى التطلعات.

عصام شيحة
عصام شيحة

وأضاف شيحة أن الإرادة السياسية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في مصر باتت واضحة منذ عام 2020، مع تأسيس اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان وإطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.

وأكد أن توصيات المراجعة الدورية الشاملة تتماشى مع تقارير المنظمة، مشيرًا إلى أهمية مناهضة التعذيب والمعاملة غير الإنسانية. كما شدد على ضرورة احترام حرية الرأي والتعبير، مطالبًا بمراجعة قانون الإرهاب لضمان عدم استخدامه في تقويض الحريات، لا سيما بعد وقف العمل بحالة الطوارئ.

وأشار إلى ضرورة استمرار الحوار الوطني وفتح المجال العام، كما أكد أن حرية الأديان مكفولة، لكنه أقرّ بوجود بعض التحديات في ممارسة بعض الشعائر الدينية.

وفيما يتعلق بعقوبة الإعدام، أوضح أن المنظمة تطالب بتحجيم تنفيذها وقصرها على الجرائم الأشد خطورة، مشيرًا إلى أن أغلب الأحكام لا تُنفذ. كما لفت الانتباه إلى التطورات في مراكز الاحتجاز، قائلًا إنه ولأول مرة يشاهد كنيسة ومسجدًا داخل مراكز التأهيل الجديدة.

وشدد شيحة على احترام مدد الحبس الاحتياطي وعدم استخدامه كأداة لاستمرار الاحتجاز، داعيًا إلى إصدار قانون الإدارة المحلية، وتفعيل الاستراتيجية الوطنية بشكل أقوى وأكثر وضوحًا. كما اقترح بدء العمل على استراتيجية جديدة لحقوق الإنسان بحلول 2026.

اقرأ أيضًا: رسالة جنيف.. شهادات عن "انتهاكات ممنهجة" بحق "علاء وطنطاوي وهدى"

عقوبة الإعدام

وفي مداخلته، قلل علاء شلبي رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، من فرص إلغاء عقوبة الإعدام في مصر، مؤكدًا أن هذا الأمر صعب للغاية، لكنه أشار إلى إمكانية الحد من استخدام عقوبة الإعدام وتطبيقه فقط على الأشد خطورة.

علاء شلبي
علاء شلبي

وكشف شلبي عن توقيع اتفاق شراكة للمرة الأولى بين منظمات المجتمع المدني ممثلًا في منظمته وبين صندوق الأمم المتحدة لمراجعة التوصيات الأممية لمصر بناء على ملفها الحقوقي، وذلك بعد مراجعة الجهات الحكومية، ضمانا لنفاذه كون منظمته غير حكومية، مؤكدًا أن هذه خطوة إيجابية.

وطالب رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان بعودة الزيارات في مراكز التأهيل والاحتجاز كل 15 يومًا، كما كانت قبل حائجة كورونا وليس كل شهر كما هو الأمر حاليًا.

الرقابة السابقة على التمويل الأجنبي

من جانبه، تحدث هاني إبراهيم، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ورئيس مؤسسة المحروسة للتنمية والمشاركة، عن جهود منظمته لتغيير قانون العمل الأهلي.

هاني ابراهيم
هاني ابراهيم

"القانون يقف في منطقة رمادية، بحيث لا نعرف ما إذا كان المجتمع المدني حرًا وفعالًا أم محدودًا ومقيدًا؟" يضيف إبراهيم، موضحًا أن القانون رقم 149 لسنة 2019 لتنظيم ممارسة العمل الأهلي قد أعطى مساحات، ولكنه وضع قيودًا وعوائق للمنظمات.

وأوضح أن الإعاقة الإدارية في القانون صعبة للغاية، مؤكدًا أهمية إلغاء الرقابة السابقة على التمويل الأجنبي.

وأشار إلى أن الإجراءات البيروقراطية تعطل عمل المنظمات الأهلية في المحافظات والأقاليم بسبب كثرة التصريحات المطلوبة والمعقدة.

أصل الأزمة الحقوقية

أحمد مفرح
أحمد مفرح

"الأزمة ليست في القوانين وإنما في الممارسات"، قال الحقوقي أحمد مفرح، المدير التنفيذي لمؤسسة لجنة العدالة "كوميتي فور جستس"، تعليقًا على المناقشات الدائرة في الجلسات.

وتساءل مفرح عن موقف المنظمة المصرية من استمرار عقوبة الإعدام من عدمه، فأوضح شيحة أن توصية المنظمة هي الحد من اللجوء إلى عقوبة الإعدام وعدم إلغائها لصعوبة حدوث ذلك في مصر.

اقرأ أيضًا: رسالة جنيف.. الحكومة في مواجهة تساؤلات حقوقية "منطقية"

انتقادات للأوضاع الحقوقية

وشارك بعض الحضور في التعليق على ما جاء من منصة الجلسة، مؤكدين أهمية تعزيز كافة الجهود لتطبيق حقيقي لكافة حقوق الإنسان في مصر.

وتساءل البعض عن الخطة التنفيذية للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وكيفية تقييمها في 2026 دون وجود بنود تقييم واضحة يمكن قياسها والبناء عليها، وهو ما رد عليه علاء شلبي، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، بأنه يوجد بالفعل لائحة تنفيذية للاستراتيجية لكن لم تعلنها السلطات المعنية حتى الآن.

ونفى البعض ما ذكره هاني إبراهيم من سهولة تأسيس المنظمات الأهلية بالإخطار، مؤكدين أن بعض المنظمات الأهلية يتم رفض استصدار تراخيص لها بعد المدة المحددة قانونًا للقبول والرفض، ووضع العراقيل أمامها.

كما نفى بعض المعلقين من الحضور ما ذكرته منصة الجلسة عن مناقشة الحوار الوطني لقضية عدم ظهور الموقوفين فور القبض عليهم وعرضهم على النيابات بعد فترة، فيما يُعرف حقوقيًا بـ "الاختفاء القسري".

مجلس حقوق الإنسان بجنيف - خاص فكر تاني
مجلس حقوق الإنسان بجنيف - خاص فكر تاني

وانتقدوا كذلك الأوضاع في السجون، مؤكدين أنه لم تحدث اتصالات هاتفية بين ذوي السجناء السياسيين وأبنائهم تحت إشراف السجون أثناء جائحة كورونا، كما جاء على المنصة.

واستنكروا عدم وجود حوار مجتمعي حول مشروع قانون الإجراءات الجنائية قبل عرضه على مجلس النواب ومناقشته، وعدم مناقشة الحوار الوطني لمشروع القانون، بخلاف ما ذكرته المنصة.

وانتقد البعض رفض مجلس النواب لبدائل الحبس الاحتياطي، مثل الأسورة الإلكترونية، في المشروع المقدم له.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة