نظمت مؤسسة لجنة العدالة "كوميتي فور جستس"، فعالية حقوقية جانبية، اليوم الثلاثاء 28 يناير، بالتعاون مع عدد من المنظمات المصرية غير الحكومية، على هامش إطار المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان في مصر، التي تعقد في الأمم المتحدة بجنيف، اليوم.
ويتم فحص ملف مصر في مجال حقوق الإنسان من قبل الفريق المعني بالمراجعة الدورية الشاملة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للمرة الرابعة، حيث أجريت الاستعراضات الدورية الشاملة الأولى والثانية والثالثة في فبراير 2010، نوفمبر 2014 ونوفمبر 2019 على التوالي.
ومن المقرر أن تتبنى مجموعة عمل الاستعراض الدوري الشامل التوصيات المقدمة إلى مصر يوم الجمعة 31 يناير الجاري، وقد ترغب مصر في التعبير عن مواقفها بشأن التوصيات المقدمة إليها أثناء مراجعتها.
اقرأ أيضًا: رسالة جنيف.. الحكومة في مواجهة تساؤلات حقوقية "منطقية"
اتهامات بانتهاكات "ممنهجة"
في بداية الجلسة، رحب الحقوقي أحمد مفرح المدير التنفيذي لمؤسسة لجنة العدالة بالحضور، موضحًا أن الجلسة تستهدف الضوء على الأزمة الحالية في حقوق الإنسان في مصر وتقديم التوصيات اللازمة لتجاوز هذه الأزمة التي قال إن تجاوزها يتطلب إرادة سياسية، واحترام الدستور قبل التجاوب مع الالتزام الدولي.

وتناول المتحدثون أوضاع حقوق الإنسان في مصر، مؤكدين أنها تشهد تدهورًا غير مسبوق وممنهج.
وتطرق حقوقيون في الجلسة إلى رصدهم لما قالوا إنها انتهاكات حقوقية ممنهجة تحدث بمصر، وهم شريف عازر "المفوضية المصرية للحقوق والحريات" وأحمد عطا الله "المؤسسة المصرية لحقوق الإنسان" وسمر الحسيني "المنتدى المصري لحقوق الإنسان".
وعادة تنفي السلطات المصرية، تلك الاتهامات في بيانات رسمية، ويحرص وفد مصر في جينف على تأكيد حدوث إنجازات في مجال حقوق الإنسان، وفق رأيهم.
انتقادات حقوقية للحكومة
انتقد شريف عازر الانتهاكات التي تحدث في السجون ومقارات الاحتجاز المصرية، وما تعلنه الحكومة المصرية، عن توافق السجون الجديدة للمعايير الدولية كمراكز احتجاز وتأهيل، مؤكدًا أن الانتهاكات الموجودة بها تتناقض مع الادعاءات الحكومية، في ظل الإخفاق في الرعاية الصحية ضاربًا المثل بالتدهور الصحي لكل من سجينة الرأى هدى عبد المنعم، والسياسي عبد المنعم أبو الفتوح المرشح الرئاسي الأسبق.

وأشار أحمد عطا الله إلى أنه رغم صدور الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، إلا أن مصر لم تقدم إجراءات تنفيذية تتناسب مع ما جاء في الاستراتيجية، منتقدًا أداء اللجنة العليا لحقوق الإنسان بمصر وتقاريرها التي وصفها بأنها "تتجاهل العديد من انتهاكات حقوق الإنسان في مصر" وفق رأيه.
واستنكر عطا الله إصرار مجلس النواب الحالي على مناقشة وإصدار العديد من القوانين في الفترة الأخيرة، رغم اعتراضات الكثير من الحقوقيين والنقابات المهنية.

وانتقد إحالة العديد من القضايا للمحاكمات الموضوعية رغم تجاوز المحبوسين على ذمتها الحد الأقصى المقرر للحبس الاحتياطي، مستنكرًا استمرار حبس رموز وطنية كالسياسي يحيي حسين عبد الهادي والخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق.
وأشار عطا الله إلى ما وصفه بـ"معاناة" البهائين في استلام أوراقهم الثبوتية، وعدم الاعتراف بهم بعد.
ما بعد غلق القضية 173
وفي بداية كلمتها، أشادت سمر الحسيني بصمود الأكاديمية ليلى سويف والدة سجين الرأي، السياسي علاء عبد الفتاح، واعتبرته بأنه "صمود ملهم للجميع".
وأضافت سمر أنه كان يجب بعد غلق القضية 173، أن تفتح الحكومة المصرية صفحة جديدة مع المدافعين عن حقوق الإنسان، ولكن لم يحدث.

وتعد القضية 173، أبرز القضايا التي لاحقت العديد من الحقوقيين المصريين تحت اتهامات فضفاضة، لكن تم إغلاقها مؤخرًا.
واستنكرت سمر الحسيني استدعاء حقوقيين مجددًا للتحقيق كالحقوقي حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على خلفية تقاريره الحقوقية وعمله، وكذلك الحقوقي محمد الباقر الذي لا يزال على قوائم الإرهاب والمنع من السفر.
وتطرقت سمر لما حدث مع الشاعر المصري التركي عبد الرحمن يوسف، وواقعة تسليمه للإمارات، واعتبرتها خرقًا كبيرًا للقانون الدولي والمواثيق الأممية، مطالبة بإعلان مصيره خاصة في ظل مناقشة مجلس النواب المصري لاتفاقية تسليم متهمين بين مصر والإمارات .
وانتقدت سمر إعادة حبس المتهمين/ات على ذات التهم بعد إخلاء سبيلهم، وهو ما يعرف حقوقيًا بـ"تدوير المتهمين"، وضربت المثل بما حدث مع الحقوقية هدى عبد المنعم.
وتعد مصر هي إحدى الدول الـ 14 التي سيراجعها فريق عمل الاستعراض الدوري الشامل، ويتألف الفريق العامل المعني بالاستعراض من الدول الأعضاء الـ 47 في مجلس حقوق الإنسان، ومع ذلك، يمكن لكل دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة المشاركة في المراجعة القطرية.
والوثائق التي استندت إليها المراجعات هي: التقارير الوطنية المقدمة من الحكومة المصرية، والمعلومات الواردة في تقارير خبراء ومجموعات حقوق الإنسان المستقلة، والمعروفة باسم الإجراءات الخاصة ، وهيئات معاهدات حقوق الإنسان، وكيانات الأمم المتحدة الأخرى، والمعلومات المقدمة من أصحاب المصلحة الآخرين بما في ذلك المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمنظمات الإقليمية وجماعات المجتمع المدني.
ليلى سويف تأمل خروج ابنها
وقدم ثلاثة من عائلات سجناء الرأي شهادات عما يواجه ذويهم من انتهاكات، وهن الأكاديمية ليلى سويف والدة سجين الرأى السياسي علاء عبد الفتاح، والحقوقية جهاد خالد ابنة المحامية سجينة الرأي هدى عبدالمنعم، والصحفية رشاء قنديل زوجة السياسي والصحفي سجين الرأي أحمد الطنطاوي.

وفي بداية كلمتها أبدت ليلى سويف، عبر مداخلة عن بعد، تعاطفاً مع جهاد خالد ابنة سجينة الرأي هدى عبد المنعم، فيما استشعرت القلق على ابنها علاء عبد الفتاح، بعد استمرار سجنه رغم انتهاء مدة محكوميته قانونًا.
وأشارت إلى أن وضعهم حاليًا في سجن وادي النطرون أفضل بكثير من سجن طرة، وكذلك بالمقارنة بالعديد من ذوي سجناء الرأي الذين لا يرون أبنائهم منذ سنوات.
وأوضحت ليلى سويف أن الأمر محسوم قانونيًا، ولابد من إطلاق سراح ابنها، مشيرة إلى أنها بدأت منذ 30 سبتمبر الماضي إضرابًا عن الطعام، حتى خروج ابنها أو انهيارها.
وأضافت أنهم كعائلة باتت زائرة دائمة لسجون مصر منذ عام 2013، ما منعهم من الحياة الطبيعية وعطل كثيرًا من أمور حياتهم، معربة عن أملها أن تفلح علاقات الصداقة بين الحكومتين البريطانية والمصرية في حلحلة موقف ابنها.

وفي كلمتها عن بعد، قدمت الصحفية رشا قنديل التحية للحضور، الذي تذكر طنطاوي، وقضيته، موضحة أن خوف النظام من توابع إجراءاته وصل إلى منع ندوة أو مقال وحبس من يقدم علي إعلان رأيه.
وأكدت رشا قنديل أن طنطاوي حرص على تقديم نموذج مدني وسلمي بديل، لكن انتهى به المطاف إلى السجن مع 22 من رفاقه في إجراءات مسيسة متسارعة، مشيرة إلى أن رفضها وزوجها وحزبه تيار الأمل تقديم طلب عفو لاقتناعهم بأنهم لم يرتكبوا خطأ يستحق السجن أو طلب العفو.
أزمة هدى عبد المنعم
وشكرت جهاد خالد الأكاديمية ليلى سويف على إبداء الدعم والمساندة، مشيرة إلى أن اليوم هو عيد ميلاد والدتها السادس والستون، بعد أن قضت في السجن 7 سنوات سجن وحبس، رغم انتهاء محكوميتها قبل عامين، لكن تم إحالتها إلى التحقيق مجددًا على ذمة قضيتين.

وأعربت جهاد عن قلقها على صحة والدتها، وإحالتها للمحاكمة مرة أخرى في إجراءات متسارعة، موضحة أن والدتها كانت عضو في المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، ودافعت كثيرًا عن حقوق الإنسان والمرأة لكن وجدت نفسها خلف الأسوار مع سيدات كثيرات يواجهن معاناة شديدة مثل مروة عرفة وعائشة الشاطر وأخريات.
ويعتبر الاستعراض الدوري الشامل إجراءً هامًا من قبل مجلس حقوق الإنسان يستند إلى المساواة في المعاملة بين جميع البلدان، حيث يوفر الاستعراض فرصة لجميع الدول للإعلان عن الإجراءات التي اتخذتها لتحسين أحوال حقوق الإنسان في بلدانها والتغلب على التحديات التي تواجه التمتع بحقوق الإنسان.
وتلقت مصر في عام 2014 300 توصية، فيما شهدت الملاحظات في عام 2019 صعودًا حيث وصلت إلى 372 توصية بزيادة 72 توصية، وقبلت مصر 294 توصية عند اعتماد نتائج الاستعراض
وبينما يؤكد الوفد الحكومي في جنيف، التزام مصر بالدستور والمواثيق الدولية في مجال حقوق الإنسان، تشارك العديد من المنظمات الحقوقية المستقلة بتقارير موثقة عما قالت إنها انتهاكات ممنهجة تشهدها مصر.
و في يوليو الماضي، قدمت 7 منظمات حقوقية مستقلة، منها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تقريرًا مفصلاً حول تلك الانتهاكات إلى الأمم المتحدة استعدادًا للمراجعة، كما أرسل سبعة مقررين خواص بالأمم المتحدة خطابًا إلى السلطات المصرية تذكرها بالتزاماتها الدولية.