هل تضرب إيران إسرائيل مجددًا؟

ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلًا عن ثلاثة مسؤولين إيرانيين، أن القائد الأعلى علي خامنئي وجه المجلس الأعلى للأمن القومي للاستعداد لهجوم آخر على إسرائيل. وهو أمر إن حدث ينذر بتوسع للحرب التي لا يريدها الغرب ودول عدة في الشرق الأوسط.

وفقًا لهؤلاء المسؤولين، جاءت توجيهات خامنئي بعد تحليل مفصل من كبار القادة العسكريين حول تأثير ذلك على قدرات إيران في إنتاج الصواريخ، وأنظمة الدفاع الجوي حول طهران، والبنية التحتية الحيوية للطاقة، وميناء رئيسي في الجنوب. وأوضحت الصحيفة أن مدى هذه الخسائر ساهم في قرار خامنئي بمعاودة ضرب إسرائيل.

صرّح خامنئي، وفقًا لما نقلته "نيويورك تايمز"، بأن نطاق الهجمات الإسرائيلية، التي أودت بحياة أربعة جنود على الأقل، لا يمكن تجاهله. واعتبر أن عدم الرد على هذه الهجمات سيُفهم على أنه "قبول بالهزيمة".

وأشارت تقارير إلى أن القادة العسكريين الإيرانيين يضعون قائمة تحتوي على عشرات الأهداف العسكرية داخل إسرائيل، إلا أن تنفيذ الهجمات قد يتأجل إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث تخشى إيران أن يؤدي تصاعد التوترات في المنطقة إلى تعزيز حملة الرئيس السابق دونالد ترامب.

خامنئي ونتنياهو (وكالات)
خامنئي ونتنياهو (وكالات)

كيف ستهاجم إيران إسرائيل؟

في الأيام الأخيرة، حذرت إدارة بايدن إيران من شن أي هجوم جديد على إسرائيل، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة لن تستطيع منع رد فعل إسرائيلي قوي، وذلك وفقًا لمسؤول أمريكي ومسؤول إسرائيلي سابق نقل عنه موقع "أكسيوس".

هذا التحذير جاء بعد أن قامت إيران في 1 أكتوبر بهجوم على إسرائيل كردّ على سلسلة اغتيالات إسرائيلية، وردت إسرائيل بضرب أهداف عسكرية، مستثنية المنشآت النووية والنفطية.

أبلغت الإدارة الأمريكية إيران بأن الولايات المتحدة لن تستطيع السيطرة على رد فعل إسرائيل في حال وقع هجوم جديد، ولن يمكنها ضمان أن يكون الرد الإسرائيلي محدودًا كما في الهجوم السابق.

هكذا نُقلت هذه الرسالة مباشرة إلى الإيرانيين، وهو أمر نادر في مثل هذه الحالات، تم عبر وساطة سويسرية.

"أكسيوس" يقول إن البيت الأبيض شدد على ضرورة امتناع إيران عن أي رد فعل. وأكدت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارين جان بيير، على التزام الإدارة بدعم إسرائيل إذا تطلب الأمر. كما أعلن البنتاجون، على لسان الجنرال بات رايدر، عن تعزيز الانتشار العسكري في الشرق الأوسط بمدمرات دفاع صاروخية وسرب من المقاتلات وطائرات ناقلات وعدة قاذفات بعيدة المدى من طراز B-52.

وكانت مصادر إسرائيلية كشفت لـ "أكسيوس" أن إيران تخطط لشنّ هجوم على إسرائيل عبر الأراضي العراقية في الأيام المقبلة، قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وتهدف إيران، وفقًا للمصادر، إلى إطلاق الهجوم من العراق بواسطة المقاومة الإسلامية هناك، في محاولة للحد من الاستهداف الإسرائيلي لمواقعها الاستراتيجية المباشرة.

الجنرال علي فدوي نائب قائد الحرس الثوري الإيراني (وكالات)
الجنرال علي فدوي نائب قائد الحرس الثوري الإيراني (وكالات)

وتوقعت المصادر أن يشمل الهجوم عددًا كبيرًا من الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية التي تُطلق من العراق. وهذا يعكس رغبة طهران في توجيه ضربة انتقامية دون تصعيد مباشر من أراضيها، كما يتضمن الرد المتوقع تفعيل ميليشياتها في العراق لضمان حماية الأصول الاستراتيجية الإيرانية.

اقرأ أيضًا: إسرائيل وإيران.. ماذا لو اندلعت الحرب؟

وكان الجنرال علي فدوي، نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، صرح للإعلام المحلي بأن "رد إيران على العدوان الإسرائيلي مؤكد"، مشيرًا إلى أن إيران لم تترك أي اعتداء من دون رد خلال الأربعين عامًا الماضية، وأنها تمتلك القدرة على تدمير جميع المنشآت الإسرائيلية بضربة واحدة.

وقال رئيس مكتب القائد الأعلى، غلام حسين محمدي جولباييجاني، يوم الخميس أيضًا، إن إيران تخطط لتقديم "رد عنيف يكسر الأسنان" على "العمل اليائس" لإسرائيل، وفقًا لوكالة تسنيم، وهي وكالة أنباء شبه رسمية مرتبطة بالحرس الثوري.

ولكن، لا يزال من غير الواضح كيف ومتى تخطط إيران للرد، وما إذا كان يمكن إقناعها بعدم الرد، وما إذا كانت التصريحات قد تكون مجرد تهويل لكسب النفوذ في المفاوضات، أو ما إذا كانت إيران ستنتظر حتى بعد الانتخابات الأمريكية الأسبوع المقبل لاتخاذ إجراء.

إيران وإسرائيل.. هل الجانبان مستعدان؟

عند اتخاذ قرار بشأن الرد، يواجه قادة إيران مقامرة - كما تذكر "نيويورك تايمز"؛ إذ قد يؤدي الرد العسكري المقصود منه ردع الهجمات الإسرائيلية إلى نتائج عكسية، ويدعو إلى هجمات أكثر تدميرًا قد تضر باقتصاد إيران وبنيتها التحتية، ومن ثم يزداد الوضع سوءًا على مستوى المواجهة بين القوتين.

هذا السيناريو حدث الشهر الماضي، عندما أطلقت إيران حوالي 180 صاروخًا باليستيًا على إسرائيل، انتقامًا لاغتيالات إسرائيل لقادة حماس وحزب الله وقادتها العسكريين. حيث بدورها، استهدفت إسرائيل الدفاعات الجوية حول عدة مصافي نفطية وبتروكيماوية حيوية وميناء رئيسي في إيران، بالإضافة إلى خلاطات الوقود العملاقة التي تصنع الوقود لصواريخ إيران.

قللت إسرائيل من الهجمات الإيرانية، وكذلك فعل المسؤولون الإيرانيون مع الهجمات الإسرائيلية، لكن من دون شك أن الجانبين تضررًا بشكل كبير، وتصريحات خامنئي الأخيرة تؤكد ذلك.

لافتة في أحد الميادين الإيرانية تهاجم بايدن ونتنياهو (وكالات)
لافتة في أحد الميادين الإيرانية تهاجم بايدن ونتنياهو (وكالات)

ومع ذلك، يبدو أن إيران مستعدة لتحمل هذا الخطر حتى لا تظهر ضعيفة.

في رسالة تهنئة يوم الخميس إلى نعيم قاسم الأمين العام الجديد لحزب الله، قال قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال إسماعيل قاآني، إن "إيران ستقف مع حليفها حزب الله"، وأن "فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني سيبقى مع حزب الله حتى تدمير إسرائيل".

وفي المقابل، أشار القادة الإسرائيليون إلى أنهم مستعدون لشن هجمات أكثر مباشرة على إيران، إذا لزم الأمر. وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الخميس إن الهجمات الأخيرة على إيران جعلت إسرائيل قادرة على إلحاق المزيد من الأضرار في جولة ثانية من الضربات.

واضاف نتنياهو في خطاب للجنود الإسرائيليين: "لقد أصبنا بطنه.. الحديث المتفاخر لرؤساء النظام الإيراني لا يمكن أن يخفي ويعوض عن الحقيقة أن إسرائيل لديها الآن حرية أكبر في العمل في إيران أكثر من أي وقت مضى"،

النووي.. كارد إيران القوي في تهديد واشنطن

في مقابلة قناة "الميادين" اللبنانية المحسوبة على حزب الله، أعلن رئيس المجلس الاستراتيجي للسياسات الخارجية في إيران، كمال خرازي، أن بلاده قد تنظر في تغيير عقيدتها النووية إذا واجهت تهديدًا وجوديًا.

وأكد خرازي أن لدى إيران الإمكانات التقنية لصنع سلاح نووي، مشيرًا إلى أن الفتوى الصادرة عن المرشد الأعلى السيد علي خامنئي هي العقبة الوحيدة التي تمنعها من ذلك.

وأضاف خرازي أن هذه التعديلات المحتملة تشمل قدرات الصواريخ الإيرانية القادرة على إيصال الأسلحة إلى أهداف محددة، موضحًا أن إمكانيات إيران الصاروخية قد أثبتت جدارتها في عملياتها السابقة، في حين أن إيران تنظر حاليًا في مديات تلك الصواريخ نتيجة المخاوف الأوروبية.

وذكر أن تجاهل الغرب لمخاوف إيران بشأن سيادتها قد يدفع طهران إلى تعزيز مديات صواريخها.

وعن استعداد إيران لأي مواجهة عسكرية، أكد خرازي أن بلاده مستعدة للحرب ولكنها لا ترغب في تصعيدها. واعتبر أن إيران قد أثبتت قدراتها الردعية في عملياتها ضد إسرائيل خلال "الوعد الصادق 2"، مشيرًا إلى أن الرد الإيراني على الهجمات الإسرائيلية سيتم "في الوقت والطريقة المناسبين"، وأن الردّ الإسرائيلي الأخير على الهجوم الصاروخي الإيراني الذي شمل نحو 200 صاروخ كان "غير متكافئ".

ومع ذلك، فلا تزال حرب التصريحات بين الجانبين تنتظر أن يضغط أحدهما مجددًا على زر إشعال الموقف الذي تبقى فيه شرارة أخيرة قبل انفجار المنطقة كلها.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة