“ازيك يا بابا يا حبيبي أنا سيرين بنتك الصغيرة فاكرني؟”.
اعتادت سيرين ذات السنوات الخمس، أن تسجل بعض العبارات المليئة بالدموع، عبر هاتف والدتها، كي يسمعها والدها الصحفي أحمد سبيع، عند خروجه من السجن، مبررة ذلك كما تقول والدتها إيمان محروس:” عشان لما بابا يرجع يسمعها ويعرف أنه كان واحشني”.
ويقترب الصحفي أحمد سبيع، القابع في سجن بدر 3 ، من إكمال 5 سنوات في الحبس الاحتياطي منذ القبض عليه في نهاية فبراير 2020 وحبسه احتياطيا على ذمة القضية 1360 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا.

وطالبت نقابة الصحفيين، أكثر من مرة، بالافراج عن سبيع، عبر مخاطبات رسمية من النقابة إلى الجهات المعنية، ضمن قوائم الإفراج التي أعدتها النقابة، وتشمل 23 صحفياً وصحفية رهن الحبس الاحتياطي ، بينهم 16 صحفياً تخطوا حاجز العامين المقرر كأقصى فترة للحبس الاحتياطي.
وأعلنت منظمة “مراسلون بلا حدود” احتلال مصر المركز الـ 170 من أصل 180 دولة في التصنيف العالمي لمؤشر حرية الصحافة لعام 2024، بتراجع 4 مراكز عن العام الماضي، مؤكدة أن مصر باتت تُعد من أكبر السجون في العالم للصحفيين.
اتهامات متكررة
وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض علي سبيع، في 28 فبراير 2020، من الشارع عقب مشاركته في تشييع جثمان صديقه المفكر الراحل محمد عمارة، ليجد نفسه، على ذمة القضية رقم 1360 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، باتهامات ببث ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ومشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها مع العلم والترويج لأغراضها، فيما نفي محامو “سبيع” تلك الاتهامات.

ولم تثبت تلك الاتهامات كذلك بحقه في القضية الأولى له رقم 34150 لسنة 2015 جنايات مدينة نصر اول في العام 2013، التي جرت محاكمته على أساسها، والتي انتهت بالحكم عليه بالبراءة، بعد أن قضى 4 سنوات في السجن، وجرى إطلاق سراحه عقب حكم البراءة الصادر في مايو 2017، حيث ظل حرًا حتى فبراير 2020، حين قررت قوات الأمن إلقاء القبض عليه، مرة أخرى وإدراجه على القضية المحبوس على ذمتها حاليًا.
وأعلنت نقابة الصحفيين في وقت سابق، وجود قائمة لديها بعدد 16 صحفيًا من إجمالي 23 صحفيًا وصحفية، ينتظرون إخلاء السبيل لتخطيهم أقصى مدة للحبس الاحتياطي المقررة بعامين، من بينهم بجانب أحمد سبيع كل من : توفيق غانم، وحمدي الزعيم، ، وأحمد الطنوبي، مصطفي الخطيب، وكريم إبراهيم، ومحمد سعيد فهمي، ودنيا سمير فتحي، وبدر محمد بدر.

رحلة معاناة أسرية
“كان من عادتنا سوا في الليالي القمرية نقعد نشرب الشاي علي ضوء القمر ونفضل نتكلم ونفتكر الذكريات بحلوها ومرها ، ودلوقتي أنا قاعدة لوحدي أنا وآلامي وخزان الأحزان حجي، لكن بالرغم من كده علي يقين بإن الفرج قريب ولن نهون أبداً علي الله وسيجبرنا ولو بعد حين “، تقول زوجته، إيمان محروس عبر “فيس بوك”، مؤكدة أنها لا تتخيل أن يحدث كل هذا لأسرتها على مدار أكثر 10 سنوات مضت.

وتسجل “إيمان” رحلة معاناتها في الزيارات والفقد، عبر موقع التواصل الإجتماعي”فيس بوك”، لكن أشد ما يتعبها هي أزمة زوجها الصحية كما تقول.
وتقدمت بالعديد من المخاطبات إلى الجهات المعنية، من بينهما شكوى إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان، طالبت خلالها المجلس بزيارة زوجها للإطلاع على وضعه الصحي في محبسه، فيما تدخل نقيب الصحفيين الكاتب الصحفي خالد البلشي أكثر من مرة لتحسين أوضاعه بالتنسيق مع الجهات المعنية.
ويعاني سبيع من ظروف حبس غير مناسبة في سجن بدر 3 شديد الحراسة، خاصة مع تلقيه أدوية للقلب، مع وجود مشاكل كبيرة في الفك، وتآكل في الركبة، ووجود ورم و كيس زلالي خلف الركبة يمنعه من الحركة، أو الوقوف على قدميه، فيما طالبت نقابة الصحفيين بسرعة علاجه في مخاطبات رسمية.
وبمناسبة يوم الصحفى الإثنين 10 يونيو الماضي، تقدمت نقابة الصحفيين بطلبات لإخلاء سبيل 19 صحفيًا إلى كل من النائب العام، ومجلس أمناء الحوار الوطنى، ولجنة العفو الرئاسى بينهم 7 من أعضاء النقابة، و12 صحفياً من غير النقابيين.
وضمت القائمة “سبيع” مع كل من : كريم إبراهيم سيد أحمد، مصطفى أحمد عبد المحسن حسن الخطيب، حسين على أحمد كريم، بدر محمد بدر، محمود سعد كامل دياب، ياسر سيد أحمد أبو العلا، وحمدى مختار على (حمدى الزعيم)، توفيق عبد الواحد إبراهيم غانم، محمد سعيد فهمى، محمد أبو المعاطى، دنيا سمير فتحى، شريف عبد المحسن عبد المنعم محمد إبراهيم، مصطفى محمد سعد، عبد الله سمير محمد إبراهيم مبارك، مدحت رمضان على برغوث، أحمد خالد محمد الطوخى، أحمد أبوزيد الطنوبى، وكريم أحمد محمد عمر كريم الشاعر.

وفي وقت متزامن تقدم البلشي بطلبات للنيابة للسماح له، وعدد من أعضاء مجلس النقابة بزيارة الصحفيين المحبوسين فى سجون بدر 1، وبدر 3، والعاشر من رمضان، وشملت طلبات الزيارة “سبيع”، وآخرين، مؤكداً أهمية الإفراج عن كل الصحفيين وأصحاب الرأى المحبوسين، فيما تترقب ابنة “سبيع” خروجه من سجنه، ليصطحبها إلى المدرسة بعد كل هذه الطلبات.