هل خلت البنوك من الكفاءات فلجأت لـ “لعبة التدوير”؟

أثارت حركة التغييرات في البنوك الحكومية جدلًا كبيرًا، مع حركة التبادل التي تمت بين رئيسي بنكي الأهلي ومصر، والنص الواضح بالفصل بين مهام رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي.

لا يهتم الشارع المصري عادةً بتغييرات البنوك؛ ففي النهاية ما يهمهم هو تلقي الخدمة وجودة ماكينات الصراف الآلي وعدم الانتظار طويلًا في قاعات الانتظار لأداء خدمة في إدارة خدمة العملاء التي غالبًا ما تستغرق وقتًا طويلًا قد يربو إلى الساعة. ولكن القرار الأخير، الذي لم يتم إعلانه رسميًا إلى الآن، بدا غريبًا لمتابعيه، مع عملية تبديل الكراسي بين محمد الأتربي رئيس بنك مصر، الذي أصبح رئيسًا تنفيذيًا للبنك الأهلي، وهشام عكاشة رئيس البنك الأهلي، الذي نُقل رئيسًا تنفيذيًا لبنك مصر.

محمد الأتربي وهشام عكاشة (وكالات)
محمد الأتربي وهشام عكاشة (وكالات)

تولى الأتربي منصب رئيس بنك مصر منذ 9 سنوات، بينما تولى عكاشة رئاسة البنك الأهلي منذ عام 2013، أي قبل 11 عامًا.

بدأ الأتربي رحلة رئاسته لمجالس إدارة البنوك قبل 20 عامًا تقريبًا حين تولى في سبتمبر 2005 البنك العقاري المصري العربي كعضو ونائب رئيس مجلس الإدارة، وبعدها بأربع سنوات شغل منصب العضو المنتدب لبنك الاستثمار العربي، وفي 2013 شغل منصب الرئيس التنفيذي للبنك المصري الخليجي ثم رئاسة مجلس إدارة بنك مصر.

وبدأ هشام عكاشة عمله في البنك العربي المحدود ثم البنك المركزي المصري في أكتوبر 2007 كوكيل محافظ مساعد، وبعدها بعام واحد تولى منصب نائب رئيس مجلس الإدارة بالبنك الأهلي حتى 2013، حين تولى منصب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري.

اقرأ أيضًا: مصارف الخليج تترقب طروحات البنوك المصرية.. أصول رخيصة تدر أرباحًا مليارية

أرباح كبيرة لبنكي الأهلي ومصر

بحسب القوائم المالية، حقق البنك الأهلي أرباحًا بنهاية يونيو 2023 بقيمة بلغت 46.340 مليار جنيه، مقابل 30.278 مليار جنيه بنهاية النصف الأول من عام 2022، بارتفاع بقيمة تتجاوز الـ 16 مليار جنيه.

حقق البنك صافي أرباح بقيمة 24.744 مليار جنيه بنهاية النصف الأول من عام 2023، مقابل 14.103 مليار جنيه بنهاية النصف الأول من عام 2022، بجانب صافي دخل من العائد بقيمة 78.363 مليار جنيه بنهاية يونيو 2023، مقابل 45.883 مليار جنيه بنهاية يونيو 2022.

وتكشفت القوائم المالية المستقلة لبنك مصر عن تحقيق أرباح قبل ضرائب الدخل بقيمة 59.305 مليار جنيه في الأشهر التسعة الأولى من 2023، مقابل 27.781 مليار جنيه في الفترة ذاتها من عام 2022، بينما بلغ صافي الربح 39.240 مليار جنيه مقابل 17.701 مليار جنيه خلال الفترة المقارنة ذاتها، ولم يعلن البنك عن أرباحه خلال 2024 إلى الآن.

البنوك مليئة بالكفاءات فلماذا التدوير؟

مصدر مصرفي تواصلت معه “فكر تاني” – طلب عدم نشر اسمه – قال إن التبديل جاء مراعاةً لقانون البنك المركزي الذي نص على ألا تتجاوز فترة الرئيس التنفيذي للبنك 3 دورات متتالية، بإجمالي 9 سنوات كحد أقصى، ما يحتم مغادرتهما أو الانتقال إلى إدارة بنوك آخر.

وأضاف المصدر أن البنك المركزي يراعي تنفيذ القانون، لكنه في الوقت ذاته يراعي الاحتفاظ بكفاءات كبيرة نجحت في إدارة أكبر بنكين حكوميين في فترة شهدت ضغوطًا وأزمات في توفير العملة الصعبة.

مقرا البنك الأهلي وبنك مصر في منطقة وسط البلد (وكالات)
مقرا البنك الأهلي وبنك مصر في منطقة وسط البلد (وكالات)

في المقابل، رأى مصرفيون أن القرار يوحي بافتقار البنوك الحكومية للكفاءات، على غير الحقيقة.

وهؤلاء يدفعون بأسماء مثل يحيى أبو الفتوح نائب رئيس مجلس الإدارة في البنك الأهلي، والذي حقق سجلًا وظيفيًا كبيرًا منذ توليه مسؤولية ملف الديون الرديئة.

وقد رفض عدد من رؤساء البنوك التعليق على الحركة الأخيرة لكنهم أبدوا استغرابهم منها، خاصة في ظل جدل حول ترشيح محمد بركات المصرفي الكبير الذي أُحيل للمعاش ليكون رئيس مجلس إدارة غير تنفيذي للبنك الأهلي.

اقرأ أيضًا: كيف تربح البنوك من عمولات “صغار المودعين”؟

شخصية نسائية وحيدة في منصب قيادي

من بين الأسماء التي تردد اسمها بقوة في حركة البنوك الأخيرة، سهى التركي في منصب نائب الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي، وهي شخصية مصرفية قوية تعمل مديرة مالية لـ “البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير” منذ فبراير 2020 بمصر، وقبلها كانت مديرة مالية في كل من “بنك القاهرة” بين 2018 و2019، و”مصرف أبوظبي الإسلامي” بين 2016 و2018. كما سبق لها العمل في بنوك “باركليز مصر” و”سيتي بنك مصر” ومحللة مالية في “شركة بروكتر أند جامبل” بين 1994 و1996.

ربما تمتلك سهى تركي أكبر سجل تعليمي بين المرشحين في التعديلات الأخيرة، إذ حصلت على دبلوم دراسات عليا في الاستراتيجية المالية وتمويل الشركات عام 2014 من “جامعة أكسفورد” بالمملكة المتحدة، وعلى ماجستير عام 1998 في إدارة الأعمال من “الجامعة الأمريكية بالقاهرة”.

المنصب الوزاري الحاضر روتينيًا

كالمعتاد، لم تخلُ التغييرات البنكية من منصب وزاري سابق، حيث تم ترشيح أحمد عيسى، وزير السياحة السابق، ليتولى منصب نائب الرئيس التنفيذي لبنك مصر. و”عيسى” شخصية مصرفية سبق له أن تولى منصب الرئيس التنفيذي لقطاع التجزئة المصرفية بالبنك التجاري الدولي.

يرجح خبراء أن يكون الإعلان رسميًا عن حركة التغييرات البنكية بعد اجتماع البنك المركزي الخميس المقبل لحسم أسعار الفائدة. إذ تقول حنان رمسيس، الخبيرة الاقتصادية، إن البنك سيميل لتثبيت أسعار الفائدة، مضيفة أن التغييرات تأتي في ظل تطور أداء القطاع المصرفي، خاصة بعد تحول البنك المركزي من الخسائر إلى الأرباح للمرة الأولى منذ 7 سنوات.

وتضيف حنان رمسيس أن التغييرات المصرفية ربما ترتبط بوجود بعض نقاط القوة والضعف في إدارة البنوك التي سيتم استكمالها بالتغييرات، لكن في النهاية الأهم هو أداء البنوك في خدمة الاقتصاد الوطني، مع عودة السيولة الدولارية، والتحسن المرتقب في تصنيفاتها الائتمانية.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة