“ما سبب الاستعجال؟”.. غضب في “عبد الخالق ثروت” بسبب “قانون الإجراءات الجنائية”

اتهامات كثيرة لاحقت اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، بعد تمرير 335 مادة بمشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد في الفترة من (17 – 27 أغسطس)، بشكل يراه معارضون “سلق للقانون” عبر استعجال غير مبرر، وسط انتقادات واسعة انطلقت من “شارع عبد الخالق ثروت”، شارع الحريات، بالتحديد نقابتي المحامين والصحفيين، إلى جانب أصوات كثيرة في الوسط الحقوقي والمعارضة.

وأعرب مهتمون بصدور  قانون دستوري، يعزز ضمانات العدالة، في حديثهم لـ”فكر تاني” عن قلقهم مما وصفوه بـ”الاستعجال غير المبرر” للجنة التشريعية في تمرير مواد بعينها تشكل انتهاكًا للدستور، وتلغي الحقوق والحريات وأسس العدالة في القانون المقترح، ، ولا تفيد مصر حتى في المراجعة الدورية الشاملة أمام مجلس حقوق الإنسان الدولي في أكتوبر المقبل، في ظل ما يتردد عن رغبة السلطات المصرية الانتهاء من القانون قبل المراجعة الأممية، مشددين على أهمية بدء حوار مجتمعي حول القانون.

في المقابل، تواصل اللجنة التشريعية التي يسيطر عليها أحزاب الموالاة، اجتماعاتها، في مطلع سبتمبر المقبل، لنظر باقي المواد التي يبلغ إجمالي عددها  540 مادة، المعدة وفق نسخة اللجنة الفرعية التابعة لها، مع دعوة نقابة المحامين لـ”الاستئناس” برأيها وفق نص بيانات رسمية، بالتزامن مع حملة دعائية من منصات الموالاة، دُشنت في الساعات الأخيرة، للدفاع عن أداء اللجنة التشريعية وقانونها المقترح.

استعجال غير مبرر

أعلن الحقوقي نجاد البرعي، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، رفضه “الاستعجال” في مناقشة وإصدار القانون، وطالب مجلس النواب بالتريث.

وفي حديثه لـ”فكر تاني”، يصف البرعي ما يحدث في اللجنة التشريعية بمجلس النواب، بأنه “استعجال غير مبرر”.

الحقوقي نجاد البرعي
الحقوقي نجاد البرعي

يقول البرعي:” مشروع القانون الذي يجري تمريره، بعضه يطيح بالحقوق والحريات، وبعضه عبث بأسس مفترض أن يقوم عليها القانون، ويتم تمريره بسرعة غريبة، جعلتني لا أرغب أن أعيش هذه اللحظة، ومندهش مما يجري في المجلس”.

ويضيف أن مشروع القانون الذي تنظره اللجنة التشريعية، معد قبل عام وأكثر من لجنة فرعية، نسخت مواد كما هي من قانون الإجراءات الجنائية القديم دون الأخذ في الاعتبار التغييرات المجتمعية التي حدثت والأولويات القانونية المطلوبة والعوار القانوني الموجود فيه.

ويتساءل البرعي :” لماذا هذه السرعة الغريبة من اللجنة التشريعية في النظر في مواد القانون ؟ وأين الحوار المجتمعي حول القانون؟”.

ويحذر عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، من الربط بين توصيات الحوار الوطني بشأن الحبس الاحتياطي والعدالة الجنائية، والمناقشات التي تدور في اللجنة التشريعية، مؤكداً أن أي محاولة لاستخدام التوصيات في إضفاء ما وصفه بـ”الشرعية الزائفة” على المناقشات الحالية، غير معترف بها.

ويشدد البرعي على أن مجلس أمناء الحوار الوطني، قدم توصياته للقيادة السياسية، التي بدورها أحالتها للحكومة، لاتخاذ ما يلزم، ولكن، وفق حديثه، استخدام التوصيات في اللجنة التشريعية التي “تستعجل” إصدار القانون وتمرير مواد غير دستورية ومناهضة لحقوق الإنسان “إساءة للحوار الوطني”.

ضرورة الحوار المجتمعي

بدورها، ترى النائبة أميرة صابر عضوة مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، في حديثها لـ”فكر تاني” أن قانون الإجراءات الجنائية يمس قطاع كبير من المجتمع المصري، ما يستلزم إجراء حوار مجتمعي موسع عليه، خاصة مع اعتراضات نقابتي المحامين والصحفيين، ومطالبتهما بحوار مجتمعي، ووجود ملاحظات من بعض الأحزاب منها حزبها المصري الديمقراطي.

أميرة صابر
أميرة صابر

وتوضح النائبة أن مشروع القانون مر بمراحل عدة، داخل اللجنة التشريعية، قبل عام ويزيد، قامت بها اللجنة الفرعية بمشاركين آخرين، وهو ما تفسر به “التشريعية” تمريرها لمئات المراد في الأيام القليلة الماضية، بأنها من “صنعت” التعديلات”، وبالتالي- والحديث للنائبة- تمرر ما صنعته داخلها بشكل تلقائي.

وتثمن عضوة مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي الانتقادات المجتمعية التي تلاحق المشروع الحالي قبل إقراره من الجلسة العامة، مؤكدة أنه كلما كان النقاش مبكرًا كلما كان إجراء التعديل متاحة، قبل أن يصل إلى مراحل معقدة.

وتشير “أميرة” إلى أن بعض توصيات الحوار الوطني بشأن الحبس الاحتياطي والعدالة الجنائية، لها شق تنفيذي تنظر فيه الحكومة، وشق قانوني آخر يجب أن تنظر إليه اللجنة التشريعية بجانب باقي مطالب المجتمع من القانون الجديد، بحيث يخرج القانون بصورة إيجابية.

اقرأ أيضاً : “الإجراءات الجنائية” يصل “تشريعية النواب”.. ماذا عن توصيات الحوار الوطني؟

معركة للعدالة

من جانبه، يوضح النقابي والمحامي منتصر الزيات، عضو مجلس نقابة المحامين الأسبق في حديثه لـ”فكر تاني” أنه لا ينبغي أن تتذرع اللجنة التشريعية بمجلس النواب، بأنها عقدت جلسات على مدار 14 شهراً وعشرات الاجتماعات وساعات العمل، وحضور ممثل المحامين في الاجتماعات، حتى يتم تمرير قانون مناهض للعدالة.

منتصر الزيات
منتصر الزيات

ويضيف الزيات أن قصور ممثل المحامين، في تقديم تعديلات أو اعتراضات أو نصوص بديلة، على ما جرى أمام عينه، يتحمله مجلس إدارة النقابة، ولكن لا يُبنى عليه قبول بأي انتهاك أو بند تعسفي أو تغييب للعدالة، فيما طالب اللجنة التشريعية بالاستماع إلى مطالب نقابة المحامين وعدم تصعيد الأمور على نحو غير مرغوب.

ويصف الزيات، الوضع الراهن بأنه “بداية لمعركة لصالح العدالة، وليس معركة من أجل المحامين أو شخص”، موضحًا أن الضمانات القانونية والدستورية التي أهدرها مشروع القانون، رغم تكريس الدستور لها، يجب أن تعود بشكل أقوى لصالح احترام الدستور وحقوق المواطن قبل المحامي والعدالة.

ويتهم الزيات اللجنة التشريعية بأنها تهدر نضالًا قانونيًا استمر لعقود، من أجل رغبتها في تمرير سريع لنصوص مليئة ب”العوار القانوني وعدم الدستورية”، لتضع المواطن أمام “ثالوث القضاء والنيابة والشرطة”، دون حضور محاميه ودفاعه، وتسمح للنيابة أن تستوجب المتهم في غيبة دفاعه، وهو أمر غير مسبوق.

ويقول عضو مجلس نقابة المحامين الأسبق :” أستشعر قلقـًا، بل أنا في غاية الغضب مما يحدث، وأتوقع تصاعد للأمور على نحو مقلق، وأطالب بتدخل رئيس الجمهورية، فهو الحكم بين السلطات، لإعادة التوازن، والأمور إلى نصابها، وسماع صوت العدالة قبل نفاذ الوقت”.

برلمان لا يعبر عن الناخبين

من جانبه، يرى محمد عبدالسلام، المدير التتفيذي لمؤسسة حرية الفكر والتعبير، أن “البرلمان الحالي لا يعبر عن الناخبين، وجاء بطريقة غير ديمقراطية، وسوابق تعامله مع مشاريع القوانين المتصلة بحقوق الإنسان، تؤكد أنه لا يبالي بحقوق المواطنين”، موضحًا أن المجلس الذي يختاره الشعب، سيقرر ما يطلبه الشعب، وهو غير موجود حاليًا، وفق رأيه.

محمد عبد السلام
محمد عبد السلام

ويتفق عبد السلام في حديثه لـ”فكر تاني” مع الآراء التي تربط بين استعجال اللجنة التشريعية تمرير قانون الإجراءات الجنائية الجديد، وبين المراجعة الدورية الشاملة في الأمم المتحدة، المقررة في شهري أكتوبر ويناير، المقبلين.

ويدعو المدير التتفيذي لمؤسسة حرية الفكر والتعبير إلى حل جذري للأزمة الحقوقية، قائلاً :” أي مسئول يظن أن تمريره قانون الإجراءات الجنائية بسرعة من أجل أن يلحق بعرض التقرير الوطني أمام المراجعة الدورية، بما يحقق أي نتيجية إيجابية لمصر، فعليه أن يراجع نفسه جيدًا، فالمجتمع الحقوقي الدولي لا ينطلي عليه ذلك”.

ويضيف أن المجتمع الحقوقي الدولي يعرف جيدًا ما يحدث، في مصر، وينتظر من السلطات المصرية تحركات حقيقية في إطار إقرار الحقوق والحريات والإفراج عن سجناء الرأي وحل الأزمة الحقوقية غير المسبوقة التي تمر بها البلاد.

اقرأ أيضاً : حسام بهجت: السجن والتخويف منه ليسا أداة حكم آمنة.. والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان “ولدت ميتة” (حوار)

اعتراضات نقابة المحامين

بدورها، أطلقت نقابة المحامين على مدار اليومين الماضيين، سلسلة مواقف احتجاجية على مشروع القانون المقترح، وأصدرت بيانات عدة، أسفرت عن توجيه مجلس النواب خطاب رسمي إلى نقابة المحامين للمطالبة بمشاركة ممثلين من النقابة في نقاشات الأول من سبتمبر المقبل.

اجتماع نقابة المحامين لمواجهة مشروع اللجنة التشريعية - صحفة النقابة على فيس بوك
اجتماع نقابة المحامين لمواجهة مشروع اللجنة التشريعية – صحفة النقابة على فيس بوك

ووفق بيانات نقابة المحامين، فإن مشروع القانون المطروح لم يحظ  بالدراسة الكافية حتى يعبر عن الأهداف المتوخاة من التشريع، ولم يسبقه حوار فاعل وموسع فى المجتمع القانوني بمختلف طوائفه من القضاة والمحامين وأساتذة وفقهاء القانون ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان، بالإضافة إلى ما أثارته بعض نصوص المشروع من لغط وجدل كبيرين في الأوساط القانونية بسبب ما تضمنته بعض تلك النصوص من التوسع فى سلطات الضبط والتحقيق والمحاكمة على حساب حق الدفاع، والمساس بحقوق جوهرية للدفاع مقررة ومستقرة بموجب الدساتير والقوانين المتعاقبة والمواثيق الدولية.

بيان نقابة المحامين بتوقيع النقيب العام والنقباء الفرعيين ضد ما يحدث من اللجنة التشريعية بمجلس النواب - فيس بوك
بيان نقابة المحامين بتوقيع النقيب العام والنقباء الفرعيين ضد ما يحدث من اللجنة التشريعية بمجلس النواب – فيس بوك

وسجلت نقابة المحامين 11 اعتراضًا حتى الآن على مشروع القانون المقترح هم:

  • لم يورد المشروع أي تعديلات تخص التأكيد على كفالة حق الدفاع بالوكالة المقرر دستوريًا، واستمرار وجوب حضور المتهم بشخصه في بعض درجات التقاضي.
  • لم يورد المشروع أي تعديلات على النصوص التي تمنح لسلطة التحقيق حق إجراء التحقيق بغير حضور محام، والحق في حجب أوراق التحقيق عن المحامي، لدرجة حرمانه من الحصول على صور من الأوراق بذريعة الضرورة والاستعجال، وغيرها من الذرائع التي لا ضابط لها.
  • أعاد المشروع صياغة ذات النصوص التي تجيز لسلطة التحقيق ندب مأمور الضبط القضائي لمباشرة إجراءات التحقيق، ومنها استجواب المتهم في بعض الحالات
  • أعاد المشروع بحصر اللفظ ذات النصوص الخاصة بالطعن بالاستتئناف على أحكام الجنايات، في تجاهل تام للملاحظات التي سبق إبداؤها وما أسفر عنه الواقع العملي من ثبوت خطأ بعض هذه النصوص.
  • كرس المشروع ذات النصوص التي تقصر حق الطعن على الأحكام الجنائية على النيابة العامة، وحرمان المجني عليه والمدعي بالحق المدني من ذلك الحق.
  • ما استحدثه المشروع من حق لمحكمة الجنايات بدرجتيها من إقامة الدعوى الجنائية على كل فعل يقع خارج الجلسة، وترى المحكمة – في تقديرها – أن من شأنه الإخلال بأوامرها أو بالاحترام الواجب لها أو التأثير في قضاتها أو في الشهود دون تحديد نطاق محدد لمكان وزمان ارتكاب الجريمة ما يوسع من اختصاص المحكمة بالمخالفة لأصول المحاكمات الجنائية.
  • تكريس الإخلال بحقوق الدفاع في عدد من المواد بإلغاء حق المحامي في إبداء ما يعن له من دفوع أو طلبات أو ملاحظات بمحضر التحقيق على النحو المقرر بالمادة 124 من القانون الحالي، وجاء المشروع ليمنح الحق لعضو النيابة بمنع المحامي من الكلام في صياغة أقل ما توصف به أنها تفتقر للذوق التشريعي.
  • وتمثل مساسًا بقيمة رسالة المحاماة وتنطوي على مساس بحقوق الدفاع لجعل ذلك رهينا بالإذن من قبل عضو النيابة العامة القائم على التحقيق.
  • ما تضمنه المشروع من إساءة معنوية لرسالة المحاماة فيما نص عليه من إجراءات خاصة تتخذ ضد المحامي في جرائم الجلسات، فضلا عن عدم انضباط وفساد صياغته بما قد يقود إلى إعاقة عمل المحامي بذريعة الإخلال بنظام الجلسة.
  • ما استحدثه المشروع من نص يسمح بإخفاء شخصية الشاهد وبياناته بما يتنافى مع اعتبارات العدالة، بالاعتماد على شهادة شخص مجهل ويصدر الحكم متساندًا عليه بوصفه دليلًا في الدعوى.
  • ما استحدثه المشروع من اعتبار الأحكام الصادرة غيابيًا في الجنح في حق المتهم حضورية، على سند من إعلان المتهم بوسائل الاتصال الحديثة، وبما لا يتناسب مع الواقع العملي وما يحدث من تلاعب فى إعلان المتهم لحرمانه من العلم بتاريخ الجلسة.

وقرر مجلس النقابة العامة للمحامين إعداد مذكرة تفصيلية عاجلة بالنصوص المعترض عليها مقارنة بنصوص القانون الحالي، وما شابها من مخالفات دستورية، والمقترحات البديلة بشأن التعديل والحذف والإضافة، على أن تسلم المذكرة رسميًا إلى  رئيس مجلس النواب، ورئيس لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، ومطالبة مجلس النواب بعرض مشروع القانون على مجلس الشيوخ لمزيد من المناقشة وفقًا لما أجازه له الدستور والقانون في هذا الشأن.

ودعت النقابة إلى فتح كافة قنوات التواصل مع كافة الجهات المعنية لعمل اللازم نحو إعادة مشروع القانون لاستكمال دراسته الواقعية والتشريعية والحوار القانوني المجتمعي بشأنها، واعتبار مجلس النقابة العامة والنقباء الفرعيين في حالة انعقاد دائم لمتابعة الموقف واتخاذ ما يلزم من إجراءات وقرارات في ضوء ما سيجري من اتصالات ومشاورات بشأن المذكرة التي سيجري رفعها.

“الصحفيين” تنضم لمواجهة مقترح القانون

“إن أهمية قانون الإجراءات الجنائية تكمن في أنه العمود الرئيسي لمنظومة العدالة ودستورها.. فضلاً عن أنه سيظل أحد أركان حماية وصون حقوق وحريات الأفراد والمجتمعات في جميع مراحل التقاضي، وأي خلل يناله سيقوض أعمدة هذه المنظومة وسيتسبب في النيل من ثقة المواطنين في نظام العدالة. وهو ما يقتضي منا جميعًا أن يتم طرحه لنقاش جاد وتفصيلي تشارك فيه جميع الأطراف والمؤسسات المعنية”، بهذه الكلمات، حذر الكاتب الصحفي خالد البلشي نقيب الصحفيين، من مغبة تمرير اللجنة التشريعية لقانون الإجراءات الجنائية الجديد، بمقترحه الراهن.

وقاد البلشي تحركات نقابة الصحفيين على خط المواجهة، وأرسل خطابًا رسمياً تضامنيًا الثلاثاء 27 أغسطس الجاري، إلى نقيب المحامين بشأن التضامن مع محامي مصر في مواجهة مشروع القانون “المعيب”، مؤكداً أهمية العمل المشترك لخروج القانون بشكل يصون حقوق المجتمع والأفراد، ويكفل حريتهم فى إجراءات تقاضي عادلةً، وكذلك حقوق الصحفيين فى ممارسة عملهم، خاصة وأن القانون يعد العمود الرئيسي لمنظومة العدالة ودستورها، ونصوصه هى نصوص مكملة للدستور.

خطاب البلشي إلى علام لاعلان الدعم والمناصرة - فيس بوك
خطاب البلشي إلى علام لاعلان الدعم والمناصرة – فيس بوك

وطالبت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين في بيان لها بضرورة “التمهل في مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجارية حاليًا في لجنة الشئون التشريعية بمجلس النواب، بطريقة تثير الكثير من علامات الاستفهام، وبما لا يتناسب مع تطلعات كل مكونات المجتمع المصري في تعديل قانون يعد ركيزة أساسية في النظام القضائي المصري”.

محمود كامل رئيس لجنة الحريات
محمود كامل رئيس لجنة الحريات

وأكدت اللجنة في بيانها، ضرورة إجراء حوار مجتمعي موسع حول القانون الجديد، يتضمن مناقشات مع جميع المؤسسات والهيئات ذات الصلة، حتى لا يخرج القانون مفرغًا من مضمونه، ولا يعبر عن إرادة حقيقية في صون حقوق وحريات المجتمع والأفراد، بما يتوافق مع النصوص الدستورية.

وحذرت اللجنة من المادة (267) من مشروع القانون، وتطالب بتعديلها، وإعادة النظر في نصوصها والتي تقول: (لا يجوز نشر أخبار، أو معلومات، أو إدارة حوارات، أو مناقشات عن وقائع الجلسات، أو ما دار بها على نحو غير أمين، أو على نحو من شأنه التأثير على حُسن سير العدالة.

ويحظر تناول أي بيانات، أو معلومات تتعلق بالقضاة، أو أعضاء النيابة العامة، أو الشهود، أو المتهمين عند نظر المحكمة لأي من الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب الصادر بالقانون رقم (94) لسنة 2015م.

ويعاقب كل مَن يخالف أحكام هذه المادة بالعقوبة المنصوص عليها في المادة (186) مكرر من قانون العقوبات).

وأوضحت اللجنة أن هذا النص يعد تقويضًا للعمل الصحفي، وتقييدًا لرسالة الصحفيين في تنوير المجتمع ونقل الحقائق، بالإضافة لتضمينها عبارات مطاطة قابلة للتأويل بما يتنافى مع النصوص الدستورية، حفاظًا على حق الصحفي في ممارسة عمله، وحق المجتمع في المعرفة.

ودعت لجنة الحريات إلى ضرورة إعادة النظر في  المواد المتعلقة بالحبس الاحتياطي في مشروع القانون، وتطالب بتخفيض مدده إلى 3 أشهر في الجنح، و6 أشهر في الجنايات، مع ضرورة وجود مواد تمنع تكرار الحبس بنفس الاتهامات على أكثر من قضية، بحيث لا يجوز حبس المتهم في قضية أخرى بُني الاتهام فيها على نفس الوقائع والأدلة المقدمة في القضية، التي استنفدت مدد الحبس الاحتياطي المقررة لها، أو فترات الاتهامات.

المادة 267 .. غير دستورية

في المقابل حاول البعض تبرير تمرير المادة 267 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد والتي أعلنت نقابة الصحفيين رفضها لها في بيان لجنة الحريات، واعتبرت نصها تقويضًا للعمل الصحفي، وتقييدًا لرسالة الصحفيين في تنوير المجتمع ونقل الحقائق، بأن نصها يماثل نص المادة 186 مكرر من قانون العقوبات، وهو تبرير قد يراه البعض حاسما، باعتبار أن الاعتراض في هذه الحالة غير مبرر، فالمادة لم تقدم جديدًا حسب ما يتم ترويجه.

خالد البلشي - تصوير محمد الراعي
خالد البلشي – تصوير محمد الراعي

ورد البلشي، في بيان جديد، مؤكداً أنه في أي قراءة دقيقة لنص المادتين ستكشف مجموعة من الحقائق التي تؤكد أن المادتين تأتيان في سياق التضييق على العمل الصحفي وتقييد حرية الصحفيين، بل إن المادة الجديدة تأتي وكأنها استكمال لمهمة أسست لها المادة السابقة، خاصة أن مراجعة بسيطة ستكشف أن مادة قانون العقوبات، مادة مستحدثة تم صياغتها وإقرارها قبل 3 سنوات وفي ظروف أجمع كل الأطراف على أنها إستثنائية.

وأضاف نقيب الصحفيين:” أنه بمراجعة تاريخ إقرار المادة 186 مكرر من قانون العقوبات سنجد أنها صدرت في 23 يونيو 2021 وفي وقت اعترفت الحكومة نفسها بأنه كان امتداد لوضع استثنائي وظروف استثنائية، انتهت بالدعوة للحوار الوطني في مارس 2022، وهو ما دفع الرافضون لإقرار هذه المادة لاعتبارها بمثابة حجب للمعلومات ومصادرة للحق في المعرفة مشددين على أن نص المادة يقيد ويحد ويخالف نص المادة 187 من الدستور الصريح بعلانية المحاكم، التي أتاحها المشرع للكافة دون إذن من رئيس المحكمة أو النيابة العامة. حيث جاء النص الدستوري الصريح ليؤكد على أن “جلسات المحاكم علنية، إلا إذا قررت المحكمة سريتها مراعاة للنظام العام، أو الآداب، وفى جميع الأحوال يكون النطق بالحكم في جلسة علنية”.

وقال البلشي:” هكذا وبينما يتم الحديث عن نهاية هذا الوضع الاستثنائي وإقرار قوانين وتعديلات جديدة للخروج منه، مثل مناقشة إقرار قانون لحرية تداول المعلومات وتعديل القوانين المنظمة للصحافة والإعلام ضمن مطالبات توسيع مساحات التغطية الصحفية والإعلامية وتحريرها، جاء نص المادة 267 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية بمثابة استكمال لمهمة تقييد حرية النشر بدأتها تعديلات قانون العقوبات عام 2021 ليخرج إطار التجريم عن حدود نقل الجلسات ونشرها إلى العمل الصحفي خارجها سواء في شكل حوارات أو مناقشات تتعلق بها، طبقا لنص المادة المستحدثة ليمتد إطار التجريم إلى مجمل العمل الصحفي المتعلق بالمحاكمات خاصة وأن التجريم هنا استند إلى عبارات مطاطة، لا يجوز قياسها، وهو ما جاء النصف الثاني من المادة ليكرسه بالكامل، في مخالفة صريحة لنصوص الدستور عن حرية العمل الصحفي وعلانية المحاكمات.

وجدد نقيب الصحفيين الدعوة لإعادة النظر في مشروع القانون بشكل عام وفي المواد المتعلقة بالحبس الاحتياطي به، وتخفيض مدده إلى 3 أشهر في الجنح، و6 أشهر في الجنايات، مع ضرورة وجود مواد تمنع تكرار الحبس بنفس الاتهامات على أكثر من قضية، بحيث لا يجوز حبس المتهم في قضية أخرى بُني الاتهام فيها على نفس الوقائع والأدلة المقدمة في القضية، التي استنفدت مدد الحبس الاحتياطي المقررة لها، أو فترات الاتهامات.

اقرأ أيضاً : خالد البلشي: كلنا سجناء لحظة “يناير”.. ومن الخطورة انحياز الصحفيين للسلطة وقت معاناة الناس (حوار)

تضامن مع نقابتي المحامين والصحفيين

من جانبها، أعلنت كتلة الحوار برئاسة باسل عادل، المقربة من بعض دوائر صنع القرار، مساندتها لنقابتي المحامين والصحفيين، ودعت مجلس النواب إلى عقد حوار و نقاش مجتمعي موسع حول مشروع القانون.

باسل عادل
باسل عادل

وقررت الكتلة تشكيل لجنة قانونية لدراسة قانون الإجراءات الجنائية، مؤكدة أهمية أن تنتهج فلسفة القانون احترام الحريات العامة بالدستور و تفعيل التوازن بين حرية المواطنين و مقتضيات حماية المجتمع.

وأكدت الكتلة انحيازها للتخفف من إجراءات الحبس الاحتياطي كليًا وليس فقط تقليص مدده، مشيرة إلى أنها تعمل بحكمة و حرص علي سلامة المجتمع مع كل المؤسسات المعنية في الدولة كما النقابات الحرة المنتخبة و تأمل الوصول لتشريع يحظى بالرضا العام و الشرعية الشعبية، وفق بيان لها.

 اللجنة التشريعية تدافع عن نفسها

من جانبهم، دافع مسئولون ونواب عن أحزاب الموالاة عن أعمال اللجنة التشريعية والدستورية ومشروع قانونها، مؤكدين أهمية إعطاء اللجنة مزيدًا من الوقت لأداء عملها.

جانب من اجتماع اللجنة التشريعية - حساب النائب طارق رضوان على فيس بوك
جانب من اجتماع اللجنة التشريعية – حساب النائب طارق رضوان على فيس بوك

وأكد المستشار محمود فوزي وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي في تصريحات صحفية “أنه لم يتم المصادرة على رأي أحد في اللجنة، مشددًا على أن نية الانفتاح موجودة على الجميع وعند الاختلاف لا يحكمنا في هذا إلا الولاية الدستورية للنواب في إصدار التشريع.

وأوضح محمد عبدالعليم كفافي المستشار القانوني لرئيس المجلس ومقرر اللجنة الفرعية، أن مجلس النواب مؤتمن على سلطة التشريع ويستمع دائمًا إلى جميع الآراء والمقترحات ولن يلتفت لأية محاولات تستهدف عرقلة إقرار مشروع القانون الجديد.

وأشار كفافي إلى أن مشروعهم “يصون حقوق وحريات المواطنين التي كفلها الدستور لاسيما وأن اللجنة الفرعية التي صاغت مشروع القانون كان ممثلاً بها جميع الوزارات والجهات ذات الصلة به” وفق تأكيده، وهو ما ينفيه معارضون لأداء اللجنة في بيانات متواترة.

من جانبه، أكد النائب طارق رضوان رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب حرص المجلس علي تمثيل كافة الجهات خلال مناقشة مشروع قانون الاجراءات الجنائية الجديد، مما يؤكد وجود حسن النية وعدم انفراد المجلس النيابي بمشروع القانون.

وقال رضوان في بيان: “نحن لا ننفرد بمشروع القانون و لا نغض البصر عن جهات أو نقابات يعنيها القانون، ونرجو منحنا الفرصة لإخراج القانون إلى النور”، متسائلا: “لماذا نرى التسارع الشديد في إصدار البيانات حول القانون، ونرى البعض يتباري فى إصدار بيانات دون علم وإذا كان بعلم فهذا ابتلاء، فنحن مشرعون منتخبون من الشعب وإذا لم نمنح الفرصة للقيام بدورنا فملوش لازمة بقى”، وفق تعبيره.

طارق رضوان
طارق رضوان

وأوضح رضوان أن مناقشات مشروع قانون الإجراءات الجنائية بدأت بعدما قامت الحكومة بإحالة مشروع قانون الإجراءات الجنائية في 2 ديسمبر 2017 وتجددت الإحالة في 14 يناير 2021، وفي 2 أكتوبر أحيل إلى لجنة الشؤون التشريعية التي شكلت لجنة فرعية في ديسمبر 2022 لصياغة مشروع قانون جديد، والذي تنظره اللجنة التشريعية حاليًا.

إشكاليات اللجنة الفرعية

الأزمة، بحسب مراقبين، بدأت بالأساس في مشروع اللجنة البرلمانية الفرعية التابعة للجنة التشريعية، المكلفة  بإعداد وصياغة قانون الإجراءات الجنائية الجديد، والذي تسلمته لجنة الشئون الدستورية والتشريعية في 17 أغسطس الجاري، لمناقشته، وتمريره قبل عرضه على المجلس في جلساته العامة.

وكان النائب محمد عبد العزيز عضو اللجنة الفرعية، أعلن في مارس الماضي، انتهاء أعمال اللجنة الفرعية لدراسة وصياغة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، ولاحقه حينها انتقاد البعض، واعتبروا “التعديل لا قيمة له ووُلد ميتًا”.

وضمت اللجنة الفرعية، التي تسيطر عليها أحزاب الموالاة، أعضاءً من لجان الشئون الدستورية والتشريعية، والدفاع والأمن القومي، وحقوق الإنسان بمجلس النواب، كما ضمت ممثلين عن مجلس الشيوخ، وممثلين عن الوزارات والجهات ذات الصلة بمشروع القانون، وكذا عن المجلس القومي لحقوق الإنسان، ونقابة المحامين، وشملت عضويتها أيضا أعضاء من هيئة التدريس بكليات الحقوق، ومحامين متخصصين في القضايا الجنائية.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة