انتهاء عصر الـ 25 قرشًا.. عمال السياحة يفوزون بمقابل الخدمة بعد 4 عقود "نضال"

على مدار أربعة عقود، ظل توزيع حصيلة مقابل الخدمة في المنشآت الفندقية والسياحية مشكلة مثيرة للجدل، ما بين اعتبارها حقًا كاملًا للعاملين عليها من عمال النظافة والتقديم والطهي، والدفع بأنها حق جزئي يقتضي مشاركة جهة العمل في الحصول على حصة منها تعويضًا لما يتلفه العاملون من أدوات إنتاج قابلة للكسر كالأطباق وغيرها.

أنهت المحكمة الدستورية العليا هذا الجدل الذي يعود لبداية الثمانينيات أخيرًا بحكم قضائي يقضي بتوزيع تلك الحصيلة بنسبة 100% على العاملين بالمنشأة، ليتبعه قرار وزير العمل بالتنفيذ وإلغاء كل القرارات السابقة التي تخالف الحكم أو تتعارض مع أحكامه، لتكلل جهود 5 موظفين بالقطاع السياحي، رفعوا الدعوى القضائية بالنجاح بعد عقود من الانتظار.

أثار القرار ارتياحًا بين العاملين في قطاع طالما عانى على مدار السنوات العشرين الأخيرة من تداعيات الأحداث السياسية والاقتصادية والأمنية بداية من ثورة 25 يناير  2011 وما تبعها من انفلات أمني ثم حادث سقوط الطائرة الروسية في سيناء أكتوبر 2015، وجائحة كورونا التي شهت توقف حركة الطيران في العالم وقلصت الطلب على تناول الطعام بالخارج.

حق تأخر كثيرًا

حمدي عز رئيس النقابة المهنية المستقلة للسياحيين
حمدي عز رئيس النقابة المهنية المستقلة للسياحيين

يصف حمدي عز، رئيس النقابة المهنية المستقلة للسياحيين، الحكم ثم التزام وزير العمل محمد جبران بتنفيذه، بأنه "انتصار لحق من حقوق العاملين في القطاع السياحي تأخر كثيرًا، فحصيلة مقابل الخدمة التي تعادل 12% يتم تحصيلها على كل فاتورة تصدر في الفنادق والكافيهات والكافيتريات والمطاعم وغيرها من المنشآت التابعة للقطاع الفندقي، يتحصل عليها صاحب المنشأة وهو المتصرف فيها بالمخالفة للقرارات التي صدرت بشأن توزيعها.

يشير "عز" إلى أزمات تلك الحصيلة التي بدأت بقرار 137 لسنة 1981 ثم القرار (22) لسنة 1984 الذي شمل توزيع حصيلة مقابل الخدمة بين 80% للعمال كمرتبات وحوافز، و20% للهالك والكسر والفاقد، قبل أن يأتي القرار (125) لسنة 2003 الّذي أبقى على 20% للهالك والكسر والفقد، لكن غير توزيع النسبة الـ 80% المتبقية ليتم توزيعها بين 5% للإدارة تحت بند مكافآت وحوافز، و15% كحوافز ومكافآت للعمال غير المتصلين بالعملاء و60% للعمال المتصلين.

يُقصد بالعمال المتصلين في المنشآت السياحية عدة وظائف هي: المتر دوتيل والجرسون والسفرجي ومساعده والبارمان ومساعده وصراف العملاء، أما العملاء المتصلين في الفنادق فيُقصد بهم جميع العمال عدا: المدير العام، ونائب المدير العام، والمدير المقيم ، ومديرو الإدارات ونوابهم ومديرو الأغذية والمشروبات والعاملين بوظائف أقسام الأمن والغسيل والكي والأمن والمشتريات وحسابات عدا (صرافي المطاعم والمشروبات والملهي الليلي وخزينة محاسبة العملاء)، وشؤون العاملين ومراقبة الأغذية والمشروبات ومخازن الأغذية والمشروبات والسكرتارية.

وقد خدمت التقسيمة السابقة العمال غير المتصلين بالعملاء الذين يحصلون على رواتب ثابتة بالإضافة إلى نسبة الـ 15% حوافز، أما العمال المتصلين بالعملاء ومقدمي الخدمة بشكل مباشر فكانوا يحصلون على رواتبهم من نسبة الـ 60% من حصيلة عمولة الخدمة، وحال وجود مبالغ متبقية يتم توزيعها عليهم كحوافز وإذا لم يتبق لا يحصلون على حوافز أو مكافآت.

العمال المتصلون هم الذين يتعاملون مباشر مع العميل في المنشأة السياحية (الصور ة - وكالات)
العمال المتصلون هم الذين يتعاملون مباشر مع العميل في المنشأة السياحية (الصور ة - وكالات)

25 قرشًا.. نصيبك من الخدمة

بحسب استطلاع أجراه رئيس النقابة المهنية المستقلة للسياحيين بين العاملين، فإن نصيب الواحد منهم من حصيلة مقابل الخدمة كان لا يتجاوز 25 قرشًا عن كل عميل يتعامل معه، وفي نهاية الشهر يحصل على مبلغ هزيل لا يتعدى مئات الجنيهات لا تساعده على تحسين دخله في ظل مرتبات متدنية تصل في متوسطها إلى 500 جنيه شهريًا.

يشير حاكم يحيى، نائب رئيس ائتلاف العاملين بالقطاع السياحي والرئيس السابق للجنة النقابية للعاملين بفندق شيراتون القاهرة، إلى أن بداية النضال للحصول على هذا الحق كان في منتصف التسعينيات عندما تقدم رسن تادرس سيفين، ورفعت إسطفان سرجوس، وزاهية كامل شحاته، وزكريا إسكندر جرجس، وزينب محمد صالح بإقامة دعوى قضائية أمام محكمة أسوان الجزئية في 6 من أغسطس عام 1998.

ويضيف أن الدعوى كانت ضد كل من وزير القوى العاملة ورئيس مجلس الوزارء، ورئيس مجلس إدارة الشركة الدولية لعربات النوم (مصر للسياحة)، ورئيس مجلس إدارة شركة أكور للفنادق، وطالبت بالحكم بعدم دستورية نص المادتين (1/ ب) و(5) من قرار وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب رقم 22 لسنة 1984 بشأن توزيع حصيلة مقابل الخدمة في المنشآت الفندقية والسياحية.

وفي أعقاب ثورة 25 يناير، تكوّن ائتلاف العاملين بالسياحة والفنادق، والذي طالب بضرورة إقرار أجر محدد للعمال المتصلين بالعملاء أسوة بزملائهم غير المتصلين، إلى أن توصلوا لعقد اتفاقية عمل جماعية في العام 2013، بحضور وزيري القوى العاملة والسياحة والنقابة العامة للسياحة وممثلي الائتلاف.

أصحاب العمل لم يلتزموا بالقرارات السابقة

عبد المنعم الجمل القائم بأعمال رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر
عبد المنعم الجمل القائم بأعمال رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر

نصت الاتفاقية على إلغاء التقسيم بين العاملين بالقطاع (متصل وغير متصل) على أن يحصل جميعهم على أجورهم من التشغيل بشكل متساويٍ، ويتم توزيع حصيلة الخدمة بنسبة 85% للعاملين كلًا على أساس مرتبه، وتم الاتفاق على صرف النسبة بواقع صرف كل ستة أشهر، بداية من صرف 60% إلى 70% وصولًا إلى 85% من نسبة الحصيلة، لكن المشكلة بحسب "يحيي" كانت في عدم التزام أصحاب الأعمال بتلك الاتفاقية، ما حال دون تنفيذها.

يقول "يحيى" إن الجهود المبذولة من النقابة العامة للعاملين بالسياحة وائتلاف العاملين بالقطاع السياحي والمهتمين بهذا الشأن أدى إلى صدور القرار أخيرًا، وبعد 40 عامًا تنتصر المحكمة لمطالب العمال الخمسة الذين رفعوا الدعوى القضائية نيابة عن زملائهم في القطاع، والذين من غير المعروف إذا كانوا يعملون أم خرجوا على سن المعاش.

ويرحب عبد المنعم الجمل، القائم بأعمال رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، بالقرار معربًا عن حرصه على فتح حوار مع أصحاب الأعمال للاتفاق على آلية تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية، وذلك بالتنسيق مع الوزارات المعنية.

لكن حاكم يحيى يقول إن هناك قدر من القلق لدى العاملين في المجال بسبب عدم إضافة اسم النقابة العامة للعاملين بالسياحة والفنادق إلى نص القرار باعتبارها الشخصية الاعتبارية التي تتفاوض باسم العاملين في القطاع السياحي وعدم تواجد اسمها باعتبارها جهة ذات صلة هو أمر غير مريح، حد وصفه.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة