مازال سامح زكريا العامل في هيئة الإسعاف المصرية، قيد الحبس الاحتياطي منذ أكثر من عامين، بالرغم من تدهور الحالة الصحية له ومناشدات زوجته ووالدته، بالإفراج عنه، خاصة أنه تخطى مدة الحبس الاحتياطي التي أقرها قانون الإجراءات الجنائية المقررة بعامين.
تصاعدت في الساعات الأخيرة، مطالبات للنائب العام بأن يتخذ الإجراءات الكفيلة بالإفراج عن كل من تجاوزت مدة حبسهم الحد الأقصى المقرر بعامين، للحبس الاحتياطي، وكبار السن والمرضى والنساء، لحين إصدار مجلس النواب التشريع الجديد.
جاء ذلك بعد إحالة رئيس الجمهورية توصيات الحوار الوطني حول الحبس الاحتياطي والعدالة الجنائية إلى مجلس الوزراء لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل التوصيات المتوافق عليها.
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في بيان أمس أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، والحفاظ على طبيعة الحبس الاحتياطي كإجراء وقائي تستلزمه ضرورة التحقيق، دون أن يتحول لعقوبة، مع تفعيل تطبيقات بدائل الحبس الاحتياطي المختلفة، وأهمية التعويض المادي والأدبي وجبر الضرر، لمن يتعرض لحبس احتياطي خاطئ.
حبس مخالف للقانون
وألقت الجهات الأمنية القبض على زكريا في 22 أغسطس 2022، ليختفي بعدها أربعة أشهر، قبل أن يظهر للمرة الأولى في 21 ديسمبر من العام نفسه.
وبعد انتهاء التحقيق وجهت له النيابة تهم الانضمام لجماعة محظورة وتمويلها، ليتم تجديد حبسه على ذمة القضية رقم 2412 لسنة 2022 حصر أمن دولة.
ونظرت غرفة المشورة بمحكمة جنايات أمن الدولة، المنعقدة بسجن بدر، يوم 9 يوليو الماضي، تجديد حبس سامح، 45 يومًا على ذمة القضية رقم 2412 لسنة 2022، بحسب دار الخدمات النقابية والعمالية، لتستمر معاناته، مع استمرار حبسه خارج إطار القانون بعد تخطيه مدة العامين.
هل يفقد سامح زكريا السمع في السجن؟
يعاني سامح من مرض نادر منذ طفولته وهو مرض تسوس عظام الأذن (العظام الحاجزة للمخ) والذي تسبب في حدوث تمزق تام بطبلة أذنه اليمنى ثم ارتشاح في أذنه اليسرى، ليتم تركيب أنبوب تهوية لوقايتها من العدوى.
وقد أكد طبيب السجن، حسب بيان نشرته دار الخدمات النقابية والعمالية في مايو الماضي، أن ذلك الأنبوب قد تحرك من مكانه مسببًا تمزق في طبلة الأذن اليسرى وأصبح يهدد سامح بفقدان حاسة السمع بالكامل إذا لم يتم تعديل وضعه بشكل عاجل وهو ما يحتاج لعرضه على مستشفى متخصصة في جراحات الأنف والأذن وهو ما لا يتوفر داخل السجن.
قبل حبسه، تعرض زكريا لخلل في توازنه ما أدى لسقوطه وحدوث قطع جزئي في غضروف الركبة، وتطور القطع الجزئي لكلي بسبب ظروف الحبس.
بدورهم تقدم محامو دار الخدمات النقابية والعمالية بطلب لهيئة المحكمة بتحويل زكريا إلى مستشفى خارجية لتعديل وضع أنبوب التهوية المثبت بأذنه، والذي تحرك من مكانه بسبب ظروف الحبس. الأمر الذي لم تستجب له المحكمة ولا إدارة السجن، حتى الآن.
كما تقدمت أسرته بالعديد من المناشدات للمسؤلين ورئيس الجمهورية للإفراج عن عائلهم الوحيد، دون استجابة أيضًا حتى الآن.
يعتبر زكريا هو العائل الوحيد لأسرة مكونة من ثلاثة أطفال، لم يتخط عمر أكبرهم 10 سنوات على الأكثر، وزوجة وأم مسنة تخطى عمرها الثمانين عام.
اقرأ أيضاً : الحوار الوطني يبدأ “اختبار” الحبس الاحتياطي.. ودعوة لتفعيل مبادرة أسر السجناء
عامل إسعاف مجتهد
سامح زكريا عامل في مرفق الإسعاف المصرية، اجتهد في عمله كثيرًا، بحسب عائلته وأصدقائه، للدرجة التي أهلته لاختياره ضمن فرق الارتكاز بهيئة الإسعاف، وهى الفرق المنوط بها حضور المؤتمرات الدولية وتأمين كبار المسئولين بالدولة.
تؤكد أسرته في معرض الدفاع عنه، أنه لا يتم اختيار أحد ضمن أفراد هذه الفرق إلا بعد إجراء بحث أمني دقيق للتأكد من أن هذا الشخص ليس له أى سوابق أو أنشطة مخالفة للقانون.
وبالرغم من ذلك فوجئت أسرته بالقبض عليه من منزله، ليختفي بعدها أربعة أشهر لا يعرف أحد عنه شيئا، قبل أن يظهر للمرة الأولى في 21 ديسمبر 2022، ليتم تجديد حبسه على ذمة القضية رقم 2412 لسنه 2022 حصر أمن دولة حيث وجهت له النيابة تهم الانضمام لجماعة محظورة وتمويلها. ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن، توالت جلسات تجديد حبسه احتياطيا دون إطلاق سراحه أو تقديمه للمحاكمة، لتسوء حالته الصحية يوما بعد يوم، داخل السجن، وفق حقوقيين.
وتنتقد منظمات حقوقية مستقلة في بيانات متواترة، وجود الآلاف من المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا دون أدلة اتهام واضحة، يقبعون خلف أسوار السجون في انتظار حريتهم، من أجل أسرهم، الذين يعانون بسبب تغييب عائلهم الوحيد في ظل الحديث عن اهتمام الدولة مؤخرًا بسجناء الرأي ودمجهم في المجتمع.
وناشدت أسرة سامح زكريا أكثر من مرة في وقت سابق كل من يستطيع إنقاذ ابنهم وتقديم الرعاية الصحية له داخل السجن، والإسراع في إجراءات الإفراج عنه.
وتطالب أكثر من منظمة حقوقية مستقلة السلطات المصرية بالتوقف عما أسموه ” استهداف الناشطين والمدافعين عن حقوق العمال، وإتاحة المجال المدني الآمن الذي يمكنهم من القيام بأعمالهم الحقوقية والعمالية السلمية والمشروعة”، فيما تؤكد الحكومة المصرية عادة حمايتها لحقوق العمال.