حق الترشح والانتخاب، لم تحصل عليه نساء مصر، بسهولة، أو كما يقال “على طبق من ذهب”، ولكن انتزعته بعد معارك خاضتها رائدات العمل الوطني في مصر منذ ستينيات القرن الماضي، ونتيجة معركة حقوقية وسياسية لا تتوقف من التيارات المستنيرة.
حاليًا، تشهد الساحة السياسية في مصر استعدادات مكثفة للانتخابات البرلمانية القادمة، حيث يتمنى البعض أن تلعب النساء دورًا محوريًا في هذه العملية؛ تعزيزًا للتوازن الجندري، وضمانًا لتوسيع مشاركة المرأة في البرلمان المصري، وهي مشاركة تأخرت عقودًا قبل أن تأتي بشكل محدود في إطار كوتة برلمانية، في مواجهة ثقافة مجتمعية لا تفضل المرأة مسؤولة، وتهمش دورها، وفق ما يرى البعض.
ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية القادمة، تبرز العديد من التحديات والفرص أمام النساء، وتتنوع هذه التحديات بين الحاجة إلى زيادة الوعي السياسي لدى الناخبات والناخبين، وصولًا إلى ضمان إجراء انتخابات نزيهة وشفافة تتيح للمرأة التعبير عن صوتها بحرية من جهة أخرى، وفق حديث قيادات نسائية وبرلمانية بارزة لمنصة “فكر تاني”.
المصريات والبرلمان
درية شفيق (14 ديسمبر 1908 – 20 سبتمبر 1975) من رواد حركة تحرير المرأة في مصر في النصف الأول من القرن العشرين وينسب لها الفضل في حصول المرأة المصرية على حق الانتخاب والترشح في دستور مصر عام 1956.
من درية شفيق حتى اليوم، حصلت المرأة داخل البرلمان على كوتة 25% مخصصة لها بموجب المادة (102) من الدستور الحالي.
ووفقًا لدليل المرأة المصرية للانتخابات البرلمانية 2020، الصادر عن المرصد المصرى، تفاوتت نسب مشاركة المرأة فى البرلمان منذ عام 1964، لكن الانتخابات البرلمانية الأولى بعد 30 يونيو 2013، شهدت زيادة ملحوظة فى نسبة السيدات اللاتى رغبن فى خوض المعركة الانتخابية، وقدرت نسبتهن بحوالى 17.19%، وخاضت المعركة الانتخابية 949 مرشحة من أصل 5518.
وبلغ عدد النائبات في مجلس النواب 2015 حوالي 90 نائبة منهن 76 منتخبة بالإضافة إلى 14 سيدة معينة، بنسبة 15% من جملة الأعضاء، فيما بلغت نسبة الناخبات من السيدات والفتيات إلى 55% وفقًا للهيئة العامة للاستعلامات.
صدر القانون رقم 140 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية الصادر بالقانون رقم 45 لسنة 2014، وقانون مجلس النواب الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 2014، والقانون رقم 198 لسنة 2017 في شأن الهيئة الوطنية للانتخابات.
وتضمن مشروع قانون مجلس النواب، أن عدد الأعضاء بالانتخاب 568 عضو، يُخصص للمرأة 25% منها أي 142 مقعدًا، ويخصص 4 دوائر للانتخاب بنظام القوائم لدائرتين 42 مقعدًا لكل منها على أن يخصص للمرأة 21 مقعدًا على الأقل، ودائرتين أخرتين 100 مقعد لكل منهما يخصص للمرأة 50 مقعدًا على الأقل.
وبلغت نسبة ترشح السيدات على الدوائر الأربعة بنظام القوائم حوالي 607 سيدات من إجمالي 1136 مرشحًا/ مرشحة، بما يمثل تقريبًا نسبة 53.3%، وبواقع 331 سيدة على القوائم الأساسية، و276 سيدة على القوائم الاحتياطية، بينما بلغ عدد المرشحات بالنظام الفردي حوالي 344 سيدة بنسبة 9% تقريبًا من إجمالي عدد المرشحين على المقاعد الفردية.
وبعد التعديلات الدستورية 2019، تم تخصيص نسبة 25% من مقاعد مجلس النواب للمرأة بشكل دائم، حيث شغلت النساء 148 مقعدًا من إجمالي 564 مقعدًا في مجلس النواب، بنسبة تمثيل تصل إلى 26.2%، و13.3% فى مجلس الشيوخ في 2020، لتسجل مصر زيادة بنسبة 11.3% في عضوية المرأة في مجلس النواب في 2020، مقارنة ببرلمان 2015 والذي شهد تمثيل نسبته 14.9%.
تحديات تمكين المرأة
تؤكد أميرة صابر، عضوة مجلس النواب المصري عن تنسيقية شباب الأحزاب والحزب المصري الديمقراطي، أن المرأة تشارك بفاعلية في الاستعدادات للانتخابات المقبلة، موضحة أن وجود أمانات للمرأة داخل الأحزاب السياسية، ووصولها إلى مناصب قيادية داخل تلك الأحزاب، يجعل من الطبيعي أن تكون حاضرة في أي كواليس انتخابية، سواء كان ذلك في المقاعد الفردية أو القوائم.
ورغم أنها لم تتخذ قرارًا بعد بشأن الترشح للانتخابات المقبلة، أوضحت “أميرة” في حديثها لـ”فكر تاني”، أن تجربتها السابقة في البرلمان كانت غنية بالتحديات، مشيرة إلى أن قرارها الترشح مجددًا مرهون بالمناخ السياسي العام، وما سيقدمه الحزب من استعدادات للبرلمان القادم، بالإضافة إلى وضع المعارضة في المرحلة المقبلة.
وتعرب عضوة مجلس النواب عن قلقها بشأن كوتة المرأة، مشيرةً إلى أن الشارع المصري لا يزال لا ينتخب النساء بشكل كافٍ، وهذه صورة من صور أخرى تثبت أن هناك طريق طويل لتحقيق المساواة في ممارسة السياسة، مؤكدةً أن العمل السياسي يتطلب خصوصية شديدة وتأهيلًا نفسيًا كبيرًا، نظرًا لما يتعرض له العاملون في المجال من مخاطر ونقد حاد، يصل أحيانًا إلى حد التجريح والتشكيك المستمر.
وترى أميرة أن الترشح للعمل البرلماني يتطلب مجموعة كبيرة من المهارات والأهلية النفسية، التي قد لا تتوافر لدى العديد من السيدات في مصر، وهي تدعو إلى تشجيع النساء على بدء المشاركة السياسية في سن صغيرة، مرورًا بالمشاركة في الاتحادات الطلابية، وصولًا إلى النقابات والمناصب القيادية في الأحزاب، معتبرةً أن هذه هي الاستعدادات الحقيقية التي تؤهل النساء لدخول البرلمان.
وتؤكد البرلمانية والحزبية البارزة أن الكوتة لا تزال منصة تمكين هامة جدًا للمرأة في المجتمع المصري، رغم أنها لا تأتي دائمًا بنساء يستحققن التمكين بسبب عوامل مثل القبلية والوضع المادي، لكنها تظل أداة مهمة لزيادة عدد النساء في المجالس النيابية، معتبرةً إياها ضرورية في هذا المرحلة لتعزيز تمثيل المرأة في الحياة السياسية.
توسيع تمثيل المرأة
بدورها، تثمن النائبة سها سعيد، عضوة مجلس الشيوخ وأمينة سر تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، في حديثها لـ” فكر تاني”، حضور المرأة في البرلمان بعد تعديلات الدستور في 2019، والذي تعزز أيضًا بعدد البرلمانيات المعينات في المجلسين.
وتضيف “سها” أن اختيارات الرئيس توسعت في تعزيز التمثيل النيابي للمرأة بتعيين نسبة أكبر من الحد المنصوص عليه قانونا للسيدات في مجلس الشيوخ، وذلك بتعيين 20 سيدة، بزيادة 10 عن الحد الأدنى الذي أقره القانون 141 لسنو 2020، لنصيب السيدات في قائمة الـ 100 المعينين ، بالإضافة إلى 14 سيدة معينة في مجلس النواب.
وتوضح عضوة مجلس الشيوخ، أن النسب الدستورية لم توضع فقط لضمان التمثيل بل جاءت لتعكس التوجه الرسمي الداعم للمرأة، فهي وسيلة وليست غاية، وفي المقابل هناك عدد من الأدوار والتدخلات التي يجب توافرها لنستطيع تخطي خيار الكوتة كإجراء ملزم، ويصبح ترشح المرأة وانتخابها خيار موضوعي دون تمييز.
وتؤكد أمينة سر تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين أنه يمكن البناء على الأداء البرلماني لعدد من النائبات في البرلمان الحالي، وتعزيز التمكين من خلال دفع القوى السياسية بالسيدات للترشح والمنافسة الحقيقية وليس فقط استكمال النسب المنصوصة.
وتقترح النائبة سها سعيد “تنظيم مؤتمرات للمرشحات القادمات وتصميم برامج لهن وتعزيز تواجدهن بحملات ناجحة، والتواصل الإيجابي مع الدوائر والاشتباك مع القضايا الهامة، مؤكدة أن هذه التدخلات قد تساعد في نجاح المرأة في البرلمان القادم وتفعيل التنافس النسوي-النسوي، ولكن لتحقيق نتائج قد يستغرق الأمر المزيد من الوقت.
“نحن لا نستحدث من العدم فبين راوية عطية سنة ١٩٥٧ ونشوى الديب سنة ٢٠٢٠ سلسلة العديد من النجاحات”، تقول عضوة مجلس الشيوخ مضيفة أن المرأة المصرية بحاجة إلى عدد من التدخلات مثل المراكز البحثية والمجتمع المدني لتحليل الخصائص الديموجرافية للدوائر الانتخابية وبحث فرص نجاح المرشحة السيدة، بالتوازي مع دور الأحزاب والقوى السياسية في إعداد البرامج القادرة على جذب وتحفيز الناخبين وتأهيل المرشحات للخطاب والتواصل الجماهيري الفعال.
وتشير “سها” إلى أن أهمية وجود حراك حقيقي داعم بما يرفع سقف طموحات المرأة للمشاركة في هذا النوع من الاستحقاقات السياسية، عبر مشاركة الحزبيات،و صاحبات التخصصات، والنقابيات، والحقوقيات، وحتى المنتسبات لعائلات توارثت قبلياً مقعد الدائرة في بعض القطاعات الإقليمية.
وبالحديث عن كواليس الانتخابات القادمة، تتوقع عضوة مجلس الشيوخ، أن تشهد منافسة نسائية واضحة، بين نائبات حاليات لازال لديهن ما يقدمنه وحريصات على الاحتفاظ بفرصتهن، وبين مهتمات بالعمل العام لديهن طرحهن وأحقيتهن في هذه الفرصة، ولكن ستظل هذه المنافسة محصورة في الانتخاب بنظام القائمة
وتضيف أنه رغم انخراطها في العمل العام لسنوات مرورًا بتجاربها السياسية وصولًا إلى الصورة الحالية ممثلة في التنسيقية، إلا أنها لم يسبق لها خوض انتخابات نيابية أو الترشح لها، حيث كانت ضمن المعينين من رئيس الجمهورية.
وتشير أمينة سر تنسيقية الشباب أن تجربتها كانت فرصة عظيمة لتقديم أطروحاتها حول الملفات محل اهتمامها ما ساعد على إدراجها على أجندة الجهاز التنفيذي لترى النور ويستفيد بها الكثيرون، وفق قولها.
وتؤكد “سها” أنها لم تستنفذ بعد أدوات تجربتها بالكامل وأنها مازال لديها الكثير لتقدمه بناءً على تجربتها في مجلس الشيوخ ، مشددة على أن “خبرة العمل النيابي ذات طبيعة تراكمية، وطموح كل سياسي أن يستمر في هذا النوع من الاستحقاقات”.
“أنا ملتزمة بقرار المنظومة التي أنتمي لها وهي تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، ولم ننتهي بعد من ملامح شكل أو حجم المشاركة في الانتخابات القادمة”، تقول “سها.
الكوتة وتعزيز المشاركة
من جانبها، تؤكد منى عبدالراضي، أمينة المرأة وعضوة المكتب السياسي للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أن المرأة تلعب دورًا محوريًا في كواليس الاستعداد للانتخابات المقبلة، مدفوعة بكوتة المرأة التي تضمن لها 25% من المقاعد البرلمانية، موضحةً أن هذه النسبة تشجع النساء على خوض التجربة الانتخابية، خاصة في ظل نظام القائمة المطلقة الذي كان سائدًا سابقًا، والذي يضمن الفوز لمن تُدرج في القائمة الرئيسية.
وتشير “منى” إلى أن القيادات النسائية داخل الأحزاب السياسية بذلت جهودًا كبيرة في النشاط العام قبيل الانتخابات، حيث تسعى كل منهن لإثبات قوتها في محافظاتها من خلال الأنشطة المختلفة والعمل الخدمي والمشاركة الفعالة في أنشطة الحزب، بهدف ضمان مكان لها في القائمة الانتخابية.
وتوضح أمينة المرأة بالحزب المصري الديمقراطي أن النظام الفردي يمثل تحديًا كبيرًا للنساء بسبب ما تراه من “انتشار شراء الأصوات والرشاوى الانتخابية وأعمال البلطجة”، والتي لا تتناسب مع طبيعة المرأة. وتعرب عن أملها في أن يعتمد البرلمان الحالي نظام القائمة النسبية في مشروعه المنتظر للانتخابات، وذلك من أجل زيادة عدد الكفاءات النسائية المرشحة، بدلاً من مجرد استكمال عدد الكوتة.
وفيما يتعلق بالكوتة، تؤكد “منى” أنها تدعم هذا النوع من التمييز الإيجابي المؤقت، مشيرة إلى أن الكوتة تمثل أداة لدعم المرأة حتى تتغير نظرة المجتمع لها، ويتم اختيار المرشحين بناءً على الكفاءة فقط، سواء كانوا نساءً أو رجالًا.
لكنها ترى في نفس الوقت أن هناك استغلالًا للكوتة من خلال دمجها مع فئات أخرى، مثل المرأة القبطية، وذوي الهمم، والشباب، مطالبةً بأهمية توسيع مشاركة المرأة بما يعزز من فرص تمكينها في المشهد السياسي.
وعن نيتها للترشح، تؤكد أمينة المرأة بالحزب المصري الديمقراطي استعدادها لذلك، قائلة: “نعم، لدي النية للترشح، وسبق لي أن تقدمت أكثر من مرة في الدورات السابقة على القوائم، ولكن لم يحالفني الحظ في الاختيار”.
التحديات والفرص
وتقول مارجريت عازر، نائبة رئيس كتلة الحوار، إن المرأة حصلت على فرصتها في المجال السياسي، خاصة في وجود تمكين واضح للنساء عبر “كوتة” بنسبة 25% للمرأة في القوائم الانتخابية، وهي نسبة قد تتجاوز هذا الرقم مع مرور الوقت.
ومع ذلك، تشير “مارجريت” في حديثها لـ”فكر تاني” إلى أن هناك عقبة كبيرة أمام تمكين النساء تكمن في عدم إعداد الأحزاب السياسية للنساء بشكل كافٍ للمرحلة المقبلة، سواء في الانتخابات المحلية أو البرلمانية أو في مجلس الشيوخ، ما يؤدي إلى ظهور أسماء غير مؤهلة للحياة السياسية.
وتضيف “مارجريت” أن “كوتة” المرأة تعتبر سلاحًا ذا حدين، حيث يمكن للمرأة أن تثبت جدارتها وكفاءتها من خلال كسب ثقة المواطنين وبناء قاعدة جماهيرية حقيقية، أو أن يتم وضع أسماء نسائية فقط لملء القوائم الانتخابية دون أن يشعر المواطنون بوجودهن أو تأثيرهن الفعلي.
“رغم أن بعض النساء في البرلمان والوزارات قد أثبتن قدرتهن على تحمل المسؤولية، إلا أن الاستعدادات الحزبية للانتخابات المقبلة تكشف عن غياب واضح للمرأة في تشكيلات الأحزاب، حيث تقتصر مشاركتهن على اللجان النسائية المختصة”، تقول نائبة رئيس كتلة الحوار.
وتضيف أن هناك عددًا كبيرًا من النساء الناشطات على الساحة، سواء كن منتميات لأحزاب سياسية أو مستقلات، إلا أن عدم وجود إرادة حقيقية لدى الأحزاب لإعداد كوادر نسائية فاعلة يقيد دور المرأة في الساحة السياسية.
وتشير “مارجريت” إلى أن المجتمع لم يكن مؤهلًا بعد بشكل كامل لقبول النساء في مناصب قيادية، قائلة: “التيار الظلامي الذي كان مسيطرًا على الفكر المجتمعي بث أفكارًا سلبية حول دور المرأة، ولكن بفضل الجهود المبذولة من القيادة السياسية، تمكنت العديد من النساء من الوصول إلى مناصب وزارية، والقضاء، ومواقع قيادية أخرى”.
وتتوقع نائبة رئيس كتلة الحوار أن تمثل الفترة المقبلة فرصة عظيمة للأحزاب لإعداد كوادر نسائية ذات رؤية وحلول حقيقية لخوض المعركة الانتخابية، وفق تقديراتها.
التحديات الراهنة
من جانبها، تعرب كريمة أبو النور، عضوة تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، عن عدم رضاها عن تمثيل المرأة في الساحة السياسية المصرية بشكل عام، مشيرة إلى أن حضور المرأة في البرلمان وغيره من الأشكال السياسية ما يزال محدودًا وغير كافٍ.
وتؤكد في حديثها لـ”فكر تاني”، أن الاستعدادات الحالية للانتخابات لا تعكس الجاهزية المطلوبة، حيث لا يزال عدد ممثلي المرأة في البرلمان قليلاً.
وتوضح “كريمة” أن النص الدستوري الذي يضمن تخصيص 25% من مقاعد مجلس النواب للمرأة، كما جاء في المادة 102 المعدلة من الدستور، لم يترجم على أرض الواقع إلى زيادة ملحوظة في عدد المرشحات، معتبرة أن هذه النسبة غير كافية.
وتضرب “كريمة ” المثال بعدم التوازن بين الجنسين في جلسات الحوار الوطني والحركة المدنية الديمقراطية ، مؤكدة أن ذلك يعد دليلاً آخر على التحديات التي تواجهها المرأة في السياسة.
وتعرب عضوة تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، عن اندهاشها من غياب نسبة كبيرة من النساء عن الحراك السياسي الفعلي على أرض الواقع، مشددة على أن تمثيل النساء في السلطات والمعارضة والوزارات المشكلة حديثًا لا يعكس النسبة الحقيقية للنساء في المجتمع المصري، والتي تقارب نصف تعداد السكان.
وتؤكد “كريمة” أن النص الدستوري الحالي الذي يحدد نسبة المرأة بـ 25% في البرلمان غير كافٍ، مطالبة بزيادة هذه النسبة إلى 35% في كل الأنظمة الانتخابية، موضحةً أن هذه القضية ستكون محورية في طرحها البرلماني المستقبلي.
وتعتبر عضوة تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين أن تمثيل النساء من مختلف الخلفيات الجغرافية والاجتماعية هو العامل الأهم في مسألة البرلمان، موضحة أنها لم تتخذ قرارًا بعد بشأن ترشحها للانتخابات البرلمانية المقبلة، لكنها ترى أن التواجد النسائي الأوسع يساهم في تعزيز التنوع والتنافس في الحياة السياسية.
بلا تأثير حقيقي
بدورها، تشعر حنان فكري، عضوة حزب التحالف الشعبي الاشتراكي والعضوة السابقة بمجلس نقابة الصحفيين، بقلق على المستقبل السياسي للمرأة في ظل الوضع الحالي، مشيرة إلى أنه لم يتبق إلا أشهر قليلة على إجراء الانتخابات المقبلة، ولكن من دون مؤشرات على ما سيحدث بناءً على ما شهدته الدورات السابقة والحالية.
وفي مقارنة بين الماضي والحاضر، تشير “حنان” في حديثها لـ”فكر تاني” إلى أن تمثيل المرأة في البرلمان قد ازداد عدديًا، لكنه بات أقل تأثيرًا مقارنة بالسابق، ففي حين كانت نسبة تمثيل النساء في البرلمان سابقًا 14% مع حضور قوي وفاعل، ارتفعت هذه النسبة اليوم بحوالي 10% إضافية، إلا أن أسماء البرلمانيات غير معروفة، ولا يتم رصد طلبات إحاطة ذات قيمة أو تفاعل ملموس مع الجمهور، وفق رأيها.
وتضيف “حنان” أن العديد من البرلمانيات يتحدثن على منصات التواصل الاجتماعي وكأنهن جزء من الحكومة، بدلاً من أداء دورهن كمحاسبات ومسائلات للسلطة التنفيذية، مؤكدة أن هذا الخلط بين الدور البرلماني ودور الحكومة يُفقد البرلمانيات فاعليتهن.
وترى عضوة حزب التحالف الشعبي الاشتراكي أن عدد البرلمانيات المؤثرات على الساحة قليل جدًا، ما يجعل الزيادة العددية في تمثيل النساء بلا قيمة إذا لم تُترجم إلى فاعلية حقيقية، مؤكدة أهمية أن تشارك المرأة بفعالية في كواليس الاستعداد للانتخابات المقبلة.
وتشعر “حنان” بتحدٍّ كبير في مجال المشاركة الفردية للنساء في الانتخابات، حيث تقول: “نادرًا ما تتجرأ النساء على خوض الانتخابات بشكل فردي بسبب القيود الثقافية والاجتماعية وضعف التمكين السياسي”.
وتضيف أن عزوف النساء عن الترشح بشكل فردي قد يتفاقم نتيجة للحالة الاقتصادية الصعبة، حيث تتطلب الحملات الانتخابية مبالغ طائلة، ولا يوجد دعم مالي كافٍ للنساء المرشحات.
وعن نيتها للترشح في الانتخابات المقبلة، توضح “حنان” أن قرارها لم يتضح بعد، مشيرة إلى أن الظروف الحالية للعمل العام غير مناسبة، وأنها تأمل في الترشح دون التأثير على جوانب أخرى من حياتها.
دعوة لتحقيق المناصفة وتجاوز الكوتة
من جانبها، تؤكد كريمة الحفناوي، القيادية في الحزب الاشتراكي والجبهة الوطنية لنساء مصر، ضرورة تعزيز تمثيل المرأة في البرلمان بما يتجاوز الكوتة الحالية المحددة بـ 25% في الدستور.
وتوضح “كريمة”ـ في حديثها لـ”فكر تاني”، أن المرأة تمثل نصف المجتمع، ومن ثم يجب أن تكون ممثلة بنسبة 50% في البرلمان، مثلها مثل الرجل.
وتشير إلى أن المغرب قدم نموذجًا في عام 2011، حين نص دستوره على المناصفة في جميع المجالس النيابية ومجالس الإدارات والنقابات والهيئات المنتخبة، مؤكدة أن المطالبة بتمثيل المرأة لا تعني تمييزها على الرجل، بل على العكس، فالمطلب الأساسي هو دخول المرأة إلى البرلمان بناءً على الكفاءة والتكافؤ، وليس اعتمادًا على الكوتة.
وتضيف القيادية في الحزب الاشتراكي والجبهة الوطنية لنساء مصر أن المجتمع ما يزال ينظر إلى المرأة بنظرة دونية، وهذا يتطلب توعية واسعة لتحقيق المساواة بين الجنسين، بحيث تكون الانتخابات مبنية على الكفاءة وليس النوع.
وتشير “كريمة” إلى أن المرأة في الأحزاب والنقابات تستعد منذ الآن للانتخابات البرلمانية المقبلة في نهاية عام 2025، وذلك عبر التحالفات الانتخابية بين الأحزاب والتيارات السياسية المختلفة، مؤكدة ضرورة وجود تمثيل كبير للمرأة في البرلمان، سواء عبر القوائم النسبية أو الانتخابات الفردية.
وتشير إلى أنها تفضل القوائم النسبية لأنها تعكس إرادة الشعب بشكل أفضل، مشددة على أهمية أن تشمل قوائم الأحزاب ترشيحات نسائية بنسبة 50%، بحيث تكون القائمة مكونة من رجل وامرأة بالتساوي.
وفيما يتعلق بالترشح للانتخابات، أوضحت “كريمة” أن هناك شروطًا يجب توافرها لأي مرشح، سواء كان رجلًا أو امرأة، وأنه من الضروري أن يكون قانون الانتخابات ضامنًا للمساواة بين جميع فئات الشعب المصري، وموفرًا لحرية التعبير والترشح والانتخاب، مع شروط تنافسية حقيقية تضمن عدم فرض مجموعة على أخرى تحت أي ظرف.
زيادة تمثيل المرأة لـ50%
في السياق نفسه، تؤكد إلهام عيدروس، وكيلة مؤسسي حزب العيش والحرية، لـ”فكر تاني”، أن الدستور والقانون يفرضان وجود نسبة محددة من النساء في البرلمان، ما يجعل مشاركة المرأة ضرورية في أي ائتلافات انتخابية أو قوائم حزبية لضمان استيفاء النسبة الدستورية المطلوبة.
وتطالب “إلهام” بزيادة نسبة تمثيل المرأة في البرلمان إلى 50% بدلًا من 25%، موضحة أن تجربة الكوتة في انتخابات 2015 و2020 لم تحقق التنوع السياسي المطلوب، حيث أدى نظام القائمة المطلقة إلى هيمنة تيار سياسي واحد على تمثيل النساء، مما أثر سلبًا على التنوع الحزبي والحياة السياسية.
وتشدد وكيلة مؤسسي حزب العيش والحرية على أن القائمة النسبية هي الخيار الأمثل لضمان تمثيل متنوع وفعّال للمرأة والفئات المهمشة في البرلمان والمحليات، مشيرة إلى أنها قدمت مقترحات عملية لتحقيق هذا الهدف في الحوار الوطني.
وتؤكد “إلهام” أن تمثيل المرأة في البرلمان القادم سيظل ثابتًا من حيث العدد، لكنه سيعتمد بشكل كبير على نوعية النظام الانتخابي وقدرته على عكس التنوع الحقيقي للنساء المصريات وتوجهاتهن المختلفة
“لم أتخذ قراري بعد بشأن الترشح في الانتخابات المقبلة”، تقول وكيلة مؤسسي حزب العيش والحرية، معلقة ذلك على انتظارها تقسيم الدوائر الفردية وقانون الانتخابات الجديد، بالإضافة إلى موقف الحزب والجبهة السياسية التي ينتمي إليها حزبها.