"الإجراءات الجنائية" يصل "تشريعية النواب".. ماذا عن توصيات الحوار الوطني؟

وسط ترقب المجتمع المدني، انطلق مشوار الألف ميل لإصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد، باجتماع موسع للمرة الأولى، أمس السبت في مجلس النواب، بمشاركة عدد من رؤساء الأحزاب، والقيادات السياسية والبرلمانية والحقوقية والحكومية.

الاجتماع، ترأسه المستشار حنفي الجبالي رئيس مجلس النواب، بهدف "استعراض نتائج أعمال اللجنة الفرعية المكلفة بإعداد وصياغة قانون الإجراءات الجنائية الجديد، وذلك إيذانًا للجنة الشئون الدستورية والتشريعية بالمجلس لتبدأ أعمالها في شأن دراسة ما انتهت إليه اللجنة الفرعية المشار إليها"، وفق بيان البرلمان.

الترقب والتخوفات التي عبر عنها مراقبون، تقوم على تساؤلات عن مدى قدرة البرلمان على استيعاب توصيات مجلس أمناء الحوار الوطني حول إنهاء أزمة الحبس الاحتياطي، التي تم رفعها الأسبوع الماضي للقيادة السياسية.ومعالجة ما تم وصفه بـ "تصحيح للعوار القانوني وإعلاء حقوق الإنسان"

وكلف رئيس مجلس النواب، خلال الجلسة الأخيرة لدور الانعقاد العادي الرابع، لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمناقشة مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد والانتهاء منه خلال فترة الإجازة البرلمانية للمجلس؛ تمهيدا لمناقشته في الجلسات العامة للمجلس مع بداية دور الانعقاد القادم الذي يبدأ في أول أكتوبر المقبل.

 

الإشكالية، بحسب مراقبين، في انتهاء اللجنة البرلمانية الفرعية المكلفة بإعداد وصياغة قانون الإجراءات الجنائية الجديد من إعداد وصياغة مسودة مشروع القانون تمهيدًا لعرضه على لجنة الشئون الدستورية والتشريعية التي تبدأ عملها في مناقشة مواد القانون الثلاثاء القادم، ومن ثم عرضه على المجلس في جلساته العامة، قبل أن يعلن مجلس أمناء الحوار الوطني عن توصيات مهمة وجذرية لحل أزمة الحبس الاحتياطي بمصر، وإصدار تعديلات إيجابية لقانون الإجراءات الجنائية.

اقرأ أيضاً : الحوار الوطني يبدأ "اختبار" الحبس الاحتياطي.. ودعوة لتفعيل مبادرة أسر السجناء

اللجنة لاحقها الجدل في فترات سابقة، بسبب اتهامات بعض قيادات المعارضة والمجتمع الحقوقي لها بما أسموه "تفصيل القانون على مقاس الحكومة"، دون اعتبار لـ"تصحيح العوار القانوني أو إعلاء حقوق الإنسان".

وكان النائب محمد عبد العزيز عضو اللجنة الفرعية، أعلن في مارس الماضي، انتهاء أعمال اللجنة الفرعية لدراسة وصياغة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، لاحقه حينها انتقاد البعض، واعتبروا "التعديل لا قيمة له وولد ميتًا".

وضمت اللجنة الفرعية، التي تسيطر عليها أحزاب الموالاة، أعضاءً من لجان الشئون الدستورية والتشريعية، والدفاع والأمن القومي، وحقوق الإنسان بمجلس النواب، كما ضمت ممثلين عن مجلس الشيوخ، وممثلين عن الوزارات والجهات ذات الصلة بمشروع القانون، وكذا عن المجلس القومي لحقوق الإنسان، ونقابة المحامين، وشملت عضويتها أيضا أعضاء من هيئة التدريس بكليات الحقوق، ومحامين متخصصين في القضايا الجنائية.

رئيس البرلمان مع عدد من رؤساء الأحزاب - موقع مجلس النواب
رئيس البرلمان مع عدد من رؤساء الأحزاب - موقع مجلس النواب

مطالب واضحة

وفي حديثه لـ"فكر تاني" ثمن محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية، الدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس النواب، لاطلاعه ورؤساء الأحزاب الممثلة في البرلمان، وآخرين، على عمل اللجان البرلمانية الخاصة بتعديلات مشروع قانون الإجراءات الجنائية، ووصف هذا التشاور بحضور رؤساء الأحزاب بأنه "سُنة حميدة"، ينبغي أن تتكرر مع تقديم قوانين الانتخابات البرلمانية، والأحزاب وتقسيم الدوائر، والإدارة المحلية.

وفي كلمته بالجلسة أوضح رئيس حزب الإصلاح والتنمية، أن المشكلة ليست في النص التشريعي، ولا القوانين، ولا في المواد، ولكن في في التطبيق والممارسات التي تتم عبر أجهزة الأمن التي لا تطبق القانون، وفق تأكيده.

محمد أنور السادات
محمد أنور السادات

"قلت لهم بكل صراحة، القانون لا يطبق، والدستور نفسه به مواد لا تطبق، والعبرة، بفكرة تطبيق مواد القانون واحترامها، وإلا لم نصنع شيئا، وهو ما نراه الآن"، يضيف السادات موضحًا أن القانون الحالي الخاص بالحبس الاحتياطي، يتحدث عن عامين، كحد أقصى، وبدائل للحبس، لكن لا أحد يطبق شيئا.

ودعا "السادات" الحضور إلى اتخاذ قرارات فورية وعاجلة، لا تنتظر صدور القانون الجديد، الذي يمكن أن تستمر مناقشته في المجلس إلى شهري نوفمبر وديسمبر.

وطالب رئيس حزب الإصلاح والتنمية، بتشكيل لجنة إدارية من وزارة العدل والنيابة العامة وأجهزة الأمن لتصفية ملف الحبس الاحتياطي والنظر في ملفات الشباب والطلبة الممنوعين من السفر  بقرارات إدارية، والمقيمين بخارج مصر، لإنهاء الأزمة وإدخال الفرحة على بيوت الأسر المتضررة.

وقال السادات: إذا كنا  جادين، عندنا حالات تخطت العامين في الحبس الاحتياطي، دعوا هذه اللجنة تبدأ النظر في مثل هذه الحالات ككبار السن، والشباب والنساء، والمرضى، وكل من مر عليه عامين يروح دون انتظار لصدور قانون جديد، فالقانون الحالي لا يقر الحبس بعد عامين بالأساس.. لن يأتي استثمار أو صناديق استثمار إلا لما بعد النظر في مؤشر العدالة في مصر، والمناخ الاستقرار السياسي بمصر، وبالتالي لابد من إنهاء الأزمة الحقوقية والسياسية، لابد من رسالة طمأنينة للداخل وشركائنا في الخارج".

وأضاف السادات أن مصر لديها مراجعة دورية شاملة في يناير 2025 أمام مجلس حقوق الإنسان الدولي، ولذلك ينبغي – والكلام له – أن تستجيب مؤسسات الدولة، لكل ما يفيد مصر أمام مراجعة الأمم المتحدة، خاصة أن هناك اتفاقيات دولية وقعت عليها مصر بها شق حقوقي، يلزم القاهرة بتنفيذه للاستفادة من بعض الاتفاقيات الموقعة دوليًا مؤخرًا خاصة مع الاتحاد الأوروبي.

"توجيهات الرئيس السيسي واضحة، عن ضرورة بناء الإنسان، وبرنامج الحكومة تعهد بنفس المبدأ، فكيف نبني الإنسان وكرامته غير مصانة وحقوقه مهدرة في وطنه" يقول السادات، داعيًا إلى سرعة التجاوب مع معاناة البيوت المصرية المتضررة من استمرار أزمة الحبس الاحتياطي، وإدخال الفرحة عليها وتحقيق استقرار وطني مطلوب في هذه المرحلة بشدة.

 من الموقع الرسمي لمجلس النواب
من الموقع الرسمي لمجلس النواب

ننتظر منتج اللجنة

من جانبه، يشدد الحقوقي نجاد البرعي، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، في حديثه لـ" فكر تاني" على أهمية أن تكون مخرجات عمل اللجنة إيجابية، حتى يكتمل الشكل مع المضمون.

نجاد البرعي
نجاد البرعي

يقول البرعي :" تشاور المجلس معنا إجراء إيجابي، ولكن ماذا نصنع بإجراء ايجابي إذا لم يكن المنتج النهائي للتشاور إيجابي؟، وبالتالي يجب التركيز على الاستجابة لتطلعات الناس والمشاركين في الحوار الوطني في المنتج النهائي لتعديلات القانون".

ويضيف البرعي أن توصيات مجلس الأمناء بشأن العدالة الجنائية وأزمة الحبس الاحتياطي، رُفعت للرئيس عبد الفتاح السيسي، وهناك مساحة من الوقت للجنة التشريعية والدستورية لدراستها والتجاوب معها، موضحًا أن اللجنة الفرعية لتعديلات القانون هي أول محطات النظر في مجلس النواب، ولذلك سينتظر ما ستسفر عنه كل الجهود البرلمانية.

قانون يهم 60 مليون مواطن

بدوره، يرى النائب عبد المنعم إمام رئيس حزب العدل في حديثه لـ"فكر تاني " أن تعديلات قانون الإجراءات الجنائية تهم 60 مليون مواطن، حيث يشتبك القانون المقترح مع كل مراحل التقاضي، وتشكل تعديلاته هو وقانون العقوبات مسألة مهمة لإقرار حقوق الإنسان.

عبد المنعم إمام
عبد المنعم إمام

ويضيف أن مجلس النواب انطلاقًا من هذه الأهمية شكل لجنة فرعية لوضع مشروع قانون، قبل عام ويزيد، وذلك بعد تقديم مشروع قانون حكومي شمل تعديل  300 مادة، ما دفع مجلس النواب إلى وضع قانون جديد وتشكيل لجنة فرعية لهذا الغرض، شارك فيها لأول مرة ممثل لنقابة المحامين، في سابقة، والعديد من الوزارات والخبراء.

ويصف رئيس حزب العدل خطوة المستشار حنفي الجبالي لدعوة رؤساء الأحزاب لحضور مناقشة القانون بأنه "تقليد برلماني جديد"، بعد مرحلة ساد الجدل فيها، حول أداء اللجنة الفرعية لوضع القانون، مؤكدًا أن تشكيلة الحضور بالأمس تعزز رغبة مجلس النواب في إشراك قطاع أكبر في الحوار حول القانون.

ويتوقع النائب عبد المنعم إمام أن تضم اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب توصيات مجلس أمناء الحوار الوطني، ضمن المقترحات المعروضة عليها بعد تسلم مشروع اللجنة الفرعية، مؤكدًا أنه طبقًا لخبراته في التعامل مع جلسات هذه اللجنة، فهي لجنة ثرية جدًا ويتوقع منها مناقشة مهمة لمشروع القانون المنتظر وأن تنظر لتوصيات الحوار الوطني بجدية.

"لسنا هنا لدعم سياسي"

وبحسب بيان لحزب الوفد، قال عبد السند يمامة رئيس الحزب في كلمته:" لسنا هنا لدعم سياسي ولكن لمناقشة قانون الإجراءات الجنائية "مضيفاً أن "البرلمان لو لم يصدر خلال أربعة دور انعقاد في فصله التشريعي الثاني الحالي، غير قانون الإجراءات الجنائية لكفاه فخراً بذلك"وفق تعبيره.

عبد السند يمامة
عبد السند يمامة

وأشار يمامة إلى عضويته بنقابة المحامين منذ أكثر من 50 عام وهيئة تدريس للقانون منذ عام 1990 بما يؤهله لمعرفة قيمة قانون الإجراءات الجنائية وأهميته، والذي يعتبر من القوانين المكملة للدستور، لأنه قانون الحقوق والحريات وقانون حماية المجتمع والمجني عليه والمتهم أيضًا، وفق وصفه.

وأكد رئيس حزب الوفد أن هذا القانون الذي صدر عام 1950 ، وردت عليه العديد من التعديلات، وأصبح غير ملائم للوضع الحالي، والتغيير الذي طرأ على المجتمع، وأصابه من العوار ما أصابه، الأمر الذي يحتم تغييره إلى الأفضل، مطالبًا أعضاء لجنة الشئون الدستورية التشريعية بالبرلمان إلى عدم تغيير مواد القانون التي شملت في سطورها حقوقًا وحريات لم تكن موجودة، مع إضافة مزيد من الضمانات والحريات إلى مشروع القانون.

وتوقع يمامة أن يحقق مشروع القانون حال تمريره، بطريقة صحيحة، مزيدًا من الضمانات والحقوق والحريات للشعب المصري، مؤكدًا أهمية مناقشة فلسفة القانون وأهميته قبل مناقشة مواد مشروع القانون.

اقرأ أيضاً : حسام بدراوي في حوار خاص: هل تريدون دولة ديمقراطية.. إذن أين البرلمان والصحافة؟

 المشروع الجديد

"قانون الإجراءات الجنائية الجديد جاء كنتيجة تسلسل التعديلات الدستورية التي أُدخلت على دستور 2014. هذه التعديلات التي تطلبت إعادة النظر في العديد من القوانين لاسيما قانون الإجراءات الجنائية بحسبانه أداة تنفيذ قانون العقوبات وبما يكفل التوافق مع النصوص الدستورية وبما يتصل اتصالاً وثيقا بحماية الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين"، يقول النائب طارق رضوان رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب.

طارق رضوان "منتصف" أكد أهمية التشريع الجديد للدولة والمجتمع - مواقع التواصل الاجتماعي
طارق رضوان "منتصف" أكد أهمية التشريع الجديد للدولة والمجتمع - مواقع التواصل الاجتماعي

ويضيف في بيان على حسابه الرسمي على موقع "فيس بوك أن التعديلات المنتظرة تهدف إلى تعزيز حقوق الإنسان وضمان الحريات العامة، ومع مشروع القانون الجديد الخاص بالإجراءات الجنائية إذ تم تعديل القانون ليكون أكثر توافقًا مع هذه المبادئ، وأهمها تضمين النص الإجرائي ضمانات واضحة لكفالة المحاكمة العادلة، بما يكفل حق الدفاع، والحق في الاستعانة بمحامٍ، وحق المتهم ودفاعه في الوثوق علي ما ينسب إليه من اتهام وتنفيذ كافة الإجراءات الخاصة بمحاكمته بدءً من مرحلة التحقيق وانتهاءا للحكم الذي تصدره المحكمة الجنائية المختصة .

كما تضمن مشروع القانون الجديد وفق رئيس لجنة حقوق الإنسان نصوصًا تحقق التوافق والتوازن بين الحق في التعبير وإبداء الرأي بما لا يصطدم بالنصوص الجنائية في قانون العقوبات بما استخدم المشرع منها حماية وصيانة الحقوق المعتبرة لحماية الإنسان نفسًا ومالاً وعرضًا.

ويشير "رضوان" إلى أن مشروع القانون تضمن الاتجاه للحد من مدد الحبس الاحتياطي في ذات الوقت الذي اعتنق فيه الالتجاء للتدابير البديلة للحبس الاحتياطي من منطلق التخفيف من وطأة إجراء الحبس الاحتياطي حتى لا يستطيل للحد الذي يجعل منه عقوبة في حد ذاتها لا إجراءا تستلزمه التحقيقات وإجراءات المحاكمة الجنائية، فضلا عن تنظيم حالات التعويض الجابر للمتهم حال التقرير بحبسه احتياطيًا إن أسفر ذلك عن استحقاقه للتعويض الملائم عن تلك الفترة التي قُيدت فيه حريته إبان خضوعه للحبس الاحتياطي تحقيقًا للغاية من كونه تدبيرًا احترازيًا وليس عقوبة.

حضور متنوع تصدره رئيس البرلمان ووزير "التواصل السياسي"لجلسة برلمانية في تقليد جديد -مواقع التواصل الاجتماعي
حضور متنوع تصدره رئيس البرلمان ووزير "التواصل السياسي"لجلسة برلمانية في تقليد جديد -مواقع التواصل الاجتماعي

حضور متنوع

شارك في الاجتماع الحقوقي نجاد البرعي ممثلاً عن الحوار الوطني المصري، ومحمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية، وعبد المنعم إمام رئيس حزب العدل، وفريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي، والسيد عبد العال رئيس حزب التجمع، وعبد السند يمامة رئيس حزب الوفد، والمستشار عدنان الفنجري وزير العدل والمستشار محمود فوزي وزير الشئون البرلمانية والقانونية والتواصل السياسي، والسفيرة مشيرة خطاب رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان وعبد الهادي القصبي رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل.

كما شارك كلاً من النائب طارق رضوان رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، واللواء السابق محمد صلاح أبوهميلة الأمين العام لحزب الشعب الجمهوري، ورئيس هيئته البرلمانية بمجلس النواب، وممدوح محمد محمود رئيس حزب الحرية، وتيسير مطر رئيس حزب إرادة جيل، ورضا صقر رئيس حزب الاتحاد، والنائب هشام هلال ممثل الهيئة البرلمانية لحزب مصر الحديثة، والنائب أحمد بهاء شلبي، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب حماة الوطن، ومحمد إبراهيم منصور، رئيس حزب النور.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة