في نوفمبر 2022، كان هناك ثمة أمل لم يتحقق بعد، مع تقدم شقيق الصحفي والمدون محمد إبراهيم محمد رضوان الشهير بـ”محمد أكسجين”، بطلب التماس إلى رئاسة الجمهورية للحصول على عفو رئاسي عن شقيقه، بعد ضياع سنين عمره في المحاكم والنيابات والسجون على ذمة عدد من قضايا الرأي والتعبير الرقمي.
وتجدد الأمل مرة أخرى في 5 يونيو 2024، مع تقدم الكاتب الصحفي خالد البلشي نقيب الصحفيين، بطلبات للعفو عن الصحفيين المحبوسين وبينهم محمد أكسجين إلى لجنة العفو الرئاسي ومجلس أمناء الحوار الوطني.
“أكسجين” صحفي حر، ومدون شهير بزغ نجمه مع ثورة 25 يناير، عبر مدونته ” أكسجين مصر”. تخرج في الجامعة العمالية بالقاهرة، ولكنه بحسب ذويه ومحاميه، دفع ثمن إيمانه بالصحافة المستقلة وحق المواطنين في معرفة الحقائق لما يقترب من 5 سنوات.
أربع قضايا
تقول مؤسسة حرية الفكر والتعبير في تقرير حديث لها:” تعد حالة المدون الصحفي محمد أكسجين نموذجًا صارخًا لانتهاك حزمة من الحقوق الأساسية للمواطنين والمكفولة دستوريًّا، وكذلك وفق المعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر والتزمت بها وأصبح لها قوة القانون، بداية بالحق في حرية ممارسة العمل الصحفي والحق في حرية التعبير الرقمي، مرورًا بحقوق المتهم ووصولًا إلى الحق في المحاكمة العادلة”.
وعادة تنفي السلطات المصرية المختصة، الاتهامات الحقوقية المتكررة عن سوء أوضاع سجناء الرأي، وفق بيانات رسمية متواترة.
اقرأ أيضًا:عمار علي حسن: المصريون ضحايا تاريخيون للاستبداد المستمر
تعرض “أكسجين” للحبس على ذمة ثلاث قضايا مختلفة، من داخل محبسه، وهو ما يعرف حقوقيا باسم “التدوير”، قبل أن يحال إلى المحاكمة أمام محكمة استثنائية أصدرت بحقه حكمًا نهائيًّا غير قابل للطعن عليه بالسجن أربعة أعوام بتهمة متكررة هي نشر بيانات وأخبار كاذبة وذلك في القضية رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا طوارئ.
القضية 621 لسنة 2018، كانت أول أسباب المعاناة لـ”أكسجين”، بعد توجيه العديد من التهم له، من بينها: نشر أخبار وبيانات كاذبة، والانضمام إلى جماعة إرهابية.
وبعد 15 شهرا، حبسا انفراديا، حصل أكسجين على قرار في 22 يوليو 2019، بإطلاق سراح مشروط بتدبير احترازي، كان يضطر بموجبه أكسجين إلى التوجه إلى قسم شرطة البساتين مرتين في الأسبوع.
وفيما يقضي وقت التدابير بالقسم، وجد “أكسجين” نفسه ” على ذمة القضية رقم 1356 لسنة 2019، بنفس الاتهامات بالقضية السابقة بعد ساعات من إلقاء القبض عليه، وظل قيد الحبس الاحتياطي لمدة 14 شهرًا حتى أصدرت محكمة الجنايات قرارها في 3 نوفمبر 2020 قرارها بالاستعاضة عن الحبس الاحتياطي بتدبير احترازي.
لكن فوجئ محامو أكسجين بعدم الإفراج عنه، وضمه إلى القضية 855 لسنة 2020، فيما يعرف حقوقياً باسم (تدوير من الداخل) وضمت القضية إلى جانب أكسجين، المحامي الحقوقي محمد الباقر، واجها حينها اتهامات بنشر أخبار وبيانات كاذبة من شأنها إلحاق الضرر بالبلاد.

في 16 أكتوبر 2021 أحيل أكسجين إلى المحاكمة في القضية رقم 1228 لسنة 2021 أمام محكمة جنح أمن الدولة طوارئ، ليحصل على حكم بالسجن 4 سنوات.
اقرأ أيضًا:“وما لوش في السياسة”.. سنوات حمدي الزعيم السبع بين الحبس والتدابير
إضراب عن الطعام
كشفت مؤسسة حرية الفكر والتعبير في تقريرها، أن “أكسجين” أبلغ أسرته عن فك أحدث إضراب عن الطعام في مايو الماضي، مؤكدة أن أسرته تتحدث عن سوء حالته الصحية والنفسية أثناء الزيارة.
ودخل “أكسجين” في إضرابات عديدة عن الطعام، وسط حديث ذويه ومحاميه عن سوء معاملته داخل السجون ، وهو عادة ما تنفيه السلطات الأمنية مؤكدة حرصها على حقوق السجناء.

كما أقدم “أكسجين” على الانتحار مستخدمًا العقاقير الطبية داخل جدران سجن طرة شديد الحراسة 2، في أغسطس 2021، وفق توثيق مؤسسة حرية الفكر والتعبير وذلك بعد تدهور صحته النفسية بشدة بعد فترة وجيزة من حبسه الثاني.
تم إنقاذ حياته في اللحظات اﻷخيرة، ورجح محاموه أن هذا التدهور جاء بعد تعرضه لما وصفوه بـ”الانتهاكات” التي أفقدته الرغبة في الحياة داخل السجن.
في فبراير 2022 تُوفيت والدة أكسجين، ورغم موافقة السلطات المختصة على خروجه، لحضور الجنازة بعد تدخل وسطاء وحقوقيين، رفض الخروج، وهو ما اعتبر على نطاق حقوقي واسع تعبير عن حالة الضغوط النفسية الهائلة التي يرزح تحتها.
وكانت والدة أكسجين، دعت في فيديو مصور رائج، في العام 2018، إلى إطلاق سراح ابنها، رحمةً بها، وقالت : “معملش حاجه غلط، هو بيحب بلده والغلابة”.
