لماذا حررت البنوك بطاقات الائتمان وتركت “الخصم المباشر”؟

رفعت البنوك العاملة بالسوق المحلية حدود بطاقات الائتمان 50% مع تخفيض عمولة التحويل من 10% إلى 5%، في خطوة يستهدف البنك المركزي بها التأكيد على توافر العملة الصعبة وانتهاء السوق السوداء تمامًا.

البطاقة الائتمانية تسمح لحامليها بالشراء من خارج مصر أو السحب النقدي بعملة الدولة التي يتواجدون فيها، على أن يتولى البنك الذي يصدر البطاقة التسوية والسداد بالدولار بسقف ائتماني وبعمولة محددة.

وقرر البنك الأهلي المصري زيادة حدود الصرف ببطاقات الائتمان بالعملة الأجنبية بواقع 50%؜ لتتراوح ما بين المعادل لـ 37 و240 ألف جنيه عند السفر للخارج، وفقًا لنوع البطاقات الائتمانية، على أن تتراوح المشتريات بالعملة الأجنبية عبر البطاقات الائتمانية من داخل مصر بين المعادل لمبلغ 7 آلاف جنيه وحتى 90 ألفًا.

كذلك رفع بنك مصر حدود البطاقات الائتمانية بالعملة الأجنبية للإنفاق خارج مصر، ليصل حد الشراء الشهري لما يعادل 300 ألف جنيه لأعلى فئة من البطاقات الائتمانية، وكذلك فعل بتك القاهرة الذي رفع الإنفاق الدولي لبطاقة “التيتانيوم” لتصبح 100 ألف جنيه، و”البلاتنيوم” لتسجل 150 ألف جنيه و”ورلد إيليت” والشركات لتصبح 280 ألف جنيه.

ورفع البنك التجاري الدولي، أكبر بنك قطاع خاص بمصر الحد الشهري للمشتريات ببطاقات الائتمان بالخارج لتصل في بطاقات “”برايفت” لما يعادل 6200 دولار بدلًا من 4150 دولارًا.

كما زاد البنك حدود المشتريات من الخارج لتصل بقطاعي برايم وبلس إلى 1550 دولارًا بدلًا من ألف دولار، وقطاعات ويلس وبرايفت وبزنس بانكينج والشركات إلى 2000 دولار بدلًا من ألف دولار.

بطاقات الائتمان.. مؤشر لتوافر العملة

جاءت قرارات البنوك بالتزامن مع شائعات حول عودة السوق السوداء، الأمر الذي ارتد لارتفاع الدولار بالتعاملات الرسمية منذ عيد الأضحى المبارك، وهو ما نفاه البنك المركزي، سامحًا في الوقت ذاته بمرونة أكبر في بطاقات الائتمان المستخدمة بالخارج.

وكان البنك المركزي أصدر في أكتوبر الماضي، تعليمات تقيد استخدام بطاقات الائتمان بالخارج، من بينها منع تفعيل البطاقات الائتمانية الجديدة للاستخدام بالعملات الأجنبية حتى مرور 6 أشهر من تاريخ الإصدار لوقف عمليات التحايل لتسريب العملة للخارج حينهاـ

ولكن، عاد البنك حاليًا ليغير تعليمات بفتح حدود الاستخدام المقررة بالكامل للبطاقة الائتمانية لأي عميل دون الحاجة لتقديم أي مستندات بمجرد الاتصال بخدمة العملاء بالبنك المصدّر للبطاقة أو زيارته أحد الفروع لهذا الغرض.

ومع ذلك، اشترط البنك التزام العميل خلال فترة 90 يومًا من فتح تلك الحدود بالتقدم إلى البنك المصدّر للبطاقة، بما يثبت أن استخدامه للبطاقة كان أثناء سفره للخارج من خلال أختام المغادرة والوصول على جواز السفر الخاص به، أو بإرسال ما يثبت استمرار تواجده بالخارج إذا تجاوزت الفترة 90 يومًا.

ما موقف بطاقات الخصم المباشر؟

اقتصر قرار البنوك على بطاقات الائتمان وليس بطاقات الخصم المباشر التي وجه البنك المركزي المصري بوقف استخدامها للعملاء في الخارج خلال أكتوبر الماضي، على أن يقتصر استخدامها داخل مصر فقط، بسبب ما تم رصده من سوء استخدامها من جانب العملاء خارج البلاد، وفق بيان صادر عن “المركزي” حينها.

اقرأ أيضًا: السوق السوداء تُجبر “المركزي” على تخفيف ضوابط بطاقات الائتمان

بطاقات الخصم المباشر تصدر بالجنيه المصري، لكنها تسمح لحامليها بالشراء من خارج مصر أو السحب النقدي بعملة الدولة التي يتواجدون فيها دون حدود، على أن يتولى البنك الذي يصدر البطاقة التسوية والسداد بالدولار، أما البطاقة الائتمانية، فلها نفس الاستخدام، لكن بسقف ائتماني محدّد وبعمولة أعلى للاستخدام.

بحسب مصدر مصرفي، فإن كثير من المصريين بالخارج استغلوا بطاقات الخصم المباشر لتحقيق مكاسب شخصية على حساب استنفاد موارد النقد الأجنبي الشحيحة، مع تأكيد دراسات المركزي استنفاد 5 مليارات دولار من يونيو 2022 إلى 2023، وهذه القيمة تعادل ضعف الفترة نفسها من العام الماضي التي بلغت 2.25 مليار دولار فقط.

مؤشر على انتهاء أزمة الدولار

يقول الدكتور عز حسنين، الخبير الاقتصادي، إن بطاقات الائتمان عبارة عن قرض من البنك للعميل بضمان الراتب أو وديعة أو شهادة له، مع حد ائتماني يتم تحديده وفقًا للملاءة المالية للعميل وقدرته على السداد، ويسمح ذلك الكارت بالشراء النقدي أو المشتريات داخل أو خارج مصر.

وارتفعت أعداد البطاقات الائتمانية إلى نحو 5.249 مليون بطاقة بنهاية يونيو 2023، مقابل نحو 4.81 مليون في ختام الشهر نفسه من 2022، بزيادة قدرها 438.99 ألف كارت.

ويضيف “حسنين” أن تلك الكروت تتيح المشتريات من الداخل والخارج مقابل عائد للبنك سواء عمولة على كل عملية سحب أو فائدة على عمليات الشراء من الخارج بعد مرور 55 يومًا من علمية الشراء، موضحًا أن رفع البنوك الحدود الائتمانية للضعف معناه حلحلة أزمة الدولار لأن الشراء من الخارج يتم بالعملة الأجنبية والحساب يكون بالعملة المحلية.

وقد تحول صافي الأصول الأجنبية بالجهاز المصرفي في مصر ليسجل فائضًا بنحو 14.29 مليار دولار للمرة الأولى منذ 28 شهرًا بنهاية مايو الماضي، وفق البيانات الواردة عن البنك المركزي أخيرًا. ويشير صافي الأصول الأجنبية لما تمتلكه من ودائع ومدخرات بالعملة الأجنبية وتكون قابلة للتسييل في الأوقات التي يحتاج فيها البنك إلى سيولة لسداد التزاماته.

اقرأ أيضًا: الدولار بـ 47 ولا 53.. ما الذي سيُحدثه موسم الصفقات بالجنيه؟

ويوضح “حسنين” أن رفع حدود الائتمان يعطي طمأنينة في القطاع المصرفي وجود دولار يكفي لتغطية احتياجات العملاءـ كما يعطي إشارة باختفاء السوق السوداء تمامًا، والتي سببت مشكلة للقطاع المصرفي، وكبدت البنوك حوالي 8 مليارات دولار فارق بين سعر الصرف البنكي والسوق السوداء، مضيفًا أن القرار يعمل على زيادة ربحية البنوك باعتباره يستفيد من الفائدة والعمولة.

قرار تحرير بطاقات الائتمان يعبر عن تحسن الوضع المالي

الدكتور أشرف غراب
الدكتور أشرف غراب

يقول الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، إن القرار يشير إلى تحسن في الوضع المالي بالسوق المحلية، وهو ما يسهم في دعم زيادة الإنفاق الاستهلاكي للعملاء داخل البنوك، كما أنه يسهم في تنشيط القطاعات التجارية والسياحية.

ويوضح “غراب” أن القرار جيد وجاء في توقيت مناسب، وهو يؤكد توافر النقد الأجنبي بكميات كبيرة لدى البنوك. كما أن رفع حدود الصرف على بطاقات الائتمان يهدف لتوفير احتياجات العملاء من العملة الصعبة. وهذا يؤدي إلى تنشيط عجلة الإنتاج بالسوق المصري وتنشيط وتعزيز الاقتصاد الوطني.

ويشير إلى أن القرارات التي اتخذها البنك المركزي خلال مارس الماضي من إقرار سعر عادل ومرن للدولار قضت على السوق السوداء للعملة، وأعادت تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى المصارف الرسمية، والتي ارتفعت خلال الفترة الماضية ما زاد من تدفقات النقد الأجنبي بالبنوك.

وارتفع صافي احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري إلى أعلى مستوياته منذ حوالي 4 أعوام، مستفيدًا من صفقة رأس الحكمة مع دولة الإمارات وتمويلات من مؤسسات دولية، ساهمت في تخفيف حدة أزمة الاقتصاد المصري.

بلغ صافي الاحتياطيات الدولية لدى مصر 41.057 مليار دولار في نهاية أبريل من 40.361 مليار دولار في الشهر السابق. ويُعد هذا أكبر احتياطي منذ فبراير 2020 عندما وصل لمستواه التاريخي البالغ حوالي 45.5 مليار دولار.

ويلفت “غراب” إلى أن القرار جاء في توقيت هام ومناسب يعد بمثابة رسالة طمأنة لعملاء البنوك والمستثمرين بتوافر العملة الصعبة من الدولار بالمصارف الرسمية بكميات كافية لتتناسب مع احتياجاتهم ومتطلباتهم ما يؤدي لزيادة القوة الشرائية ونمو حركة التجارة، وييسر على المسافرين بالخارج ويخفف الضغوط عنهم، ويؤكد نجاح القطاع المصرفي في زيادة السيولة الدولارية وأنه يسير في الطريق الصحيح.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة