الأزمة الاقتصادية وكراهية اللاجئين

تصاعدت في الآونة الأخيرة خطابات الكراهية والعنصرية والنبذ تجاه اللاجئين – بشكل أعنف على مواقع التواصل الاجتماعي- كنتاج طبيعي للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية والتي لا تخفي على أحد. في ظروف كهذه ينظر الإنسان لنفسه على أنه يدور في حلقة مفرغة من البحث عن لقمة العيش والوصول بصعوبة لحد الكفاف تحت تأثير عجلة الرأسمالية التي لا ترحم أحدا.

تشتد الأزمة ويدخل الفرد في دوامة العمل المستمر على مدار اليوم لتلبية احتياجاته وأسرته، فلا يجد وقتًا لنفسه أو لعائلته، لا وقت لقراءة كتاب أو مشاهدة فيلم أو الذهاب للمسرح مثلا ويتحول إلى مجرد  ترس في آلة عملاقة  ما يؤدي إلى تضاؤل شعوره الإنساني وتعاطفه مع الآخرين تدريجيا، بل وقد يصل الأمر إلى الكراهية والرفض وعقد المقارنات بينه وبين الآخرين  خاصة إذا كان الآخر لاجئ ولا يعاني نفس الأزمات الاقتصادية التي يعانيها هو فيقوم بإسقاط غالبية مشاكله الاقتصادية على الآخرين عامة والأقليات الجندرية والدينية والعرقية وكل ما هو مختلف بشكل خاص  كنوع من أنواع  الحيل الدفاعية والتبريرات التي قد تكون مريحة نفسيًا وأحد دوافع الاستمرار لدى  البعض.

اقتصاديًا، قال فيليبو غراندي، مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين في تصريح سابق، وقبل أن تشتد الأزمة الاقتصادية بهذا الشكل:”أشعر بقلق عميق إزاء حقيقة أن ثمانية من أصل 10 لاجئين في مصر يعيشون في أوضاع إنسانية بائسة، ولا يمكنهم تلبية حتى أبسط احتياجاتهم. ويعتبر الحصول على لقمة العيش تحديا يوميا لهم. يحتاج هؤلاء اللاجئون إلى مساعدة إنسانية كافية وفي الوقت المناسب. ولكن مع ذلك، فنحن عاجزون الآن عن تزويدهم بالاحتياجات الضرورية أو المحافظة على برامجنا الأساسية لحماية اللاجئين في هذا البلد.”

اقرأ أيضًا:“حسام” و”ولاء”.. حكايات العابرين/ات إلى إثبات الهوية

على أرض الواقع، فإن الأقليات الجندرية من اللاجئين هم الأكثر تأثًرا بهذا التطرف المجتمعي نتيجة تجمع أكثر من عامل للكراهية تجاهه، فهو ليس لاجئ فقط بل وأيضًا من أفراد مجتمع الميم عين “مجتمع المثليين والمثليات ومزدوجي الميول الجنسية والعابرين والعابرات جنسيًا”

س. م. وهي لاجئة عابرة جندريا، تتحدث إلينا عن أشكال و أنواع الإساءات والمخاطر الأمنية والمجتمعية التي تتعرض لها. تقول:” لم أكن أتخيل وأنا أخطو خطواتي الأولى في مصر منذ ثلاث سنوات أن تكون حياتي صعبة بهذا الشكل، منذ وصولي للقاهرة وأنا أجد صعوبة في الحصول على الهرمونات وفي الوصول لسكن مناسب بسبب مظهري اللا معياري الذي يتعارض مع أوراق ثبوتيتي والذي يتسبب في طرح الكثير من الأسئلة من المؤجرين تنتهي عادة برفضي كمستأجرة أو إلى ابتزازي بدفع قيمة الإيجار مضاعفة ، لا أعمل حتى الآن وأمي ميسورة الحال تقوم بمساعدتي  وترسل لي الأموال بشكل منتظم شهريا على أمل أن يتحسن وضعي”

تضيف الفتاة الثلاثينية:” عندما ترسل لي أمي الحوالة أطلب منها دائمًا أن ترسلها باسم أحد أصدقائي موضع الثقة لكي أتفادى أسئلة ونظرات الشك والريبة من الموظفين. في إحدى الشهور مرضت صديقتي ولم تستطع الذهاب لتلقي الحوالة واضطررت للانتظار دون أموال حتى تم طردي من السكن لتبدأ رحلة أخرى من البحث عن سكن بكل مخاطرها وما تحويه من بحث عن مكان مناسب وأسئلة ومخاطر متعددة، أفكر ألف مرة قبل النزول لشراء احتياجاتي أو لمقابلة أحد أصدقائي خوفًا مما قد أتعرض له من انتهاكات مجتمعية أو أذى”.

تروي “س” أنها ذات مرة خرجت برفقة صديقتها وتم استيقافها من شخص بملابس مدنية مدعيًا أنه من أفراد الأمن، وسألها:” أنت ولد ولا بنت؟ ” ثم قام بالتحرش بها وهرب. أدركت أنه لا يمكن أن يكون شرطي ويقوم بمثل هذا الفعل أو حتى لا يسأل حتى عن أوراق ثبوتيتها ولكن الخوف دفعها للصمت إزاء فعلته.

لاجئ آخر ينتمي لمجتمع الميم عين يحكي:” أنا شخص مثلي الجنس وذو بشرة سمراء، أتعرض لكم تنمر وإساءات لم أكن أتخيلها في حياتي. في إحدى المرات عدت لسكني متأخرا واستوقفني بعض الشباب في الطريق ليقوموا بضربي وسرقة ممتلكاتي، وشتمي بأبشع الألفاظ والتنمر علي شكلي بل ووصل الأمر إلى تهديدي في حال عدم رحيلي عن هذه المنطقة. لم أجرؤ على التقدم ببلاغ وانتقلت من سكني في اليوم التالي، مرة أخرى قام جار لي يعرف نفسه أنه ذو ميول جنسية معيارية بالتحرش بي، شتمني وهددني، حتى الآن لم أفهم أسباب ما قام به أو أجد مبرر له، لم أتعاف من هذا الأذى حتى اليوم”.

 

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة