أزمات الصحفيين والإعلاميين في الربع الثالث من 2023

في تقريرها ربع السنوي -الصادر حديثًا- عن حالة حرية التعبير في مصر، رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير "أفتي" استمرارًا لما وصفته بـ"الانتهاكات لحرية الصحافة والإعلام"، تنوعت ما بين أزمات القبض على صحفيين، وحذف مقالات رأي. وقد وثقت المؤسسة -المعنية بنشر التقارير الرصدية لحالة حقوق الإنسان في مصر- عددًا من "الانتهاكات" قالت إنها رصدتها في الفترة من 1 يوليو إلى 30 سبتمبر 2023. وشملت في أبرزها:

أزمات الصحفيين.. كريم أسعد و"متصدقش"

في 19 أغسطس الماضي، أعلنت منصة "متصدقنيش" الصحفية المستقلة المتخصصة بالتحقق والتدقيق الإخباري، والتي أسسها الصحفي الراحل محمد أبو الغيط عام 2018 أثناء إقامته في لندن، القبض على عضو فريق تحريرها الصحفي كريم أسعد، في الواحدة صباحًا اليوم نفسه، بعد أن اقتحمت منزله قوة أمنية من مسلحين بملابس مدنية، وضربوا زوجته وهددوا طفلهما وبعثروا محتويات الشقة، ثم اصطحبوا كريم إلى مكان غير معلوم.

وأورد بيان المنصة أن "كريم" لم يُسأل أثناء احتجازه سوى عن تغطية الصفحة لحادث طائرة زامبيا القادمة من مصر. وكانت السلطات في زامبيا قد أعلنت احتجاز طائرة قادمة من القاهرة إلى لوساكا، وعلى متنها 5.7 مليون دولار نقدًا، و602 سبيكة معدنية اشتبه في كونها من الذهب، وخمسة مسدسات مع 126 طلقة. بينما أكد نقيب الصحفيين خالد البلشي فيما بعد إطلاق سراح "أسعد" بعد التواصل مع الجهات المعنية. وذلك بعد احتجاز دام قرابة 48 ساعة.

وقد أشارت "أفتي" نقلًا عن المنصة أنها تعرضت خلال هذه الفترة لاختراق أمني، وحذف موضوعين على حسابها بـ"فيسبوك"، يتعلقان بتغطية حادث الطائرة الزامبية القادمة من مصر. وقد تناول الموضوعان تورط عدد من المسؤولين في القضية، ولفتت المنصة في البيان إلى تعرض فريق عملها من الصحفيين لهجوم أمني موازٍ للاختراق الإلكتروني.

الحجب الذاتي.. "ذات مصر"

كذلك، وثقت "أفتي" في الربع الثالث من العام الحالي، تجدد استهداف السلطات الأمنية للمواقع الصحفية، حيث تعرض موقع "ذات مصر" لـ"ضغوط شديدة" وفق شهادة مسؤول بالموقع للمؤسسة، أجبرته على تعطيل الموقع لمدة 24 ساعة في 27 أغسطس الماضي، إذ فوجئ الجمهور بتعذر الوصول إلى الموقع، وظهرت صفحة بيضاء مكتوب عليها "مغلق للصيانة".

وقف الموقع جاء بقرار من إدارته خوفًا من المساءلة
وقف الموقع جاء بقرار من إدارته خوفًا من المساءلة

وقد جاء ذلك بعد أيام من نشر الموقع حوارًا، مع وزير السياحة الأسبق منير فخري عبدالنور، أجراه رئيس مجلس إدارة الموقع صلاح الدين حسن، تطرق فيه إلى الأزمة الاقتصادية والانتخابات الرئاسية التي تتدخل فيها "أجهزة" بحسب وصف عبدالنور. قبل أن يعود الموقع إلى العمل بعد 24 ساعة بعد حذف حوار عبدالنور.

ونقلت "أفتي" عن مصدر داخل الموقع أن إدارة الموقع أوقفت "ذات مصر" عن العمل لمدة قاربت الـ 24 ساعة. ولجأت إلى هذا الأمر بعد ما أحدثه حوار منير فخري من مشاكل كبيرة -لا يمكنه الإعلان عنها- في "محاولة من إدارة الموقع لامتصاص الغضب".

ويعد حوار عبد النور هو الحوار الثالث في سلسلة حوارات صحفية أثارت الجدل، أجراها صحفيو "ذات مصر"، مع شخصيات عامة للتعليق على الأوضاع، جاء الحوار الأول فيها مع نائب رئيس حزب مستقبل وطن حسام الخولي، الذي قرر الانسحاب من الحوار وعدم إكماله بعدما واجهه رئيس تحرير الموقع معوض جودة، بسؤاله الأول حول علاقة الحزب بالأجهزة الأمنية، وفق "أفتي"، التي نقلت عن المصدر أن تلك الأزمات التي يتعرض لها الموقع ترجع إلى الانطلاقة الثانية للموقع، لأنه بدأ في الاشتباك السياسي أكثر من ذي قبل، نظرًا إلى طبيعة المرحلة.

اقرأ أيضًا: ماذا قالت "أفتي" عن الانتخابات الرئاسية وحرية التعبير؟

مقالات يحيى حسين عبد الهادي

وفي السياق نفسه وبتاريخ 21 يوليو الماضي، أعلن القيادي بالحركة المدنية الديمقراطية، المهندس يحيى حسين عبدالهادي، عبر حسابه الشخصي بـ"فيسبوك" أن "القائمون في موقع ذات مصر اضطروا لرفع مقاله (مَنْ يتحدث باسم مصر؟) بعد ساعاتٍ من نَشره". وأضاف: "أعتذر عَمَّا سَبَّبَه لهم المقالُ من حَرَج". بينما رفض بعد ذلك التعليق على الأمر بأكثر من ذلك. وكان المقال بحسب ما نشره عبد الهادي يتناول ما حدث في الانتخابات الرئاسية عام 2018 ومقارنتها بالانتخابات الحالية.

ونقلت "أفتي" عن أحد المصادر بإدارة موقع "ذات مصر"، أنه بعد نشر مقال المهندس يحيى حسين عبدالهادي: "تلقينا إشعارًا أن المقال سيعرضنا لمشاكل قانونية، وبالتالي تم حذفه، حتى لا نتعرض للمساءلة القانونية"، من دون أن يوضح من أيّة جهه تحديدًا تلقى هذا الإشعار.

وقد مثل المهندس يحيى حسين عبد الهادي، أكثر من مرة، أمام محكمة جنح مدينة نصر، بعدما وجهت النيابة إليه تهمة إذاعة أخبار كاذبة فى الخارج والداخل من خلال نشر عدد من المقالات التي من شأنها تكدير الأمن والسلم العام وإلقاء الرعب في نفوس المواطنين. وذلك بموجب المادة 80 د و102 مكررًا من قانون العقوبات الواردة  ضمن الجنح المضرة بأمن الدولة. حيث تعلق موضوع الاتهام بمقالات رأي حملت عناوين "متى يتكلمان" و"العار والحوار" و"بل يجب الإفراج عن الجميع بما فيهم الإخوان". ذلك رغم الحماية التي فرضها الدستور المصري على حق جميع المواطنين في حرية الرأى والتعبير، وحظر الحبس فى قضايا النشر.

وقررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة نوفمبر المقبل. وكان عبدالهادي قد حصل في 31 مايو 2022 على عفو رئاسي عن عقوبة السجن أربع سنوات، المقضي بها في القضية رقم 558 لسنة 2021 جنايات أمن دولة طوارئ مدينة نصر ثان، والمتهم فيها بنشر أخبار كاذبة في إحدى مقالاته.

أزمات الإعلاميين.. رضوى الشربيني

رصد تقرير "أفتي" أيضًا، إعلان إدارة قنوات CBC، في 2 يوليو الماضي إحالة المذيعة رضوى الشربيني إلى التحقيق، بسبب منشور في صفحتها الشخصية، قالت إنه "تسبب في إساءة لاسم المذيعة رضوى الشربيني، مقدمة برنامج (هي وبس)، على قناة (سي بي سي سفرة)، والتي كتبت في صفحتها عبر فيسبوك: مش فاهمة ليه البنات ما بتحبش تاكل لحم الخروف بس بتحب ترتبط بيه؟ وهو ما أثار تفاعلًا وانتقادات واسعة لها".

وقالت إدارة قنوات CBC، في تغريدة عبر حسابها الرسمي في تويتر: "تعلن إدارة قنوات cbc عن تحويل المذيعة رضوى الشربيني للتحقيق، بسبب البوست الذي قامت بنشره على صفحتها الشخصية والذي تسبب في إساءة لاسم المؤسسة، رغم أنه لم يذاع أو ينشر على أي منصة من منصات القنوات".


وقد انتقد تقرير "أفتي" ما وصفته بفرض الوصاية المجتمعية والرقابة على الصفحة الشخصية للإعلامية من قبل إدارة القناة، التي حولتها إلى التحقيق لكتابتها منشورًا ساخرًا على صفحتها الشخصية "فيسبوك". وذكر التقرير أن هذا الأسلوب متكرر من قبل إدارات القنوات المملوكة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، دون أن يُعلن عن أيّة نتائج لهذه التحقيقات. وذكر أنه فيما يبدو أن الهدف من تلك القرارات هو استيعاب غضب جمهور مواقع التواصل الاجتماعي.

 

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة