” أنا عشت معاه أقل من سنة، حاليا بتعالج من كرب ما بعد الصدمة ونوبات الهلع والاكتئاب” كانت هذه أولى كلمات “ولاء محمود”- اسم مستعار- عما عانته مع طليقها من عنف جسدي ونفسي.
ربما تعتقدين أن المشاكل في علاقتكِ ليست بالأمر الكبير، فشريككِ يصفعكِ فقط في المشاجرات الكبيرة والعنيفة، أو يهينكِ فقط بعد يوم عمل سيء، سأخبركِ أمرًا، كل هذا وغيره يعتبر عنفًا منزليًا وفي الغالب سيزداد الأمر سوءا بمرور الوقت.
تعرف الأمم المتحدة العنف المنزلي على أنه نمط من السلوكيات يهدف إلى فرض السيطرة والسلطة على الشريك، هذه السلوكيات تشمل الإساءة الجسدية والجنسية والنفسية والعاطفية والاقتصادية أو التهديد بهذه السلوكيات
تعرضت “ولاء” للضرب والإهانات ومحاولة إجهاض، وسرقة ممتلكاتها من الذهب
العنف المنزلي هو أي سلوك يخيف ويهين ويعزل ويسيطر على الشخص الآخر
“أول مرة ضربني كنت بالشهر الثالث للحمل، ضربني بالكرسي عشان أجهض”. لم تجهض ولاء ولكن عانت من آثار سلبية طوال الحمل.
العنف الجسدي يشتمل على الضرب، شد الشَعر، العض، الإجبار على تناول المخدرات أو الكحول، الحرمان من الرعاية الطبية، إيذاء حيواناتك الأليفة، أو أطفالكِ أو تدمير ممتلكاتكِ
لم يكتفِ طليق ولاء بضربها بغرض الإجهاض، بل عندما عانت من ولادة مبكرة في آخر شهرها السابع ” مصدقش إني بولد، هو آخر واحد وصل المستشفى، وكان بيزعقلى علشان هيدفع ١٢ ألف تمن الولادة”
العنف الجنسي هو نوع من العنف الجسدي، في أي وقت تشعرين أنكِ مجبرة على أي فعل جنسي لا تريدينه لأنكِ لستِ في مزاج جيد أو لأي سبب آخر، فهذا اعتداء جنسي.
“كنت أول جوازي زي أي بنت خايفة وأخدت وقت، كان يفتح شبابيك البيت ويقعد يصرخ إني مش بديه حقه الشرعي وإني مش ست، وهينزل يدور على واحدة تديه وهيتجوز عليا” هذا ما عانته ولاء، وما تعانيه أيضًا العديد من البنات الأخريات
العنف العاطفي أو النفسي يمكن أن يكون لفظيًا أو غير لفظي، الهدف منه هو إفقادكِ ثقتكِ بنفسك، والتخلص من استقلاليتك، ومن صوره المعروفة الصراخ عليكِ ويدعيكِ بأسماء أخرى، يشعركِ بالخزي والعار، يلومكِ، انتقادكِ باستمرار، يعزلكِ عن الآخرين ويخرب علاقتكِ بهم، التهديد بإيذاءكِ أو إيذاء الآخرين.
تعرضت ولاء لمحاولات إقناع بأنها مريضة ويجب أن تُعالج وأنها تعاني من تهيؤات “بنزل من البيت متأكدة إني قفلت الشبابيك والأبواب، يرجع بغيابي يفتحهم ويقولي إني ناسية والأمن بلغه يجي، وطبعا دا كله عشان يسرق الدهب”
ومن صور عزل ولاء عن الآخرين “أي حد كان عارف إنه بيعزني كان يروحله يقوله كلام يطعن بشرفي، ويقولهم إني بطلب منه يجبلي خمرة وحشيش”
أما العنف الاقتصادي، لا يتعلق الأمر بشخص واحد يدير الشؤون المالية للأسرة، بل يحدث ذلك عندما يبقى المعتدي شريكته معتمدة عليه ماليًا من خلال التحكم في المال، وبالطبع عندما لا يسمح لكِ بالحصول على وظيفة
عادت ولاء في نصف شهرها الخامس لطليقها بعدما ضربها لغرض الإجهاض ” علشان فكرت مين هيصرف على ابني، هربيه لوحدي ازاي!” وذلك بعد طلبه أصلا في فترة الخطبة توقفها عن العمل نهائيا
أحيانا يحاول الشريك المسيء إلقاء اللوم عليكِ بقوله أشياء مثل “ما قلته جعلني أتصرف بهذه الطريقة”، “أنتِ بدأتِ هذا”
إذا كان شريككِ يلقي باللوم عليكِ فإنه يدعي أنكِ مسؤولة بنفس القدر عن طريقته في التصرف بهذا الشكل المسيء، فهدفه هو التلاعب بكِ ليجعلكِ تعتقدين بأنكِ فعلتِ شيءً يستحق هذه المعاملة السيئة، لأنه من السهل عليه التحكم بكِ إذا اعتقدتِ أنكِ مخطئة.
من المهم التذكر أن الدفاع عن النفس والمقاومة العنيفة ضد الإساءة لا يجعلكِ ذلك مسيئة، إذا صرختِ في وجهه، أو تشاجرتِ معه، أو استخدمتِ القوة البدنية لدفعه عنكِ والدفاع عن نفسكِ فهذا لا يعد إساءة
مع مرور الوقت يؤدي سوء المعاملة إلى تدني احترام الذات، انخفاض في تقدير القيمة الذاتية، ضغط نفسي، كرب ما بعد الصدمة.
” اقتنعت إن أنا اللي عندي مشكلة، وفقدت ثقتي بنفسي، بقيت شايفة إني مش ست فعلا” هذا ما شعرت به ولاء خلال فترة زواجها
يميل الشركاء المسيؤون إلى عزلكِ عن أهلكِ وأصدقاءكِ، قد يجعلكِ هذا تشعرين بالوحدة وأن ليس هناك من تلجأين إليه، لكن تذكري دائمًا يوجد شخص واحد على الأقل تلجأين إليه.
“طفل ولاء توفى بعد أسبوع من ولادته، ولد بضمور بالدماغ بعد أسبوع عاشه على جهاز التنفس بالحضّانة” ولاء لم تر ابنها إلا لثواني معدودة، رفض أهلها السماح لها برؤيته.
لم يتوقف عنف شريكها عند هذا الحد بل وصل إلى ” كان يروح المستشفى يتخانق مع الدكاترة عشان يشيلوا جهاز التنفس من عليه، ويقول مش هدفع فلوس لولد ميت، لما الولد توفى معيطش ولا هو اللي دفنه”
إذا كنتِ في علاقة مسيئة حاولي إذا استطعتِ تحرير محضر في الشرطة بالجريمة التي وقعت عليكِ، وتواصلي مع إحدى الجمعيات والمؤسسات التي تعني بالنساء المعنفات مثل مركز قضايا المرأة المصرية، مركز النديم لضحايا العنف الأسري، بيت حواء وغيرهم من المؤسسات.