نجوى سيدة تشكو دائما سوء معاملة زوجها، فهو زوج شبه عاطل يعمل أحيانا وأحيانا كثيرة يقرر المكوث في المنزل، وعلى زوجته أن تدبر أحوالها وأحوال الأولاد واحتياجات المنزل. ورثت "نجوى" شقة سكنية بعد وفاة والدها، ولكن الزوج قرر أن تكتب هذه الشقة باسمه، وعندما اعترضت، رد عليها: "أنا الراجل وربنا قال: الرجال قوامون علي النساء".
بعض التفسيرات الخاطئة لآيات القرآن يعمل علي ترسيخ التمييز بين الجنسين مما يؤدي إلى تأكيد فكرة أن الرجال أعلى منزلة من النساء، وأن لهم حقوق وواجبات تفوق حقوق وواجبات النساء. كذلك، تعمل مثل هذه التفسيرات على تبرير العنف ضد النساء، وتُستغل لشرعنة العنف ضد الضرب أو الزواج بغير رضا.
كذلك تعمل هذه التفسيرات علي تحديد دور النساء في المجتمع وحصرها في الأدوار التقليدية، مثل دور الأم والزوجة فقط.
يتعرض 5 ملايين و600 ألف امرأة للعنف على يد الزوج أو الخطيب سنويًا، وفقًا لمسح التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2015.
بسم الله الرحمن الرحيم (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا )، سورة النساء:34
تفسير بن كثير
(الرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى النِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنفَقُوا۟ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ)
أي: الرجل قيم على المرأة، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت.
(فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ)
أي: فالصالحات منهن مطيعات لأزواجهن حافظات للغيب أي لفروجهن وغيرها في غيبة أزواجهن بما حفظ الله لهن حيث أوصى عليهن الأزواج.
(وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهْجُرُوهُنَّ فِى ٱلْمَضَاجِعِ وَٱضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا۟ عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا).
أي: واللاتي تخافون نشوزهن أي عصيانهن لكم بأن ظهرت أمارته فعظوهن فخوِّفوهن الله واهجروهن في المضاجع اعتزلوا إلى فراش آخر إن أظهرن النشوز واضربوهن ضربا غير مبرح إن لم يرجعن بالهجران فإن أطعنكم فيما يراد منهن فلا تبغوا عليهن سبيلا طريقا إلى ضربهن ظلما إن الله كان عليا كبيرا.
ونجد تفسير مختلف للشيخ الشعراوى للآية 34 من سورة النساء كالآتي:
إن الكثير من الناس يفهم كملة "قَوَّامُونَ" على أنه تميز وتعظيم لقدر الرجل عن المرأة، وهذا عكس المراد من تفسير الآية.
فوفق فضيلة الشيخ الشعراوى، معنى كلمة "القوامة" أي القائم بجميع الأعمال، ويعنى هذا أن الآية الكريمة تؤكد على الرجال تعزيز وتكريم المرأة وتلبية جميع طلباتها، قائلاً: "يعنى مش سى السيد لا يعنى الرجل خادم لزوجته".
وأوضح إمام الدعاة أن المرأة مكرمة فى الإسلام بتأكيد من القرآن الكريم والسُنة النبوية المطهرة، ولذا وجب على الجميع تصحيح المفاهيم المغلوطة عن حق المرأة فى الإسلام، وكذلك في المعاملة بين الرجل والمرأة.
وقال الشيخ خالد الجندي عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بموقع "صدى البلد" إن الفقه الذكورى دمر الأمة الإسلامية، وجعل كل الآراء لصالح الرجل، ونزع الإنسانية من بعض النسوة، وحولهن إلى قطيع، وهذا غير مقبول.
وأضاف الجندى، خلال حلقة برنامجه "لعلهم يفقهون": "الله كرم المرأة، ولم تسترد حقوقها، فالطريق مازال طويلا طالما توجد فتاوى ظلامية، تهمش من دورها، وتعتبر صوتها عورة، من قبل الجماعات السلفية".
وشدد على أن المرأة لم تسترد حقوقها حتى الآن، والحديث عن استرداد المرأة لحقوقها خديعة إعلامية، طالما أن هناك محاولات لإقصاء المرأة وإبعادها عن دورها الحضاري في المجتمع، وطالما أن هناك فتاوى ظلامية تنظر للمرأة على أنها بأكملها عورة، وأن المرأة ليس لديها الحق في التملك أو الإدارة أو الحكم وتولي المناصب الإدارية أو التعليم.
وفي مقال للدكتور خالد منتصر علق فيه علي تفسير ذكره الأمام الأكبر شيخ الأزهر علي ضرب الزوجة، حيث قال الإمام الأكبر (أن ضرب الزوجة مشروط بعدم تكسير العظام وهو لتأديب الزوجة الناشز)، وأضاف الإمام (يعنى اضربها بمسواك أو فرشاة أسنان).... وهنا رد الدكتور خالد منتصر (وأنا العبد الفقير إلى الله أقول فى وسط خرس مجتمعي مريب وأمام صمت المجلس القومي للمرأة على هذا الرأى أقولها وبملء الفم وبمنتهى الاحترام لشخص ومكانة الإمام، إن الضرب إهانة للمرأة سواء بالكرباج السوداني أو بفرشاة أسناني! إهانة كسر الروح أخطر من كسر العظم)،
واستشهادا لمعاملات النبي صلي الله عليه وسلم في معاملاته مع النساء، جاء نسوة إلى بعض زوجات النبى صلى الله عليه وآله وسلم يشتكين ضرب أزواجهن لهن، قال صلى الله عليه وسلم لصحابته الكرام: "لقد طاف الليلة بآل محمد سبعون امرأة كلهن يشتكين من الضرب، وأيم الله لا تجدون أولئك خياركم"، وقال كذلك: (أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِنِسَائِهِم).
Musawah حركة نسوية عالمية من أجل المساواة والعدالة في الأسرة المسلمة.
نشرت في إحدي المقاطع الصوتية هذا التفسير "أن هناك فرق شاسع بين مفهوم الشريعة ومفهوم الفقه، النص القرآني يتعامل مع المرأة كإنسانة عاقلة وبالغة ومسئولة وليست في حاجة لمن ينوب عنها في كل صغيرة وكبيرة".
القوامون كلمة تعني الحماية والرعاية ولا تعني التسلط بأي شكل من الأشكال، ومرتبطة بالدرجة الأولي بالقسط وبالعدل.