كما اعتدنا في كل عام، يحتفل العالم الأول بالأيام العالمية التي قد أطلقتها الأمم المتحدة لإرساء قيم العدل والانسانية، ومنهم يوم الطفولة الموافق 20 نوفمبر من كل عام، هذا اليوم الذي كنا في مدارسنا قديما نتغنى بالبراءة ويحتفل العالم معنا كأطفال نخطو خطواتنا الأولى في العالم، ونضع فوق رؤوسنا طوق من الورد حتى نتزين في يوم الطفل العالمي.
تم اعتماد إعلان حقوق الطفل في نفس اليوم من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1959، واعتماد اتفاقية حقوق الطفل في عام 1989.
تعد اتفاقية حقوق الطفل من بين أبرز معاهدات حقوق الإنسان التي تم التصديق عليها على نطاق واسع، حيث وقّعت 196 دولة عضو في الأمم المتحدة على هذه الاتفاقية، ممثلة مكملة لحقوق الإنسان، ومع ذلك، تظل الولايات المتحدة الوحيدة من بين 197 دولة عضو غير المصدّقة على هذا الاتفاق.
الاتفاقية تقوم على أربعة مبادئ أساسية: الحق في الحياة والبقاء والنمو وعدم التمييز المجحف والحق في الاستماع إلى الطفل، المصالح الفضلى للطفل.
أمام ما يحدث في غزة والسودان والكونغو وأوغندا وغيرها من الدول المنكوبة على يد الاستعمار والاحتلال، تقتل الطفولة وتنتهك كل الاتفاقيات أمام أعيننا وتنتهي أحلام آلاف الأطفال بقتلهم كل يوم بما يعادل طفل من بين كل 200 طفل في غزة وحدها، بمعدل طفل كل 15 دقيقة ووصل حتى الآن عدد الضحايا من الأطفال 5500 طفل.
لقد تأذى أطفال غزة كثيرا بسبب التصعيد العنيف الأخير منذ 7 أكتوبر 2023 فقد أزهقت الأرواح وتمزقت الأسر، ولحقت آثار مدمرة بالأطفال، إلى جانب تدمير المدارس والملاجئ وتهجير الآلاف من الأسر، والآثار الصحية الجسيمة التي تلحق بهم من حيث سوء التغذية وشرب المياه الملوثة واستنشاق أبخرة سامة جراء القصف، وخسارة الآلاف من الأطفال منزلهم وحياتهم ولكن كذلك تعرضهم لصدمات شديدة بسبب المشاهدة العنيفة والقاسية التي يشهدها الأطفال أثناء العدوان على غزة.
وفقا للأمم المتحدة فإن في السودان هناك 1.6 مليون طفل وطفلة نازحين بحاجة إلى مساعدة بما فيهم من يعيشون في المناطق المتضررة من النزاع. حيث أن 61% من الأشخاص النازحين داخليا في المخيمات هم من الأطفال و65% من اللاجئين تقريبا في السودان هم أطفال. يعاني الكثير منهم من الصدمة قبل وأثناء رحلتهم إلى السودان، مما يعرض الأطفال لخطر أكبر من الإيذاء والاستغلال والعنف.
كما يعاني ما يُقدّر بـ 2.3 مليون طفل وطفلة من سوء التغذية كما أن نصف حالات الوفاة في الأطفال دون سنّ الخامسة نتيجة سوء التغذية. حيث يعاني 694000 طفل وطفلة من سوء التغذية الحادّ ويصارعون من أجل البقاء.
تعاني 11 مدينة في السودان من انتشار سوء التغذية بنسبة تزيد عن 15%. وهذه النسبة أعلى من عتبة الطوارئ حسب معايير منظمة الصحة العالمية. ويعاني واحد من كل ستة أطفال في السودان من سوء التغذية الحادّ. يحتاج حوالي 820000 طفل وطفلة دون سنّ الخامسة إلى الحصول على الرعاية الصحية، بما في ذلك التطعيم والخدمات المنقذة للحياة الأساسية. وذلك يجعلنا أن نشير إلى أن حوالي 36% من مرافق الرعاية الصحية الأولية في جميع أنحاء السودان هي مرافق غير صالحة تماما للعمل، إما بسبب نقص في طواقم العمل أو بسبب تردي البنية التحتية المادية.
هذه هي أوضاع الأطفال في المنطقة المحيطة بنا شرقا وجنوبا، ويأتي علينا يوم الطفولة العالمي في هذا العام ليذكرنا بأن كل ما يردده العالم الأول من شعارات إنسانية تتنافى تماما مع ما يصنعه في بلادنا، كل هذه الأوضاع المزرية التي يعيشها الأطفال بسبب المستعمر الأبيض وأعوانه هي تتم تحت مرأى ومسمع العالم أجمع . لنقف جميعا أمام انتهاك الاتفاقيات وتخاذل عالمي مخزي يقف مكتوفي الأيدي بل مشجع على قتل الأطفال كل يوم دون تحرك دولي قانوني تجاه المعتدي، بل تأييد وتبرير القتل تحت راية الدفاع عن النفس. عار على هذا العالم الذي حول اليوم الطفولة إلى عدو يحارب ويحرم من حقه الأساسي في الحياة، وإن عاش ولم يقتل عاش ذليلا!