هل أنا توكسيك؟

“كنت أفكر كيف الناس حولي ليسوا أسوياء أبدًا. أعرف ذلك، فقد راقبتهم كثيرًا، يتجنبونني دائمًا حتى يمكنهم الحديث عني كيفما شاؤوا. يخشون مواجهتي؛ لأنني أتفوق عليهم دائمًا. حتى من كنت لأجلهم شمعة تحترق من فرط اهتمامي ومحبتي، تركوني بمنتهى البساطة!” كان هذا اعتقادي حتى اكتشفت أنني شخصية سامة.

هذا ما قالته (ليزا) التي تبلغ الخامسة والعشرين من عمرها في إحدى جلسات الدعم النفسي.

سمعنا كثيرًا مصطلح الشخصية “السامة” أو “توكسيك” وهي الأكثر شيوعًا لوصف الشخص الذي يملأ حياة المحيطين به صخبًا، ويكون مصدر قلق وتوتر وإزعاج حتى لأقرب الناس إليه، يتركهم في حالة دائمة من الصراع مع النفس الممزوج بالألم النفسي والعاطفي.

لا يولد أصحاب الشخصيات السامة هكذا، بل يتعرضون لمجموعة من العوامل تخلق شخصياتهم “التوكسيك”. وقد تتسبب مجموعة من الأمراض النفسية -وأحيانًا العقلية- في تحول شخص إلى توكسيك. كذلك أحداث مثل التعرض للتنمر والعنف والهجر والوحدة، ووجود خلل في التربية، أو التواجد في دائرة من الأصدقاء سيئي الطباع.

مؤخرًا، أصبحت كلمة “أنت توكسيك” -رغم صعوبة وقعها على النفس- كلمة سهلة الاستخدام تجاه من نريد الابتعاد عنه.

في الواقع، أصحاب الشخصيات السامة لا يدركون أنهم كذلك.

اقرأ أيضًا: هل أمي التي ضحت من أجلي “سامة”؟

تقول الدكتورة “جينيفر كازاريلا” أستاذ مساعد في قسم الطب النفسي جامعة إيموري الأمريكية، إن هناك علامات شائعة تظهر في تعاملات الشخص السام يجب الانتباه إليها جيدًا، نذكرها فيما يلي:

  • التلاعب النفسي

تتقن الشخصية السامة فن التلاعب بالآخرين حتى تحصل على مبتغاها من الطرف الآخر، وتستخدم كل الأساليب للسيطرة عليه، كالكذب في كل شيء، وتغيير الحقائق، والمبالغة والابتزاز العاطفي، واستغلال الطرف الآخر واستنزافه ماديًا ونفسيًا.

  • تعشق الصراع

الشخصية السامة شخصية مجادلة مرهقة من الطراز الأول، لا تفهم معنى النقاش الهادئ، فهي تشعر بأهميتها كلما زادت الدراما والأكشن في حياتها، وإذا خاضت جدالًا لابد من أن تثبت صحة رأيها. وإذا فشلت تحوّل الحديث إلى انتقاد الموقف أو الشخص بعبارات مهينة ومؤذية. الشخصية السامة لا يمكنها الاعتذار أبدًا.

  • تناقض واضح في الشخصية

لا تتعاطف ولا تدعم أحدًا، لكنها تفعل المستحيل لجذب التعاطف والدعم. ودائمًا ما تكون دائرتها القريبة في حيرة من أمرهم بسبب تصرفاتها المتناقضة معهم، فهي تحبهم الآن وتكرههم بعد قليل، تستنكر فعلًا معينًا ثم تفعله بأريحية، والأغرب دائمًا أن تصرفاتها تتناقض دون سبب واضح.

  • الحاجة الدائمة لاهتمام الآخرين

الشخصية التوكسيك متطلبة جدًا، يجب أن تستحوذ على كامل اهتمام الطرف الآخر، رسائل ثابتة، مقابلات يومية، وجود مستمر وتفاعل دائم. هي دائمًا محور الكون ولزاما عليك أن تكون إلى جانبها طوال الوقت، وإلا اتهمت بالتقصير الدائم ولن تفلت من العتاب أيامًا.

  • لا يعترفون بحدود الآخر

لا تعرف الشخصية السامة معنى كلمة حدود أو المساحة الشخصية سواء مع شريكها أو مع المحيطين بها، فمهما تحدث شريكها عن احتياجاته مرارًا وتكرارًا لا تولي الأمر أي اهتمام، ودائمًا ما تقحم نفسها في حياة الناس لأنها لا تستطيع السيطرة على حب انتقادهم وإيذائهم بلسان سليط أو سؤال مزعج، فتتصيد الأخطاء وتقلل من شأنهم، وهذا يشعرها بأنها الأفضل.

  • افتراض سوء الظن أولًا

لا تفترض هذه الشخصية سوء الظن فحسب، بل وبعد تفسير الموقف من وجهة نظرها لا تترك أي مساحة للتبرير أو الشرح أو التفسير، ثم تأخذ قرارات بناءً على سوء الظن هذا.

الجانب الإيجابي هنا، أن الشخص التوكسيك يمكن علاجه بخطوات يتبعها الشخص مع نفسه، ومع معالج مختص كذلك، فلا يمكن لشخص غير مؤهل التعامل وحده مع هذه الشخصية المعقدة، وإلا كان عرضة ليكون واحدًا من ضحاياها.

والآن، وقبل أن تتهمي جميع الناس بأنهم سيئون ويبتعدون بلا سبب، أو يتغيرون فجأة، أو أنك تفشلين في كل علاقاتك. كوني صريحة مع نفسك.. إن كان فيها ما سبق فأنتِ “توكسيك” في رواية أحدهم.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة