في الساعات الأولى من صباح يوم الثلاثاء 17 أكتوبر، رحلت عن عالمنا الفنانة وصاحبة الطلة المميزة في أدوارها الصغيرة سهام عبد السلام، عن عمر ناهز 75 عامًا بعد صراعًا مع المرض.
من هي سهام عبد السلام؟
أحبت تعريف نفسها سهام بنت سنية وعبد السلام؛ رغبةً في التخلص من تنميط انتماء الأبناء لأبيهم وتجاهل اسم الأم في التعاملات الاجتماعية والوثائق الرسمية.
كانت حكاءة مبدعة، شاركت في تأسيس الحكي من مُنطلق نسوي؛ لرصد ومعايشة حكايات النساء ونضالهن، فتركت ميراثًا إبداعيًا مهمًا، كما عملت كباحثة ومترجمة وناقدة، ودافعت عن حق الحيوانات في السلامة والمأوى.
تخرجت في كلية الطب من جامعة عين شمس عام 1972، وحصلت على الماجستير من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 1998 في مجال الأنثروبولجيا، ولها عدد من المؤلفات الطبية في مجال الجراحة، ومن ثم عملت مترجمة وناقدة وممثلة بعد اتجاهها للمجال الفني والثقافة، بعد حصولها على دبلومات للدراسات العليا في مجال الترجمة والنقد الفني.
طبيبة وفنانة ومترجمة
التحقت الدكتورة سهام بالدراسة في الدفعة الأولى من مركز الإبداع الفني على يد المخرج خالد جلال في ورشته عام 2003، ومن بعدها قدمت العديد من الأعمال الفنية ما بين الدراما والسينما، منها: مسلسل واحة الغروب للمخرجة كاملة أبو ذكري، وفيلم حليم مع المخرج شريف عرفة، وشاركت بالتمثيل في أفلام (عشم، الشتا اللي فات).
لديها ابنة واحدة وهي الفنانة نجلاء يونس، الحاصلة على ليسانس الآداب قسم علوم المسرح، إلى جانب عدة دبلومات متعلقة بالرقص والتمثيل.
لم تقتصر إسهاماتها على التمثيل فقط بل لها تجارب كمترجمة؛ حيث ترجمت روايتي "أليس في بلاد العجائب" و"أليس في المرآة"، بالإضافة إلى إسهاماتها كباحثة وناقدة، بعد حصولها على دبلومة دراسات عليا في النقد الفني، ودخولها مجال التأليف من خلال عمل مسرحي بعنوان "بدر البدور والبير المسحور" الذي يرصد فكرة تخويف الطفل من المجهول وتجربة أي جديد دون أسباب منطقية.
قدمت آخر أعمالها الفنية في عرض مسرحي بعنوان "المشاغبات" مع الفنانة ريم حجاب، وعانت قبل رحيلها كثيرًا من مرض السرطان.
حكاية كبيرة مدهشة
خلَّف رحيل سهام عبد السلام سحابة حزن خيمت على الوسط الفني، فنعاها المخرج يسرى نصر الله: "حزنت للغاية لرحيل سهام، إنسانة كريمة وكتلة نشاط وتفاؤل وحب للسينما والتمثيل وللفن وللحياة، شدي حيلك يا نجلاء".
وقال أمير رمسيس: "خبر صادم برحيل الصديقة والأستاذة سهام عبد السلام، السنوات الأولى لشغف السينما ما قبل دخولي المعهد، كانت مكتبتها دائمًا مفتوحة لي لكي أنهل من كنز لا يفنى من الكتب والمطبوعات السينمائية والأفلام".
وكتبت المخرجة هالة خليل: "دكتورة سهام سنية عبد السلام، حكاية كبيرة ومدهشة ومليئة بالجمال الإنساني، حزني عليها النهاردة هيصعب عليا أوي أحكيها". ونعت الفنانة ريم حجاب الراحلة قائلة: "كان عندي إيمان إنك ح تعدي الفترة دي وتقومي بالسلامة ولدينا أمل في النجاة وفي الحياة، زي ما بتعملي دايما، علمتيني كتير يا سوسو، شدي حيلك يا نوجة".
كما أرفق الفنان حمزة العيلي صورتها بتعليق: "الحبيبة الغالية الأستاذة سهام عبد السلام، الفنانة والإنسانة العظيمة الأم صاحبة القلب الطيب، وجمال الروح وطاقة الأمل والاحتواء والعلم الغزير، ربنا يجازيكِ أجر وثواب كبير على صبرك وحسنات مضاعفة".
وكتب المخرج والممثل طارق الدويري: "الفنانة العظيمة الممثلة والناقدة وصاحبة المواقف الجمالية المبدئية، المفكرة والداعمة التي تشرفت بالعمل معها كفنانة محترفة مستقلة فيلم وثلاث مسرحيات، سهام عبد السلام.. سلامًا وإلى اللقاء.. هتوحشيني يا سمسمة".
عاشت للضعفاء
عاشت للضعفاء والمهمشين، ولعبت دورًا في مساعدة الباحثين المكفوفين، حيث كانت متطوعة لمساعدتهم سواء بالمرافقة في المكتبات أو دار الوثائق أو في القراءة.
كانت حالة إنسانية وإبداعية جميلة إلى أبعد حد، متعددة المواهب والوجوه والاهتمامات: ممثلة ومترجمة وناقدة وباحثة أنثروبولوجيا وطبيبة وناشطة نسوية، وأيضًا مدافعة عن الرجال وضد ختانهم. مارست كل هذا بحب وتعمق واهتمام.
نموذج نادر لا يهتم بالمال أو الألقاب أو المناصب رغم أن قدراتها وخبراتها ومؤهلاتها العلمية كانت تتيح لها أيًّا من ذلك بسهولة. عاشت لما تحبه وبشكل يتفق مع قناعاتها التي تؤمن بها. كانت محبة للقطط وترعى عددًا كبيرًا منهم في شقتها في وسط القاهرة، ومن يذهبون لعيادات الحيوانات في وسط البلد كانوا يلتقون معها هناك في صحبة قط أو قطة تُراجع الطبيب بشأنه.