“الإنترنت النسوي”.. مساحة افتراضية للدعم والرفض واقتناص الحقوق

“من الجيد أن تكون هناك مساحة مغلقة تضم النساء فقط، حيث يمكننا الحديث بحرية عما يدور في أذهاننا من موضوعات لا يسمح المجتمع للنساء بتداولها”.

مساحة افتراضية للحرية

لعل أهم ما يميز العالم الافتراضي الذي ما يزال امتدادًا للواقع في العديد من النواحي أنه يسمح للنساء بخلق مساحات افتراضية مبتكرة تحفظ شيئًا من خصوصيتهم، لمشاركة الدعم النسوي بينهن. يتم ذلك عبر جروبات مختلفة الهدف؛ منها ما هو قائم على تبادل المعلومات والخبرات في جوانب عدة، ومنها ما يقدم الدعم القانوني والتضامن الواسع في بعض القضايا التي لا تلقى الدعم الكافي في الواقع المعاش.

هذا ما صدقته مروة -اسم مستعار- التي وجدت عونًا معلوماتيًا في قضايا تثير فضولها واهتمامها عبر مجموعة The sex talk بالعربي، المتخصصة بتقديم معلومات موثقة عن الصحة الجنسية.

اقرأ أيضًا: لماذا ينزعج المجتمع من المرأة القوية المستقلة؟

تقول لمنصة “فكر تاني”: “علمت عن المجموعة عبر صفحتهم على إنستجرام.. كنت أتابعهم على طول عشان معلوماتهم المبسطة خليتني أفهم أكتر عن أجساد النساء وصحتهن.. ساعدوني اتعرف أكثر على نفسي واتقبل جسدي وتغيراته”.

منشور على صفحة “سكس توك”

انضمت “مروة” إلى جروب “سكس توك” بعد اختبار لدرجة أمانه ومصداقية معلوماته. تقول: “ليس  هناك شيء مثالي بنسبة كاملة ولكن الجروب يقدم المعلومات المرغوبة؛ تسأل الفتيات عن أعراض محددة  فيتلقين الإجابة واقتراح أي تخصص طبي يمكن الجوء إليه لمزيد من الخبرة الطبية، أو يسألن عن شيء يتعلق بالجسد والعلاقات الحميمية فتكون الإجابة في الأغلب مرفقة بأبحاث وتقارير في هذا الشأن، أو يطلعن على التجارب الشخصية للآخرين التي ربما تساعد الكثير من الفتيات في عدم وقوعهن ضحية للاستغلال”.

The sex talk بالعربي

يضم جروب The sex talk بالعربي مجموعة من النساء بمختلف الأعمار والجنسيات، بغرض خلق مساحات يمكن أن يطلق عليها “آمنة وداعمة”، لذا بدأ بمجموعة مغلقة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.

وعلى غرار  Love Matters الحب ثقافة حاولت هذه المجموعة كسر الصور النمطية للمعلومات الخاطئة المتعلقة بالصحة الجنسية، تأكيدًا على أهمية الصحة الجنسية للنساء وما ينبثق عنها من قضايا تتعلق جميعها بالعناية والاهتمام بجسد المرأة وحالتها النفسية، ومن ثم الارتقاء بدورها مجتمعيًا.

أسست هذا الجروب فتاة مصرية تٌدعى “فاطمة إبراهيم”، تقول إنها صدقت بضرورة تطبيق هذه الفكرة بعد تجارب في مجموعات مغلقة أخرى أدركت منها إلى أي مدى الوعي غائب مجتمعيًا بقضايا الصحة الجنسية وكيفية اعتناء النساء بأجسادهن.

“هي مبادرة نسوية تقاطعية تهدف إلى نشر الوعي بالصحة والحقوق الجنسية والجنس والجنسانية، بالعربي”؛ هكذا تُعرف “فاطمة” مجموعتها، التي تحظى باهتمام قرابة 32 ألف متابعًا على “فيسبوك”، و حوالي 72 ألفًا على “إنستجرام”. بينما تتفاعل المجموعة مع الأحداث بشكل دوري، وآخرها التنويه باحتياجات نساء غزة في ظل الحرب القائمة على قطاعهم المحاصر.

Assault police

اقتداءً بالحملة العالمية التي لاقت صداها في مصر تحت مسمى”me too”، لفضح جرائم التحرش الجنسي والاغتصاب، استطاعت مجموعة “assault police”، في 2020 عبر “إنستجرام“، كشف جريمة ظلَت لشهور متتالية حديث وسائل الإعلام المختلفة، والمعروفة بجريمة “الفيرمونت”، والتي وقعت ضحيتها فتاة مصرية تعرضت للاغتصاب داخل فندق شهير بوسط القاهرة في العام 2014، وفق بلاغات القضية.

اقرأ أيضًا: البعد الثقافي وتأثيره على هوية المرأة المجتمعية

حينها، نشرت مجموعة “assault police”، التي تُعرف نفسها بـ “صفحة تحارب العنف الجنسي بكل أشكاله”، تفاصيل الواقعة وروايات شهودها، ما أثار ردود فعل قوية وصلت حد أن أعادت الفنانة مايان السيد نشرها لتتحول إلى قضية رأي عام.

لم يتوقف نشاط المجموعة بعد هذه القضية، بل ظل يتابع دوره في الإفصاح عن بعض جرائم العنف الجنسي ضد النساء في مصر، ومتابعة الأخبار المحرضة على النساء، مع المطالبة بتعديل قانون العقوبات لمواجهة التحرش الجنسي.

سوبر وومن

“بدأت قصتي بتجربة طلاق احتجت في أعقابها لمساندة نفسية حقيقية. بدأت أنسق لجلسات دعم مع سيدات مررن بالتجربة نفسها محاولةً تجاوز الألم والبحث عن كيفية البدء من جديد.. خلال الجلسات، اكتشفت أن الكثير من السيدات يعانين من غياب الوعى بحقوقهن”.  

كانت هذه التجربة الشخصية القاسية دافع “آية منير” إلى تدشين ما اعتبرته مشروع حياتها في العام 2016؛ مبادرة “سوبر وومن“.

تقدم المبادرة ورش دعم نفسي، وحكي، وورش توعية النفسية نسائية، كما تتعاون مع عدد من الشباب لتقديم فعاليات خاصة بالتحليل السينمائي؛ بهدف نشر التوعية المجتمعية، إلى جانب محاولتها تمكين الشباب من العمل الحر والمشروعات الصغيرة.

تقول “آية” في تصريحها لـ”فكر تاني”: “حاليًا احنا طورنا الشغل بتاعنا وبقينا بنقدم ورش الدعم والتمكين خلال برامجنا، لدينا برنامج نجاة للتمكين الاقتصادي للنساء المعيلات، وسالمة لدعم ضحايا العنف الإلكتروني ورفع الوعي بالسلامة الرقمية، فضًلا عن صالون سوبر وومن النسوي”.

تحولت المبادرة لمنصة نسوية تحظى بانتشار أوسع ومحتوى أقوى، وحاليًا ترتب الشكل الإداري تمهيدًا لتوثيقها قانونيًّا، وتسجيلها بشكل رسمي، لخدمة متابعين يتجاوز عددهم على الصفحة الخاصة بالمبادرة بـ”فيسبوك” 76 ألف متابع.

Mother Comfort Zone

دفع يوستينا ثروت إلى مبادرتها Mother Comfort Zone حال صديقتها منة رشدي حديثة العهد بعالم الأمومة، والتي شجعتها على بدء مشروع خاص لدعم الأمهات، من خلال تزويدهن بالمعلومات اللازمة لاتخاذ قرارات واعية، في رحلتهن من الحمل والولادة إلى التربية والنشأة.

اقرأ أيضًا: تحت ظلال العنف.. معاناة المرأة في بيتها

“بدأت شهور حملي الأولى دون أي مصدر جاد وموثوق يمنحني المعلومات الخاصة بهذه المرحلة وما علي فعله بعد الإنجاب. لذلك لجأت للبحث في الإنترنت للحصول على المعلومات العلمية المدعومة بالأبحاث،  ومن ثم علمت بوجود كورسات خاصة بالرضاعة ساعدتني بشكل كبير في زيادة معلوماتي التي كانت معدومة، ومن ثم بدأت الفكرة التي أرى أن كثير من النساء بحاجة إليها”؛ تقول “منة” لـ”فكر تاني”.

“كان من أهم أهداف الجروب الذي يتجاوز 66 ألف عضوة حاليًا، خلق مساحة آمنة تمكن الأمهات من التعاطي بحرية في أمور تخص أطفالهن، ومن هنا كانت فكرة الاسم”، تضيف “يوستينا”، التي تشير إلى المبادرة باعتبارها مساحة آمنة دون خوف من اللوم ، توثق كل معلوماتها بفيديوهات ومنشورات علمية يتم طرحها من خلال الصفحة الرسمية للجروب المغلق.

أوقفوا شق البطن”Stop Unnecessary Caesareans

لمواجهة العنف الممارس ضد النساء بشكل يمكن وصفه بـ”المستتر”، أطلقت الصحفية المصرية  مي الشامي، مبادرة “أوقفوا الولادة القيصرية غير الضرورية”، ضد الولادات القيصرية، التي احتلت فيها مصر المركز الأول عالميًا، في ظل غياب الوعي المجتمعي بمخاطرها على النساء، واستغلالها من قبل نسبة كبيرة من الأطباء تتربح منها وتراها أسهل في إجراءاتها من الولادات الطبيعية.

تقول “الشامي” لـ “فكر تاني”: “راودتني هذه الفكرة خلال فترة دراستي بالجامعة، عندما طلب مني تنفيذ فكرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومنذ ذلك الحين وأنا أفكر في أسباب زيادة الولادة القيصرية في مصر.. ليس هناك أسباب سوى أن الكثير من النساء يقعن تحت يد أطباء لا يفضلون الولادة الطبيعية فيلجأون للولادة القيصرية لأنها أقل عددًا في الساعات والمجهود، وبيزنس يدر عائدًا أعلى على حساب صحة أجساد النساء”.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة