صانعات القرار

لا بد وأن يدرك النساء هويتهن النسوية والسياسية في نفس الوقت وضرورة الانخراط في العمل العام المدني والاجتماعي والسياسي إلى جانب الرجال من أجل تغيير نظرتهم بصورة متكاملة عن أوضاع النساء كمشاركات حقيقيات داخل المنظومة السياسية والمجتمعية مع ضرورة تكاتف النساء لبعضهن كقاعدة أساسية في حراك التغيير النسوي الحقيقي ورغم أن الأمر يظهر لنا على أنه سهل الوصول إليه بدرجة عالية من التكاتف ولكنه يتطلب منا التغيير في درجات الوعي لدى النساء وتطوير درجات تفكيرهن من خلال التثقيف والوعى العام لهن، ليتمكنن  بشكل فعلى من المشاركة في كافة القضايا والشؤون العامة دون حصر مشاركتها على قضاياهن كنساء بجانب تحقيق استقرارهن الأسري لكي يحققن الإبداع في استقلال النساء الاجتماعي والاقتصادي والثقافي كمراحل متصلة لا تتجزأ عن بعضها ولا تنفصل أبدا عن السلطة السياسية في ظل وجود سلطة عادلة تسعى لحماية جميع حقوق النساء دون أي تمييز والقدرة الفعلية على تجاوز الفجوات والفروق النوعية بين الرجال والنساء فمن خلال عملية الربط بينهم في الملفات التنموية والقائمة على تحقيق كافة الضمانات والنصوص الدولية لحقوق الإنسان والتي تقضي على كافة أشكال التمييز وتحقق المساواة .

 النساء دائما يدفعن أثمان باهظة للصراعات السياسية على حساب سمعتهن وكرامتهن وفقا لثقافات التطرف الفكري والمجتمعي السائدة في أغلب بلدان المنطقة العربية. دفعن أثمان لحريتهن في ظل صراعات عديدة داخل أوطانهن فيصبحن في حراك دائم لتحقيق سبل السلام والأمن في ظل الحراك من أجل التغيير الديمقراطي الذي يحقق لهن الإرادة والعدالة والمساواة بكافة أطيافها السلمية التي تدعو وتدعم الاستقرار لهن.

إن النضال النسوي جزء من منظومة التحول الديمقراطي للأوطان كشركاء فعليين يستطعن فعل ذلك, فمن الضروري تواجدهن على ساحة بناء الوطن تحت مظلة ديمقراطية عادلة. في إقصائهن يصبحن ناقصات للمواطنة لذلك يجب العمل على تعزيز حقوقهن ومكتسباتهن والتي تبدأ بإلغاء كافة صور التمييز داخل القوانين بما يحقق المساواة الحقيقية داخل كل المؤسسات العامة والخاصة السياسية منها والاجتماعية ومن خلال تحقيق مبدأ التشاركية في كافة قضايا الوطن كصانعات للتغيير في مرحلة التحول الديمقراطي التي تسعى له الدول من خلال تطبيق الأسس العامة لحقوق الإنسان والحريات والعدالة والتنمية الإنسانية التي تحقق التغيير كشريك قادر على التأثير والارتقاء بوضع النساء وفقا لأفكار تقدمية تمحو كافة الأفكار الذكورية التي تساهم ضمن حقوقها بكسر القالب النمطي الذي حددته لها تلك الثقافات والتي أحطت من وضعهن خلال عصور طويلة رغم وجود حركات نسوية نضالية إلا وأن التغيير في تلك العصور كانت تسيطر عليه بعض القضايا والصراعات السياسية والمجتمعية، لكنها ظلت خطوة حتمية نبني عليها في المستقبل في ظل انفتاح يجعل النساء مشاركات بشكل جاد كجزء هام في منظومة التحول والتغيير الحالي ولكن يتم ذلك من خلال برامج توعوية متجددة وفقا للمطالب والأحداث المعاصرة بجانب تطوير آليات العمل لهن كنساء.

وأيضًا، لو حدث فهن تحت ظل مجتمع مدني سوي مترابط في كافة القضايا التي تحقق نصرتهن وتمكينهن بكافة المستويات وتقديم برامج تعليمية للفتيات ولكافة الأعمار لإنشاء جيل نسوي قادر على الاستقلال والمشاركة وصناعة مستقبل نسوي على قدر عالي من الوعي والإدراك بجانب العمل على وضع استراتيجيات واضحة للقدرة على التأثير المجتمعي بجانب التأثير والضغط على السلطة السياسية لتحقيق كافة مطالبهن في التمكين والذي لا يتحقق إلا في ظل وجود مجتمع مدني حقيقي تكون النساء فيه جزء لا يتجزأ من تكوينه لكي تتم عملية التغيير الجذري واستمرارية تحقيقه من خلال بناء اختلافات نسوية تخاطب بها السلطة وعرض كافة المطالب والتي تضمن تغيير الخطاب الإعلامي والثقافي والسياسي والذي يضمن أحقية النساء في تقلد المناصب العامة في إطار دعم خطاب ديني ومجتمعي ملائم مع متطلبات العصر بجانب تطبيق فعلى لتغيير القانون الذي يحدث التمييز الذي يعرقل التمكين بالإضافة إلى تغيير جذري في قانون الأحوال الشخصية بما يحقق المساواة ووضع قانون موحد للقضاء على العنف وذلك من خلال توفير إطار قانوني يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان بما في ذلك القوانين الخاصة بسن الرشد وسن الزواج وحظر الزواج القسري بجانب العمل على تعزيز فرص حصول الفتيات على التعليم والتعليم الجامعي وفقا للمعايير الدولية ذات الصلة بما يشمل برامج إعادة الإدماج المصممة خصيصا للفتيات التي يجبرن على ترك المدرسة بسبب الزواج أو الولادة بجانب توفير الدعم الاقتصادي للفتيات التي يلتحقن بالمدرسة وذلك لمواصلة التعليم العالي وتأخير الزواج بالإضافة إلى إعداد برامج توعوية مكثفة حول معالجة القبول الثقافي والاجتماعي الواسع النطاق من خلال التثقيف المناسب المتعلق بالحياة الجنسية والصحة الإنجابية والمساواة بين الجنسين بجانب العمل على وضع وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتمكين النساء المصريات 2030 والإسراع بتنفيذ مفوضية التمييز التي نص عليها الدستور عام 2014 وفقا للمادة 53 من الدستور المصري بجانب ضرورة وضع قانون للانتخابات يعمل على إلغاء القائمة المطلقة والأخذ بالقائمة النسبية مع وضع كافة البرامج التي تحقق النسب المطلوبة دستوريا لكافة الفئات سواء المرأة والشباب والعمال والفلاحين وذوي الإعاقة والمسيحيين مع مراعاة عدم تحمل نسبة المرأة بفئات أخرى فتلك المطالب لن تتحقق إلا في ظل تغيير القالب التقليدي للنساء المصريات في ضوء مفاهيم معاصرة وفي ضوء تحقيق كافة البنود التي تكفل للنساء التوفيق بين متطلبات الأسرة ومقتضيات العمل .

 إن الشريك الحقيقي في تغيير أوضاع النساء هو أن يتبنى الإعلام المرئي والمسموع بجانب إعلام السوشيال ميديا رؤية تغيير لخطابه أولا ثم إشراك النساء في عملية صناعة التحول المجتمعي والديمقراطي وأظن أن الفرصة التي كانت متاحة بوجود امرأة- جميلة إسماعيل قبل أن تعلن انسحابها-  كمرشحة محتملة لانتخابات رئاسية في مصر 2024 من أفضل الأوقات لتغيير الخطاب الإعلامي والثقافي ودعمه الكامل لمبدأ أنه لا يمكن أن يتحقق التغيير إذا لم تشارك النساء في عملية صناعة القرار ومحاولة تخطي كافة التحديات التي تقوم على أسس متساوية.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة