في ٢٠١١، قال رئيس الاستخبارات السعودية الأمير تركي الفيصل "بأن السعودية ستنتج أسلحة نووية إذا ما وجدت نفسها محاطة بين نووي إيران ونووي إسرائيل " نقلًا عن مقابلة أجراها على قناة MSNBC ، ثم أعاد التصريح مرة أخرى لاحقًا" قلت بصورة علنية سابقًا أنه يجب علينا القيام بكل ما هو ضروري بما في ذلك تطوير قنبلة في سبيل الدفاع عن أنفسنا ضد تهديدات إيران المسلحة نوويا"
وفي مقابلة أجراها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع قناة "سي بي اس " الإخبارية الأمريكية قال "إنه إذا طورت إيران قنبلة نووية فستفعل المملكة العربية السعودية الشيء نفسه في أسرع وقت".
يأتي هذا، في وقت تتصاعد فيه الجهود الصينية السعودية، لتنفيذ وتطوير البرنامج النووي السعودي، ووصف البعض هذه التحركات بأنها تأتي ردًا على "تكاسل" واشنطن في اتخاذ خطوات تنفيذية جادة في ملف البرنامج النووي للرياض.
وفي أغسطس الماضي، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن المملكة العربية السعودية تدرس عرض الصين لبناء محطة للطاقة النووية في المملكة، وهي خطوة قد تعرقل الخطط الأمريكية في الدولة الخليجية.
وبالرغم من أن السعودية ثاني أكبر احتياطي عالمي للنفط، إلا أنها ترى المستقبل في الطاقة النووية وتعتبرها ضرورية لتلبية متطلبات البلاد المتزايدة من الطاقة لتوليد الكهرباء وإنتاج المياه المحلاة وتقليل الاعتماد على الموارد الهيدروكربونية المستنفدة".
وفي حين سعت السعودية إلى توقيع معاهدة مع واشنطن لتطوير برنامجها النووي، ورغبة الرياض في دعم الولايات المتحدة لتخصيب اليورانيوم وتطوير نظام إنتاج الوقود الخاص بها. إلا أن المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين يخشون أن يسمح ذلك للسعودية بتطوير أسلحة نووية وتسريع سباق التسلح مع إيران التي لديها برنامجها النووي.
وخلال إعلان السعودية تفاصيل الموازنة الخاصة بعام ٢٠٢٣، كشفت عن إنجاز عدّة أعمال رئيسة لمشروع بناء أول محطة نووية في السعودية لإنتاج الكهرباء ووضعت المملكة خطة طموحة لدخول إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية، إذ تسعى إلى إضافة نحو 17 ميجاواط من الطاقة النووية بحلول عام 2040.
وتستطيع السعودية إنتاج أكثر من 90 ألف طن من اليورانيوم، وهو ما يكفي لتوفير الوقود للمحطات النووية التي تسعى لبنائها.
واشنطن.. الاتفاق النووي السعودي
على الرغم من قوة العلاقات الأمريكية السعودية إلا أن موقف واشنطن إزاء الملف النووي السعودي اتسم بالتردد والتذبذب كثيرا، فقبل أربعة أعوام وعقب المحادثات التي أجراها وزير الطاقة الأميركي السابق ريك بيري مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، نقلًا عن الاندبندنت، خططت الرياض في البدء لبناء محطتين للطاقة النووية، وصولاً إلى إنشاء 16 مفاعلاً بحلول العقود المقبلة بكلفة تناهز 80 مليار دولار. وكشف بيري في شهر مارس 2019 عن أنه وافق على سبعة تراخيص سرية لشركات أميركية تسمح لها ببيع تكنولوجيا الطاقة النووية للسعودية.
كذلك، قالت وكالة بي بي سي، إن لجنة الرقابة والإصلاح داخل مجلس النواب الأميركي (الكونجرس) أصدرت تقريراً عن برنامج الطاقة النووية السعودي، يتحدّث عن عزم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، السماح لشركات أمريكية بتزويد المملكة العربية السعودية بتكنولوجيا نووية حسّاسة.
وأشار التقرير الذي صدر عام 2019 إلى إمكان وجود صفقة بين واشنطن والرياض، تُمنح بموجبها السعودية ما تريده نوويًا، كجزء من خطّة السلام الشاملة.
وحاليا تواجه الإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن تحديات دبلوماسية فهي تقع في منطقة شديدة الصعوبة، بين الرفض الإسرائيلي للمشروع النووي السعودي وبين مطالب المملكة السعودية، إضافة إلى الضغط من قبل منافسي واشنطن في المنطقة سواء من بكين أو موسكو، اللذان يقدمان خدماتهما لبناء المفاعل النووي السعودي دون الالتزام بقيود الإدارة الأمريكية.
داخليًا، فإن الإدارة الأمريكية تدرس مخططاً لبناء منشآت التخصيب على الأراضي السعودية، لكنها ستخضع للإشراف وربما التحكم عن بعد من قبل الولايات المتحدة، وحتى الآن لم تقدم الإدارة مواصفات فنية دقيقة لهذه الفكرة.
ويحتاج بايدن إلى دعم 67 عضوا في مجلس الشيوخ للموافقة على اتفاق أمريكي سعودي (بشأن المطلب النووي)، ويشغل حزبه حاليا 51 مقعدا في مجلس الشيوخ.
وتحاول واشنطن التوسط لإبرام اتفاقية تطبيع بين السعودية وإسرائيل وطلبت السعودية ضمانات أمنية ومساعدة لتطوير برنامج نووي مدني، والتوصل إلى تحقيق مفهوم "حل الدولتين" مع الفلسطينيين، على أساس مبادئ مبادرة السلام العربية، كشرطين أساسيين لتكملة صفقة التطبيع، وبالرغم من أن إسرائيل تعتبر أن اتفاقية التطبيع مع المملكة العربية السعودية تحولًا تاريخيًا في المنطقة إلا أن تخوفها من وجود برنامج نووي حتى لو سلميا في المنطقة قد يؤثر على وضعها الأمني وخاصة أنها القوة النووية الوحيدة بالمنطقة.
اتفاق بكين والرياض
ووفق تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، فإن السعودية تدرس عرضًا صينيًا لبناء محطة للطاقة النووية في المملكة، ونقل التقرير عن مسؤولين سعوديين مطلعين أن المؤسسة الوطنية النووية الصينية، وهي شركة مملوكة للدولة، قدمت عرضا لبناء محطة نووية في المنطقة الشرقية بالمملكة بالقرب من الحدود مع قطر والإمارات.
ولم تنف أو تؤكد الخارجية السعودية والمؤسسة الوطنية النووية الصينية التقرير. وبالرغم من محاولة المملكة التعاون مع واشنطن فإن الإدارة الأمريكية ترى أن مشاركة تكنولوجيا الطاقة النووية سيكون ممكنا فقط إذا منع الاتفاق تخصيب اليورانيوم أو إعادة معالجة البلوتونيوم المُنتج في المفاعلات، بمعني منع السعودية من الطريقتين الوحيدتين لصنع أسلحة نووية.
وذكرت الصحيفة أن المسؤولين السعوديين قالوا إن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مستعد للمضي قدمًا مع الشركة الصينية قريبًا، إذا فشلت المحادثات مع الولايات المتحدة، وبالرغم من أن السعودية تفضل البرنامج النووي الأمريكي وأن تسريب معلومات العرض الصيني ما هو إلا طريقة ضغط لحث الإدارة الأمريكية لقبول طلبات المملكة السعودية.
وترتبط الصين والسعودية بعلاقات قوية توطدت في السنوات الماضية بحيث توسطت الصين لحل الأزمة السعودية الإيرانية والتي كانت تعتبر أهم التحديات الإقليمية.
وزار الرئيس الصيني شي جين بينغ المملكة في ديسمبر الماضي، في قمة اقتصادية صينية خليجية فيما وصفته وزارة الخارجية الصينية بأنه "علامة فارقة في تاريخ تطور العلاقات الصينية العربية".
وتعتبر بكين أكبر شريك اقتصادي للمملكة نظراً لأن الصين هي أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، في حين تُعد المملكة هي أكبر المصدرين. وفي عام 2012، وقّع الطرفان على مذكرة للتفاهم في الاستخدام المدني للطاقة النووية.
ومن زاوية أخرى، تبني شركة هندسة الطاقة الصينية التي تديرها الدولة محطة للطاقة الشمسية بقدرة 2.6 جيجاوات في الشعيبة بالتعاون مع شركة المرافق السعودية أكوا باور، فيما يفترض أن يصبح أكبر مشروع للطاقة الشمسية في الشرق الأوسط.
ومن الناحية العسكرية فقد أبرمت السعودية صفقات مع الصين حصلت بموجبها على طائرات بدون طيار وصواريخ بالستية. كما انضمت المملكة مؤخراً إلى الحلف الاقتصادي الجديد مجموعة "بريكس"، وهي منظمة سياسية بدأت المفاوضات لتشكيلها عام 2006، وعقدت أول مؤتمر قمة لها عام 2009. كان أعضاء المجموعة من الدول ذات الاقتصادات الصاعدة، وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين، تحت اسم "بريك" أولاً، ثم انضمت جنوب أفريقيا إلى المنظمة عام 2011 ليصبح اسمها "بريكس"، ومؤخرًا عززت المجموعة صفوفها بانضمام إيران والسعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والأرجنتين وإثيوبيا