ألقت أجهزة الأمن المصرية القبض على الدكتور محمد زهران، مؤسس تيار استقلال المعلمين والمتحدث باسمهم، عقب كلمة له في آخر جلسات الحوار الوطني، التي تقام منذ مايو الماضي بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
إعلان القبض على “زهران” الذي أكده المحامي طارق العوضي عضو لجنة العفو الرئاسي، عبر حسابه الشخصي بـ “فيسبوك”، يأتي بعد أيام من اختفائه، وفق ما أعلنه عدد من المنظمات الحقوقية.
“التهمة الكومبو”
وشهدت صفحات السوشيال ميديا أمس، وبعد إعلان ظهور “زهران” في نيابة أمن الدولة، حالة من الاستنكار والرفض الشديدين لعمليات القبض التي تنفذها أجهزة الدولة على مدار الأيام الماضية، خاصة وأن “زهران” يُعد أول مشارك في الحوار الوطني يُلقى القبض عليه، وتوجه له تهم الانضمام لجماعة إيثارية.
وكتب المحامي نجاد البرعي عضو مجلس أمناء الحوار، في تدوينة أيضًا عبر حسابه الرسمي بـ “فيسبوك” اليوم الأربعاء، تعليقًا على حبس “زهران”: “فيه شخص محترم تمت دعوته يقول رأيه في لجنة التعليم بالحوار الوطني المصري، قال كلام معقول جدًا. خرج من هناك مبسوط، وبعد شوية لبس تهمة مساعدة جماعة إرهابية ونشر معلومات تكدر السلم العام”.
ومعبرًا عن استيائه من استمرار حبس الحقوقيين على آرائهم، أضاف “البرعي”: “التهمة الكمبو إياها اتحبس بها ١٥ يومًا من النيابة، وطبعًا القضاء مستقل.وكما قال الشاعر أحمد فؤاد نجم رحمه الله: حد ضامن يمشي آمن أو مآمن يمشي فين. والله فعلًا يا بلد معاندة نفسها يا كل حاجة وعكسها”.
من هو محمد زهران؟
عُرف عن محمد عبد الكريم زهران انشغاله بقضايا المعلمين ومطالبهم منذ سنوات، ومشاركته في العديد من الاحتجاجات التي تطالب بحقوق المعلمين، ومهاجمته سياسات الدولة ووزارة التربية والتعليم تجاه المعلم عبر حسابه على “فيسبوك”. وهو أنشط الشخصيات في صفوف نقابة المعلمين في مصر.
يشغل حاليًا مدير رعاية الموهوبين بإدارة المطرية التعليمية التابعة لمحافظة القاهرة، ورئيس اللجنة النقابية للمعلمين بالمطرية.
في 2015، طالب “زهران”، في تدوينة عبر حسابه بـ”فيسبوك”، بتعيين ثلاثة من المعلمين ممثلين عنهم فى برلمان 2015، ضمن نسبة الـ 5% التي يختارها رئيس الجمهورية من إجمالي أعضاء مجلس النواب (27 عضوًا). كما شارك قبل ذلك وآخرين من زملائه في تقديم مواد التعليم لدستور 2014 والمطالبة بالتمثيل في لجنة الخمسين.
وفي عام 2020، ألقي القبض عليه على خلفية احتجاجات للمعلمين وقتها، حيث اتهم الوزارة بإهدار أموال المعلمين، وهو ما أكد عليه أيضًا خلال كلمته الأخيرة في جلسة الحوار الوطني قبل إلقاء القبض عليه.
240 ثانية قبل الحبس
كلمة زهران الأخيرة بجلسة الحوار الوطني امتدت لـ 4 دقائق، بدأها بالثناء على دعوة رئيس الجمهورية للحوار الوطني، واصفًأ هذه الدعوة وانعقاد جلسات الحوار بأنها تعبير حقيقي عن أن الدولة لديها إرادة للتغيير، ليخصص باقي الكلمة للحديث عن حقوق المعلمين.
تضمنت كلمة زهران مناشدة لرئيس الجمهورية بالدعوة لإقامة انتخابات نقابة المعلمين المتوقفة منذ العام 2014، مضيفًا أن لا يصح أن يبقى مليون ومائتين ألف معلم بلا انتخابات وبلا مجلس يدير نقابتهم، ويتواصل مع مؤسسات الدولة لمناقشة حقوق المعلمين.
تحدث “زهران” أيضًا عن ضرورة تفعيل مواد الدستور بشأن حقوق المعلمين المادية، ومنها مساواتهم بباقي العاملين المدنيين بالدولة فيما يتعلق بزيادات الأجور وفقًا للمادة 89 من القانون رقم 155 لسنة 2007، وأيضًا تفعيل القانون 216 لسنة 2017 برفع الأجر الأساسي ليشمل جميع المعلمين، دون اللجوء إلى الدعوات الخاصة، وتفعيل الأجر المكمل لاستكمال الحد الأدنى للأجور، كما طالب بزيادة مكافأة الامتحانات.
واختتم كلمته بالإشارة عن تعديلات بقانون نقابة المهن التعليمية، تمهيدًا لإجراء انتخابات نقابة، يكون من شأنها الدفاع عن حقوق المعلمين، متحدثًا عن إهدار ونهب لأموال المعلمين، مشيرًا إلى صندوق الرعاية الاجتماعية الذي أنشأته وزارة التربية والتعليم وبموجبه تقتطع نسبة 2% من أجر المعلم منذ العام 2020.
العوضي: لماذا حذفت بوست حبسه؟
عبر حسابه الرسمي على “فيسبوك“، أجاب عضو لجنة العفو الرئاسي المحامي طارق العوضي عن: لماذا حذف بوست القبض على “زهران” وكان أول من أعلن؟
قال “العوضي”: “حذفت بوست حبس الدكتور محمد زهران الي تمت دعوته للحوار الوطني، وقال كلمة أكد فيها على وجود تغيير حقيقي في مصر بدليل دعوته للحوار وقال نصًا أشكر فخامة الرئيس على الدعوة الكريمة.. فتم القبض عليه وحبسه احتياطيًا؟! يا ريت اللي فاهم يفهمنا”.
وأوضح “العوضي” في تعليق على تدوينته أن “زهران” أدرج على ذمة القضية 2123 لسنة 2023 حصر أمن دولة، بتهم الانضمام لجماعة إثارية، ونشر أخبار كاذبة، بينما صدر قرار ضده بالحبس 15 يومًا، مودعًا بسجن العاشر 6، ليصبح بذلك أول مشارك بالحوار الوطني يتعرض للحبس احتياطيًا.