تحديات تواجه النساء الباحثات عن عمل في مصر

لم تشفع الحداثة والتطور التكنولوجي والتقدم السريع الذي يشهده العالم في 2023، في مساعدة الباحثات عن عمل في جعل حياتهن أفضل وأقل تعقيدًا، فعلى الرغم من التقدم الكبير الذي تشهده المجالات المختلفة، مازالت تواجه المرأة صعوبات كثيرة أثناء سعيها في البحث عن فرص عمل، لاسيما بعد أزمة كورونا وما خلّفته من تسريح عمالة، وأزمة تعويم الجنيه وارتفاع الأسعار، ما أجبر معظم المعيلات على البحث عن عمل ثانٍ.

أضف إلى ذلك أن زيادة عدد المستقلات والمطلقات والأمهات العازبات، دفع أغلب السيدات إلى البحث عن عمل بأجور مجزية تكفي نفقاتهن، سواء كان بدوام كلي أو جزئي أو حتى بشكل مستقل، ولكن تواجه النساء في سوق العمل حاليًا عددًا كبيرًا من التحديات والمعوقات، سنتحدث عن أبرزها:

– “ضعف الرواتب”.. يأتي على رأس عيوب فرص العمل المتاحة، والتي لا تصل في عدد من الأحيان لربع الحد الأدنى للأجور الذي أقرته الدولة!

– ناهيك عن عدم المساواة في الرواتب بين الرجال والنساء في معظم الوظائف، رغم أن الإنتاج لن يتأثر باختلاف الجنس.

– النقطة السابقة غالبًا ما تكون مرتبطة باقتناع البعض بأن الرجال هم الأجدر بفرص العمل وبأن النساء مكانهم المطبخ!، وكأن جميع النساء يصرفن رواتبهن على الملابس ومستحضرات التجميل، أو كأنهم يعاقبون المرأة المعيلة على اختياراتها وظروفها التي دفعتها إلى الإعالة، رغم أن كثير من النساء يساعدن رجالهن، وكثير من النساء يعُلن أشباه رجال!

– أضف إلى النقطتين السابقتين عدم إيمان الكثير من أصحاب الأعمال أو أصحاب القرار بقدرات النساء، ما يدفعهم لقلة الاعتماد عليهن، أو تفضيل توظيف الرجال باعتبار النساء “ناقصات عقل”!

– كذلك يشترط معظم أصحاب الأعمال عدد معين من سنوات الخبرة، ما يقلل من فرص العمل أمام حديثات التخرج، والراغبات في تغيير المهنة أو تعلم مهنة جديدة.

– اشتراط سن معينة – خاصة الأعمار الصغيرة – يعد مشكلة كبيرة، فمعظم الأعمار المطلوبة بالأعمال محددة من سن 21 وحتى 35، ما يشكّل أزمة للسيدات الباحثات عن عمل فوق سن 35.

– كما يرفض الكثير من أصحاب الأعمال توظيف الأمهات وأحيانًا المتزوجات عمومًا، بداعي تفضيل توظيف المتفرغات للعمل.

– أما الفرص السانحة لوظائف فغالبًا ما تتسم ببعد المسافة، سواء على أطراف المدينة أو في مدينة أخرى، أو تتطلب العمل لمواعيد متأخرة، ما يقلل من الفرص المناسبة أمام كثير من النساء.

– في حال وجدت المرأة فرصة عمل قريبة براتب عادل ومواعيد مناسبة، أحيانًا ما تقع ضحية للنصب، سواء بتغيير ظروف ومواعيد العمل بعد استلام مهامها، أو بتخفيض الراتب المتفق عليه بعد إكمال الشهر، أو خداعها بمسمى “شهر تدريب” تُفاجأ في نهايته بتسريحها دون تعيين أو أجر.

– عدم ضبط آليات صارمة للحد من التحرش بالموظفات، يعد من أبشع ما يمكن أن تتعرض له النساء، فبيئة العمل الآمنة أهم ما تبحث عنه المرأة في مكان تقضي به معظم ساعات يومها، فالتحرش والتعدي بالقول أو الفعل أو الإيماء منتشر في كثير من أماكن العمل، والذي يصل أحيانًا للدفع على تقديم التنازلات شريطة القبول/ الاستمرار في الوظيفة.

– التدخل في الملبس، ولا أقصد هنا الـDress Code أو اليونيفورم، بل التحديق والتعليق على شكل وستايل الملابس، وحتى شكل الحجاب للمحجبات أحيانًا، سواء بطريقة لاذعة، أو بمزاح سخيف يحمل في طيّاته تحرّشًا مقنّعًا.

– بعض أماكن العمل لا تراعي ظروف بعض النساء في الدوامات الليلية والمبيت ومواعيد العمل المتأخرة، أو تقوم بتغيير جداول المواعيد وتفرضها كأمر واقع، وكأننا نُعاقب بشكل تعسّفي على مناداتنا بالمساواة.

– وأخيرًا وليس بآخر تفتقر الدولة لوجود قوانين حامية للنساء وصحتهن الجسدية، مثل عطلة الدورة الشهرية التي تطبقها العديد من الدول المتقدمة، والتي تحدثت عنها في مقال سابق بعنوان “ماذا يعرف الرجال عن الدورة الشهرية؟“، كما تفتقر الدولة لآليات الرقابة على تنفيذ قانون العمل في معظم الأماكن، ما يؤثر على حقوق العاملات، مثل حقهن في ساعات الرضاعة على سبيل المثال لا الحصر.

بالتأكيد سردنا لتلك المعوقات التي تواجه النساء في سوق العمل، لا ينفي إشادتنا بجهود الدولة لتمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا، ولكننا نلقي الضوء على النقاط المعتمة، فالعمل الجاد على تغيير ثقافة المجتمع تجاه المرأة، وتعزيز سبل حصولها على حقوقها القانونية، يعدّان جزءًا أصيلًا من الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة، والتي لن تنجح إلا بتكاتف الدولة وأصحاب الأعمال والمجتمع.

اقرأ أيضاً: عذرًا سيدتي.. سوق العمل لا يبصر

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة