التعديلات القضائية تثير غضب العسكريين والمدنيين في تل أبيب

أثار تصديق رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ودعمه المصادقة الأولية على قانون إلغاء سبب المعقولية استياء الكثيرين في دولة الاحتلال، ورغم تواصل الاحتجاجات التي لم يسبق لها مثيل للأسبوع الـ ٢٨ وتصاعد الغضب الشعبي والسياسي والعسكري، استأنف رئيس الوزراء الإسرائيلي حملته لتقليص بعض صلاحيات المحكمة العليا في إطار تعديلات قضائية، وكان من المقرر أن يبدأ الكنيست أمس الأحد التصويت على مشروع القانون الخاص بالمحكمة العليا رغم تصاعد الاحتجاجات واستمرار محاولات التواصل لحل وسط.

ما هو بند قانون المعقولية؟

ويعد “بند المعقولية” من الأدوات الإجرائية الموجودة بمتناول الجهاز القضائي في إسرائيل، وتحديداً لدى القضاة، وخصوصاً قضاة المحكمة العليا. ومن خلال هذا البند تمارس المحكمة العليا رقابة قضائية على عمل الأذرع المختلفة للسلطة التنفيذية، ممثلة بالحكومة ووزاراتها والهيئات الرسمية التابعة لها.

وتصاعدت حدّة الاحتجاجات التي انطلقت في يناير ضد خطة الإصلاح التي قدمتها الحكومة والتي يرى معارضوها أنها تهدد الديموقراطية.  وتسبّبت الخطة الإصلاحية بإحداث حالة من الانقسام وخروج واحدة من أكبر الاحتجاجات في إسرائيل، إذ شهدت دولة الاحتلال احتجاجات أسبوعية شارك فيها عشرات الآلاف.

كذلك لاقت خطة الإصلاح القضائي معارضة من واشنطن الحليف الأبرز لإسرائيل. ويرى كثيرون في الائتلاف الحاكم أن المحكمة العليا يسارية الميول ونخبوية وشديدة التدخل في المجال السياسي وغالباً ما تعطي أولوية لحقوق الأقليات على المصالح القومية وتتمتع بسلطة يجب أن يستأثر بها المسؤولون المنتخبون، وأن التغييرات المقترحة ضرورية لضمان توازن أفضل للسلطات.

في المقابل يرى معارضو تلك الإصلاحات أن نتانياهو الذي يواجه تهمًا تتعلق بالفساد يسعى إلى تقويض النظام القضائي الذي يقول إنه استهدفه بشكل غير عادل لأسباب سياسية.

وتشمل المقترحات المقدمة ضمن خطة الإصلاح القضائي أيضاً تغيير قواعد تعيين القضاة ومنح الحكومة غالبية في عملية الترشيح بالإضافة إلى مقترح يحدّ من سلطة المستشارين القضائيين الملحقين بالوزارات. وتريد الحكومة تمرير ما يسمّى بـ”بند الاستثناء” الذي يسمح للبرلمان بإلغاء قرار للمحكمة العليا بتصويت بأغلبية بسيطة.

اقرأ أيضاً: تراجع نتنياهو أمام الاحتجاجات مؤقتًا.. فما هو سبب الأزمة؟ وهل انتصرت الدولة العميقة على ممثل الدولة الدينية في إسرائيل؟

غضب عسكري من التعديلات القضائية يهدد أمن دولة إسرائيل

من جانبهم، بعث رؤساء الأجهزة الأمنية “الموساد والشاباك” وكذلك رؤساء هيئة الأركان المتقاعدون، السبت، مذكرة عنيفة لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يعلنون فيها دعمهم للجنود والضباط الذين قرروا وقف عملهم التطوعي في صفوف الأجهزة الأمنية. ووقع على هذه المذكرة عشرات المسؤولين الأمنيين السابقين الذين يحملون نتنياهو مسؤولية الإضرار بالأمن.

وجاء في المذكرة أن رئيس الحكومة هو المسؤول المباشر عن الضرر الجسيم الذي يلحق بالجيش الإسرائيلي وبأمن إسرائيل، وأن الحكومة تتجاهل تمامًا تبعات ما ستسببه التعديلات القضائية، إذ ستمزق الشعب وتفكك الجيش. وتلحق ضررًا فادحًا بأمن إسرائيل.

وجاء في نهاية المذكرة: نتوقع منك أن توقف التشريعات وأن تبدأ الحوار من أجل تغييرات تتم فقط عبر التوافق. ورفع الموقعون الكرت الأحمر لنتنياهو لكي يتوقف.

كذلك ضاعف الاجتماع الذي عقده أربعة قادة سابقون لسلاح الجو، وهم ممن يشكلون عنصراً مركزياً في إدارة الاحتجاج ضد حكومة نتنياهو، القلق الإسرائيلي من مختلف الجهات، وهناك من اعتبر أن الأيام القليلة القريبة ستجعل التمرد والعصيان داخل الجيش الإسرائيلي أوسع وأقوى من أي فترة سابقة خلال 28 أسبوعاً من الاحتجاج ضد الحكومة.

ولعل الوصف الذي نقله تقرير “القناة 13” الإسرائيلية حول وضع الجيش أقرب ما يشير إلى حالة الانهيار الداخلي. “من اجتمع بقائد سلاح الجو الإسرائيلي يؤكد اليوم أنه كان على وشك البكاء”، هكذا جاء في التقرير الذي أضاف أن “التقدير في المؤسستين الأمنية والعسكرية، أننا سنرى مئات الطيارين ينضمون إلى الـ200 الذين أعلنوا أنهم سيتوقفون عن الخدمة، وهذا يعني إلحاق ضرر كبير وخطر بقدرة الجيش، خصوصاً إزاء تحذيرات الأمين العام لـ(حزب الله)، حسن نصر الله”.

وهدد أكثر من ألف جندي من قوات الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي يوم الجمعة الماضي بالامتناع عن التطوع للخدمة العسكرية إذا مضت الحكومة قدماً في التعديل القضائي المزمع، الذي سيعرض أحد مكوناته الرئيسة على الكنيست اليوم.

والرسالة التي وقعها 1142 من جنود الاحتياط ومن بينهم مئات الطيارين هي أحدث علامة على معارضة الجيش للتعديلات القضائية واسعة التأثير التي يدفع بها الائتلاف الديني القومي بزعامة نتنياهو.

اقرأ أيضاً: لماذا يطلق البعض على «نتنياهو» الساحر؟

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة