التلوث السمعي وأثره على الصحة النفسية

نعيش جميعًا ونحن نعاني من الضوضاء متعددة المصادر والمحيطة بنا من كل جانب، والتي تمثل حالة من التلوث السمعي الذي يأتي بآثاره السلبية علي جميع من يتعرض له.

فكل ما يحيط بنا في الوقت الحاضر يتسبب في الإزعاج بشكل أو بآخر سواء كانت هذه الأسباب خارجية، أم داخلية، فكل يعيش حسب ما يراه مناسب له وفقط، غير مبالٍ بما يشعر به الآخرون.

ودعونا نلحظ الفرق الكبير بين الماضي والحاضر في هذه المشكلة، حيث يتسم وقتنا الحاضر مقارنة بالماضي بسوء الخلق وعدم مراعاة راحة الآخرين ومشاعرهم، كذلك الوضع الخارجي يتصف بالزحام الشديد في أغلب الأماكن نتيجة زيادة السكان، كل هذا يساهم بدوره في زيادة التلوث السمعي والضوضاء، فنجد مصادر مختلفة للضوضاء والتلوث السمعي، في وقتنا الحاضر تتمثل في:

  1. حركة المرور، وهي من أهم مصادر التلوث السمعي في مصر، وذلك لأن المدن المصرية مزدحمة بشكل كبير ويتزايد بها أعداد السيارات والدراجات النارية، ووسائل المواصلات المختلفة والتي أيضًا لا يتهاون سائقيها من استخدام إشارات التنبيه بداعي ودون داعي طيلة الوقت.
  • الأعمال الإنشائية، سواء كانت بناء وما يتضمنه من أعمال مختلفة تسبب الإزعاج، أو تصليحات لأشياء بعينها داخل المنازل أو المكاتب أو ما شابه، كل هذا يساهم في الكثير من الضوضاء وزيادة مستوياته.
  • الأنشطة الترفيهية مثل الحفلات والأفراح، وخاصة المهرجانات والتي يتسم بها وقتنا الحاضر ولنا أن نتخيل ما تسببه هذه الموسيقي من إزعاج وضوضاء، وللأسف الشديد نجد الكثير من الشباب يهوى سماع مثل هذه النوعية من الموسيقى، غير واعٍ لما تسببه لمن لا يهواها.
  • السلوك العام للكثير من الأشخاص يتسبب في الضوضاء وزيادة مستوياتها، ونتوقف هنا ونسأل لماذا يسلك الكثير من الأشخاص العديد من السلوكيات المزعجة دون مراعاة لشعور الآخرين؟ هل كان هذا يحدث في الماضي أم أنه يحدث الآن لإفتقارنا للذكاء الوجداني؟

وافتقارنا للذكاء الوجداني هو ليس بالأمر الهين، لأن هذا الإفتقار يحرمنا من القدرة على تمييز مشاعرنا ومشاعر الآخرين، فقدرتنا على تمييز مشاعرنا ومشاعر من حولنا يمكننا من إدارة هذه المشاعر والعواطف جيدًا مع أنفسنا وبالتالي مع الآخرين، أو بمعنى آخر تمتعنا بالذكاء الوجداني يعطينا القدرة على الملاحظة، والتقييم، وإدارة أنفسنا وعلاقاتنا بشكل مميز.

وبالتالي يصبح حرصنا علي مراعاة مشاعر من حولنا أكثر وأفضل، لأن الذكاء الوجداني الذي قمنا بتنميته داخلنا جعلنا مسئولين عن الاهتمام بأنفسنا والاهتمام بالآخرين أيضًا، والذي يتمثل في جزء منه على الحرص على عدم إزعاج المحيطين بنا حتى إذا كنا نحن مستمتعين بذلك، ولكن للآخرين حق علينا يجب أن نعيه.

فإذا كنا لا نستطيع التحكم بأغلب مصادر التلوث السمعي من حولنا فإن سلوكنا نحن كأشخاص، نستطيع تهذيبه وإدارته بشكل جيد، لأن ما تعانيه صحتنا النفسية من التلوث السمعي يستحق أن يكون أمر من الأهمية أن يسعي إليه الجميع، فالضوضاء العالية والمستمرة يمكن أن تسبب الإجهاد والقلق والتوتر والاكتئاب، وتؤثر على النوم والتركيز والذاكرة.

كما يمكن أن تؤدي إلى زيادة مستويات الكورتيزول في الدم، وهو هرمون الإجهاد الذي يمكن أن يؤثر على صحة القلب والأوعية الدموية والمناعة.

كذلك يؤثر التلوث السمعي على السلوك والمزاج، حيث يمكن أن يؤدي إلى العدوانية والتهيّج والعصبية. ويلعب التلوث السمعي دورًا سلبيًا على العلاقات الاجتماعية والتواصل الجيد بين الأفراد، حيث يمكن أن يزيد من المشاكل الزوجية والأسرية ويؤدي إلى عدم الراحة والاضطراب في البيئة المحيطة.

يؤثر أيضًا التلوث السمعي بشكل خاص على الأطفال، فمن ضمن ما يؤثرعليه التعلم والنمو العقلي والاجتماعي والنفسي للطفل.

وتشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين يعيشون في بيئات يكثر بها الضوضاء يمكن أن يواجهوا مشاكل في القراءة والكتابة والتركيز والمهارات اللغوية.

لذلك، مشكلة التلوث السمعي هي مسئوليتنا جميعًا، ولدينا في مصر عدد من القوانين التي تجرم الضوضاء والتلوث السمعي، فهل يمتثل الناس لهذه القوانين؟ وهل يمتثل الناس لمراعاة مشاعر الآخرين؟

هذا هو السؤال الذي يحتاج الي إجابة من الجميع!

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة