أثار إعلان أوغندا عن تشريع قانون يهدف إلى "مكافحة المثلية الجنسية"، غضب كبير من الدول الغربية على رأسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد كبير من المنظمات الدولية.
حيث أعلنت "أنيتا أنيت أمونغ" رئيس البرلمان الأوغندي الشهر الماضي، أن الرئيس "يوري موسيفيني" وافق في ٢٦ مايو الماضي، على اصدار قانون مكافحة المثلية الجنسية، الذي تصل العقوبات الواردة فيه إلى تطبيق عقوبة الإعدام في بعض الجرائم المرتبطة بـ"المثلية الجنسية".
ورحبت رئيس البرلمان "أمونغ" بقرار الرئيس موسيفيني التوقيع على القانون، قائلة إنه "سيحمي قدسية الأسرة" مضيفة في بيان عبر حسابها بموقع تويتر "لقد وقفنا بقوة في الدفاع عن ثقافة وقيم وتطلعات شعبنا".
ما هو قانون مكافحة المثلية الجنسية ؟
كانت أوغندا قد اعتبرت بالفعل "العلاقات المثلية" غير قانونية، بموجب القانون الجديد، يواجه المثليين في البلاد عقوبات أكثر صرامة تصل إلي الحبس مدى الحياة، وقد ورد بالقانون ما يجعل أي شخص اتهم بتشجيع أو الترويج للمثلية الجنسية قد يواجه عقوبة تصل إلى عشرين سنة في السجن.
ويعاقب القانون بالإعدام كل من ثبتت إدانتهم بارتكاب "المثلية الجنسية المشددة"، وهي فئة حددها المشرعون على نطاق واسع لتشمل الجرائم التي تتراوح من ممارسة الجنس مع قاصر إلى إغواء شخص ما.
ويُجرم مشروع القانون التثقيف الجنسي لمجتمع المثليين، ويجعل عدم تقديم أفراد مشتبه بهم من مجتمع المثليين للشرطة أمرا غير قانوني، ويدعو إلى تطبيق "إعادة التأهيل" للمثليين.
ردود الفعل الدولية
لمَّح الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى معاقبة أوغندا بعد إقرارها قانوناً جديداً مناهضاً ل "المثليين".
واعتبر بايدن أن القانون الجديد يشكل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان، ملوّحاً بقطع المساعدات والاستثمارات عن البلد الواقع في شرق أفريقيا.
ودعا إلى الإلغاء الفوري للتدابير المشددة الجديدة التي تعتبر من بين أمور أخرى أن "الانخراط في أفعال مثلية جنسياً" في أوغندا يشكل جريمة يعاقب عليها بالحبس مدى الحياة.
وجاء في بيان للرئيس الأميركي أن "إصدار قانون مكافحة المثلية في أوغندا يشكل انتهاكاً مأساوياً لحقوق الإنسان العالمية"، كما أدانت جهات عدة إصدار الرئيس الأوغندي القانون.
وأشار بايدن إلى أنه "يجب ألا يعيش أحد في خوف دائم على حياته، وألا يتعرّض أحد للعنف والتمييز. إنه خطأ"
وأوضح الرئيس الأميركي الديمقراطي أنه طلب من مجلس الأمن القومي الأميركي أن يُجري تقييماً لتداعيات القانون على "كل أوجه الالتزام الأميركي تجاه أوغندا"، بما في ذلك خدمات الإغاثة لمرض نقص المناعة "الإيدز"، وغيرها من المساعدات والاستثمارات.
ولفت إلى أن الإدارة الأميركية ستدرس أيضاً فرض عقوبات على أوغندا، ومنع ضالعين في انتهاكات لحقوق الإنسان أو فساد في البلد الأفريقي من دخول الأراضي الأميركية.
وقال وزير الدولة البريطاني للشئون الخارجية "أندرو ميتشل"، إن حكومة المملكة المتحدة "مستاءة بشدة لكون الحكومة الأوغندية قد وقّعت القانون المناهض للمثلية الذي ينطوي على تمييز كبير".
في السياق نفسه؛ أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش عن قلقه من صدور القانون في أوغندا، الذي يتضمن تطبيق عقوبة الإعدام وفرض أحكام طويلة بالسجن عقابا على ممارسات تتم بالتوافق بين البالغين.
وذكر بيان صحفي صادر عن المتحدث باسم الأمم المتحدة أن هذا القانون يزيد خطر تفاقم العنف والاضطهاد الذي يواجهه بالفعل المثليات والمثليون ومزدوجو الميل الجنسي في أوغندا.
وقال جوزيب بوريل منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إن الحكومة الأوغندية ملزمة بدعم حقوق جميع مواطنيها و "عدم القيام بذلك سيقوض العلاقات مع الشركاء الدوليين".
عقوبات في انتظار أوغندا
أصدر البيت الأبيض في ٢٩ مايو الماضي بيانا هدد فيه بفرض عقوبات ضد أوغندا وتمتلك الإداراة الأمريكية عددا من أوراق الضغط التي تمكنها من تنفيذ هذا التهديد.
يمكن لواشنطن أن تعيد النظر في قانون "أجوا"، الذي يضمن لأوغندا وصول آلاف السلع إلى أسواق الولايات المتحدة بدون رسوم جمركية.
وتقدم الحكومة الأمريكية للدول الأفريقية الأفضلية في إمكانية الوصول إلى الأسواق الأمريكية من خلال قانون النمو وتوفير الفرص في أفريقيا الأمريكي، ولكي يتسنى لها الحفاظ على الاستفادة من قانون أجوا، يتعين على الحكومات في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أن تحترم حقوق الإنسان.
وكانت إثيوبيا أحدث الدول التي طردت من قانون أجوا، في بداية العام الماضي ٢٠٢٢ بسبب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها الجيش الإثيوبي في إقليم تيجراي، خلال الحرب التي استمرت لعامين حتى انتهت بتوقيع اتفاق السلام في بريتوريا بجنوب أفريقيا نوفمبر الماضي.
بالإضافة إلى ذلك يسعى بايدن إلى فرض عقوبات وقيود على دخول الولايات المتحدة ضد أي شخص متورط في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان أو الفساد.
تعليق الرئيس الأوغندي على التهديدات الغربية
قال موسيفيني في اجتماع لقيادات في حزبه إنّ "حركة المقاومة الوطنية (الحزب الحاكم) لم تتحدّث يوماً بلسانين، ما نقوله لكم سرّاً هو ما نقوله لكم علناً".
وأضاف بحسب بيان نشرته الرئاسة الأوغندية "من هنا، فإنّ توقيع القانون تمّ، ولا أحد سيجعلنا نتراجع عنه".
ووفقاً للبيان فإنّ "الرئيس موسيفيني حضّ الأوغنديين على الحفاظ على حزمهم، مؤكّداً أنّ المثلية الجنسية قضية خطيرة تهمّ الجنس البشري".
وأضاف البيان أنّ رئيس الجمهورية "هنّأ المشرّعين على دعمهم" هذا النصّ، معتبراً أنّه "عندما يناضلون من أجل القضية الصائبة، لا يمكن لأحد أن يهزمهم"
هل ستصر أوغندا علي القانون أم ستتراجع؟
الغضب الغربي من فرض أوغندا عقوبات ضد المثليين، ليس بالأمر الجديد، ففي ٢٠١٤ خفض المانحون المساعدات لأوغندا بعد أن وافق الرئيس موسيفيني على مشروع قانون سعى إلى فرض عقوبة السجن مدى الحياة على العلاقات الجنسية المثلية.
وجمدت هولندا دعما بقيمة سبعة ملايين يورو للنظام القانوني الأوغندي، بينما أعادت الدنمارك والنرويج توجيه حوالي ستة ملايين يورو لكل منهما نحو مبادرات القطاع الخاص ووكالات الإغاثة والمنظمات الحقوقية، وقطعت الولايات المتحدة- في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما - المساعدات والحقوق التجارية، قبل أن يتراجع موسيفيني عن فرض القانون فهل سيصر على تطبيق قانون أم يتراجع مثلما حدث في ٢٠١٤؟