شهيدات من السودان.. بطلات حرب سيذكرهن الناس والتاريخ

فقدت السودان في الأيام القليلة التي مضت أكثر من سيدة كان لها أثر قوي في روح كل سوداني. سيدات لم يختلف أحد على أنهن تركن أثرًا طيبًا في نفس كل سوداني ومصري أيضًا، بينهما الأختين الطبيبتين مجدولين يوسفغالي  طبيبة التخدير وأختها ماجدة يوسف غالي طبيبة الأسنان.

هاتان السيدتان كانتا في دعم الإسعاف لكل ضحايا وجرحى الحرب الناجمة بين قوات الدعم السريع و الجيش السوداني، وقد انتقلت الدكتورة ماجدولين إلى السودان مع زوجها الطبيب جورج بطرس الذي توفى منذ ٤ سنوات، وقد عاشت ٢٥ عامًأ في السودان و تلقت كل الحب و التقدير من اهالي حي العمارات لخدماتها الكبيرة وحسن معاملتها لمرضاها، وحصلت أيضًا هناك على الجنسية السودانية حيث أن أصولها مصرية.

اتشحت مواقع التواصل الاجتماعي في السودان بالحزن والاستياء على دكتورة مجدولين، وقد وجدت جثتها وشقيقتها ماجدة بعد ٩ أيام تحت الأنقاض في ٣١ حي العمارات بالخرطوم، بعد سقوط دانة على منزلهما. وقد نعت جمعية أخصائي التخدير السودانية الطبيبتين في بيان رسمي لها، فيما طالب رواد التواصل الاجتماعي بعد تحويل الأحياء السكنية إلى ثكنات عسكرية، وبمقاضاة جميع المسئولين في المحاكم الدولية.

توفيت الدكتورة مجدولين يوسف غالي  استشارية التخدير والإنعاش ولم تدفن هي وأختها كما يجب أن تكرم ودفنا بحديقة المنزل، خوفًا من رصاص القناصة على المدنيين أثناء انطلاقهم لتشييع الجثمان، و بعد نداء استغاثة لدفن السيدة مجدولين قامت السيدة أزهار الشلقامي بكتابة تغريده قالت فيها: «جدتي توفيت منذ ٩ أيام ولا سبيل لإخراجها ودفنها بسبب وجود قناصة في المباني». و بعد ايام تقرر السماح بدفن السيدتين بحديقة منزلهما تحت إشراف كنيسة دار الأرمن وفريق كامل من الاطباء، و قد انتشر فيديو الدفن على السوشيال ميديا مع عبارت منددة بينها «تحولت منازلنا إلى مقابر».

وقد عبر معظم السودانيين عن استيائهم ورددوا عبارة أن استخدام المدنيين العزل  والمنازل السكنية كدروع بشرية لهو جرم واسع ومشهود، مطالبين بضرورة إيقاف الاقتتال وإنهاء تحويل الأحياء السكنية لثكنات عسكرية، حيث تتعرض الأحياء السكنية  للقصف وتكسرت المنازل وسرقت والمحلات نهبت والبيوت هجرت و السيدات اغتصبت، ما تزامن بدء جولة جديدة في المحادثات في جدة. و قامت قوات الجيش السوداني باتهام قوات الدعم السريع باستخدامهم للأحياء السكنية كدروع بشرية ومواصلة عمليات النهب والسرقة والاغتصاب.

وقالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، إن 280 شخصًا قتلوا جراء الاشتباكات في الجنينة وأصيب 160 آخرين خلال يومي 12 و13 مايو الجاري، لافتة إلى وجود صعوبة في حصر الضحايا.

لا يرى الرصاص في الحرب الخالية من النزاهة الجندي من المدني، كما لا يرى الطبيب والأم والطفل، فلم يرى الرصاي الصوت السوداني شادن جردود، الذي أمتع صوتها كل سوداني وسودانية، وكانوا يطلقون عليها اسم ( الحكامة شادن) تفخيمًا في موهبتها.

وقد نشرت السودانية عديلة عصام محمد بعد وصولها إلى ثكنات السودانيين في أسوان بمصر أنه قد وصلها خبر أن ( الدعامة)، أي قوات الدعم السريع، دخلوا بيتها وقد كتبت: «قالوا الدعامة دخلوا بيتى او شقتى العملتها بحب وبتفاصيل مهمة جدا

انا عفشى يا جماعة ما اشتريتوا جاهز انا رسمتوا بيدى ووديتو النجار واخترت القماش ونجدتوا

الزير الموجود فى الركن ديكور جابوا لى اولادى فى عيد الام

تفاصيل ومجهود ما ممكن زول يحس بيهو غيرى»

لم أنته من القتل والهدم والنهب الذي أصاب كل بيت و كل سيدة وامرأة سودانية إلا ووقفت عند شيء لم أستطع حتى تخيله، وجدت على صفحات السودانيين منشور يفيد المغتصبة بعد عملية الاغتصاب لحمايتها من ان تحمل من المغتصب بعد الحادث، وفيه بعض الادوية التي يمكن تناولها بديلًا عن الأدوية الأساسية والتي ممكن أن تسبب على الغثيان وإذا حدث استفراغ تكرر تناول الدواء مره أخرى.

ووافق كل هذه الكوارث التي أحاطت بالسيدات بشكل خاص و السودانيين بشكل عام الاتفاقية التي نصت في جدة بين قوات الدعم السريع و الجيش السوداني، والتي لم تتضمن وقف إطلاق النار، لماذا ينتظروا حتى يتدخل أحد أو تقوم معاهدة وهدنة صحيحة وإخراج كل المدنيين من هذه الحرب التي جاءت بالخراب على رؤوس الجميع.

فبأي ذنب قتل كل سوداني و سودانية و اغتصب؟ بأي ذنب قتل كل طفل ولد ولم يولد بعد فكم من الأجنة فقدت في هذه الحرب؟ عندما يقف كبار الدول ويجتمعوا ويتحدثوا لخلق حلول في غرف مكيفة وبها ماء وإضاءة هناك الآلاف في نفس الوقت يغتصبون ويكافحون من اجل حياتهم، وهناك مستشفيات فقدت المؤن والإضاءة والعون، السرعة مطلوبة في مثل هذه الحروب حتى لا نفقد أكثر من ذلك على حرب ليس بها أي مكتسبات لأي طرف، ما هي إلا غباء من عدو واحد.

وداعًا دكتورة مجدولين.. وداعًا دكتور ماجدة.. وداعًا شادن. ستعشن في قلب كل مصري وسوداني، ولن ينسي دوركن و فضلكن يومًا.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة