المحور المجتمعي بين الواقع والمأمول

التنمية مفهوم أفرزته الحضارة الغربية المعاصرة، والتي تسيطر على مقدرات العالم بعد تحرره من كافة الأطراف الثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي انتشرت قبل عصر التنوير.

علم الاجتماع التنموي يهتم بقضية العولمة والتنمية المحلية، ويركز فيها علي عدة محاور هامة، منها:

  • مجموعة من السياسات والتطورات اللاحقة التي تشكل المضمون الأساسي لما يسمي بالعولمة الاقتصادية.
  • انعكاس العولمة الاقتصادية بما تتضمنه من شروط حديثة للإنتاج والتوزيع، وما تحمله من واقع جديد للهيمنة والاستغلال.
  • ملامح البنية الطبقية في مصر كنموذج لدول العالم الثالث، في ضوء المتغيرات التي يطرحها التوأم الرأسمالي العالمي الجديد وطبيعة أدوار الدولة الوطنية في ظل هذا النظام العالمي الجديد.

وبناء عليه يجب على المجتمع أن يحقق أهدافه في ضوء استراتيجية وفقًا لأيدولوجية اجتماعية واضحة، من خلال عدة مراحل للتخطيط الاجتماعي، كتحسين نوعية الحياة في مختلف النشاطات والنواحي الإنسانية من خلال التغيرات الاجتماعية التي تعمل على تحقيق التوازن بين كافة أطياف الجانب البشري والمادي، لمحاولة النهوض بالمجتمع بما يحقق نموه وبقاؤه، كالتغيير في أنماط العلاقات الاجتماعية والنظم والقيم التي تؤثر في سلوك الأفراد وتحدد أدوارهم في مختلف التنظيمات الاجتماعية الذين ينتمون إليها، وأيضًا خطة تنموية شاملة لكافة الخدمات الاجتماعية سواء صحة وتعليم وإسكان وثقافة ورعاية وتنشئة اجتماعية لإشباع جميع الاحتياجات الاجتماعية لأفراد المجتمع، وكل ذلك يتحقق من خلال القضاء أو إكسابه ومنح الفرد الإنساني لعدد من الحاجات التي هي من أصل حقوق الإنسان في الحياة الآمنة، كحاجته للعمل، للتعليم، للصحة، والعيش في مناخ أسري مستقر، بالإضافة إلى الرعاية الاجتماعية الكاملة للفئات الخاصة.

ضرورة توفير كافة السبل لإتاحة فرص تحقق الابتكار والإبداع والمعرفة والمهارات التي تساهم في بناء القدرات، لتحسين مستوى معيشتهم وحياتهم، ومحاولة إمداد الأفراد في المجتمع بأنماط جديدة من العادات الاجتماعية والاقتصادية مثل الإدخار وإقامة المشروعات، وأن تعتمد برامج التنمية الاجتماعية على استثمار الموارد المحلية المتاحة سواء المادية أو البشرية، وبالتالي تقلل من التكلفة.

التنمية الاجتماعية هو محور وركيزة أساسية توفر مساحة من الحقائق، منها إحترام الإنسان والحفاظ علي كرامته والإعتراف بوجوده وحفظ حقوقه، والالتزام بمبدأ التكافل الاجتماعي لأن التنمية الاجتماعية هي عمل إنساني تمتد جذوره إلى طبيعة الإنسان كمخلوق اجتماعي يسعى إلى البقاء، وهو المعنى الحقيقي لمفهوم العدالة الاجتماعية المتمثلة في التعاون المشترك وتحمل المسؤولية الاجتماعية، والتي يتحقق بها تنمية وتقدم المجتمع، لأنها قائمة علي إرادة الأفراد ورغبتهم في القيام بعمليات التنمية وشعورهم بالإنتماء والولاء وتحمل المسؤولية بشكل جماعي وليس فردي.

من الضروري أن تؤكد هذه التنمية علي أهمية المسؤولية الاجتماعية بين الفرد ومجتمعه، وتؤكد أيضًا على أهمية الاتجاه التكاملي، كما يؤثر كل ذلك على التنمية الاقتصادية، لذلك أرى أن التنمية الاقتصادية لها عائد كبير على التنمية الاجتماعية، لذلك ضرورة الاهتمام بالعلاقة بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية بكافة جوانبها.

التنمية المجتمعية من أهم الموضوعات التي لاقت اهتمامًا كبيرًا في الدول النامية، ونجدهم الآن بصدد الاهتمام بها في الحوار الوطني المصري الذي نأمل أن يثمر بمخرجات تتلائم مع رؤيتنا الاجتماعية الهادفة وتحقيق معدلات نمو محسوبة ومدروسة، مما يحقق ارتفاع في مستويات المعيشة وتحقيق التقدم بالعمل والإنتاج وحل المشكلات المجتمعية وإشباع الحاجات الأساسية للارتفاع بمستوي المعيشة وتحقيق ظروف معيشية ملائمة للأفراد.

شهدت البلاد النامية خلال السنوات الأخيرة حركات فكرية وثقافية واجتماعية وأيضًا ثورية تطالب بتحسين مستوى معيشة المواطن والدفاع عن حقوقه المختلفة، ويعد كل ذلك أساس التحول الاجتماعي من التخلف إلى التقدم، وتوفير مستوى معيشي لائق ومناسب للإنسان، وتوفير الخدمات مثل التعليم الجيد والصحة الأفضل والسكن المناسب والغذاء الجيد والتأمين والأمان الاجتماعي.

وأيضًا تسعى التنمية الاجتماعية لتحقيق رفاهية الإنسان، مثل زيادة فرص الحياة والحرية والمساواة والعدالة، ورفاهية الإنسان هي التنمية الحقيقية.

التنمية الاجتماعية هي عملية شاملة للتغيير والنمو، وكي تتحقق بشكل مناسب وملائم للمجتمع يجب الاهتمام بعدد من الملفات والقضايا التي يجب وضع خطة مجتمعية تنموية متكاملة، تهدف لـ:

  • القضاء علي الأمية وتحسين التعليم وتوفير التسهيلات التعليمية والثقافية.
  • القضاء البطالة ورفع مستوي العمالة في المناطق الحضرية والريفية.
  • القضاء علي الجوع وتوسيع الخدمات الصحية المناسبة والنهوض بمستويات الصحة.
  • ضرورة العمل على توفير خدمات الرعاية الاجتماعية والبرامج الشاملة للضمان الاجتماعي والمحافظة على مستوي المعيشة.
  • القضاء علي العقبات الاجتماعية التي تعوق التنمية الاقتصادية.
  • إتاحة الدفعة القوية في تحقيق التنمية القوية في تنمية الموارد البشرية، حيث لا يمكن تحقق التنمية بدون قوة العمل المدربة والمؤهلة التي تستطيع أن تغطي احتياجات التنمية في مجالات العمل.
  • محاربة الأمية بين الكبار، عن طريق تعبئة كافة الطاقات الموجودة بالمجتمع والاستعانة بالشباب المتعلم في حملات محو الأمية في مختلف القطاعات الوظيفية.
  • مواجهة الفقر وحماية الفئات الفقيرة والبسيطة، من خلال توفير شبكات وبرامج الأمان الاجتماعي الملائمة والمشروعات المختلفة المكثفة التي تدعم البسطاء والفئات الأكثر احتياجًا وتساعدهم على توفير مستويات الحياة الكريمة الكاملة المتكاملة.

في النهاية أؤكد علي أن العولمة الجديدة باعتبارها النظام العالمي الجديد للعلامات الرأسمالية الدولية، التي تجسد مرحلة جديدة من مراحل تطور الرأسمالية الدولية، وفي هذا الإطار نرى أن العولمة ارتبطت بتغير الرأسمالية من نسبة تقوم على احتكارات قومية تنتمي إلى دولة محددة وسوق معين تسيطر عليها، إلى نسبة تسيطر على شركات هائلة تعمل على اقتسام الأسواق معتمدة علي آليات السوق والتنافس الشديد الذي يعتمد علي البقاء للأقوى، وأن العالم أخد يشكل نظام رأسمالي متكامل يشهد تنوع في بنيانه الثقافي والسياسي ولكنه يحكم بنمط إنتاج واحد هو الإنتاج الرأسمالي، الذي يقوم على تقسيم دولي للعمل تخترقه أشكال من التبادل غير المتكافئ بين مركز النظام وبين أطرافه، وعلى الرغم من تشابه الأنماط والأفعال الاقتصادية السياسية للدول في العالم الثالث فإن الأفعال تتباين وفقًا للظروف الناتجة الخاصة، فالدولة في العالم الثالث تتدخل في الشئون الاقتصادية وتعمل على تشجيع القطاع الخاص وتقويمه، بالإضافة إلى أن الأفعال والمواقف السياسية الاقتصادية للدولة تحدد نمط التنمية الأغلب، لذلك تتعدد وتتناقص وفقًا للمحددات البنائية للدولة وخصائصها، فنمط التنمية تتغير جذوره، والتناقص يأتي في ضوء تغير أهداف التنمية من مجتمع لأخر.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة