فاغنر أداة مشتركة لبسط النفوذ الروسي على أفريقيا وتمويل الحرب الروسية الأوكرانية

مع تراجع النفوذ الأوروبي في القارة السمراء لابد من ظهور لاعب آخر لملء الفراغ الشاسع بالملعب الأفريقي صاحب الثروات الطبيعية والنزاعات التي لا تنتهي،  وبالطبع ليس هناك أفضل من الدب الروسي ليكون لاعبًا في هذه الأوقات، وخاصة بعد انتظاره لأكثر من ٣٠ عامًا متأهبًا لفرصة مشابهة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، ومن يتحمل مثل هذه المسؤولية افضل من فلاديمير بوتين الذي يحمل على عاتقه مسؤولية عودة الإمبراطورية الروسية لأمجادها.

من هي فاغنر؟

فاغنر هي شركة عسكرية روسية رغم قلة المعلومات عن بدايتها إلا أن التقارير الاستقصائية تشير إلى أن هذه المجموعة نشأت في أوكرانيا عام ٢٠١٤، فترة الصراع بإقليم دونباس، أسسها ضابط سابق بالقوات الخاصة الروسية يدعى «ديمتري اوتكين» ثم انتقلت إدارتها بعد ذلك إلى «جينزين بريجو» الملقب بطباخ بوتين.

ومع انسحاب النفوذ الأوروبي من المشهد الأفريقي استعانت بعض الدول الأفريقية بشركات أمن اجنبية كمجموعة فاغنر الروسية لحماية الزعماء والقادة وممتلكاتهم وزيادة تأمين الاستثمارات الأجنبية، وكلما زادت حدة النزاعات زادت أهمية مثل هذه المجموعات وخاصة مع الدول التي تعاني من النزاعات مع الجماعات المتطرفة.

ظهور فاغنر في النزاعات الأفريقية

أثناء حرب ٢٠١٩ التي حاول خلالها المشير خليفة حفتر فرض سيطرته على طرابلس فقد صرحت حكومة الوفاق بوجود قوات روسية تقاتل بجانب حفتر، ورغم إنكاره فقد تم تسريب عدد من الصور والفيديوهات لهذه العناصر أثناء الانسحاب عن طريق بني وليد. كذلك أثناء لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بمؤتمر صحفي سنة ٢٠٢٢ أقر بوجود مقاتلين روس في ليبيا، ولكن في المقابل نفى مسؤوليته باعتبارها شركات خاصة غير رسمية لا تربطهم بها أي علاقة.

في جمهورية أفريقيا الوسطى على سبيل المثال، يدعم 1890 «مدربًا روسيًا» القوات الحكومية في الحرب الأهلية المستمرة، وفقًا للسفير الروسي. في ليبيا، يُعتقد أن هناك ما يصل إلى 1200 من مرتزقة فاغنر، أما عن السودان فقد كانت بوابة العبور إلى أفريقيا ففي عام ٢٠١٧ التقى البشير وبوتين في سوتشي للإعلان عن مرحلة جديدة من التعاون تكون فيها السودان مفتاح لأفريقيا، وفي المقابل تقدم روسيا الدعم العسكري للسودان لكن هذا الدعم لم يحل دون إسقاط البشير في انقلاب أبريل ٢٠١٩.

وفي الحرب الحالية نجد فاغنر داعمًا للجنرال حميدتي في صراع مع البرهان، فبعد نشوب القتال بيومين اتجهت طائرة شحن روسية من طراز اليوشن ٧٦ كانت متمركزة بقاعدة الجفرة الجوية الليبية إلى السودان، وأنزلت صواريخ أرض جو وأسلحة أخرى في قاعدة شيفروليه التابعة لقوات الدعم السريع.

كذلك مع انسحاب القوات الفرنسية من بوركينا فاسو يرى المحللون أن مرتزقة فاغنر قد يحلوا محل القوات الفرنسية هناك لتنضم إلى باقي البلدان الأفريقية الأخرى لتلقى نفس المصير كأنها قطع دومينو تتوالى واحدة تلو الأخرى.

اقتصاديات فاغنر

يقول المحلل السياسي يوليان راديماير لـ«دويتش فيلا» خلال حضوره مؤتمر ميونيخ للأمن مؤخرًا إنه: «بمرور الوقت، تطورت فاغنر إلى ما وراء الخدمات العسكرية الخاصة، إلى شبكة من العلاقات والشراكات مع شركات في مختلف البلدان الأفريقية».

وأضاف: «إنهم يعملون في تلك المنطقة الرمادية بين الأنشطة غير القانونية إلى حد ما، ويغطون المنطقة بأكملها جيدًا». فقد أمست فاغنر تشارك في مختلف جوانب الاقتصاد وقطاع الأمن في أفريقيا الوسطى فمنذ وصولها إليها في عام 2018.

وساعدت روسيا خلال ذلك في التحايل على العقوبات الدولية المفروضة عليها على إثر غزو أوكرانيا في عام 2022 عن طريق تهريب الذهب والماس من أفريقيا الوسطى لتمويل الحرب التي تشنها روسيا.

استحوذت شركة «لوباي إنفست»، التابعة لفاغنر، على مناجم الذهب والماس وتدر عمليات التعدين المرتبطة بفاغنر ما يُقدَّر بمليار دولار أمريكي سنويًا.

وفي إطار الصفقة المبرمة مع حكومة إفريقيا الوسطى، تمول أنشطة التعدين عمليات فاغنر، وتعفيها من دفع الضرائب على الموارد التي تستخرجها، دخلت منظمة «كل العيون على فاغنر» في شراكة مع 11 مؤسسة إعلامية أوروبية للكشف عن كيفية جني المجموعة أرباح ضخمة باستخدام الأخشاب الاستوائية الثمينة من جمهورية أفريقيا الوسطى. ووفقًا للتقرير، منحت الحكومة في بانغي شركة فرعية حقوق قطع الأشجار بدون قيود على مساحة تقدر بـ 187 ألف هكتار.

ومن جانبها ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، نقلاً عن مصادر استخباراتية أمريكية، أن مجموعة فاغنر كانت تعمل مع المتمردين المحليين للتخطيط لانقلاب في تشاد. وقال راديماير: «المقلق هو أن فاغنر سوف تستمر في الانتشار والنمو في سياق أفريقي، طالما لم يتم التدخل لمواجهة تلك التأثيرات، ويجب أن تعمل أوروبا وشركاؤها بشكل أفضل مع أفريقيا لتحقيق ذلك».

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة