أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرها عن حالة حقوق الإنسان في عدد من البلدان من بينهم مصر للعام 2022/2023. وتناول التقرير وضع حالة حقوق الإنسان في مصر، من احتجاز تعسفي وانتهاكات داخل أماكن الاحتجاز، فضلًا عن استمرار الحبس الاحتياطي في القضايا السياسية وغيرها من الانتهاكات.
أشار التقرير إلى مواصلة السلطات المصرية قمع جميع أشكال المعارضة السلمية، وخنق الحيز المدني. إذ ألقت قوات الأمن القبض التعسفي على ما لا يقل عن 11 صحفيًا بسبب عملهم أو آرائهم الانتقادية، فيما ظل 26 صحفيًا على الأقل محتجزين تعسفيًا في أعقاب إدانات أو على ذمة التحقيق في تهم نشر أخبار كاذبة و/أو إساءة استخدام وسائل التواصل، إلى جانب الإرهاب.
كما أشار التقرير إلى استمرار حجب ما لا يقل عن 600 موقع إلكتروني مختص بالأخبار أو بحقوق الإنسان أو غير ذلك، موضحًا أن السلطات الأمنية احتجزت تعسفيًا ما لا يقل عن ثمانية مدافعين عن حقوق الإنسان، بيتما عرضت أولئك الطُلقاء للمراقبة، وللاستجواب بالإكراه، بحسب التقرير.
ولفت التقرير إلى وجود خمسة عشر مدافعًا عن حقوق الإنسان وعاملًا في منظمات غير حكومية يخضعون لتحقيقات وقرارات بمنع السفر وتجميد الأصول، في ما يتصل بالتحقيق الجنائي المستمر منذ سنوات بخصوص العمل المشروع لمنظمات المجتمع في ما يـُعرف باسم القضية 173.
كما تحدث التقرير عن استهداف معارضين سياسيين من خلال الاحتجاز التعسفي والمحاكمات الجائرة وغير ذلك من المضايقات، ففي مايو الماضي حكمت إحدى محاكم الطوارئ بالسجن على المرشح الرئاسي السابق ومؤسس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح، وعلى نائب رئيس الحزب محمد القصاص، مدة 15
سنة و10 سنوات على التوالي بتهم نشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة إرهابية، بالإضافة إلى تهم أخرى ملفقة، حسب التقرير، الذي أشار كذلك إلى إضافة 620 شخصًا، بينهم صحفيون وسياسيون معارضون محتجزون، إلى «قائمة الإرهاب» من دون اتباع الإجراءات الواجبة، مانعة إياهم فعليًا من المشاركة في أي عمل مدني أو سياسي، أو من السفر للخارج لمدة خمس سنوات.
ووثق التقرير أنه في الفترة التي سبقت انعقاد مؤتمر المناخ، ألقت قوات الأمن القبض على مئات الأشخاص في ما يتصل باحتجاجات مقرر تنفيذها خلال المؤتمر. ومن بين هؤلاء عبد السلام عبد الغني، الذي قـُبض عليه من منزله بالقاهرة بعد أن أيد الدعوات للاحتجاجات خلال مؤتمر المناخ، وظل محتجزًا على ذمة التحقيقات في تهمتي نشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة إرهابية.
وخلال انعقاد مؤتمر كوب 27، أخضعت قوات الأمن المشاركين للاستجوابات والمراقبة وغير ذلك
من أشكال المضايقة، كما منعت المواطن الإيطالي جورجيو كاراتشيولو، من المعهد الدنماركي لمناهضة
التعذيب، من دخول مصر خلال انعقاد المؤتمر.
وتحدث التقرير عن الإضراب الذي أعلن عنه الناشط السياسي المصري البريطاني علاء عبد الفتاح أثناء انعقاد المؤتمر، بعد توقفه عن شرب المياه أيضًا في 6 نوفمبر الماضي، بعدما ظل مضربًا عن الطعام منذ 20 أبريل 2022، احتجاجًا على استمرار احتجازه التعسفي وحرمانه من الزيارات من قبل القنصلية البريطانية.
كما ذكر التقرير أنه في أبريل الماضي أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي تفعيل لجنة العفو الرئاسي، وأمرت السلطات بالإفراج عن 895 شخص من المحتجزين لأسباب سياسية وعشرات آخرين من الغارمين والغارمات. وعلى الرغم من إعادة تفعيل لجنة العفو، يشير التقرير إلى استمرار عمليات القبض على الأشخاص بسبب آرائهم السياسية، فقد ألقي القبض على الناشط شريف الروبي في سبتمبر الماضي، بعد أن أفرج عنه في مايو، بعد أن اشتكى علنيًا من الصعوبات التي يواجهها السجناء عقب إخلاء سبيلهم من أجل العودة لأعمالهم أو إيجاد فرص عمل جديدة.
وأضاف التقرير أن السلطات لا زالت تستخدم الإجراءات التعسفية تجاه النشطاء والحقوقيين، فعلى سبيل المثال منعت قوات الأمن الناشطة في مجال حقوق الإنسان ماهينور المصري والباحث أحمد سمير الذي أفرج عنهم في 2022 وآخرين من السفر، بينما ظل آلاف محتجزين بصورة تعسفية بسبب ممارسة حقوقهم الإنسانية، بينهم المحامي يوسف منصور، المحبوس احتياطيًا منذ القبض عليه في مارس 2022 لانتقاده الانتهاكات التي يتعرض لها أحد موكليه.
كما أشار التقرير إلى انتهاك حقوق المتهمين في المحاكمة العادلة، باستمرار منع قوات الأمن الاجتماعات على انفراد مع المحامين، واستمرار محاكمة وإدانة معارضي الحكومة والمدافعين عن حقوق الإنسان أمام محاكم الطوارئ، بالرغم من رفع حالة الطوارئ في أكتوبر 2021.
وبالنسبة لعقوبة الإعدام، ذكر التقرير أن المحاكم أصدرت أحكامًا بالإعدام إثر محاكمات جماعية جائرة، رغم انخفاض معدلها عن السنوات السابقة. ففي يونيو أصدرت دائرة الإرهاب في محكمة جنايات القاهرة حكمًا على 10 رجال بالإعدام بتهمة الإرهاب والقتل العمد، رغم أن كثيرًا منهم تعرض للاحتجاز خارج إطار القانون وحرموا من الاتصال بمحاميهم، وتم احتجازهم في ظروف قاسية ولا إنسانية تصل إلى مستوى التعذيب. وفقًا لتقرير العفو الدولية.
وعن التمييز والعنف القائم على النوع الاجتماعي، ذكر التقرير أن السلطات المصرية تقاعست عن منع ومعالجة انتشار العنف الجنسي والقائم على أساس النوع الاجتماعي، فخلال الفترة من يونيو إلى أكتوبر 2022 قـُتلت أربع شابات على أيدي رجال بسبب رفضهن مضايقاتهم، بينما لم تتخذ الشرطة أي إجراء بخصوص شكاوى المضايقات، التي تقدمت بها نيرة أشرف ضد طالب آخر في جامعة المنصورة، قبل شهرين من قيامه بطعنها حتى الموت.
من ناحية أخرى، أحالت السلطات للمحاكمة ناشطات جاهرن بآرائهن ضد العنف الجنسي. ففي يناير أيدت محكمة النقض حكم الإدانة الصادر ضد الناشطة أمل فتحي، لانتقادها تقاعس السلطات عن حماية النساء من التحرش الجنسي، وحكمت عليها بالسجن لمدة سنة. وفي أغسطس أدانت محكمة اقتصادية الصحفية رشا عزب بتهمتي السب والقذف، وغرمتها 10 آلاف جنيه مصري، لتعبيرها عن تضامنها عبر الإنترنت مع ضحايا العنف الجنسي اللاتي نشرن شهادات يتهمن فيها المخرج السينمائي إسلام العزازي بارتكاب اعتداءات جنسية، حسب التقرير.
كما أشار التقرير إلى مواصلة السلطات استهداف أشخاص بسبب ميولهم الجنسية الفعلية أو المُفترضة، أو هوياتهم القائمة على النوع الاجتماعي، ففي أبريل قبضت قوات الأمن على أربعة رجال واثنتين من النساء العابرات جنسيًا في أحد المراكز التجارية في القاهرة، واحتجزتهم لفترة وجيزة دونما سبب سوى هوياتهم القائمة على النوع الاجتماعي، وميولهم الجنسية الفعلية أو المُفترضة. وأشار هؤلاء الأشخاص إلى أنهم تعرضوا لإساءات لفظية وبدنية.
وعن حقوق العمال، ذكر التقرير أن السلطات المصرية قبضت على عمال ونقابيين لتنظيمهم إضرابات واحتجاجات سلمية، أو لسعيهم لتحقيق العدالة، كذلك تقاعست عن توفير الحماية لعمال القطاع الخاص من الفصل التعسفي وغيره من الإجراءات الانتقامية، لمطالبتهم بظروف عمل أفضل.
ففي فبراير، استخدمت قوات الأمن الكلاب البوليسية والغاز المسيل للدموع لتفريق اعتصام سلمي نظمه العمال في مجموعة يونيفرسال للأجهزة المنزلية، وهي شركة خاصة، واحتجزت السلطات ثلاثة عمال لفترة وجيزة. وتقاعست وزارة القوى العاملة عن التصدي لقرار الفصل التعسفي لما لا يقل عن 65 عاملًا، واحتُجز النقابي شادي محمد، في أكتوبر على ذمة التحقيق في تهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية، وكان قبل القبض عليه قد رفع دعوى قضائية ضد صاحب عمله السابق للاعتراض على فصله بشكل تعسفي.
بالإضافة إلى ذلك، وافق مجلس الشيوخ في فبراير على مشروع قانون العمل، الذي يسهل فصل العاملين بشكل تعسفي بدون تقديم تعويضات كافية لهم. أما بالنسبة للحق في السكن، فقد ذكر التقرير أن السلطات المصرية واصلت تنفيذ عمليات إخلاء قسري في أحياء عشوائية، وألقت القبض على عشرات الأشخاص تعسفيًا لاحتجاجهم على هدم منازلهم، وفي أغسطس، استخدمت قوات الأمن القوة غير المشروعة ضد سكان جزيرة الوراق المحتجين على خطط لإخلائهم وتحويل الجزيرة إلى مركز تجاري. واستخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع وضربت المحتجين بالهراوات، واحتجزت عشرات منهم لفترات وجيزة. وفي ما بعد، قامت قوات الأمن بمضايقة السكان عند نقاط التفتيش وأوقفت تقديم الخدمات في المستشفيات، وغيرها من الخدمات، في ما اعتبره السكان محاولات لطردهم.
أما فيما يخص حرية الدين والمعتقد، فقد أوضح التقرير أن التمييز ضد المسيحيين لازال قائم في القانون والممارسة الفعلية، إذ ظل الحق في بناء الكنائس أو ترميمها مقيدًا ويقتضي الحصول على موافقات من أجهزة أمنية وغيرها من الجهات الحكومية. ووفًا لما ذكرته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، لم تحصل سوى نسبة 45% من الطلبات على موافقة أولية على بناء أو ترميم كنائس، منذ سريان القانون في 2016.
وفي يناير، قبضت السلطات تعسفيًا على تسعة من سكان قرية عزبة فرج الله في محافظة المنيا، واحتجزتهم لمدة ثلاثة أشهر على ذمة التحقيقات بخصوص تهم الاشتراك في تجمهر وارتكاب عمل إرهابي، وذلك لاحتجاجهم سلميًا على رفض السلطات السماح بإعادة بناء الكنيسة الوحيدة في قريتهم، وأفرج عن التسعة بدون محاكمة.
وعن حقوق اللاجئين والمهاجرين، واصلت السلطات القبض تعسفيـًا على لاجئين ومهاجرين واحتجازهم لدخولهم مصر أو الإقامة فيها بصورة غير نظامية، بحسب التقرير، الذي لفت إلى قيام السلطات المصرية بإعادة 31 إريتريـًا إلى إريتريا قسرًا، ومن بينهم نساء وأطفال، عقب احتجازهم تعسفيًا لفترة مطولة في ظروف قاسية، بدون السماح لهم بالطعن في قانونية احتجازهم، أو إتاحة سبل الوصول إلى إجراءات طلب اللجوء.