نادين دي أصلها شخصية توكسك ومش مسئولة".. "هي ليه شايفة نفسها كده وإيه الدلع الزيادة والعياط ده كله".. "لأ وجوزها كل شوية يحضنها ويعتذر ويطبط عليها، وكمان بيحمي معها العيال ومش عاجبها!"
المقتطفات السابقة هي جزء صغير من سيل التعليقات اللامنتهي على شخصية نادين أو أمينة خليل في مسلسل الهرشة السابعة، وعلى الرغم من الهجوم الحاد عليها من بداية المسلسل إلا أن الأحداث تتولى لتصبح شخصية نادين التوكسك بحسب وصف الكثير لها (رغم عدم توافر جميع شروط الشخصية السامة بها وفقا لمعايير الدراسات وليس السوشيال ميديا) سرعان ما تتحول مشاعر الغضب تجاها إلى تعاطف معها على السنوات السبع التي قضتها بين الأمومة ومسئوليات الزواج متجاهلة رغباتها الحقيقة وجانبها الأنثوي، نراها تشرق من جديد بعد مرحلة الطلاق لتصبح أكثر أنوثة ورقة وهدوء ونظرات الإعجاب من طليقها (آدم) تعود أيضا لها من جديد والذي أتهم هو الآخر بالخائن التهمة التي لصقت لعالم الراجل دون التحقق من الأسباب التي تدفع الرجل للخيانة من الأساس وهذا ليس مبررا لفعل الخيانة بالطبع بقدر ما أن المسلسل وضعنا جميعا أمام سؤال هام ومحير: "هو العيب في مين؟"
ماذا لو أخبرتك بأن الخلل في العلاقات يحدث عند اللحظة التي يقرر فيها احد الطرفين التخلي عن نفسه الحقيقة داخل العلاقة عند هذه النقطة تحديدا تقع المسئولية على عاتق الطرف الذي قرر يلعب دور الضحية سواء رجل أو مرأة بحجة أنه الطرف الأكثر تضحية ومحافظة على العلاقة، ماذا لو أخبرتك أن العكس هو الصحيح وأن لعبك لدور المسئول عن نفسك واحتياجاتك ووصولك لمستوى عال لفهمك لنفسك وحقيقتك وتعبيرك عنها هو الأكثر ضمانا لاستمرارية العلاقة ومدة صلاحيتها، أعلم ما يدور في خاطرك الآن و تتسأل وكيف أعرف نفسي الحقيقة ومن منا يعرف نفسه من الأساس؟
إليك بعض نماذج لطرق الوصول للنفس الحقيقية كلها مستوح من أحداث الهرشة السابعة:
نفسك الحقيقية: هي التي تستطيع التكشف والتعبيرعن احتياجتها بوضوح وصراحة للطرف الآخر دون خجل أو حواجز أو الخوف من الحكم عليك أو الرفض (وهذا هو الخطأ الذي وقعه فيه أبطال المسلسل آدم ونادين عندما قرر كلا منها بشكل لاوعي عدم التعبيرعن احتياجتهم ومناقشتها والدخول في مرحلة من الصمت وصولا إلى لحظة الإنفجار ثم الإنفصال)..
نفسك الحقيقية: لا ترضى بأقل مما تستحقه وتسعى للتعبير عن نفسها وتطالب بحقوقها مهما كلفها الأمر (وهو ما حدث مع نادين التي طالبت بحقها بأن يكون لها كيانها وشغفها ومساحتها الخاصة بعيدا عن المسئوليات مثل آدم والثمن كان الانفصال). .
نفسك الحقيقية: تبحث عن رغباتها الخاصة بروحها ولا تلهث وراء ما يجري المجتمع بل تبحث جاهدة لإيجاد ما يشبع روحها بالفعل سواء شغف أو تجارب المهم أن تتأكد أنها رغبات نابعة من الروح .. (مثل تمسك نادين بشغفها الذي اكتشفته بعد سنوات عديدة رغم رفض زوجها لهذا العمل تحديدا).
نفسك الحقيقية: لا تخجل من عيوابها وتتقبل ضعفها بل وقد تسعى للغوص في رحلة حل عقد الماضي والطفولة والتحرر منها مهما كان الأمر مؤلم.
(وهو ما سعت إليه البطلة سلمي عندما لجاءت لمتخصصة نفسية لمساعدتها في تخطي ماضيها مع والديها لتحظى بحياة زوجية أكثر استقرارا مهما كانت صعوبة مواجهة الماضي).
وعندما تصل لأقرب نقطة من نفسك الحقيقة يبدأ التحول الإيجابي في العلاقة يشعر كل طرف بخفة أكثر مثل نهاية أبطال المسلسل... لا تختف المشاكل والصراعات بل يصبح تأثيرها أقل عليك وتصل لنقطة أعلى من والوعي والحكمة في معالجة وحل المشكلات داخل العلاقة، وهي رحلة ليست سهلة بقدر سهولة كتابة هذه الكلمات.
"مهمتك ليست البحث عن الحب، بل البحث بداخلك عن تلك الجدران والحواجز التي تبقيه بعيدا عن روحك"... عندما صادفتني هذه المقولة للشاعر جلال الدين الرومي تأكدت من أن الفوز في لعبة الحب والعلاقات يبدأ من بحثي عن نفسي أولًا... وهو ما تم طرحه بالفعل خلال الحلقات الأخيرة أثناء مناقشة بطلة المسلسل نادين لضيوف برنامجها عن أسباب نجاح أو فشل العلاقات..
اقتراب المسلسل من واقعية النفس البشرية قد تجعلنا نعيد التفكير مرة أخرى في الفكرة السخيفة والمبالغ فيها في الفترة الأخيرة للتحيز لفريق المرأة فقط أو فريق الرجل فقط لعلنا ندرك ونستوعب أن الترويج لهذا الإنقسام يصب في النهاية لمصلحة "الترند" وليس لمصلحتنا سواء نساء أو رجال وأن العيب الحقيقي يكمن في علاقته الشخص بنفسه بالأساس... لنتأكد جميعا من صحة الإفيه الشهير في فيلم ثقافي "العيب مش فيكم العيب في النظام!"