الجمهور ومقص الرقيب.. دور جديد أم متجدد؟!

مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتحقيقها ميزة التفاعلية الفورية، لم يعد أي شيء يمر مرور الكرام على المستخدمين ممن يتلقون الرسالة الإعلامية، وهكذا كان الحال مع المسلسلات  الرمضانية لهذه السنة، فلم يفوت المشاهد العربي الفرصة لبث أولى الحلقات إلا وضمَّنها آراءه وتعليقاته التي تترواح بين الإشادة والإعجاب أحيانًا وبين النقد اللاذع  والسخرية أو حتى السب والشتم في أحيان أخرى، سواء كان ذلك لصناع العمل أو للعمل ككل؛ بل أننا أصبحنا نشهد اليوم جمهورًا تعدى التفاعلية إلى ممارسة مقص الرقيب على الأعمال الدرامية، بدءًا بكان يجب كذا ولا يجب كذا، والممثل الفلاني لا يليق عليه الدور والممثلة الفلانية أخفقت في كذا والأخرى أصابت في كذا، وهلُمَّ إضافات وتعليقات وسخريات.

لن نختلف إذا قلنا أن الحَكم على جودة الأعمال الدرامية هو الجمهور، وهذا دوره التاريخي طبعًا، ذلك أن أي رسالة إعلامية أو عمل درامي محكوم نجاحه بمشاهدة واستحسان ومتابعة الجمهور له، وإلى وقت قريب كانت مراكز سبر الآراء، الاتصال هاتفيًا وبريد القراء، بمثابة رجع الصدى يتم بمقتضاها معرفة آراء وتوجهات الجمهور من مختلف البرامج وعلى مختلف الوسائل الإعلامية، أما اليوم فباتت السوشيال ميديا ساحة للنقاش الحر يتبادل فيها المستخدمون آراءهم في مختلف القضايا والبرامج.

ويحضرني هنا أمرين أو تساؤلين؛ أولهما هل كل الجمهور مؤهل للحكم على نجاح أو فشل العمل الدرامي؟ أما الأمر الثاني فهو ما دام أن التكنولوجيا قد سهلت لنا الكثير من الأمور وأصبحت تُطلعنا على آراء الجمهور وتوجهاته من أي عمل درامي فلماذا لا تؤخذ آراء الجمهور وأذواقه بعين الاعتبار قبل إنجاز العمل؟

إن الإجابة عن هذين التساؤلين تكمن في ضرورة الاهتمام بآراء الجمهور الجديد إن صح التعبير، ممن يعلقون ويتذمرون ويقترحون ويُبدون آراءهم على وسائل التواصل الاجتماعي حول مختلف الأعمال الدرامية، بأن يتم تجنيد كفاءات متخصصة في دراسة وسبر آراء الجمهور بالاعتماد على ما أتاحته التكنولوجيا من سرعة وفورية وتفاعلية، مع ضرورة تمحيص هذه الآراء وتنقيتها من كل الشوائب الدخيلة من أصحاب الحسابات الوهمية أو المدفوعة الأجر التي لا هم لها غير الحط من قيمة بعض الأعمال الدرامية، أو الانتقاص من فنانين وفنانات بعينهم بدافع الغيرة، فتراهم يخوضون حربًا شرسة على موقع التواصل الاجتماعي على بعض الأعمال وتصيُّد عثراتها لأغراض دنيئة تستهدف استبعادها أو تشويه سمعتها.

إن إنشاء خلية تهتم بمعرفة توجهات وآراء الجمهور كفيل بإعادة بعث الصناعة الدرامية إلى الصدراة، صناعة تضع القضايا المجتمعية الواقعية نُصب أعينها ولا تحيد عنها أبدًا.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة