علموا بناتكم وأولادكم
من أجل حياة زوجية إنسانية

  مر يوم المرأة العالمي
فتذكرت بقوة زميلاتي الصحفيات خلف الأسوار،ومعهن معتقلات وسجينات الرأي في بلادي كافة ومن مختلف الاتجاهات والانتماءات.           واليوم أحب أن أذكر بقوله نكتشف كل يوم مدى أهميتها وجدارتها بأن نتبناها كسلوك في حياتنا الاجتماعية. هي كلمات المفكرة الراحلة الدكتورة ” نوال السعداوي” رحمها الله:

  ـ “علموا بناتكم الاستقلال الاقتصادي حتى يبحثن عن رفيق للحياة وليس عن عائل، وعلموا أبناءكم الاستقلال المنزلي حتى يبحثوا عن حبيبة وليس خادمه”.
  صدقت يادكتورة “نوال”. أتذكر كلماتها هذه كلما عاينت واستمعت إلى  تجارب الحياة ومن حولنا، ومعها الزيجات الفاشلة الناجمة عن ذهنيات بيع المرأة وشرائها. كل قصة فشل منها تؤكد على بعد نظرها. 

   ولعل هذه الذهنيات من مخلفات ميراث ثقافة التجارة والتجار في المجتمعات البدوية القديمة، ومعها استمرار العبودية على نحو أو آخر، وقد امتدت بنا ومعنا من القرون الوسطى للقرن الحادي والعشرين . بل وزادت تشوها ولا إنسانية ومجافاة للتطور، ولتعليم المرأة وخروجها للعمل، وللأوضاع الاقتصادية المعيشية التي تتطلب تعاون الزوج والزوجة عليها، وتجاوز علاقة البيع والشراء. بيع الرجل المرأة كسلعة جنسية دائمة الاستهلاك، وبيع المرأة رجلا ينفق عليها مقابل هذه السلعة.  

    وفي هذا السياق، نحتاج مع إقرار وتفعيل الحقوق والحريات السياسية والاجتماعية وأركان الديمقراطية وتداول السلطة ومساءلتها ومحاسبتها ـ وليس خارج هذا السياق وبدونه ـ إلى إعادة النظر والتفكير في مفاهيم وتقاليد: ” المهور” و” الشبكة الذهب” و”قائمة المنقولات” و “بيت الطاعة” و ” القوامة للرجل” و “نفقة المتعة”. وغيرها من ترسانة مفاهيم/ تقاليد كاملة تبدو مستمدة من ثقافة التجارة في البداوة و عدم القضاء تماما على العبودية. وفي القلب من هذه الثقافة اعتبار علاقة الزوج بالزوجة بيع وشراء لخدمة جنسية مستدامة لذكر يجرى الزعم بأنه يتمتع بالأنثى ولكونها بالأساس أداة متعة، فيما لايجرى تجاهل أنها هي أيضا تتمتع  بدورها وتستمتع برجلها. وهذا حق لها متساوي تماما معه .

  يعجب المرء كيف يكمن ويسيطر مفهوم شراء الذكر للأنثى على شباب وشابات ونساء ورجال ناضجين يخرجون للعمل والحياة العامة، دون أن يتوقفوا لليوم ويسألوا:  كيف؟.. ولماذا؟..  وإلى أين؟

  وفي إطار المفاهيم الجديدة الأكثر إنسانية، من الطبيعي أن تحتل المودة والرحمة والاحترام المتبادل وصداقة العمر والشراكة في أعباء الحياة  والاستمتاع بها مكانتها المعتبرة في علاقة الزواج عندنا، إلى جانب الحب. وأعتقد وغيرها في أن كل هذه القيم المفقودة والمهدرة خلف نصوص ومفاهيم عتيقة بالية مشوهة لا إنسانية ولاروحانية تتناقض مع جوهر الإسلام والأديان كافة.

.. بئس حياة من تتساهل أو يتساهل ويستسلم لعلاقة تقوم على البيع والشراء والحسابات المالية والمادية، وبخاصة مع سيطرة وأولوية ما هو جنسي.. ومع النظر للجنس وداخل مؤسسة الزواج بوصفه سلعة تباع وتشترى.  ولاحول ولاقوة إلا بالله.   

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة