المرأة المصرية بين الأدب والفن

مارس هو شهر المرأة بامتياز. يحتفل العالم في الثامن من مارس باليوم العالمي للمرأة، وتحتفل دول عربية كثيرة في الواحد والعشرين منه بعيد الأم.

وكمغربية مقيمة في مصر منذ ست سنوات اخترت أن أفكر هذه المرة بشكل ثان في وضع المرأة المصرية، وذلك من خلال ما قدمه كتاب مصر وصناع السينما عنها، فهذه الأعمال هي الرسول الحقيقي لكل مجتمع إلى دول أخرى، وهي مرآة تفكير الناس فيه.

منذ ثلاثينيات القرن الماضي إلى آخره تقريبًا قدمت الأعمال الفنية والأدبية صورة عن المرأة المصرية في مختلف المواقف التي تتعرض لها في حياتها الاجتماعية، بدءًا من حقها في التعليم والعمل واختيار شريك الحياة وتربية الأطفال، مرورًا بكل ما قد تتعرض له المرأة في مصر من مشاكل كالتحرش الجنسي أو كارثة البتر التناسلي (الختان).

ولكن ما الرسالة التي كانت تقدمها هذه الأعمال؟ وهل  تطورت هذه الرسالة؟ أعتقد أن العكس هو الذي حصل، فبعدما كان للمرأة دور محوري في الكتابات والدراما  أصبحت النظرة لها فيما بعد تتسم بشيء من الدونية.

لنبدأ بكتاب «تحرير المرأة»، الذي يتبادر اسم كاتبه قاسم أمين إلى أذهاننا كلما ذكرنا هذا الموضوع، وهو كتاب لخص دستورًا لحياة كل النساء وبالتالي للمجتمع أو الأمة كما أسماها الكاتب، وكان بمثابة ثورة في هذه القضية لاسيما وقت إصداره.

وأمين ليس الوحيد الذي نادى بتحرير المرأة عبر التعليم والعمل وتقنين حقوقها في الزواج والطلاق، فقد صاغ أدباء آخرون هذا الأمر في كتاباتهم، ومن أبرزهم إحسان عبد القدوس، الذي رسم شخصية الفتاة المصرية الثائرة على بعض الموروثات القديمة والتي تنجح في كثير من الأحيان في تحقيق ذاتها، فاستطاعت «علية» في «أين عمري» أن تختار بنفسها حياتها بعد ما نضجت وأدركت ما تريد، ووصلت «أمينة» في «أنا حرة» إلى ما كانت تحلم به. أما بنات «لا تطفئ الشمس» فقد رسمت كل منهن طريقها واختارت شريك حياتها وانطلقت تحقق أحلامها ككل بنات الجيل.

وقد يكون في قلم إحسان عبد القدوس تفاؤل لا يوجد عند أدباء جسدوا الواقعية في كتاباتهم، مثل العميد الذي رسم من خلال «هنادي» و«آمنة» صورة البنت في الصعيد وما تعيشه من مآسي، أو نجيب محفوظ وشخصية «نفيسة» البائسة في «بداية ونهاية»، والتي تذكر دائمًا ألا جمال ولا مال ولا أب، غير أن الرسالة في كتاباتهم كانت واضحة، رسالة لتخليص المرأة من معاناتها، وهو ما كان يدركه القارئ.

ومثلما كان للأدب دور كبير فقد كان للأعمال السينمائية في نفس الفترة نصيب في توعية المجتمع، ويكفي أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر أفلام أخرجها هنري بركات مثل «الباب المفتوح» و«لا عزاء للسيدات» و«أفواه وأرانب» و«الشك يا حبيبي»، والتي رغم اختلاف الطبقات الاجتماعية التي كانت تصورها كان النداء فيها كان جليًا، نداء للحرية والاستقلالية وحق الاختيار، وحتى الأعمال التي كانت تحمل طابعًا كوميديًا بعض الشيء كان لها نفس المغزى، مثل «للرجال فقط» و«السبع بنات».

ولا أدري ما الذي جعل الأمر يختلف، حيث أنتجت أعمال مثل «عائلة الحاج متولي» – و هو من أسوأ أعمال الفنان الكبير نور الشريف- و «الزوجة الرابعة»، و شكلت المرأة فيها مجرد وسيلة لإمتاع الرجل.

وأتذكر الفرق بين حوار وحيد حامد في «البشاير» وتامر حبيب في «شربات لوز»: «يا ما آدم وحوا الاثنين خرجوا من الجنة» و«ده الشيطان لما ما قدرش على آدم سلط عليه حوا»، وبين قرابة الثلاثين سنة من طرح العملين هوة ثقافية.

ختامًا لتكن أبيات شاعر الحب والثورة، نزار قباني، خير معايدة لكل نساء العالم:

«ثوري، أحبك أن تثوري، ثوري على شرق السبايا والتكايا والبخور، ثوري على التاريخ وانتصري على الوهم الكبير».

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة