المعلومة حق.. المبادرة المصرية تطلق خريطة الحريات الدينية في مصر

أطلقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية النسخة التجريبية من خريطة الحريات الدينية في مصر، والتي تهدف إلى توفير مرجع رصدي وتوثيقي لوقائع التمييز والعنف الطائفي، والتطورات السياسية والقانونية والاجتماعية الخاصة بوضع الدين في المجال العام، والمحاكمات وتحقيقات النيابة التي تؤثر على حالة حرية الدين والمعتقد في مصر.

ويتضمن المشروع ألف مادة خبرية وتقريرية موثقة منذ العام 2017 عن حرية الدين أو المعتقد ووضع الدين في المجال العام موزعة حسب نوع الحدث والمنطقة الجغرافية وزمن وقوعه، بما يوفر قاعدة معلوماتية لصانعي السياسات والباحثين والإعلاميين وعموم المواطنين.

خصصت المبادرة المصرية برنامجاً مستقلاً للحريات الدينية منذ عام 2004، يعمل على عدة ملفات من أبرزها العنف الطائفي، حرية الرأي والتعبير في الأديان، واستقلالية المؤسسات الدينية. كما يقوم البرنامج برصد وتحليل ومواجهة بعض الظواهر منها القوانين والسياسات والممارسات التي تؤدي إلى تمييز مباشر أو غير مباشر على أساس الدين أو المعتقد، والانتهاكات الأمنية والمحاكمات على أساس الدين والمعتقد.

وعن المشروع، يقول إسحاق إبراهيم الباحث في ملف الحريات الدينية، إن خريطة الحريات الدينية عبارة عن اداة تفاعلية تقدم كل ما يرتبط بالدين والمعتقد بطريقة سهلة ومصنفة حسب نوع التطور (سواء انتهاكات، أو مبادرات، أو ممارسات ايجابية من قبل الحكومة أو المجتمع المدني)، وحسب أيضًا المكان والتاريخ.

في السياق نفسه يقول عمرو عبد الرحمن مدير وحدة الحريات المدنية، إن إطلاق الخريطة يعد خطوة أولى في بناء قاعدة بيانات كمية تعد الأولى من نوعها، بما يساعد صناع القرار والمحللين على الوقوف بدقة على حالة الحريات الدينية في مصر وتحديد أوجه القصور وأولويات التدخل التشريعي أو السياساتي.

ورغم أن الدستور المصري نص في مادته 64 على أن: «حرية الاعتقاد مطلقة»، ربط نص المادة حرية العبادة وإقامة الشعائر بالديانات السماوية الثلاثة، وعلى مدار السنوات الماضية رصدت المبادرة العديد من الانتهاكات التي وقعت باسم الدين والعقيدة.

ففي ديسمبر الماضي، أدانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الحكمين الصادرين برفض إلزام الدولة بتخصيص مقابر للفئة الرابعة من المواطنين، من غير المنتمين إلى الديانات الثلاث المعترف بها رسميًا، والمسجل في خانة الديانة في أوراقهم الرسمية علامة (-) في محافظتي بورسعيد والإسكندرية، واعتبرت المبادرة ذلك تأييدًا لتجاهل أبسط الحقوق الأساسية وهي الحق في تخصيص مقابر لكل تنوعات المجتمع.

وطالبت المبادرة في بيان جهات الدولة بمراجعة قراراتها بخصوص مقابر الفئة الرابعة، والعمل على ضمان الحقوق الأساسية لكل فئات التنوع الديني، في إطار مراجعة أشمل لكل أشكال التمييز الديني وانتهاك الحقوق والحريات الدينية.

وفي دراسة أجراها مركز «بيو» للأبحاث على 83 دولة، وجد أن 42% منها لديها مستويات عالية أو عالية جدًا من القيود على الدين خلال عام 2017، سواء كانت ناتجة عن أفعال حكومية أو عن أعمال عدائية من الأفراد والمنظمات والمجموعات الاجتماعية. وجاءت مصر ضمن قائمة الدول التي تعاني انتهاكات حكومية لحرية الدين أو المعتقد، خاصة مع وجود عداوات مجتمعية تساهم بشكل كبير في خلق مناخ من التمييز وبيئة حاضنة لوقوع توترات واعتداءات طائفية.

ووفقًا للدراسة؛ كانت مصر والهند وروسيا وباكستان وإندونيسيا تشهد أعلى المستويات الإجمالية للقيود الحكومية والعداوات الاجتماعية المتعلقة بالدين، من بين 25 دولة من الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العالم.

في المقابل قسَّم تقرير آخر صادر عن لجنة الحريات الدينية الدولية الأمريكية عام 2022 الدول إلى مجموعتين: الأولى، بلدان ذات مصدر قلق خاص، والتي تشارك أو تتسامح الحكومات مع انتهاكات الحريات الدينية الجسيمة والممنهجة والمستمرة مثل التعذيب والمعاملة القاسية وغير الإنسانية والاعتقال المطول. أما المجموعة الثانية، وهى بلدان المراقبة الخاصة والتي توجد بها انتهاكات، لكن بدرجة أقل من المجموعة الأولى؛ وجاءت مصر ضمن المجموعة الثانية.

وحثَّ التقرير الحكومة المصرية على اتخاذ بعض الخطوات، بينها إلغاء خانة الدين من وثائق الهوية وإلغاء المادة 98 (و) من قانون العقوبات والمعروفة بمادة «ازدراء الأديان» والتخلي عن الجلسات العرفية في التوترات الطائفية.

كذلك تحمي المادة 18 من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية؛ التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1966 ووقعت عليها مصر في 4 أغسطس عام 1967 «حرية الأفراد سواء كان ذلك اعتناق أي من الديانات التوحيدية وغير التوحيدية، أو أي معتقد آخر بخصوص الأديان، فلا يقتصر نطاق تفسيرها على الأديان السائدة فقط. ويشمل هذا الحق حرية كل إنسان في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، على حدة أو أمام الملأ».

وقعت مصر على العديد من المواثيق الدولية التي تعتبر جزءاً من التشريع الوطني وفقاً للمادة رقم (93) من الدستور، ومن ضمنها العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية، الذي أكدت المادة رقم (18) منه على حرية الأفراد في اختيار الدين أو المعتقد أو عدم الاختيار أو التغيير بما يعني أن نطاق الحماية يتضمن الإلحاد. كما يشتمل هذا الحق حرية التعبير وممارسة الشعائر الدينية والتنظيم والتجمع وتعليم الأبناء.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة