«التدوير» تهديد مستمر للمعارضين .. هشام جنينه نموذجًا

في السجون المصرية المكتظة، يواجه السجناء السياسيون المصريون خطر البقاء لسنوات طويلة بسبب اتهامات جديدة قد توجهها لهم السلطات الأمنية قبل إخلاء سبيلهم، ما يعني تمديد حبسهم تلقائيًا إلى مدة غير معروفة.

فؤجى الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة، أثناء إنهاء إجراءات خروجه من السجن يوم الثلاثاء الماضي، بعد تنفيذ مدة عقوبة الحبس 5 سنوات، بقيام نيابة أمن الدولة العليا بالتحقيق معه في القضية رقم 441 لسنة 2018، وقررت النيابة إخلاء سبيله بضمان محل إقامته.

أُلقي القبض على جنينة، في فبراير 2018، على خلفية انضمامه للحملة الانتخابية لرئيس أركان الجيش الأسبق سامي عنان، كنائب للرئيس، ثم أُحيل إلى المحكمة العسكرية بعد شهرين، قبل أن تؤيد المحكمة قرار حبسه 5 سنوات في مارس 2019. وبخلاف هذه القضية، أُدين جنينة عام 2020 بتهمة نشر أخبار كاذبة حول حجم الفساد في مصر، وغُرمته المحكمة 20 ألف جنيه وكفالة 10 آلاف جنيه؛ مع إيقاف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات.

إعادة تدوير المعتقلين بعد إطلاق سراحهم أصبح إجراءً شائعًا تمارسه السلطات المصرية تحديدًا مع المسجونين السياسيين، الأمر عينه حدث مع جنينه الذي يواجه في القضية 441 لسنة 2018 مع عددٍ من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى صحفيين ونشطاء بعضهم كان معارضًا للجماعة، اتهامات الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة.

ورغم إخلاء سبيله بعد التحقيقات الجديدة في القضية 441، يظل جنينة مهددًا بقضية ما زالت قيد التحقيق، يمكن تحريكها في أي وقت، بحسب ما أوضح أحد أعضاء الدفاع عنه في تصريحات صحفية.

وخلال السنوات الماضية، دأبت السلطات المصرية على إعادة تدوير المحبوسين احتياطيًا بعد انقضاء الحد الأقصى الذي يقرّه القانون للحبس الاحتياطي، على ذمة قضايا جديدة يواجهون فيها نفس قائمة الاتهامات، ليستمر حبسهم. فسبق جنينة عدد كبير من المسجونين السياسيين مثلما حدث مع محمد القصاص نائب رئيس حزب «مصر القوية»، ورئيس رابطة أهالي المختفين قسريًا إبراهيم متولي، والناشط السياسي علاء عبد الفتاح. وعلا القرضاوي التي أعيد حبسها إثر قرار إخلاء سبيل بعد مضي عامين من الحبس.

يستخدم مصطلح التدوير يستخدم للإشارة إلى حالات يصدر فيها قرار بإخلاء سبيل سجين سياسي أو سجين رأي، وهو قرار يتأخر عادة، وبعدما يدخل المعتقل في إجراءات إخلاء السبيل التي يتخللها فقرات غير قانونية، يفاجأ بعرضه أمام النيابة متهمًا في قضية جديدة، ربما بنفس الاتهامات القديمة، أو اتهامات جديدة، وربما في قضية بدأت أثناء سجنه بالأساس ويستحيل عمليًا مشاركته فيها، وربما في قضية حديثة العهد. وقد ينال المعتقل حريته لبضع أيام أو شهور قبل أن يعاد القبض عليه وسجنه من جديد، وربما لا يرى شمس الحرية ولو لساعة فيجد نفسه محولًا للسجن من جديد، وفقًا للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.

وبناءً عليه أعربت في وقت سابق مديرة الإدارة القانونية في مركز التحرير لسياسات الشرق الأوسط في واشنطن مي السعدني عن مخاوفها بأن يكون تمديد الحبس الاحتياطي إجراءً عقابيًا تلجأ إليه السلطات لإسكات المعارضين.

وكان عددًا من المنظمات الحقوقية أدان ما يُعرف بالتدوير، وفي بيان مشترك أوضحت أنه سياسة «إعادة التدوير» متبعة بشكل واسع من قبل السلطات في حق كثير من المعتقلين، الأمر الذي حول الآمال في الحرية إلى مخاوف من التعرض لهذه السياسة، وبدد قدرًا كبيرًا من آمالهم في الخروج من المعتقلات. بين المنظمات الموقعة على البيان مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، مركز النديم، كوميتي فور جيستس، مبادرة الحرية، مركز بلادي للحقوق والحريات، بالإضافة إلى مؤسسة حرية الفكر والتعبير.

وفي  السياق ذاته أطلقت المفوضية المصرية لحقوق الإنسان  في 25 ديسمبر الماضي حملة لتسليط الضوء والتعريف بمعتقلين تعرضوا للتدوير في قضايا جديدة على يد جهاز الأمن الوطني.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة