عودة الآثار المصرية

مع بداية العام الجديد، استعادت مصر تابوتًا فرعونيًا مسروقًا، كان معروضًا في أحد المتاحف الأمريكية، عن طريق تسليم دبلوماسيين أمريكيين التابوت للسلطات المصرية في حفل رسمي أقيم  بالقاهرة، بحضور  وزير الخارجية المصري سامح شكري ووزير السياحة والآثار أحمد عيسى.

يأتي استرداد التابوت ضمن الجهود المصرية لاسترداد 106 قطعة أثرية هُربت إلى الخارج، ويعد واحدًا من أكبر التوابيت الأثرية، وتعود قيمته التاريخية والأثرية إلى فترة الأسر الفرعونية الأخيرة، التي امتد حكمها لمصر منذ عام 664 إلى عام 332 قبل الميلاد، وهو لكاهن يدعى «عنخ إن ماعت».

سُرق التابوت من قرية أبو صير المصرية في عام 2008، وفي 2013 أعاره أحد هواة جمع الآثار لمتحف «هيوستن» للعلوم الطبيعية. وأُعيد التابوت الأخضر بعد تحقيقات استمرت لعدة سنوات، وبحسب «ألفين براغ» المدعي العام في مانهاتن، تفوق قيمته المليون دولار، وتم تهريبه من مصر على يد شبكة دولية لتهريب الآثار.

هربت الشبكة أيضًا التابوت الذهبي الذي أعيد إلى البلاد في 2019، وسُلم إلى السلطات المصرية في 2020، رفقة 6 قطع صودرت من متحف الآثار «متروبوليتان» في نيويورك العام الماضي.

وقد تسلمت مصر خلال العام الماضي 5363 قطعة أثرية من عدد من دول العالم، بحسب بيان رسمي لوزارة السياحة والآثار، وهو ما يأتي في إطار جهود الدولة الحثيثة لاستعادة الآثار المهربة بالخارج، وما توليه الدولة ومؤسساتها من اهتمام بالغ للحفاظ على تراثها وتاريخها الحضاري.

وتسلم سفير مصر في سويسرا في سبتمبر الماضي تمثالًا أثريًا من البرونز يرجع للعصر المتأخر من الحضارة المصرية القديمة، وهو لـ«المعبودة إيزيس تحمل حورس الطفل»، بحسب موقع وزارة الخارجية المصرية. وأعلنت جامعة أيرلندية في بداية ديسمبر الماضي أنها تعتزم إعادة تابوت ورفات بشرية محنطة ومجموعة من الأواني الأثرية، التي تعود للفترة بين 975 قبل الميلاد و100 ميلادي، إلى مصر في عام 2023. يُعتقد أن المومياء تعود لرجل بالغ، كما يشير نقش على التابوت الخشبي – الذي تم التبرع به للكلية عام 1928- إلى أنه يخص رجل يدعى «هور». وسيتم توثيق إعادة القطع الأثرية في مشروع إبداعي يسمى «كينشيب» أو «قرابة»، بقيادة الفنانة الأيرلندية «دوروثي كروس».

في السياق ذاته، سلمت الكويت مصر في يونيو الماضي 5 آثار فرعونية، ضبطتها الإدارة العامة للجمارك في مطار الكويت عام 2019، بعد تعاون السلطات القضائية والأمنية في البلدين. وفي عام 2021، سلمت دولة الاحتلال السلطات المصرية 95 قطعة أثرية عثر عليها معروضة للبيع في القدس.

وبحسب بيان وزارة السياحة والآثار المصرية، فإن: «البلاد نجحت في استرداد ما يزيد عن 29 ألف و300 قطعة أثرية مسروقة ومهربة منذ عام 2011 وحتى الآن، فخلال العام الماضي وحده، استردت القاهرة 5363 قطعة أثرية من عدد من دول العالم، من بينها الولايات المتحدة، وهولندا، وفرنسا، وإسبانيا».

وفي تصريحات لـ«سكاي نيوز عربية» أكد كبير الأثريين في وزارة السياحة مجدي شاكر أن السلطات تبذل جهودًا كبيرة خلال السنوات الأخيرة لاسترداد آثارها من الخارج، سواء المنهوبة أو المهربة، لافتًا إلى أن أحد التحديات التي تواجه السلطات في استرداد بعض القطع إباحة بعض الدول لتجارة الآثار وعرضها في مزادات، مثل إنجلترا.

وفي نوفمبر ٢٠٢٢ أطلق عالم الأثار المصري زاهي حواس وثيقة لتدشين حملة شعبية داعمة لعودة حجر رشيد من بريطانيا، تم نشرها على جميع مواقع التواصل الاجتماعي، ووقع عليها حتى الآن 40 ألف من محبي الآثار المصرية. تطالب الوثيقة بعودة حجر رشيد من المتحف البريطاني، والقبة السماوية في متحف اللوفر، وتم نشرها في عدد من المواقع الأجنبية.

وبحسب صحيفة «الجارديان» لم تتأثر مصر وحدها بسرقات القطع الأثرية، بل شملت عمليات السرقة دول الربيع العربي الأخرى، مثل سوريا وليبيا واليمن، لكن القطع المصرية كانت الأكثر شهرة، ومن بينها نصب تذكاري نادر من الجرانيت الوردي، يرمز إلى الملك المصري توت عنخ آمون وهو يقدم القرابين إلى الآلهة، ويظهر بجواره أوزوريس، ومئات القطع الأخرى.

وفقًا للصحيفة، بيع النصب التذكاري، إضافة إلى 4 قطع أخرى، بـ8 ملايين يورو، من متحف اللوفر الفرنسي إلى «اللوفر أبو ظبي»، إلى جانب تمثال نصفي للملكة كليوباترا، اشتراه المتحف نفسه مقابل 35 مليون يورو في أكتوبر 2018، من دون إذن تصدير مصري، وكذلك التابوت الذهبي للكاهن «نجم عنخ»، وتابوت جنائزي دفع «اللوفر أبو ظبي» مقابل الاستحواذ عليه 4.5 ملايين يورو، إلى جانب نموذج مركب مصري تم بيعه مقابل 200 ألف يورو، ومنحوتة فرس النهر التي بيعت بـ 900 ألف يورو.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة