المرأة العصرية.. والنصف الآخر!

أثناء جلوسي في مقهى بوسط المدينة وبجواري صديقي نرتشف فناجين قهوتنا الصباحية على حافة المقهى، وسط زحمة سير خانقة وشوارع تعج بالمارة ذهابًا وإيابًا، حكى لي قصة مؤلمة قائلًا: أتدري أنه في الأسبوع الماضي لقت سيدة في مقتبل العمر حتفها على الطريق المقابل وهي تهم بإيصال ابنها إلى المدرسة؟

وأضاف: تخلت عن المصعد الآلي وفضلت اجتياز الطريق السريع حتى توصل فلذة كبدها في الوقت المحدد، فتسائلت: في هذا الوقت الباكر؟ وفي هذا الجو البارد؟

شردت بذهني قليلًا سارحًا بخيالي الذي أخذني هذه المرة إلى مسألة حقوق المرأة وضرورة المساواة بين الجنسين في كل ميادين الحياة والعمل.

أقرّت العديد من المواثيق الدولية  والبروتوكولات الأممية  حقوق المرأة كأحد أهم الحقوق لخلق التنمية والتطور لأي مجتمع، كما ضمنته  دساتير مختلف دول العالم؛ حيث خطت العديد من الدول خطوات هامة نحو ضمان المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق، فبات للمرأة حقوق سياسية واقتصادية واجتماعية، إلى جانب تمتعها بكافة الحريات لممارسة حياتها بالشكل الطبيعي، قد يقول قائل: لم نجنِ من تطبيلكم لحقوقها سوى مزاحمتها لنا في الشوارع والممرَّات والأتوبيسات وفي الأسواق وفي أماكن عملنا، وفي كل مكان!

لكن لنغص أكثر في صلب موضوعنا، ولنقترب أكثر من أصغر وحدة لمجتمعنا، ألا وهي الأسرة، ولنعد أيضًا إلى المثال – أعلاه-  الذي بدأنا به مقالنا، ألا تلاحظ أن حقوقها لازالت منقوصة، كيف ذلك؟!

أمام تعقيدات الحياة المتزايدة، ونتيجة إفرازات العولمة وتضاعف المشكلات الاقتصادية، تغيرت طبيعة الأدوار بين الرجل والمرأة، فعلاوة على أدوار المرأة التقليدية المعروفة أُضيفت لها مهام وواجبات جديدة كانت بالأساس من واجبات الرجل، من أكل وشرب ولبس وإنفاق على العائلة، كما أُضيفت  إليها مسؤولية الأولاد من تدريس ومتابعة وأخذ وإحضار إلى المدرسة وغيرها من المسؤوليات. والأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل إن العديد من الأزواج أصبحوا يعيشون حالة من الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية بسبب انحسار مسؤولياتهم في بعض المهام الروتينية فقط.

إن هذا الواقع في أبسط تعريفاته هو حالة من حالات العنف الأسري والمجتمعي في آن واحد، الذي بات يمارس ضد المرأة، فلا أعتقد أن أي امرأة كانت لتتنازل عن فراشها الساعة السابعة صباحًا لتوصل الأولاد إلى المدرسة أو للوقوف في طوابير لا تنتهي لجلب فطور الصباح، في وجود رب عائلة مسؤول يتمتع بالقوامة والشرف، إذن أعتقد عزيزي القارئ أننا فهمنا أو لم نطبق موضوع حقوق المرأة على الوجه الصحيح، ذلك أن المرأة كما يقول المثل الفرنسي نصف المجتمع، فهي التي تلد وتربي النصف الآخر، فلنكرمها ولنعلي شأنها أُمًّا كانت أو أختًا أو زوجةً.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة