الأخوات «ميرابال».. اغتيال تحول إلى رمز للمقاومة النسوية

يعود هذا التاريخ إلى عملية الاغتيال الوحشية في 1960 للأخوات «ميرابال»، الناشطات السياسيات في جمهورية الدومنيكان، بأوامر من الديكتاتور «رافائيل تروخيلو» (1930 – 1961).

الأخوات ميرابال كنَّ أربع أخوات، «باتريا» و«مينيرفا» و«ماريا تيريزا»  و«ديدي».عارضت الأخوات دكتاتورية «تروخي» و نظامه، واغتيلت ثلاثة منهن «باتريا ومينيرفا وماريا تيريزا» في 25 نوفمبر1960، أثناء زيارتهن لأزواجهن المحتجزين بأحد السجون، ما اتضح بعد ذلك أنه كمين من قبل عملاء المخابرات العسكرية، وتم تعذيبهن وقتلهن.

بدأ النضال السياسي للشقيقات الثلاث عندما تجرأت «مينيرفا»  في 13 أكتوبر 1949، خلال عيد «San Cristobel»، الذي نظمه الديكتاتور لمجتمع الأغنياء، بإعلان أفكارها السياسية ومعارضتها للنظام علنًا. لحقت بها أختها «ماريا» في سن مبكرة بعد انتهائها من دراسة الثانوية العامة ورفض أهلها استكمالها الدراسة بكلية الحقوق، خوفًا عليها من السياسة.

وفي عام 1952، تمكنت «مينيرفا» وهي في سن السادسة والعشرين من التسجيل في جامعة «سانتو دومينغو»، ثم لاحقًا في 9 يناير 1960 عقدت أول اجتماع للمعارضة ضد النظام، ومن بعدها شهدت البلاد ميلاد أول حركة ثورية سرية في 14 يونيو، والتي تزعمها «مانولو تاماريز جوستو» زوج «مينيرفا» الذي اغتيل بعد ذلك في عام 1963.

كانت «مينيرفا» هي روح الحركة خلال حقبة هيمنة القيم الذكورية في عالم يسيطر عليه الرجال، وسرعان ما انضمت أختها «ديدي» إلى حركة 14 يونيو، وكانت الأصغر سنًا بينهن – توفيت بشكل طبيعي في 2014، وانضمت للحركة بعد سنوات من نشاط شقيقاتها وأزواجهن.

ورغم تخليها عن دراستها من أجل مراعاة أطفالها الأربعة، لم تتردد شقيقتهما «باتريا» في الانضمام لحركة معارضة «تروخي»، و قالت: «لن نسمح لأطفالنا بالنمو تحت ظل حكم هذا النظام الاستبدادي».

كان عمل الشقيقات الثوري مؤثر للغاية، لدرجة أن الديكتاتور في زيارة لـ«سالسيدو» قال: «لدي مشكلتان فقط: الكنيسة الكاثوليكية والأخوات ميرابال». وفي 1960 تم سجن «مينيرفا» و«ماريا تيريزا» مرتين؛ في المرة الثانية حُكم عليهما بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات بتهمة  تهديد الأمن القومي، ثم تم إطلاق سراحهما ووضعا قيد الإقامة الجبرية، كما تعرض أزواجهن للسجن والتعذيب، حتى خطط الديكتاتور لاغتيالهن بطريقه تظهر وكأن الوفاة حادث.

أُلقيت جثث الأخوات الثلاثة مع سيارتهن في وادي، وانتشر الخبر الفظيع مثل الغبار، ليوقظ الضمائر و النفوس التي عانت من حكم الديكتاور ثلاثون عامًا، فيما عاشت الشقيقة الصغرى «ديدى» وتولت مسئولية تربية ستة أطفال يتامى، أصغرهن لم تكمل العامين.

وفي عام 1981 حددت الناشطات النسويات بأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي يوم 25 نوفمبر يومًا لمكافحة العنف ضد المرأة وزيادة الوعي به، و تحوّل اغتيال «الأخوات ميرابال» إلى رمز للمقاومة الشعبية والنسوية، حتى أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1999، يومًا عالميًا للقضاء على العنف ضد المرأة في العالم كله، تكريمًا لنضال وتضحيات الشقيقات.

قالت ديدى «لقد نجوت لأحكي حياتهن»، و في مارس 1999 نشرت مذكراتهن تحت عنوان: «زهور فى حديقة المنزل حيث ستعيش فراشاتي إلى الأبد»، وقُدمت قصة كفاحهن فى فيلمين، أحدهما عام 1994، وتم تعديلها عام 2004 بفيلم بطولة الفنانة سلمى حايك حمل اسم «في زمن الفراشات».

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة