دراسة رسمية: 80% من المصريات يتعرضن لعنف بالشارع.. والخوف يجبرهن على الصمت

«بنبقى مرعوبين وبنخاف نتكلم، رغم إننا بنموت من إحساس الإهانة، لدرجة إننا بنخاف نمشي في الشارع».. هكذا عبرت الكثير من المشاركات في دراسة حديثة للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية عن مشاعرهن بعد التعرض لعنف في الشارع المصري.

ورصدت الدراسة الصادرة في 2022، عن جهة حكومية مصرية، أرقامًا وممارسات مخيفة تعكس واقع ما تتعرض لها الكثير من النساء والفتيات في مصر، وتوسعت في رصد أشكال العنف، لتشمل العنف النفسي والاقتصادي بأنواعه المختلفة.

وفقًا لما انتهت إليه الدراسة، تعرضت حوالي 75% من المشاركات في الدراسة إلى حوادث عنف، وكان العنف في الشارع على رأس القائمة، حيث أشارت نسبة تتجاوز الـ80% من العينتين اللاتي شملتهما الدراسة – عينة عمدية وأخرى احتمالية- إلى تعرضهن لحوادث عنف في الشارع، ترتفع النسبة في الحضر، وبين الذكور والشباب الأصغر سنًا. وجاء العنف المنزلي في المرتبة الثانية، بينما حل العنف في أماكن الدراسة أو العمل في مراتب متأخرة.

ليس المعاكسة والضرب فقط!

حددت الدراسة تعريفًا دقيقًا للعنف، اعتمد على إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة حول القضاء على العنف ضد النساء الصادر في 1993، والذي يُعرف العنف بأنه: «أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس، ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسدية، أو الجنسية، أو النفسية؛ بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة».

يشمل التعنيف الجسدي ضد المرأة بحسب الدراسة الاستعمال المتعمد للقوة الجسدية أو السلاح من أجل إيذاء امرأة أو إصابتها. ويتضمن العنف الجنسي التلامس الجنسي بالإكراه، أو إجبار المرأة على ممارسة جنسية من دون موافقتها، أو ممارسات جنسية ناقصة أو كاملة مع امرأة مريضة، أو معاقة، أو تحت ضغوط، أو تحت تأثير الخمر أو أي مخدرات أخرى، أما العنف النفسي فيكون بممارسة السيطرة على المرأة، أو عزلها، أو إذلالها، أو إحراجها. كما تضمنت الدراسة نوعًا آخر من العنف ضد النساء، وهو العنف الاقتصادي، من خلال منع المرأة من الحصول على الموارد الأساسية، أو التحكم فيها، مثل الميراث وأموالها الشخصية.

ومن ممارسات العنف الجسدي التي ذكرتها عينات الدراسة، الصفع، والدفع أو اللكم، والضرب بالكف، والسحل، وصولًا إلى التهديد بالسلاح وتوجيهه ضدها. وتضمنت ممارسات العنف الجنسي التي تم رصدها الاغتصاب، الانتهاك الجنسي، وكذلك الاستغلال الجنسي، كما تضمنت ممارسات العنف التي تعرضت لها المتزوجات من المشاركات بالدراسة ممارسة الجنس ضد رغبتها، أو بسبب الخوف من التعرض لأذى، والإكراه على ممارسات جنسية تشعرها بالدونية.

وفيما يخص العنف النفسي، أبلغت المشاركات عن تعرضهن للسب، أو الشعور بالإهانة والإذلال، أو التقليل من القدر أمام الآخرين، والتهديد أو التخويف في بعض الأحيان بطريقة مقصودة مثل الصراخ، أو قذف الأشياء، وكذلك التهديد بالإيذاء سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، مع ممارسات السيطرة على السلوك.

العنف في المنزل أم في الشارع؟

بحسب الدراسة جاء العنف داخل المجتمع على رأس قائمة الانتهاكات، وهو العنف الذي يمارسه أفراد من خارج الأسرة، وكان العنف في الشارع الأكثر إبلاغًا بين المشاركات في الدراسة، وشمل التحرش- المعاكسة اللفظية، التقبيل، إمساك اليد، اللمس- سواء في الشارع، أو المواصلات، أو الأماكن الترفيهية وغيرها.

وتنوعت أشكال العنف الأسري، الذي جاء في المرتبة الثانية، ما بين الإهانة اللفظية من الزوج، والضرب، والتهديد بالطلاق، والتهديد بالحرمان من الأولاد، والمنع من زيارة الأهل. وتطرقت الدراسة إلى الجرائم التي تُرتكب ضد النساء باسم «الشرف»، كما تم رصد أشكال العنف الاقتصادي الممارس ضد النساء في مصر، والمنتشر خصوصًا في المجتمع الريفي.

اعتبرت الدراسة العنف في أماكن الدراسة أو العمل ظاهرة خطيرة، رغم احتلاله المرتبة الثالثة، حيث توضح الدراسة أن ذلك نتيجة للارتفاع الكبير في نسب عنف الشارع والعنف الأسري، وليس لقلة حالات العنف المرصودة داخل تلك الأماكن.

الدراسة ترصد السلبية في رد الفعل وضعف الدعم

وعن تعامل النساء في حوادث العنف، كشفت الدراسة أن السلبية والسكوت كانتا الاستجابة الأبرز لدى المبحوثات، ما يرجع لقناعتهن بأنهن لن يحصلن على حقوقهن في كل الأحوال، حتى في الحالات التي حملت أجساد المُعنفات فيها آثارًا للتحرش والاعتداء. وأبلغت المشاركات في الدراسة عن شعورهن بعدم الآمان والتوتر، ثم بالإهانة والخوف من السير في الشارع.

وبالمثل،  لم تتخذ غالبية النساء المشاركات، ممن تعرضن لعنف داخل المنزل، أي رد فعل إزاء ما تعرضن له، من أجل حماية أنفسهن، أو الحفاظ على الحياة الزوجية، ما أرجعته معظم المبحوثات إلى عدة أسباب أبرزها الفقر.

ولفتت الدراسة إلى أن مراكز الاستضافة التي توفرها الجهات الحكومية للنساء المُعنفات تعاني من ضعف الإقبال، ما يعود إلى العوائق الثقافية من جانب، وعدم معرفة غالبية النساء بها من جانب أخر.

ونوهت الدراسة إلى أن هذه المراكز بوضعها الحالي تعد مجرد أماكن توفر المأوى والاحتياجات الأساسية للنساء المُعنفات لفترة زمنية بسيطة، حيث تواجه الكثير من الصعوبات المالية والإدارية، والإشكاليات الخاصة بالسياق الثقافي للمجتمع المصري، وغياب التنسيق و التعاون.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة