الأيام الأولى للمونديال: «مصافحة» سياسية ودعوات دينية ودعم للاحتجاجات الإيرانية

للمرة الأولى في بلد عربي، انطلقت مباريات كأس العالم فيفا 2022 الأحد الماضي من استاد «البيت» بقطر، بمشاركة 32 منتخبًا، وتستمر حتى 18 ديسمبر المقبل. أقيمت المباراة الافتتاحية بين منتخب قطر ومنتخب الإكوادور، وانتهت بفوز المنتخب الإكوادوري بهدفين.

وبعد انتظار وتحضيرات دامت 12 عامًا، أقامت قطر افتتاحًا ضخمًا، شارك فيه عدد من الفنانين العرب والعالميين، بينهم المطربة اللبنانية ميريام فارس، ومطرب المهرجانات المصري حسن شاكوش، إلى جانب فرقة «بي تي إس» الكورية الجنوبية. شمل الحفل عرضًا من 7 فقرات جمعت بين التقاليد العربية والثقافة العالمية.

كما شارك في حفل الافتتاح النجم السينمائي العالمي «مورجان فريمان»، وألقى كلمة مع الشاب القطري غانم المفتاح سفير النوايا الحسنة في قطر. وقرأ المفتاح الآيه القرآنية «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا. إن أكرمكم عند الله أتقاكم» كسابقة لم تحدث تاريخ المونديال.

المونديال ومعركة الدفاع عن الهوية العربية والدين

كانت تفاصيل كثيرة قد أثارت الجدل قبل انطلاق المونديال، يتعلق معظمها بالإجراءات والضوابط التي وضعتها قطر لتحديد التعامل مع المشروبات الكحولية، وأفراد مجتمع الميم، حتى ملابس المشجعين، حيث حُظر ارتداء الملابس العارية والكاشفة للنساء، ومُنع الرجال من خلع ملابسهم في المدرجات، وهو ما أغضب الكثير من الزوار، باعتباره تقييدًا للحريات الشخصية.

من ناحية أخرى، أشاد الكثيرون على مواقع التواصل بما يروه استغلال قطر للفرصة في تصحيح الصورة الخاطئة عن الإسلام والتعريف بالهوية العربية، حيث وضعت البد أحاديثًا نبوية مترجمة على الجدران، تتحدث عن سماحة الإسلام وعمل الخير والحب، كما غيروا مؤذنين المساجد، لاختيار أعذب الأصوات وأجملها، وربط الصوت بسماعات الملاعب، حتى يسمع الجميع صوت الآذان، إلى جانب توزيع كتب مترجمة عن التاريخ العربي والإسلامي.

وصُممت تميمة كأس العالم علي شكل «الغترة والعقال» التقليديين في المجتمع الخليجي، كذلك الملصق الرسمي المرحب بالضيوف تظهر فيه «الغترة والعقال» مع كرة قدم وكلمة «هيا». واختير ملعب «البيت» الذي صمم على شكل الخيمة العربية، للتعبير عن الهوية العربية وكرم الضيافة، ليشهد الافتتاح والمباراة الأولى، واستقبل الجمهور في حفل الافتتاح بالـ«هاوان» والمدق الذهبي، إشارة إلى أن العرب اشتهروا بدق البن والبهارات عند تجهيزها لاستقبال الضيوف.

اللقاء الأول بين السيسي وأردوغان

افتتح البطولة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وشهد حفل الافتتاح حضور عدد كبير من الملوك ورؤساء الدول والوفود، أبرزهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وولي العهد السعودي، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، والعاهل الأردني عبدالله الثاني، ونائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء محمد بن راشد آل مكتوم، وولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، ممثّل أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، ورئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، إلى جانب الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله، ورئيس السنغال «ماكي سال»، والرواندي «بول كاغامي»، والرئيس الليبيري «جورج ويا»، بالإضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو غوتيريش».

وتعد هذه هي المرة الأولى منذ تسع سنوات التي يلتقي فيها الرئيسان المصري والتركي، وأثارت صورة للرئيس السيسي والطيب أردوغان وهما يتصافحان بالأيدي، ويتوسطهما الأمير تميم بن حمد، الكثير من الجدل، وطرح مراقبون ومتابعون للشأن المصري التركي تساؤلات حول ما إذا كانت القطيعة بين البلدين على وشك الانتهاء، بعدما غادر آخر سفير للدولة التركية من مصر في 2013، لاتخاذ بلاده موقفًا مساندًا للرئيس المعزول محمد مرسي، والتنديد بما وصفته انقلابًا عسكريًا. حتى بدأت تركيا انتهاج سياسية التقارب مع عدد من الدول – من بينها الدولة المصرية- منذ عام 2021.

من ناحيته، قال الرئيس التركي تعليقًا على المصافحة: «قلنا سابقًا يمكن البدء بمسار، وهذه كانت بمثابة خطوة تم اتخاذها من أجل بدء هذا المسار. الروابط القائمة في الماضي بين الشعبين التركي والمصري هامة جدًا بالنسبة لنا. ما الذي يمنع من أن تكون كذلك مجددًا؟ وقدمنا مؤشرات في هذا الخصوص». وأضاف وفقًا لوكالة «الأناضول»:  «آمل أن ننقل المرحلة التي بدأت بين وزرائنا إلى نقطة جيدة لاحقًا عبر محادثات رفيعة المستوى».

فيما علق المتحدث الرسمي باسم الرئاسه المصرية السفير بسام راضي بأنه قد «تم التأكيد المتبادل على عمق الروابط التاريخية التي تربط البلدين والشعبين المصري والتركي، كما تم التوافق علي أن تكون تلك بداية لتطوير العلاقات الثنائية بين الجانبين».

من مدرجات قطر إلى المحتجين بإيران: امرأة حياة حرية

ومن السياسة في المقصورة الرئيسية إلى السياسة في الملاعب والمدرجات، حيث امتنع لاعبو المنتخب الإيراني عن آداء النشيد الوطني قبل البدء في مباراتهم ضد المنتخب الإنجليزي، أمس الاثنين، وصمت اللاعبون حين عُزف النشيد الوطني، فيما ارتفعت هتافات آلاف المشجعين دعمًا للشعب الإيراني، ورُفعت في المدرجات لافتات كتب عليها «امرأة. حياة. حرية»، تضامنًا مع المظاهرات المستمرة منذ شهرين في إيران، بعد مقتل الشابة «مهسا أميني»، التي كانت رهن الاحتجاز لدي شرطة الأخلاق. وهتف المشجعون الإيرانيون باسم علي كريمي اللاعب السابق الذي يعد من أكثر منتقدي الجمهورية الإسلامية، وأحد الوجوه الأكثر شعبية في حركة الاحتجاج.

ومن جانبه، قطع التليفزيون الإيراني الرسمي بثه المباشر للمباراة حين اصطف اللاعبون صامتين أثناء عزف النشيد الوطني.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة