كثرة حوادث الانتحار وأهمية التوعية بالصحة النفسية بين المصريين

تكررت حالات الانتحار في السنين الأخيرة، ورغم تعدد السيناريوهات أثارت جميعها الجدل وتناولتها وسائل الإعلام المختلفة، آخرها إلقاء شاب مصري نفسه من أعلى سور القلعة بمنطقة الخليفة بالقاهرة، الأحد الماضي، عقب «بث مباشر» عبر صفحته الشخصية على فيسبوك، كرر فيه الحديث عن أن والده هو السبب في رغبته بإنهاء حياته، وانقطع البث بسقوط الهاتف مع سقوط الشاب.

قبل ذلك بأيام، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي رسالة لفتاة تُدعى «أ- ف» بعد وفاتها، يعتقد الجميع بأن سبب الوفاة هو الانتحار، إذ لخصت الرسالة المعاناة التي عاشتها خلال الفترة الأخيرة، وعدم استطاعتها التغلب على تدهور حالتها النفسية والصحية على حد سواء. كتبت «أ- ف» في رسالتها: «اعذروني كلامي الملغبط  بس انتو مش متخيلين كم الوجع اللي جوايا بس خلاص هينتهي خلال لحظات.. شكرا لكل حد وقف معايا ودعمني ولو بكلمه واللي هما اصلا يتعدو على الصوابع». وتابعت حديثها: «للاسف للاسف مش مسامحة اي حد كان ف ايدة مساعدة ودعم ليا ومقدمهاش ولاي حد رمي كلمة توجع ومحسبش تاثيرها عليها».

سبق ذلك، حادثة انتحار الشابة «م- م»، المعروفة إعلاميًا بـ«فتاة المول»، والتي ألقت نفسها من أحد المراكز الشهيرة في حي مدينة نصر، حيث أظهر مقطع مصور تم تداوله بشكل واسع على المنصات الرقمية الفتاة وهي تقف على أحد المقاعد، ثم تعبر في هدوء إلى الحاجز الموجود بالطابق السادس، لتلقي بنفسها من دون تردد وتسقط جثة هامدة. وأظهرت التحقيقات أن سبب انتحارها مشاكل وخلافات أسرية.

كما كشفت الأشهر الماضية عن وفاة وكيل اللاعبين المصري الشهير«ح-  ا»، إثر سقوطه من شرفة شقته بالطابق العاشر بمنطقة الدقي. وأشارت التحقيقات إلى أنه ألقى بنفسه من الطابق العاشر لمروره بأزمة نفسية، موضحة أنه يعاني من الاكتئاب ويخضع للعلاج منذ فترة طويلة. قبلها انتحر زوجان بقرية دكما التابعة لمركز شبين الكوم فى محافظة المنوفية، بسبب تراكم الديون، بعد تناولهما حبة الغلة السامة. جرى نقلهما للمستشفى الجامعى فى محاولة لإنقاذهما من دون جدوى.

جددت كل هذه الوقائع الحديث عن تزايد معدلات الانتحار في مصر خلال السنوات الماضية، وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء قفزت أعداد المنتحرين في عام 2020 لتصبح 101 حالة انتحار مقابل 75 حالة انتحار مثبتة عام 2019. وأوضحت بيانات الجهاز أن أكثر الفئات العمرية انتحارًا هم الشباب، خاصة من هم في العقد الثاني والثالث من حياتهم.

وفي ظل زيادة معدلات الانتحار، يشير الأطباء النفسيون إلى أن تصوير المنتحرين لحظاتهم الأخيرة ربما يكون روج أكثر لتلك الفكرة، خاصة مع انخفاض الوعي الجمعي للمصريين، مشددين على أهمية التوعية بالطب النفسي والصحة النفسية في شؤون الحياة، فيما أكد أطلس الصحة النفسية الصادر عن منظمة الصحة العالمية، أن مصر ليس لديها استراتيجية وقائية على المستوى الحكومي لمواجهة الانتحار، وهذا بحسب ما ذكر موقع «دويتش فيله» الألماني.

وفي تقرير لها عن ظاهرة الانتحار حول العالم عام 2019 تقول منظمة الصحة العالمية إن شخصًا واحدًا ينتحر كل 40 ثانية، أي أكثر من الذين قتلوا في الحروب وعمليات القتل أو ماتوا بسبب سرطان الثدي. تصدرت مصر قائمة البلدان العربية من حيث أعداد المنتحرين لعام 2016، حيث شهدت 3799 حالة انتحار، متفوقة بذلك على دول عربية تشهد نزاعات مسلحة وحروبًا أهلية.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة