مصر في اتجاه الاقتصاد الأخضر

بدأت فعاليات مؤتمر الأطراف 27 «مؤتمر المناخ» يوم الاثنين الماضي، وتستمر حتى الآن بمدينة شرم الشيخ، وتوافد قادة العالم على مصرنا العزيزة في أجواء تبشر بالتوصل لنتائج من شأنها رفع معاناة شعوب العالم جراء التلوث البيئي وأخطار الاحتباس الحراري، وأيضًا الازدهار الاقتصادي المرتبط بالاقتصاد الأخضر.

وبنجاح المؤتمر سيكون الاقتصاد المصري أكبر الفائزين، فتنظيم مؤتمر بهذا الحجم واستضافة أكثر من 40 ألف مشارك هو شهادة جودة عالمية للاستقرار الأمني بمصر، والذي بدوره ينعكس على عملية جذب وتنشيط السياحة العالمية لمصر، لتعود مرة أخرى كأحد أهم المداخيل الاقتصادية، كما أن مصر تستهدف فتح الباب أمام الاستثمارات في مشروعات الطاقة الخضراء، كمشروعات الهيدروجين الأخضر، والمؤتمر فرصة كبيرة لتحقيق ذلك، خاصة مع وجود المستثمرين في مجال البيئة النظيفة والاقتصاد الأخضر، ليتعرفوا على إمكانيات مصر والفرص الاستثمارية الكبيرة المتاحة أمامهم في هذا المجال، ويمكن أيضاً زيادة استثمارات الشركات العاملة في مجالات إنشاء محطات الطاقة الشمسية، خاصة بعد إنجاز هذه الشركات عددًا كبيرًا من محطات الطاقة الشمسية في مدينة شرم الشيخ، والتي حولتها إلى مدينة خضراء.

وفي إطار سعيها لتطوير الاقتصاد الأخضر، استعدت الدولة المصرية جيداً للاستفادة من مؤتمر المناخ على الصعيد الاقتصادي من خلال حزمة من الإجراءات، مثلما جاءت قرارات البنك المركزي قبل بدء فاعليات المؤتمر بشأن إنشاء إدارة للتمويل المستدام بالبنوك، وإلزام البنوك بإدراج سياسيات وإجراءات تنفيذية خاصة بالتمويل المستدام ضمن السياسيات الائتمانية والاستثمارية.

وكانت الدولة المصرية قد أولت اهتمامًا كبيرًا بحماية البيئة، لأن حماية البيئة والموارد الطبيعية هي حماية للحياة في الأساس. وفى إطار الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية من آثار المخالفات البيئية التي تؤدى إلى الإضرار بالموارد الطبيعية تبذل الدولة جهودًا كبيرة للتصدي لتلك المخالفات، لتحقيق الهدف القومي الذي تسعى لتحقيقه وهو التنمية المستدامة.

وتواصل مصر سعيها إلى فتح آفاق جديدة لمشروعات الاقتصاد الأخضر، وتستهدف رفع حصتها من الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء إلى ١٠ آلاف ميجاوات بحلول العام المقبل، كما تملك إمكانات هائلة وكبيرة في مجال الطاقة الصديقة للبيئة، بالإضافة إلى موقعها المتميز بين الأسواق العالمية ومنها الآسيوية والأفريقية والأوروبية.

وقد أصدرت مصر في سبتمبر٢٠٢٠ أول سندات خضراء بقيمة بلغت ٧٥٠ مليون دولار لتمويل مشروعاته، ليكون لها سبق في التحول إلى الاقتصاد الأخضر، واعتبرتها مؤسسة «ستاندر آند بورز» العالمية واحدة من بين ٣ إصدارات للسندات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وجرى إدراج نحو ٦٩١ مشروعًا تقدر تكلفتهم الإجمالية بحوالي ٤٤٧٬٣ مليار جنيه. ووفق تصريحات وزارة التخطيط فإن ١٥٪ منها مشروعات خضراء، وتستهدف الدولة الوصول بتلك النسبة لنحو أكثر من ٥٠٪ في عام ٢٠٢٤.

وفي إطار مواكبة التوجه العالمي والتكنولوجي في مجال صناعة السيارات الكهربائية، تسعى مصر نحو التحول إلى مركـز إقليمي لتلك الصناعة على مسـتوى إفريقيا والشرق الأوسط. ويقدر عدد المركبات الكهربائية خلال عام ٢٠٢٠ بحوالي أكثر من ٦٠ أتوبيسًا وأكثر من ٢٠٠ سيارة، فيما بلغ عدد محطات الشحن للسيارات الكهربائية حوالي أكثر من ١٥٠ محطة شحن (بطيء وسريع) وفى طريقها للتوسع في إنشاء المحطات مع التنوع الجغرافي لها.

تسعى الدولة المصرية للتوسع في الاعتماد على الطاقة المتجددة والنظيفة على نطاق واسع، وتقدر نسبة اعتمادها الحالية بحوالي ٢٠٪ من مزيج الطاقة الكهربائية، وتهدف إلى الوصول لنسبة ٤٢٪ بحلول عام ٢٠٣٥، بناءً على الاهتمام بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وفى مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، عقدت الحكومة اتفاقية لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر بكميات تتراوح بين ٥٠-١٠٠ ميجاوات، كمادة وسيطة لإنتاج الأمونيا الخضراء، وبالشراكة بين كل من صندوق مصر السيادي، وشركة «سكاتك» النرويجية للطاقة المتجددة، وشركة «فيرتيجلوب» المملوكة لشركتي «أوراسكوم» الهولندية، و«أدنوك» الإماراتية.

كما تعمل وزارة البيئة على توفير دعم تدريجي من الدولة للحد من استخدام الأكياس البلاستيكية، وتوفير منتجات صديقة للبيئة. وقررت الحكومة أن تكون ٥٠٪ من معايير الخطة للدولة تتوافق مع المعايير البيئية، وذلك لدمج البعد البيئي في مشروعات الوزارات الأخرى، حتى تصل ٥٠٪ من مشروعات الوزارات المختلفة لمشروعات خضراء خلال الفترة المقبلة.

ولتغطية تمويل تلك المشروعات العملاقة تم وضع آلية محددة لتمويل المشروعات الخضراء، تمثلت في برنامج «Egypt GEFF» والذي يهدف إلى تحسين أداء الطاقة المتجددة وكذلك كفاءة الطاقة بشكل عام. ويهدف البرنامج إلى دعم الدولة المصرية في تحولها نحو الاقتصاد الأخضر بتمويل يقدر بنحو ١٤٠ مليون يورو، وهو مشروع قائم بالشراكة مع عدد من البنوك المحلية، وجرى كذلك تطوير البرنامج من خلال البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بالتعاون مع بنك الاستثمار الأوروبي والوكالة الفرنسية للتنمية.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة